المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (22) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي - تفسير العثيمين: فاطر

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (12)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان (13، 14)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (15)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة (19 - 22):

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌(الآية: 31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (34)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (35)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (36)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (37)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (42)

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (44)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (45)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

الفصل: ‌ ‌الآية (22) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي

‌الآية (22)

* * *

* قَالَ اللهُ عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22].

* * *

قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} هذا هو الرَّابع، قال المُفَسِّر رحمه الله:[المُؤْمِنون ولا الكُفَّار] فعلى كَلَام المُفَسِّر يكون في الآيَة تَكْرارٌ؛ لأَنَّه فسَّر الأَوَّل {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} بالكافِرِ والمُؤْمِن، وهنا قال:{الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [المُؤْمِنون والكُفَّار] ولو أرَدْتُ أن أَسْلُكَ مَسْلَكَه لقلت: {الْأَحْيَاءُ} ذوو العِلْمِ و {الْأَمْوَاتُ} ذوو الجَهْل؛ لِقَوْلِه تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]؛ ولأنَّ الله تعالى جَعَلَ الوَحْيَ رُوحًا تَحْيا به القُلُوبُ والنُّفُوس، ولكنَّني لا أَسْلُك مَسْلَكَه، إنَّما لو أرَدْتُ أن أَسْلُك مَسْلَكَه لقلت:(الأحياء والأَمواتُ: العُلَماء والجُهَّال)، لأنني إذا سَلَكْتُ هذا المَسْلَك فعندي على ذلك البُرْهان، وهو قَوْله تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا} إلخ [الأنعام: 122] فإذا سَلَكْتُ هذا المسلك سَلِمَتِ الآيَةُ من التَّكرارِ.

ونحن نَعْلَم جميعًا أنَّ من القواعِدِ المَعْروفة في الكَلَام أنَّه إذا دار الأَمْرُ بين حَمل الكَلَامِ على التَّأْسيسِ أو على التَّوْكيدِ وَجَبَ حَمْلُه على التَّأْسيسِ؛ لأنَّه هو الأَصْل، فالأَصْلُ في الكَلَام أن يكون مُسْتَقِلًّا مُؤَسِّسًا لا مُؤَكِّدًا.

ص: 161

والتَّأْسيسُ معناه الأَصْل والأَساس؛ يعني: هذا مَعْنًى جديدٌ غَيْرُ المَعْنى الأَوَّل، فإذا قال قائل مثلًا: هذه الجُمْلَةُ مُؤَكِّدَة للأولى، وقال الثاني: هذه الجُمْلَة مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسها، فإنَّه يُحْمَل على أنَّها مُسْتَقِلَّة بنفسها.

وأقول: الأحياءُ والأَمْواتُ يُراد به الحياةُ الحِسِّيَّةُ والمَوْت الحِسِّيُّ، فكلٌّ يَعْرِف الفَرْقَ بين الحَيِّ والمَيِّت، حتى الكُفَّارُ يَعْرِفونَ الفَرْقَ بين الحَيِّ والمَيِّت، والذي يماثل هذه الأشياء النَّفْسِيَّة من الأُمُور المَعْقولَةِ هو مَثَلها.

وَقَوْل المُفَسِّر رحمه الله: [وزيادَةُ (لا) في الثَّلاثَةِ تَأكيدٌ]، هذه الجُمْلَة أفادت أنَّ لدينا زيادَةً، وأنَّ الفائِدَة من الزِّيادَة التَّوْكيدُ، فالزِّيادَة في هذه الثَّلاثِ:{وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ} وفي قَوْله تعالى: {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} وفي قَوْله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} فـ (لا) خَمْسُ مرات، لكنْ جَعَلَها المُفَسِّر رحمه الله ثلاثة؛ لأنَّ المُتقابِلَ فيها ثلاثة، (الظُّلُمات والنُّور) هذه يريد أن تكون واحِدَة، و (الظِّلُّ والحرور) واحِدَةٌ، و (الأحياء والأموات) واحِدَةٌ، المُهِمُّ أنَّ الزِّيادَة التي جاءت في المواضِعِ كُلِّها سواء قلنا: ثلاثَة أو خَمْسة فهي للتوكيد؛ إذ لو قيل: (وما يستوي الأعمى والبصير، والظُّلمات والنُّور، والظِّلُّ والحَرور، والأَحْياءُ والأموات) استقام الكَلَامُ، لكِنْ يُؤتَى بـ (لا) الزَّائِدَة للتَّوْكيدِ.

وفيها أيضًا فائِدَة ثانِيَةٌ: وهي عَدَمُ السَّآمَة والمَلَل؛ لأنَّها لو حُذِفَت لطالت المعطوفاتُ بَعضُها مع بعض، فكرَّر فيها عامِل النَّفْيِ ليكون أَبْعَدَ عن السَّآمَةِ.

فإن قُلْتَ: هل لذلك نظيرٌ في كِتَاب الله؟

فالجواب: نعم، لهذا نظيرٌ في مواضِعَ كثيرة، منها ما نقرؤه في كل صَلاةٍ: وهي {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] إذ لو قال: (غَيْرِ المَغْضوبِ عليهم

ص: 162

والضَّالِّين) استقام، لكن زِيدَتْ (لا) للتَّوْكيدِ.

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} قال المُفَسِّر رحمه الله: [{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} هِدايَتَه فَيُجيبُه] أي: المُسْمَعُ [بالإيمان]؛ يعني أنَّ الله تعالى يدعو إلى دار السَّلامِ؛ كما قال في آيَةٍ أخرى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] دُعَاء الله سبحانه وتعالى إلى دارِ السَّلام هل يَسْمَعُه كُلُّ أَحَدٍ؟

الجواب: أمَّا من حيث الإدراكِ الحِسِّيِّ فإنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَسْمَعُه، أمَّا من حيث الإجابَةُ فلا، فمن النَّاس من يُجيبُ، ومنهم من لا يُجيبُ؛ ولهذا قال:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] فالله تعالى يُسْمِعُ من يشاء؛ بمَعْنى: من يكون أَهْلًا لاتِّباع هؤلاء الرُّسُل.

وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} : (ما) هنا حِجازِيَّة، واسْمُها الضَّميرُ {أنَت} والباءُ في {بِمُسْمِعٍ} زائِدَة للتَّوْكيدِ، و (مُسْمِع): خَبَرُها مَنْصوبٌ بِفَتْحَة مُقَدَّرَة على آخِرِه منع من ظُهُورها حَرَكَةُ حَرْفِ الجرِّ الزَّائِد.

{مَنْ} : مفعول لـ (مُسْمِع)؛ لأن (مُسْمِع) اسْمُ فاعل.

قال المُفَسِّر رحمه الله: [{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} أي: الكُفَّارَ، شَبَّهَهُم بالمَوتى؛ فيُجيبوا] قَوْله: [فيجيبوا]، في بعض النُّسَخ:(فيُجيبونَ) وهذا خطأ؛ لأنَّ النون يَجِبُ أن تُحْذَف؛ لأنَّه جوابُ النَّفْيِ في قَوْله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} وفي بعض النُّسَخ: (فلا يجيبون)، فهي مُنْفَصِلَة عما قبلها؛ أي: فهم في عَدَمِ إِسْماعِهِم لا يُجيبونَ.

على كُلِّ حالٍ: المُفَسِّر رحمه الله يقول في قَوْلِه تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} بِقَوْله: [أي: الكُفَّار] والذي يظهر لي أنَّ المُرادَ به الموتى حَقيقَةً، والرَّسُولُ

ص: 163

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا يُسْمِعُ الموتى حَقيقَةً كما قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]، فلو أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم ذهب إلى المَقْبَرة مَقْبَرَةِ الكُفَّارِ، وقال:"يا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا الله، واعْبُدوه"، وما أَشْبَه ذلك هل يَسْمَعونَ هذه المَوْعِظَة فينْتَفِعونَ بها؟

الجواب: لا، ما يسمعونها فيَنْتَفِعون بها، ولكنَّنا نقول: نَنْتَقِلُ من هذا إلى أنَّ الرَّسُول عليه الصلاة والسلام لا يُسْمِعُ الكُفَّار؛ لأنَّ قُلوبَهم مَيِّتَة، ومَنْ قَلْبُه مَيِّتٌ - والعياذ بالله - فإنَّه لا يَنْتَفِعُ بما يَسْمَع من المواعظ، فكأنَّه لا يَسْمَع.

قَوْله تعالى: {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} فَسَّر المُفَسِّر رحمه الله {إن} بـ (ما) فقال: [{إن} ما {أَنْتَ إِلَّا نَذِير} مُنْذِرٌ لهم] وهذا يدلُّ على {إِنْ} نافِيَة، وقد تقدَّم أنَّ من علامات {إِنْ} النَّافِيَة الإسْتِثْناءُ بأن تُتْبَع بـ {إِلَّا} ، والمَعْنى: ما أنت إلا نَذيرُهُم، والنَّذيرُ كما تَقَدَّم هو المُعْلِم إِعلامًا يَتَضَمَّنُ التَّخْويفَ، فالإِعْلامُ المُتَضَمِّنُ التَّخْويفَ يُسَمَّى إنذارًا.

قَوْله تعالى: {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} هل هذا الحَصْرُ حقيقيٌّ أو إضافِيٌّ؟

الجواب: إضافي؛ لأنَّ الرَّسُول عليه الصلاة والسلام نذيرٌ وبَشيرٌ؛ لكن المَقامَ هنا يقتضى أن يُذْكَر الإنذارُ فقط؛ لأنَّه في مُقارَعَةِ الكُفَّار، ومُقارَعَة الكُفَّارِ تَحْتاجُ إلى الإِنْذارِ أَكْثَرَ مِمَّا تحتاج إلى التَّبْشيرِ.

وَقَوْله تعالى: {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} تكونُ مُقابلة بين هذه الجُمْلَةِ والجُمْلَةِ التي قبلها؛ كأنَّه يقول: أنت لا تستطيعُ أن تُوصِلَ الهِدايَة إلى قلوبِ الكافرينَ، ولكِنْ تَسْتَطيع أن تُنْذِرَهُم؛ لأنَّ هذا هو مَقامُك، مَقامُكَ إنذارٌ، أمَّا أن تُوصِلَ الِهدايَة إلى قُلوبِ هؤلاء الكُفَّار الذين يُشْبِهونَ الموتى فهذا ليس إليكَ.

ص: 164