الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفلا تعقلون حالهم، والباقون بالياء جريا على الغيبة في الضمائر السابقة.
170
- {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ} قرأ عمر (1) وأبو العالية وأبو بكر عن عاصم {يُمَسِّكُونَ} من أمسك، والجمهور {يُمَسِّكُونَ} مشددا، من مسك المضعف، وهما لغتان جمع بينهما كعب بن زهير:
فما تمسّك بالعهد الّذي زعمت
…
إلّا كما يمسك الماء الغرابيل
وقرأ عبد الله والأعمش {استمسكوا} وفي حرف أبي {تمسكوا} بالكتاب.
أي: والذين يعملون {بـ} ما في {الكتاب} الأول التوراة والإنجيل، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه، ويبينون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته، ولم يحرفوه ولم يغيروا، فإنّهم بالتمسك به، كانوا أشد تمسكا بالكتاب الثاني الذي هو القرآن {وَأَقامُوا الصَّلاةَ}؛ أي: وداموا على إقامتها في مواقيتها، كعبد الله بن سلام وأصحابه، وإنّما أفرد الصلاة بالذكر - وإن كانت داخلة في التمسك بالكتاب - تنبيها على عظم قدرها، وأنّها من أعظم العبادات بعد الإيمان بالله ورسوله، والموصول مبتدأ والخبر قوله:{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} بالعمل بما في الكتاب وبالصلاة؛ أي: لا نضيع ولا نحبط أجر أعمالهم الصالحة، وجاز جعل هذه الجملة خبرا عن الموصول؛ لأن الربط حاصل بلفظ {الْمُصْلِحِينَ} ؛ لأنّه قائم مقام الضمير، لا سيما وهو فيه الألف واللام؛ فإنها تكفي في الربط عند الكوفيين، ويجوز أن يكون الموصول معطوفا على الموصول الذي قبله، وهو قوله:{لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} ، وتكون حينئذ جملة {أَفَلا تَعْقِلُونَ} جملة معترضة.
والمعنى (2): أن طائفة من أهل الكتاب لا يتمسكون بالكتاب، ولا يعملون بما فيه مع كونهم قد درسوه وعرفوه، وهم من تقدم ذكره، وطائفة يتمسكون بالكتاب؛ أي: بالتوراة ويعملون بما فيه، ويرجعون إليه في أمر دينهم، فهم المحسنون الذين لا يضيع أجرهم عند الله تعالى.
(1) البحر المحيط.
(2)
الشوكاني.