الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (41)
قَالَ اللهُ عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].
* * *
* قوْله عز وجل: {ظَهَرَ} بمعنى بأن واتضح، وقوْله عز وجل:{الْفَسَادُ} ضد الصّلاح وَهُوَ من كل شيء بحسبه ففساد الزّروع بيبسها وتلفها بالعواصف والأمطار المغرقة والبرق المتلف وَكَذلِكَ فساد المواشي بهلاكها ومرضها، وفساد الثّمار بنقصها وما أشبه ذلك، المهم الفساد فِي كل شيء بحسبه وهل الفسادُ هُنَا يراد بِهِ الفسادُ الحسي أو يشمل الفساد الحسي والمعنوي؟ الصّحيح أنَّه يشمل الفساد الحسي والمعنوي، فالحسي مَا ذكرنا أمثلته قبل، والمعنوي هُوَ كثرة المعاصي والفسوق وانتشارها بَيْنَ النَاس وعدم المبالاة بِهَا حتَّى يصبح المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، فإن هَذَا من أعظم الفساد قَالَ الله تعالى:{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: 56] قَالَ العلَماء لا تفسدوها بالمعاصي.
وقوْله تَعالَى: {فِي الْبَرِّ} ؛ يقول المُفَسِّر رحمه الله: [أي القفَار بِقَحْطِ المَطَرِ وَقِلَّةِ النَّباتِ].
البَرُّ القفَارُ، يعني الفَيافِي الخارجة عن المدن والسُّكان، وقيل المُرَاد بالبَرَّ مَا لَيْسَ ببحر فيشمل المدن والأمصار والقفار وغيرها.
قال المُفَسِّر رحمه الله: [{وَالْبَحْرِ} أي: البلادُ الَّتِي عَلَى الأنهارِ بِقِلَّةِ مَائِهَا، فمشى المُفَسِّر رحمه الله عَلَى أن المُرَاد بالبَرِّ مَا سوى العمران، والمُرَاد بالبحر العمران الَّذي عَلَى شواطئ البحار، وَبِهذَا قَالَ كثير من المفسرين ولكن الصّواب أن المُرَاد بالبر مَا سوى البحر، والمُرَاد بالبحر الماء؛ لأَنَّ مَا ذكرناه هُنَا أعم مما ذكره المُفَسِّر وغيره وَهُوَ الأظهر أيضًا، فإن البحر إِذَا أُطلقَ فِي القرآن يُراد بِهِ الماء، ففساد البر كما قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [بالقحط وقلة النّبات] وفساد النّبات أيضًا بعد وجوده؛ وَلِهَذا أرسل الله عَلَى آل فِرْعَوْنَ الجرادَ والقُمَّلَ والضَّفادع والدَّمَ، أربع آفات، الجراد يفسد الزّروع بعد خروجها ويأكلها، القمل يفسد القوت، إِذَا حصد وأُدْخِلَ جاءه القمل وَهُوَ السّوس الَّذي يتلفه فَهُوَ مَا يدخل من السّوس فِي القوت يسمونه عندنا (النّخشية) وَهِيَ عبارة عن دودة تكون فِي الحبوب فتفسده وتأكله فيكون قشورًا فقط. والضّفادع بالماء، امتلأت مياههم ضفادع حتَّى إن الإنسان لا يستطيع أن يشرب الماء بسبب الضّفادع - والعياذُ باللهِ -. والدّم: الصّحيح أن المُرَاد بِهِ النّزيف وإن كَانَ بعض العلَماء يقول إن المُرَاد بالدّم أنْ يكُونَ الماء عند آل فرعون كالدّم والصّواب أنه النّزيف لأَن الله ذكر إفساد الماء بالضّفادع فكان القوت من أوله إِلَى آخره وغايته وَهُوَ الدّم لأَنَّ الدّم يَكُون من القوت فصارت الأقوات - والعياذُ باللهِ - لا تنفعهم لا قبل دخولها أجوافهم ولا بعد الدّخول، وهذا من فساد البر.
فكيف كَانَ الفسادُ فِي البحر؟
قال العلَماء يَكُون بموتِ الحيتان وفسادها، وَكَذلِكَ تَغَيُّرُ المياه وعدم اطرادها كالعادة.
وقوْله تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ} : (الباء) للسببية و (ما) يحتمل أن تكون مصدرية
ويحتمل أن تكون موصولة، إِذَا كانت موصولة فلا بد لها من عائد محذوف فالتّقدير بما كسبته أيدي النَّاس، وإن كانت مصدرية لا تحتاج إِلَى عائد ويكون المَعْنَى بكسب أيدي النَّاس.
وقوْله تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [من المعاصي].
وقوْله تَعالَى: {أَيْدِي النَّاسِ} جمع يد والمُرَاد مَا كسبوا وَهَذا من أساليب اللُّغَة العرَبِيَّة أن يعبر باليد عن صاحب اليد وليس المُرَاد مَا كسبت اليد فقط؛ لأَنَّ المعاصي لا تكون بالأيدي فَقَطْ، بل تكون باليد وبالرّجل وبالعين وباللسان وبالأذن وكل الحواس يمكن لِلإِنْسَانِ أن يعمل بِهَا المعصية فيكون المُرَاد بالأيدي هُنَا الأنفس لا اليد الَّتِي هِيَ عضو من أعضاء البدن، وليست مجازًا لأنَّهَا بسياقها دالة عَلَى أن المُرَاد مَا كسبوه فلا تكون مجازا، أمَّا قوْله تَعالَى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: 33]، فالمُرَاد بـ {أَيْدِيهِمْ} الأعضاء فالكلمة فِي سياقها حقيقة فِي معناها وَلِهَذا لو أراد أن يصرف قوْله تَعالَى:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} إِلَى أن المَعْنَى أو تقطع أبدانهم مَا استطاع، كما أنَّه لو أراد أن يجعل بما كسبت أيدي النَّاس أي بما كسبت اليد نفسها فقط دون بقية الأعضاء مَا استطاع وَهَذا هُوَ وجه قول شيخ الإسْلام ابن تيمية رحمه الله أنَه لا مجاز فِي القرآن ولا فِي اللُّغَة العرَبِيَّة؛ لأنَّهُ إِذَا كانت الكلمة قد تعين معناها بسياقها صارت بمقتضى هَذَا السّياق حقيقة فِي هَذَا المَعْنَى وحِينَئِذٍ لا نحتاج إِلَى تأويل.
وقوْله تَعالَى: {النَّاسِ} أصلها أناس لكن حذفت الهمزة للتخفيف كما هِيَ فِي قَوْلِهِ فِي شر وخير وأصلها أشر وأخير وكما هِيَ فِي قوْله تَعالَى: {اللهَ} فإنَّ أَصْلَهُ
الألاه، هكذا قيل فِي الله وفي النّفس من هَذَا شيء.
قال المُفَسِّر رحمه الله: [{لِيُذِيقَهُمْ} (الياء) و (النُّون) بعض الَّذي عَمِلُواْ].
{لِيُذِيقَهُمْ} : (اللام) هُنَا للتعليل والمعلل مُتَعلَّقُ هَذِهِ اللام واللام متعلقة بـ (ظهر) هَذَا هُوَ المعلل ظهر لأجل أن يذيقهم، وفيها قراءتان سبعيتان وَهِيَ (لِيُذِيقَهُمْ)
(1)
، مضاف فِيهَا الفعل إِلَى الله عز وجل أو {لِيُذِيقَهُمْ} مضاف فِيهَا الفعل إِلَى ضمير الغائب، ومع ذَلِك فإن هَذَا الغائب يعود إِلَى الله سبحانه وتعالى.
وقوْله تَعالَى: {لِيُذِيقَهُمْ} يُعبر دَائِمًا بالإِذَاقَة عن الإصَابَة لأَنَّ الذّوق هُوَ أعلى أنواع الإدراك الحسي، فإن الإنسان يسمع بالشّيء ثمَّ يراه ثمَّ يذوقه، أقول لك عندي تفاحة إدراكك للتفاحة الآن بالسّماع ثمَّ أُخرجها وأريك إياها يَكُون بالرّؤية، والرّؤية أقوى من السّماع ثمَّ أُعطِيكها فتأكلها فيكون هَذَا بالذّوق وَهَذا أعلى مَا يكون؛ لأني إِذَا قلت عندي تفاحة ولم ترَها أنْتَ يحتمل أن قولي هَذَا كذب، وَإِذَا أريتك إياها ولكنك مَا ذقتها يحتمل أن تكون نباتًا آخر يشبه التّفاحة ويحتمل أن تكون من التّفاح الصّناعي الَّذي يصنعونه من البلاستيك تشاهده كأنه تفاح حقيقي، فإذا ذقتها صارت حق اليقين؛ وَلِهَذا يعبر الله عز وجل دَائِمًا عن الإصَابَة بالإِذَاقَة لأنَّهَا أعلى أنواع الإدراك.
وقوْله تَعالَى: {بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} ؛ قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: أأي عقوبته، لأَنَّ الَّذي عملوا غير الفساد الظّاهر فِي البر والبحر ولكن الفساد هُوَ عقوبته.
قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: لماذا عبر عن العقوبة بالفعل؟
(1)
الحجة في القراءات السبع (5/ 451)، وهي قراءة ابن كثير.
فنَقُول: عبَّر عن العقوبة بالفعل فِي قوْله تَعالَى: {بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} لوجهين:
الوَجْهُ الأوَّلُ: بَيان سبب هَذِهِ العقوبة وأن سبب العقوبة هَذَا العمل.
الوَجْهُ الثَّاني: أن هَذِهِ العقوبة بقدر العمل تمامًا ولذلك عُبِّرَ عنها بالعمل إشارة إِلَى أنَّها بَقَدْرِه لَيْسَ فِيهَا ظلم، وَهَذا كثير فِي القرآن، يعبر الله تَعالَى عن العقوبة بالفعل من أجل هذين الوجهين.
وقوْله تَعالَى: {بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} يعني لا كله لأَنَّ الله يقول: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45]، وقَالَ:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} [الشورى: 30] وَهَذا حق لو أن الله تَعالَى عاقب النَّاس بقدر ذنوبهم مَا ترك عَلَيْهَا من دابة، كَانَ كل النَّاس يموتون ولا يبقون ولَكِنَّهُ سبحانه وتعالى يصيبهم ببعض ذنوبهم فقط. الحكمة قَالَ:{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ؛ قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: أيتوبون، (ولعل) هُنَا للتعليل، وكلما جاءت (لعل) فِي كلام الله فإنها للتعليل أو توقع الشّيء إِذَا كَانَ من المتوقع أي لأجل أن يرجعوا إِلَى الله عز وجل وهذه من حِكم الله، أن الله تَعالَى يبتلي العباد بالضّراء لأجل أن يرجعوا إِلَى الله، وكم من إِنْسَان صارت عقوبته بالضّراء سببًا لرجوعه إِلَى ربه، بل إنَّها أحيانًا تكون سببًا مباشرًا {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} [لقمان: 32]، أين يذهبون؟ {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [لقمان: 32] هَذَا رجوع لكنهم - والعياذُ باللهِ - إِذَا نجوا عادوا إِلَى كفرهم.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدَةُ الأولَى: أن الفسادَ سببه أعمال بني آدم لقوْلِه تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي
النَّاسِ} ويدل لهذا أيضًا قوْله تَعالَى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف: 96].
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: إثْبَات العلل والأسباب وأن أفعال الله عز وجل مُعَلَّلَةٌ لا بُدَّ لها من علة تؤخذ مِنْ قوْلِه تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ} ولا شك أن أفعال الله تَعالَى وأحكامه مُعَلَّلَةٌ لأَنَّ من أسمائه الحكيم.
الفائدتان الثّالثَة والرّابعة: أن النَّاس لا يعاقبون إِلَّا بأسبابهم لقوْلِه تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} فيتفرع عن ذَلِك أن من أراد أن ترفع عنه العقوبة فَلْيَتُبْ إِلَى الله؛ فإن التّوبة من أسباب رفع العقوبة وجلب المثوبة وَلِهَذَا قَالَ هود لقوْلِه تَعالَى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا} [هود: 3]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]، وقال نوح لقومه:{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 11، 12].
الفائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الجزاء من جنس العمل وبقدر العمل؛ لقوْلِه تَعالَى: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} .
الفائِدَةُ السّادِسَةُ: بطلان مذهب الجبرية، فالجبرية يقُولونَ إن الإنسان مجُبَر عَلَى عمله لا يفعل باختياره ولا يُضاف الفعل إِلَيْهِ إِلَّا عَلَى سبيل المجاز، فيُقَال صام، زكَّى مجازا لا حقيقة، الآية الكريمة تَرُدُّ عَلَيْهِم من وجهين:
الوَجْهُ الأوَّلُ: قوْله تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} فأضاف الكسب إِلَى أيدي النَّاس.
الوَجْهُ الثَّاني: أن الله تَعالَى عاقبهم عَلَى هَذَا الفعل ولو كانوا مجبرين علَيْه لكانت عقوبتهم ظلما لَهُم، إذ كَيْفَ يعاقبون عَلَى مَا لَيْسَ باختيارهم.
ففيها رد من وجهين؛ وجه لفظي وَهُوَ إضافة الكسب إِلَى أيديهم، ووجه معنوي وَهُوَ أنَّه يلزم من عقوبتهم عَلَى ذَلِك لو كانوا مجبرين أنْ يكُونَ الله تَعالَى ظالِمًا لهم، والله تَعالَى لَيْسَ بظلام للعبيد وَكَذلِكَ أيضًا يؤخذ مِنْ قوْلِه تَعالَى:{عَمِلُوْا} حيث أضاف العمل إليهم.
الفائِدَةُ السّابِعَةُ: بَيان سَعَةِ رحمة الله وأن رحمته سبقت غضبه؛ لقوْلِه تَعالَى: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} ، ولو أن الغضب كَانَ بقدر الرّحمة لكان الله يذيقنا كل الَّذي عملنا، ولو كَانَ غالبا للرحمة لكان يذيقنا أكثر مما عملنا، فالأمور ثلاثة: إذاقة البعض أو المثل أو الأكثر، والمثل أو الأكثر ممتنع، وَإنَّمَا يذيق الله تَعالَى البعض لأَنَّهُ ثبت فِي الحديث الصّحيح:"أن الله تَعالَى كَتَبَ كتَابًا عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى"
(1)
، ولولا هَذَا لكان الله تَعالَى يؤاخذ النَّاس بما عملوا.
الفائدتان الثّامنة والتّاسعة: أن العقوبات قد تَكُون سَبَبًا للرجوع إِلَى الله لقوْلِه تَعالَى: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} كما أنَّها قد تكون بالعكس، أي: قد تَكُون سَبَبًا للازدياد فِي العتو والنّفور - والعياذُ باللهِ - يدل عَلَى ذَلِك قوْله تَعالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج: 11]، والجمع بَيْنَ هَذِهِ الآية والآية الَّتِي تفسرها أن العقوبات عَلَى سبيل العُمُوم مفيدة لكن عَلَى سبيل الخصوص قد لا تفيد؛ لأَنَّ الله تَعالَى قَالَ:{وَمِنَ النَّاسِ} عَلَى أن قوْله تَعالَى: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} يحتمل أن يراد بِهَا فتنة الدِّين بحيث
(1)
أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، رقم (7422).
لا يَكُون عنده مقاومة فيقع فِي الهاوية - والعياذُ باللهِ - لكن الأظهر أنَّها عامة {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].
* * *