المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أفلا تعقلون حالهم، والباقون بالياء جريا على الغيبة في الضمائر - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: أفلا تعقلون حالهم، والباقون بالياء جريا على الغيبة في الضمائر

أفلا تعقلون حالهم، والباقون بالياء جريا على الغيبة في الضمائر السابقة.

‌170

- {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ} قرأ عمر (1) وأبو العالية وأبو بكر عن عاصم {يُمَسِّكُونَ} من أمسك، والجمهور {يُمَسِّكُونَ} مشددا، من مسك المضعف، وهما لغتان جمع بينهما كعب بن زهير:

فما تمسّك بالعهد الّذي زعمت

إلّا كما يمسك الماء الغرابيل

وقرأ عبد الله والأعمش {استمسكوا} وفي حرف أبي {تمسكوا} بالكتاب.

أي: والذين يعملون {بـ} ما في {الكتاب} الأول التوراة والإنجيل، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه، ويبينون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته، ولم يحرفوه ولم يغيروا، فإنّهم بالتمسك به، كانوا أشد تمسكا بالكتاب الثاني الذي هو القرآن {وَأَقامُوا الصَّلاةَ}؛ أي: وداموا على إقامتها في مواقيتها، كعبد الله بن سلام وأصحابه، وإنّما أفرد الصلاة بالذكر - وإن كانت داخلة في التمسك بالكتاب - تنبيها على عظم قدرها، وأنّها من أعظم العبادات بعد الإيمان بالله ورسوله، والموصول مبتدأ والخبر قوله:{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} بالعمل بما في الكتاب وبالصلاة؛ أي: لا نضيع ولا نحبط أجر أعمالهم الصالحة، وجاز جعل هذه الجملة خبرا عن الموصول؛ لأن الربط حاصل بلفظ {الْمُصْلِحِينَ} ؛ لأنّه قائم مقام الضمير، لا سيما وهو فيه الألف واللام؛ فإنها تكفي في الربط عند الكوفيين، ويجوز أن يكون الموصول معطوفا على الموصول الذي قبله، وهو قوله:{لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} ، وتكون حينئذ جملة {أَفَلا تَعْقِلُونَ} جملة معترضة.

والمعنى (2): أن طائفة من أهل الكتاب لا يتمسكون بالكتاب، ولا يعملون بما فيه مع كونهم قد درسوه وعرفوه، وهم من تقدم ذكره، وطائفة يتمسكون بالكتاب؛ أي: بالتوراة ويعملون بما فيه، ويرجعون إليه في أمر دينهم، فهم المحسنون الذين لا يضيع أجرهم عند الله تعالى.

(1) البحر المحيط.

(2)

الشوكاني.

ص: 204