الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُبالَغَةٍ من (خابِر) لكانت مُوهِمَةً لتَجَدُّد الخِبْرَة والعِلْم، وهذا شَيْء مُسْتَحيلٌ في جانِبِ الله عز وجل.
وَقَوْله تعالى: {بَصِيرٌ} كَلِمَةُ {بَصِيرٌ} قد يراد بها العِلْم، وقد يراد بها الإدْراكُ بالرُّؤيَةِ، وكلا الأَمْرَيْنِ لا يناقِضُ بَعْضُهما بعضًا وقد تقدَّم في قواعد التَّفْسيرِ أنَّ الآيَة إذا احتملت مَعْنَيينِ لا يَتَناقَضانِ فإنَّها تُحمَل عليهما؛ لأنَّ ذلك أَوْسَعُ في معناها وأبلغ، فالله عز وجل بصيرٌ بعبادِهِ من حيث النَّظَرُ والرُّؤْيَة، ومن حيث العِلْم؛ في جانب المَعْمولاتِ المَفْعولاتِ الظَّاهِرةِ تكون الرُّؤْيَة والعِلْم أيضًا، وفي جانِبِ المَسْموعاتِ يكون العِلْمُ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إِثْباتُ أنَّ القُرْآنَ كَلَام الله عز وجل؛ لِقَوْله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} والوَحْيُ إِعْلامُ الله سبحانه وتعالى أَحَدَ أَنْبِيائِه بشريعةٍ من شرائِعِه، وهذا هو مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّة والجماعَةِ: أنَّ القُرْآن كَلَام الله تعالى تَكَلَّمَ به حَقيقَة بِحُروفِهِ وبِصَوْتٍ مَسْموعٍ، لَكِنَّه لا يُشْبِهُ أَصْواتَ المَخْلوقينَ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فَضيلَة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بما أوحى اللهُ إليه من هذا القُرْآنِ العظيمِ؛ لِقَوْله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: اشتمال القُرْآنِ الكريم على الحَقِّ في أَخْباره وفي أَحْكَامِهِ؛ فأَخْباره كُلُّها صِدْقٌ وأَحْكَامه كُلُّها عَدْلٌ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ ما خالَفَ القُرْآنَ فهو باطِلٌ؛ لِقَوْله تعالى: {هُوَ الْحَقُّ} فحصر الحَقَّ فيه، والحَصْرُ إثباتُ الحُكْمِ في المذكورِ ونَفْيُه عمَّا سواه، فكلُّ ما خالف القُرْآنَ فهو باطِلٌ بلا شَكٍّ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إنذارُ المُخالفينَ لهذا القُرْآنِ وبِشارَةُ المُوافقينَ له، تُسْتَفادُ هذه الفائِدَةُ من قَوْله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} .
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إِثْباتُ هَذَينِ الإسْمَينِ لله عز وجل وما تَضَمَّناه من صفةٍ وحُكْم: خبير وبصير.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: عُمومُ عِلْمِ الله وشُمولُه حتى لِما يقوم به العبادُ؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} .
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: علم الله تعالى بما تُكِنُّه الصُّدُور، تؤخَذُ من قَوْله تعالى:{لَخَبِيرٌ} وربَّما نقول أيضًا: {بَصِيرٌ} لأنَّ (بصير) بمَعْنى العليم والمُبْصِر.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ جميع الخَلْقِ عابدون لله، فالخَلْقُ كُلُّهُم عِبادُ الله؛ لِقَوْله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} فلا حَقَّ لأَحَدٍ من المَخْلوقينَ في شَيْء من خصائص الرَّبِّ، بل كُلٌّ عَبْدٌ ذليلٌ لله سبحانه وتعالى.
* * *