المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السؤال الثاني: الحق حق لذاته، والباطل باطل لذاته، فما المراد - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: السؤال الثاني: الحق حق لذاته، والباطل باطل لذاته، فما المراد

السؤال الثاني: الحق حق لذاته، والباطل باطل لذاته، فما المراد بتحقيق الحق، وإبطال الباطل؟

والجواب: أنّ المراد من تحقيق الحق: إظهار كون ذلك الحق حقا، والمراد من إبطال الباطل: إظهار كون ذلك الباطل باطلا، وذلك بإظهار دلائل الحق، وتقويته، وقمع رؤساء الباطل وقهرهم.

وقرأ مسلمة بن محارب (1): {يعدكم} بسكون الدال لتوالي الحركات، وابن محيصن {اللَّهُ إِحْدَى}: بإسقاط همزة إحدى على غير قياس، وعنه أيضا أحد على التذكير، إذ تأنيث الطائفة مجاز، وأدغم أبو عمرو {الشَّوْكَةِ تَكُونُ} وقرأ مسلم بن محارب {بكلمته} بالإفراد، وحكاها ابن عطية عن شيبة وأبي جعفر ونافع، بخلاف عنهم، وأطلق المفرد مرادا به الجمع للعلم به، أو أريد به كلمة تكوين الأشياء وهو: كن.

‌9

- وقوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} ظرف متعلق بمحذوف تقديره: اذكروا أيها المؤمنون قصة وقت استغاثتكم ربكم؛ أي: وقت طلبكم الغوث والنصر من ربكم قائلين: ربنا انصرنا على عدوك، يا غياث المستغيثين أغثنا، والأمر بهذا الذكر لبيان نعمة الله عليهم حين التجائهم إليه، إذ ضاقت عليهم الحيل، وطلبوا مخلصا من تلك الشدة، فاستجاب دعاءهم كما قال:{فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ} ؛ أي: فأجاب دعاءكم بأني ممدكم ومساعدكم فمعينكم {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} ؛ أي: متتابعين؛ أي يردف بعضهم بعضا، ويتبعه؛ أي: يأتي بعضهم إثر بعض، وهذا (2) الألف هم وجوههم وأعيانهم، وبهذا يطابق ما جاء في سورة آل عمران {بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} و {بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} وقيل (3): يجمع بين ما هناك وهنا بأن الملائكة كانت ألفا في ابتداء الأمر، ثم صارت ثلاثة، ثم خمسة؛ أي: ثم صارت بعد الوعد بالألف ووقوع القتال بالفعل ومقاتلة الألف معهم صارت الألف بزيادة الله عليها ألفين ثلاثة آلاف، ثم صارت الثلاثة

(1) البحر المحيط.

(2)

المراغي.

(3)

الفتوحات.

ص: 343

بزيادة ألفين عليها خمسة.

ومعنى بـ {أَنِّي مُمِدُّكُمْ} ؛ أي: (1) بإمدادي إياكم؛ أي: بوعدي إياكم بالإمداد، وذلك لأنّه وقت الإجابة لم يحصل الامداد بالفعل؛ لأن الدعاء واستجابته كانا قبل وقوع القتال، وفي «الخازن»:{أَنِّي مُمِدُّكُمْ} الأصل بأني ممدكم؛ أي: مرسل إليكم مددا وردءا لكم.

وقرأ الجمهور (2): {أَنِّي} بفتح الهمزة على تقدير حذف الجر؛ أي: بأني، وقرأ عيسى بن عمر ورواها عن أبي عمرو {إني} بكسرها، وفيه مذهبان:

مذهب البصريين: أنه على إضمار القول؛ أي: فقال: إني ممدكم.

ومذهب الكوفيين: أنّها محكية باستجاب، إجراء له مجرى القول؛ لأنّه بمعناه.

وقرأ الجمهور (3): بألف بالإفراد، وقرأ الضحاك وأبو رجاء:{بآلاف} بهمزة ممدودة و {بِأَلْفٍ} على الجمع، وقرأ أبو العالية وأبو المتوكل:{بألوف} بوزن فلوس، بضم الهمزة واللام، وبواو بعدها، على الجمع، وقرأ تميم بن حذلم الضبي والجحدري:{بألف} بضم الألف واللام من غير واو ولا ألف، وقرأ أبو الجوزاء وأبو عمران:{بيلف} : بياء مفتوحة، وسكون اللام من غير واو، ولا ألف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي والحسن ومجاهد:{مُرْدِفِينَ} بكسر الدال؛ أي: متتابعين، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم وروي عن قنبل أيضا بفتح الدال، قال الفراء: أراد فعل ذلك بهم؛ أي: إن الله أردف المسلمين بهم، وقرأ معاذ القارىء وأبو المتوكل الناجي وأبو مجلز:{مُرْدِفِينَ} بفتح الراء والدال، مع التشديد، وقرأ أبو الجوزاء وأبو عمران:{مُرْدِفِينَ} : بضم الراء وكسر الدال، وقال الزجاج: يقال ردفت الرجل إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفك، فمعنى {مُرْدِفِينَ} يأتون فرقة بعد

(1) الفتوحات.

(2)

البحر المحيط.

(3)

زاد المسير.

ص: 344