المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد، - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد،

إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد، أو: إنا ننقلب إلى لقاء ربنا ورحمته، وخلاصنا منك ومن لقائك، أو: إنا ميّتون منقلبون إلى الله فلا نبالي بالموت، إذ لا تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بد لنا منه. انتهى.

وقد يكون المعنى: إنا وإياك سننقلب إلى ربنا، وما أنت بمخلّد بعدنا، فلئن قتلتنا .. فسيحكم الله بعدله بينك وبيننا، وما أحسن قول الشاعر:

إلى ديّان يوم الدّين نمضي

وعند الله تجتمع الخصوم

وفي هذا إيماء إلى تكذيبه في دعوى الربوبية، وتصريح بإيثار ما عند الله على ما عنده من الشهوات الدنيوية الزائلة.

وما جاء في سورة الشعراء من قولهم: {قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)} يؤيد المعنى الأول.

‌126

- {وَما تَنْقِمُ مِنَّا} ؛ أي: وما تكره منا {إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا} ؛ أي: إلا إيماننا وتصديقنا بآيات ربنا ومعجزاته، التي ظهرت على يد عبده ورسوله موسى عليه السلام {لَمَّا جاءَتْنا}؛ أي: حين جاءتنا على يد موسى؛ أي: ما تعيب علينا إلا إيماننا بآيات ربنا، أو: ما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه إلا إيماننا بآيات ربنا حين جاءتنا، وهذا الاستثناء شبيه بقوله:

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم

بهنّ فلول من قراع الكتائب

والخلاصة: أي وما تعيب منا وما تنكر منا إلا خير الأعمال، وأصل المفاخر، الذي هو الإيمان بالله تعالى، ومثل هذا لا يمكن العدول عنه مرضاة لك، ولا طلبا للزلفى إليك، وفيه تيئيس له، وكأنهم قالوا: لا مطمع لك في رجوعنا عن إيماننا، وإنّ تهديدك لا يجدي فائدة.

وقرأ الحسن وأبو حيوة وأبو اليسر هاشم، وابن أبي عبلة (1):{وما تنقم} بفتح القاف، مضارع نقم بكسرها، وهما لغتان، والأفصح قراءة الجمهور.

وقد ختم الله سبحانه وتعالى كلام السحرة بدعائهم بقولهم: {رَبِّنا} ويا

(1) المراغي.

ص: 65

مالك أمرنا {أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا} ؛ أي: أصبب علينا صبرا كاملا تاما عند القطع والصلب ليكلا نرجع كفارا؛ أي: هب لنا صبرا واسعا وأكثره علينا، حتى يفيض علينا ويغمرنا، كما يفرغ الماء إفراغا، {وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ}؛ أي: أمتنا ثابتين على الإسلام، منقادين لأوامرك، مخلصين لك على دين موسى وإبراهيم، والمعنى: ربنا (1) هب لنا صبرا واسعا تفرغه علينا، وأيدنا بروحك حتى لا يبقى في قلوبنا شيء من خوف غيرك، ولا من الرجاء في سوى فضلك، وتوفنا إليك، مذعنين لأمرك ونهيك، مستسلمين لقضائك، غير مفتونين بتهديد فرعون، ولا مطيعين له في قوله ولا فعله، وقد ذكر المؤرخون قديما وحديثا أنّ المؤمنين بالله واليوم الآخر، من كل ملة ودين، يكونون أعظم شجاعة، وأكثر صبرا على مشاق الحروب من غيرهم، ومن ثم يحرص زعماء الشعوب على بث النزعة الدينية بين رجالات الجيوش، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كانوا في أول النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء.

قال الكلبي: إن فرعون قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، وقال غيره إنّه لم يقدر عليهم لقوله تعالى:{فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ} .

الإعراب

{ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)} .

{ثُمَّ} : حرف عطف وتراخ، {بَعَثْنا}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْبًا} . {مِنْ بَعْدِهِمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {بَعَثْنا}. {مُوسى}: مفعول به {بِآياتِنا} : جار ومجرور ومضاف إليه، حال من موسى؛ أي: حال كونه ملتبسا بآياتنا. {إِلى فِرْعَوْنَ} : جار ومجرور، متعلق بـ {بَعَثْنا}. {وَمَلَائِهِ}: معطوف على {فِرْعَوْنَ} . {فَظَلَمُوا} فعل وفاعل، معطوف على {بَعَثْنا} {بِها}: متعلق بـ {ظلموا} . {فَانْظُرْ} : {الفاء} :

(1) البحر المحيط.

ص: 66

فاء الفصيحة؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ظلمهم بها، وأردت التعجب من عاقبتهم .. فأقول لك {انظر}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمد، أو على أي مخاطب {كَيْفَ}: اسم استفهام في محل النصب خبر {كانَ} مقدم عليه وجوبا لكونه مما يلزم الصدارة {عاقِبَةُ} : اسم {كانَ} ، {الْمُفْسِدِينَ} مضاف إليه، وجملة {كانَ}: جملة استفهامية في محل النصب على إسقاط حرف جر تقديره: فانظر إلى مآل عاقبة المفسدين. كما في «الفتوحات» وجملة {انظر} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة.

{وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (104)} .

{وَقالَ مُوسى} : فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة {بَعَثْنا} {يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ} إلى قوله:{قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ} مقول محكى لـ {قالَ} وإن شئت قلت: {يا} : حرف نداء، {فِرْعَوْنُ}: في محل النصب منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالَ} {إِنِّي}:{إن} حرف نصب، والياء اسمها {رَسُولٌ}: خبرها {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} : صفة لـ {رَسُولٌ} ، وجملة {إن} جواب النداء في محل النصب مقول {قالَ} .

{حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (105)} .

{حَقِيقٌ} : خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنا حقيق {عَلى} : حرف جر {أَنْ} : حرف نصب {لا} نافية. {أَقُولَ} فعل مضارع منصوب {أَنْ} المصدرية، وفاعله ضمير المتكلم يعود على موسى، {عَلَى اللَّهِ}: جار ومجرور، متعلق بـ {أَقُولَ} {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ {الْحَقَّ} : مفعول به لـ {أَقُولَ} لأنّه بمعنى: أذكر أو صفة لمصدر محذوف؛ أي: إلا القول الحق، وجملة {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر مجرور بـ {عَلى} تقديره: على عدم قولي إلا الحق، والجار والمجرور متعلق بـ {حَقِيقٌ} ولكن {عَلى} بمعنى الباء؛ أي: حقيق بعدم قولي إلا الحق، هذا على قراءة الجمهور، وقرأ نافع:{حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ}

ص: 67

بتشديد الياء، وذلك لقلب ألف {على} ياء وإدغامها في ياء المتكلم، فعلى هذه القراءة {حَقِيقٌ}: مبتدأ وسوغ الابتداء بالنكرة عمله في الجار والمجرور بعده، فإنّ {علي}: متعلق بـ {حَقِيقٌ} وجملة {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الخبرية تقديره: حقيق على عدم قولي على الله إلا الحق، والجملة الإسمية على كلا التقديرين في محل النصب مقول {قالَ} {قَدْ}: حرف تحقيق {جِئْتُكُمْ} : فعل وفاعل، ومفعول، {بِبَيِّنَةٍ}: متعلق به، {مِنْ رَبِّكُمْ}: صفة لـ {بينة} ، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قالَ}. {فَأَرْسِلْ} الفاء: حرف عطف وتفريع، {أرسل}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ} والجملة في محل النصب، معطوفة على جملة {جِئْتُكُمْ} .

{مَعِيَ} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {أرسل} ، {بَنِي إِسْرائِيلَ}: مفعول به ومضاف إليه.

{قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .

{قالَ} : فعل ماض وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ} ، والجملة مستأنفة {إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ} إلى قوله:{فَأَلْقى} عَصاهُ مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت: إِنْ {:} حرف شرط {كُنْتَ} : فعل ناقص واسمه في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية {جِئْتَ} : فعل وفاعل، {بِآيَةٍ}: متعلق به، والجملة الفعلية في محل النصب خبر كان {فَأْتِ} {الفاء}: رابطة لجواب إن الشرطية {ائت} فعل أمر في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية على كونه جوابا لها، مبني على حذف حرف العلة، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} . {بِها} جار ومجرور، متعلق به، وجملة {إِنْ} الشرطية في محل النصب مقول {قالَ} إِنْ {:} حرف شرط {كُنْتَ} : فعل ناقص واسمه في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية على كونه فعل شرط لها، {مِنَ الصَّادِقِينَ}: جار ومجرور خبر {كان} وجواب {إِنْ} معلوم مما قبلها تقديره: إن كنت من الصادقين .. فأت بها، وجملة {إِنْ} الشرطية في محل النصب مقول {قالَ} .

{فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)} .

ص: 68

{فَأَلْقى} {الفاء} : حرف عطف وتفريع {ألقى} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} ، والجملة معطوفة على جملة {قالَ} ، {عَصاهُ}: مفعول به ومضاف إليه، {فَإِذا}:{الفاء} : عاطفة {إذا} : فجائية حرف لا محل لها من الإعراب، {هِيَ}: مبتدأ {ثُعْبانٌ} : خبره، {مُبِينٌ}: صفة لـ {ثُعْبانٌ} ، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {ألقى}. {وَنَزَعَ يَدَهُ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} ، والجملة معطوفة على جملة {ألقى} {فَإِذا}:{الفاء} : عاطفة {إذا} : حرف فجأة {هِيَ} : مبتدأ {بَيْضاءُ} : خبره، {لِلنَّاظِرِينَ} متعلق بـ {بَيْضاءُ} ، أو صفة له؛ لأنّه اسم فاعل لمؤنث، كحمراء وأحمر، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {نَزَعَ} .

{قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (110)} .

{قالَ الْمَلَأُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ}: جار ومجرور ومضاف إليه، حال من {الْمَلَأُ}. {إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} إلى قوله:{قالُوا} مقول محكي لـ {قالَ} وإن شئت قلت: {إِنَّ} هذا حرف نصب، واسم الإشارة اسمها {لَساحِرٌ}:{اللام} : حرف ابتداء {ساحر} خبر {إِنَّ} . {عَلِيمٌ} : صفة {ساحر} ، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قالَ}. {يُرِيدُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} أو على {ساحر} ، والجملة الفعلية في محل النصب، حال من الضمير المستكن في {ساحر} ، أو في محل الرفع صفة ثانية {لَساحِرٌ} ، {أَنْ يُخْرِجَكُمْ}: ناصب وفعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} ، والجملة في تأويل مصدر منصوب على المفعولية تقديره: يريد إخراجه إياكم {مِنْ أَرْضِكُمْ} ، متعلق بـ {يُخْرِجَكُمْ}. {فَماذا}:{الفاء} : عاطفة داخلة على قول محذوف تقديره: فقال فرعون: ماذا تأمرون؟ {ماذا} : اسم استفهام مركب في محل النصب مفعول ثان مقدم وجوبا للزومه صدر الكلام، {تَأْمُرُونَ}: فعل وفاعل، والواو عائدة على {الْمَلَأُ} ، والمفعول الأول محذوف تقديره: فقال فرعون: أي شيء تأمرونني فيه؟ والجملة الفعلية في

ص: 69

محل النصب مقول لـ {قالَ} المحذوف، وجملة {قال} المحذوف معطوفة على جملة قوله:{قالَ الْمَلَأُ} ويجوز أن تكون {ما} اسم استفهام مبتدأ {ذا} : اسم موصول بمعنى الذي، في محل الرفع خبره، وجملة {تَأْمُرُونَ}: صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: فقال فرعون ما الذي تأمرونني فيه؟.

{قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (112)} .

{قالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة استئنافيا بيانيا {أَرْجِهْ وَأَخاهُ} إلى قوله:{وَجاءَ السَّحَرَةُ} مقول محكي، وإن شئت قلت:{أَرْجِهْ} : فعل أمر مبني بسكون على الهمزة المحذوفة للتخفيف؛ لأنه من أرجأ و {الهاء} : ضمير للمفرد المذكر الغائب في محل النصب مفعول به، مبني على السكون تشبيها له بهاء السكت مع إجراء الوصل مجرى الوقف، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} ، والجملة في محل النصب مقول {قالُوا} ، {وَأَخاهُ}: معطوف على ضمير المفعول {وَأَرْسِلْ} : فعل أمر معطوف على {أَرْجِهْ} ، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} ، {فِي الْمَدائِنِ}: متعلق به، {حاشِرِينَ}: مفعول به لـ {أَرْسِلْ} ، ومفعول {حاشِرِينَ} محذوف تقديره: حاشرين السحرة {يَأْتُوكَ} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بالطلب السابق {بِكُلِّ ساحِرٍ} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق به. {عَلِيمٍ}: صفة {ساحِرٍ} ، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قالُوا} .

{وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (113)} .

{وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة {قالُوا}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة بعاطف مقدر على جملة {جاءَ} تقديره: وجاء السحرة فرعون فقالوا: {إِنَّ لَنا لَأَجْرًا} إلى آخر الآية. مقول محكي لـ {قالُوا} وإن شئت قلت: {إِنَّ} حرف نصب {لَنا} : خبر مقدم لـ {إِنَّ} ، {لَأَجْرًا}: اسمها مؤخر {واللام} : حرف ابتداء وجملة {إِنَّ} : في محل النصب مقول {قالُوا} ، {إِنَّ}: حرف شرط، {كُنَّا}: فعل ناقص، واسمه في محل الجزم بإن على كونه فعل شرط لها، {نَحْنُ}: ضمير فصل، أو مؤكد لاسم كان،

ص: 70

{الْغالِبِينَ} : خبر كان، وجواب {إِنَّ} الشرطية معلوم مما قبلها تقديره: إن كنا نحن الغالبين .. فإن لنا لأجرا، وجملة {إِنَّ}: الشرطية في محل النصب مقول {قالُوا} .

{قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)} .

{قالَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا، {نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ:} مقول محكي لـ {قالَ} ، وإن شئت قلت:{نَعَمْ} : حرف جواب وتصديق، قائم مقام الجملة الجوابية تقديرها: قال: إن لكم لأجرا، والجملة المحذوفة في محل النصب مقول {قالَ} ، {وَإِنَّكُمْ}: الواو عاطفة {إن} : حرف نصب {والكاف} : اسمها {لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} جار ومجرور خبر {إن} وجملة {إن} في محل النصب معطوفة على جملة {إن} المحذوفة، القائم مقامها حرف {نَعَمْ} على كونها مقولا لـ {قالَ} .

{قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} .

{قالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {يا مُوسى}: إلى آخر الآية. مقول محكي لـ {قالُوا} وإن شئت قلت: {يا مُوسى} منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالُوا}. {إِمَّا}: حرف تخيير {أَنْ} : حرف نصب ومصدر، {تُلْقِيَ}: فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} المصدرية، وفاعله ضمير يعود على موسى، وجملة {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر منصوب، على كونه مفعولا لفعل محذوف تقديره: اختر إما إلقاءك، والجملة المحذوفة في محل النصب مقول {قالُوا} على كونها جواب النداء، {وَإِمَّا}: الواو عاطفة لـ {إِمَّا} على {إِمَّا} ، {أَنْ نَكُونَ}: ناصب وفعل ناقص، واسمه ضمير مستتر يعود على السحرة {نَحْنُ}: ضمير فصل، أو مؤكد لاسم {نَكُونَ} ، {الْمُلْقِينَ}: خبر نكون، وجملة {نَكُونَ} في تأويل مصدر معطوف على مصدر منسبك من الجملة التي قبلها تقديره: إختر إما إلقاءك وإما إلقاءنا، ومفعول الإلقاء في الموضعين محذوف لعلمه تقديره: إختر إما إلقاءك حبالك وعصيك، وإما إلقاءنا حبالنا وعصينا.

{قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} .

ص: 71

{قالَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} ، والجملة مستأنفة {أَلْقُوا}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قالَ}. {فَلَمَّا} {الفاء}: فاء الفصيحة لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أن موسى أمرهم بالإلقاء، وأردت بيان ما وقع منهم بعد أمره بالإلقاء .. فأقول لك {لما ألقوا} {لما}: حرف شرط غير جازم {أَلْقُوا} : فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ {لما} ، {سَحَرُوا}: فعل وفاعل، {أَعْيُنَ النَّاسِ}: مفعول به ومضاف إليه، والجملة جواب {لما} ، وجملة {لما}: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة {إذا} المقدرة مستأنفة استئنافا بيانيا، {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة {سَحَرُوا} ، {وَجاؤُ}: فعل، وفاعل معطوف على {سَحَرُوا} ، {بِسِحْرٍ}: متعلق بـ {جاؤُ} ، {عَظِيمٍ}: صفة لـ {سحر} .

{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117)} .

{وَأَوْحَيْنا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {إِلى مُوسى}: جار ومجرور، متعلق به {أَنْ}: مفسرة أو مصدرية {أَلْقِ} : فعل أمر في محل النصب بـ {أَنْ} المصدرية مبني على حذف حرف العلة، وفاعله ضمير يعود على {مُوسى} {عَصاكَ}: مفعول به، ومضاف إليه، وجملة {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية تقديره: وأوحينا إلى موسى إلقاءه عصاه {فَإِذا هِيَ} {الفاء} : عاطفة على محذوف تقديره: فألقاها فإذا هي {إذا} : فجائية حرف لا محل لها من الإعراب، {هِيَ}: مبتدأ، {تَلْقَفُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على العصا، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة المحذوفة، {مَا}: موصولة في محل النصب مفعول {تَلْقَفُ} ، أو مصدرية، وجملة {يَأْفِكُونَ} صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: ما يأفكونه، أو الجملة صلة ما المصدرية، والتقدير: تلقف إفكهم؛ أي: مأفوكهم من الحبال والعصي.

{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (119)} .

ص: 72

{فَوَقَعَ} {الفاء} : عاطفة {وقع الحق} : فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة {أَوْحَيْنا} ، {وَبَطَلَ}: فعل ماض، {ما}: موصولة في محل الرفع فاعل لـ {بَطَلَ} ، ويصح أن تكون مصدرية، {كانُوا}: فعل ناقص واسمه، وجملة {يَعْمَلُونَ} خبره، وجملة كان صلة {ما} الموصولة، والعائد محذوف تقديره: ما كانوا يعملونه، أو صلة {ما} المصدرية والتقدير: وبطل عملهم، وجملة {بَطَلَ} معطوفة على جملة {وقع}. {فَغُلِبُوا} {الفاء}: عاطفة {غلبوا} : فعل ونائب فاعل، معطوف على {بَطَلَ} ، {هُنالِكَ} {هنا}: اسم إشارة يشار به للمكان البعيد، في محل النصب على الظرفية المكانية مبني على السكون، {اللام}: لبعد المشار إليه، {والكاف}: حرف دال على الخطاب، والظرف متعلق بـ {غلبوا} ، {وَانْقَلَبُوا}: فعل وفاعل معطوف على {غلبوا} ، {صاغِرِينَ}: حال من الواو في {انْقَلَبُوا} .

{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (120) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (122)} .

{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} : فعل ونائب فاعل، معطوف على {غلبوا} {ساجِدِينَ}: حال من {السَّحَرَةُ} . {قالُوا} : فعل وفاعل، والجملة الفعلية حال ثانية من {السَّحَرَةُ} والتقدير: وألقي السحرة حالة كونهم ساجدين قائلين: آمنا برب العالمين. {آمَنَّا} : فعل وفاعل، {بِرَبِّ الْعالَمِينَ} متعلق به، والجملة في محل النصب مقول {قالُوا}. {رَبِّ مُوسى}: بدل من {بِرَبِّ الْعالَمِينَ} ، {وَهارُونَ}:

معطوف على {مُوسى} .

{قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)} .

{قالَ فِرْعَوْنُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {آمَنْتُمْ بِهِ} إلى قوله:{قالُوا} مقول محكي، وإنّ شئت قلت:{آمَنْتُمْ} : فعل وفاعل، {بِهِ}: جار ومجرور، متعلق به، والجملة في محل النصب مقول القول، {قَبْلَ}: منصوب

ص: 73

على الظرفية، متعلق بـ {آمَنْتُمْ} ، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {آذَنَ}: فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} . وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ} ، {لَكُمْ}: متعلق به، والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور بإضافة الظرف إليه تقديره: قبل إذني لكم. {إنْ} : حرف نصب، {هذا}: اسمها، {لَمَكْرٌ}:{اللام} : حرف ابتداء {مكر} : خبرها، وجملة {أَنْ} في محل النصب مقول {قالَ} {مَكَرْتُمُوهُ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل الرفع صفة لـ {مكر} ، {فِي الْمَدِينَةِ}: جار ومجرور متعلق بـ {مَكَرْتُمُوهُ} ، {لِتُخْرِجُوا} {اللام}: حرف جر وكي {تخرجوا} : فعل وفاعل منصوب بـ {أَنْ} مضمرة بعد لام كي {مِنْها} متعلق بـ {تخرجوا} ، {أَهْلَها}: مفعول به، والجملة الفعلية صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور باللام تقديره: لإخراجكم منها أهلها، الجار والمجرور متعلق بـ {مَكَرْتُمُوهُ} ، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}. {الفاء}: فاء الفصيحة لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفتم مكركم وأردتم بيان عاقبته .. فأقول لكم سوف تعلمون ما يحل بكم، وجملة {سوف تعلمون}: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول لقوله:{قالَ فِرْعَوْنُ} .

{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (125)} .

{لَأُقَطِّعَنَّ} {اللام} : موطئة للقسم {أقطعن} : فعل مضارع في محل الرفع لتجرده عن الناصب والجازم، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير المتكلم المستتر يعود على {فِرْعَوْنُ} ، {أَيْدِيَكُمْ}: مفعول به ومضاف إليه، {وَأَرْجُلَكُمْ}: معطوف عليه {مِنْ خِلافٍ} : جار ومجرور، حال من الأيدي والأرجل؛ أي: حالة كونها مختلفة في القطع، والجملة الفعلية جواب لقسم محذوف، وجملة القسم مع جوابه في محل النصب مقول {قالَ} ، {ثُمَّ}: حرف عطف وتراخ، {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ}:{اللام} : موطئة للقسم، {أصلبنكم}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ} ، {أَجْمَعِينَ}: تأكيد لضمير المخاطبين، والجملة الفعلية جواب القسم، وجملة القسم في محل النصب

ص: 74

معطوفة على جملة القسم الأول. {قالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {إِنَّا إِلى رَبِّنا} إلى قوله:{وَقالَ الْمَلَأُ} : مقول محكي لـ {قالُوا} وإن شئت قلت: {إِنَّا} : حرف نصب واسمه {إِلى رَبِّنا} : متعلق بـ {مُنْقَلِبُونَ} ، {مُنْقَلِبُونَ}: خبر {إِنَّا} وجملة إنّ في محل النصب مقول {قالُوا} .

{وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126)} .

{وَما} {الواو} : عاطفة، {ما}: نافية، {تَنْقِمُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ مِنَّا}: جار ومجرور، متعلق به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {إِنَّا إِلى رَبِّنا} ، {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {آمَنَّا}: فعل ماض، وفاعله في محل النصب بـ {أَنْ} المصدرية، {بِآياتِ رَبِّنا}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {آمَنَّا} ، والجملة الفعلية صلة {أَنْ} المصدرية، {أَنْ} مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على الاستثناء تقديره: إلا إيماننا بآيات ربنا، {لَمَّا}: حينية في محل النصب على الظرفية، {جاءَتْنا}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الآيات، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {لَمَّا} تقديره: حين مجيئها إيانا، والظرف متعلق بـ {آمَنَّا} ، {رَبِّنا}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قالُوا} ، {أَفْرِغْ}: فعل دعاء سلوكا مسلك الأدب مع الباري سبحانه، وفاعله ضمير يعود على الله، {عَلَيْنا}: متعلق به، {صَبْرًا}: مفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قالُوا} على كونها جواب النداء {وَتَوَفَّنا}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الله، {مُسْلِمِينَ}: حال من ضمير المتكلمين، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {أَفْرِغْ} على كونها جواب النداء.

التصريف ومفردات اللغة

{ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ} . {مُوسى} (1) موسى ابن عمران

(1) المراغي.

ص: 75

- بكسر العين - وأهل الكتاب يقولون: عمرام بفتح أوله، وإنّما سمي موسى لأنّه ألقي بين ماء وشجر، فالماء بالقبطية: مو، والشجر: سى، وذلك أنّ أمه وضعته بعد ولادته في تابوت - صندوق - وأقفلته إقفالا محكما، وألقته في نهر النيل، خوفا من فرعون وحكومته أن يعلموا به فيقتلوه، إذ كانوا يذبحون ذكور بني إسرائيل عند ولادتهم، ويتركون نساءهم، وفرعون لقب لملوك مصر القدماء، كلقب قيصر لملوك الروم، وكسرى لملوك الفرس، كما مر، والراجح لدى كثير ممن يعنون بالتاريخ المصري القديم، أن فرعون موسى هو الملك منفتاح، وكان يلقب بسليل الإله: رع؛ أي: الشمس وقد كتب بجانب هيكله الذي بدار الآثار المصرية. الآية الكريمة {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} {وَمَلَائِهِ} والملأ أشراف الناس، يملؤون المجالس بأجرامهم، والعيون بجمالهم، والقلوب بمهابتهم، كما مر عن أبي السعود، ومن المراد هنا ما يشمل الرفيع والوضيع {فَظَلَمُوا بِها}؛ أي: جحدوا بها وكفروا {حَقِيقٌ} ؛ أي: جدير وخليق به، يقال: أنت حقيق بكذا، كما يقال: أنت جدير به وخليق، وقال الليث: حق الشيء معناه: وجب، ويحق عليك أن تفعله، وحقيق أن أفعله، فهو بمعنى فاعل، وقد يكون بمعنى مفعول، تقول: فلان محقوق عليه أن يفعل {وَنَزَعَ يَدَهُ} والنزع إخراج الشيء من مكانه {فَماذا تَأْمُرُونَ} ؛ أي: تشيرون في أمره، يقال: مرني بكذا على معنى: أشر علي وأدل رأيك. {أَرْجِهْ وَأَخاهُ} ؛ أي: أرجىء أمره وأخره ولا تقض فيه بادىء الرأي، وهو من أرجأ الرباعي {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ} جمع مدينة، ومدينة على وزن فعيلة، فالياء زائدة في المفرد، فلذلك تقلب همزة في الجمع على حد قوله في الخلاصة:

والمدّ زيد ثالثا في الواحد

همزا يرى في مثل كالقلائد

والمدينة من مدن بالمكان يمدن، إذا أقام به، فالفعل من باب نصر، وفي «السمين»: والمدائن جمع مدينة ووزنها فعيلة، فميمها أصلية، وياؤها زائدة، مشتقة من مدن يمدن مدونا؛ أي: أقام {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} يجوز (1) أن يكون استفعل هنا

(1) الفتوحات.

ص: 76

بمعنى أفعل؛ أي: أرهبوهم، وهو قريب من قولهم قر واستقر، وعظم واستعظم، وهذا رأي المبرد، ويجوز أن تكون السين على بابها؛ أي: استدعوا رهبة الناس منهم، وهو رأي الزجاج. اه «سمين» .

{تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ} (1) قرأ العامة: {تَلْقَفُ} بتشديد القاف من {تَلْقَفُ} والأصل تتلقف بتائين، فحذفت إحداهما، إما الأولى وإما الثانية، وقد تقدم ذلك في نحو {تذكرون} والبزي: على أصله وإدغامها فيما بعدها، فيقرأ:{فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ} بتشديد التاء أيضا، وقرأ حفص {تَلْقَفُ} بتخفيف القاف من لقف، كعلم يعلم، وركب يركب، يقال: لقفت الشيء ألقفه لقفا، وتلقفته أتلقفه تلقفا إذا أخذته بسرعة فأكلته أو ابتلعته، ويقال: لقف ولقم بمعنى واحد، قاله أبو عبيد اه «سمين» ، وفي «المختار»: لقف من باب فهم، وتلقفته؛ أي: تناولته بسرعة اه.

{ما يَأْفِكُونَ} أصل الإفك قلب الشيء عن وجهه، ومنه قيل للكذاب أفّاك؛ لأنّه يقلب الكلام عن وجهه الصحيح إلى الباطل. اه «خازن» . وفي «المصباح» أفك يأفك من باب ضرب، إفكا بالكسر فهو أفوك وأفاك، وأفكته صرفته، وكل أمر صرف عن وجهه فقد أفك. اه وفي «المراغي»: المأفوك (2) المصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه، ومن ثم يقال للرياح التي عدلت عن مهابها: مؤتفكة، كما قال تعالى:{وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (9)} وقال: {قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ؛ أي: يصرفون عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل، وعن الصدق في المقال إلى الكذب، وعن الجميل في الفعل إلى القبيح، فالإفك بالقول كالكذب، وقد يكون بالفعل، كعمل سحرة فرعون.

{فَغُلِبُوا هُنالِكَ} . {هُنالِكَ} : يجوز أن يكون مكانا؛ أي: غلبوا في المكان الذي وقع فيه سحرهم، وهذا هو الظاهر، وقيل: يجوز أن يكون زمانا، وهذا ليس أصله، وقد أثبت له بعضهم هذا المعنى في قوله تعالى:{هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} وفي قول الشاعر:

(1) الفتوحات.

(2)

المراغي.

ص: 77

فهناك يعترفون أين المفزع

ولا حجة فيهما؛ لأن المكان فيهما واضح. اه «سمين» {وَانْقَلَبُوا} ؛ أي: عادوا {صاغِرِينَ} ؛ أي: أذلة بما رزئوا به من الخذلان والخيبة {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (120)} ؛ أي: خروا - سجدا؛ لأنّ الحق بهرهم، واضطرهم إلى السجود.

{قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ} ؛ أي: قال (1) ما ذكر منكرا على السحرة، موبخا لهم على ما فعلوه، فالاستفهام فيه للإنكار والتوبيخ، وأصل هذا الفعل آمن بوزن آدم، وأصله أأمن بهمزتين، فقلبت الثانية ألفا وجوبا على القاعدة، والثانية هي فاء الكلمة، والأولى زائدة، فهو بوزن أفعل، كأكرم ثمّ إنّه دخلت عليه همزة الاستفهام، فاجتمع همزتان صريحتان، وبعدهما ألف منقلبة عن همزة في الأصل {قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} أصله (2) أأذن وهو فعل مضارع منصوب بأن المصدرية، والهمزة الأولى همزة المتكلم التي تدخل على المضارع، والثانية قلبت ألفا لوقوعها ساكنة بعد همزة أخرى، وأصله أأذن على وزن أعلم. المكر: صرف الإنسان عن مقصده بحيلة، وهو نوعان، محمود: يراد به الخير، ومذموم: يراد به الشر {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، والعكس بالعكس {ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} والصلب: الشد على خشبة ونحوها، وشاع في تعليق الشخص بنحو حبل في عنقه ليموت، وهو المتعارف اليوم.

{وَما تَنْقِمُ مِنَّا} عبارة «الخازن» يعني: وما تكره منا وما تطعن علينا. وقال عطاء: معناه وما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه. انتهت. وفي «المصباح» نقمت عليه أمره ونقمت منه نقما، من باب ضرب، ونقوما، ونقمته أنقمه من باب تعب لغة إذا عبته وكرهته أشد الكراهة لسوء فعله، وفي «التنزيل»:{وَما تَنْقِمُ مِنَّا} على اللغة الأولى؛ أي: وما تطعن فينا وتقدح، وقيل: ليس لنا عندك ذنب، ولا ركبنا

(1) أبو السعود.

(2)

الفتوحات.

ص: 78

مكروها. اه وقال: نقمت بالشيء إذا أنكرته إما باللسان وإما بالعقوبة، كما قال تعالى {وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} و {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ}. {أَفْرِغْ عَلَيْنا}؛ أي: افض علينا صبرا يغمرنا كما يفرغ الماء من القرب.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الإبهام في قوله: {بِآياتِنا} إفادة للتفخيم والتعظيم.

ومنها: التضمين في قوله: {فَظَلَمُوا بِها} وهو إشراب كلمة معنى كلمة أخرى؛ لأنّه ضمن (ظلموا) بمعنى {كفروا} فعداه بالباء.

ومنها: الاستفهام التعجبي في قوله: {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} .

ومنها: التضمين أيضا في قوله: {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} .

على قراءة العامة؛ لأنّه ضمن {حَقِيقٌ} بمعنى (حريص) فعداه بعلى.

ومنها: المقابلة في قوله: {إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ} ، فإنّه في مقابلة قوله:{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ} .

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ} ؛ لأنّه بمعنى خل أمرهم، واترك سبيلهم حتى يذهبوا معي إلى الأرض المقدسة، وفي قوله:{وَنَزَعَ يَدَهُ} ؛ لأنّه استعار النزع - الذي هو بمعنى أخذ الشيء بسرعة - للإخراج؛ لأنّه بمعنى: أخرج يده من جيبه، أو من كمه.

ومنها: جمع المؤكدات في قوله: {إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} للمبالغة، أكده بإن وبإسمية الجملة، وباللام، وفي قوله:{نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} أكد الجملة بإن، وباللام لإزالة الشك من نفوس السحرة، ويسمى هذا النوع من أنواع الخبر إنكاريا.

ومنها: التنكير إفادة للتعظيم في قوله: {إِنَّ لَنا لَأَجْرًا} قال الزمخشري:

ص: 79

كقولهم: إن له لإبلا، وإن له لغنما وفي قوله:{لَمَكْرٌ} .

ومنها: الإبهام في قوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ؛ أي: ما يحل بكم، ثم البيان بقوله:{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ} جاء به في جملة قسمية تأكيدا لما يفعله.

ومنها: الجناس المغاير بين {تُلْقِيَ} و {الْمُلْقِينَ} في قوله: {يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} . وتغيير النظم في الجملة الثانية - بتعريف الخبر وتوسيط ضمير الفصل، وتأكيد الضمير المتصل بالمنفصل - يدل على رغبتهم في التقدم وعدم مبالاتهم بموسى؛ لأن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا ممن له قوة وملكة في الأمر الذي يدعيه، فيخير من يقابله في الابتداء في العمل أو التأخر، فكأنّه يقول: لا أبالي بفعلك سواء تقدم أو تأخر.

ومنها: الجناس المماثل في قوله: {قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا} .

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} لأنّه استعار الوقوع للثبوت والحصول، وفي قوله:{أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا} ؛ لأنّ الإفراغ حقيقة في الماء.

ومنها: تأكيد المدح بما يشبه الذم في قوله: {وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا} مثل قوله:

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم

بهنّ فلول من قراع الكتائب

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 80

قال الله سبحانه جلّ وعلا:

{وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (127) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهًا كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (139) قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى (1) يخبر عما تمالأ عليه

(1) المراغي.

ص: 81

فرعون وملؤه، وما أضمروه لموسى وقومه، لقد نصح موسى قومه، ودار بينهم حوار قصه الله علينا في تلكم الآيات.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ

} مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى وعد موسى لقومه بقوله: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ

} .. ذكر هنا مبادىء الهلاك الموعود به بما أنزله على فرعون وقومه من المحن، حالا بعد حال، إلى أن حل بهم عذاب الاستئصال تنبيها للسامعين، وزجرا لهم عن الكفر وتكذيب الرسل، حذر أن ينزل بهم من الشر مثل ما نزل بهؤلاء.

قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى

} الآيات (1)، مناسبتها لما قبلها: لما ذكر الله سبحانه وتعالى الآيات الخمس التي سبق ذكرها .. بين هنا ما كان من أثرها في نفوس المصريين جميعا، وطلبهم من موسى أن يرفع الله عنهم العذاب، فإذا هو فعل .. آمنوا به، ثم تبين نكثهم وخلفهم للوعد كل مرة حدث فيها الطلب، حتى حل بهم عذاب الاستئصال بالغرق في البحر.

قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا

} مناسبتها لما قبلها: أنّه سبحانه وتعالى لما بين ما حل بالمصريين من الغرق عقوبة لهم على تكذيبهم بموسى، بعد وجود الآية تلو الآية الدالة على صدقه .. ذكر هنا ما فعله ببني إسرائيل من الخيرات، إذ أصبحوا أعزة بعد أن كانوا أذلة، وملكوا الأرض المقدسة التي بارك الله فيها، وهي بلاد الشام.

قوله تعالى: {وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ

} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين أنواع نعمه على بني إسرائيل، بأن أهلك عدوهم، وأورثهم أرضهم وديارهم .. أتبع ذلك بالنعمة الكبرى عليهم، وهي أنّه جاوز بهم البحر آمنين، ثم ارتدوا وطلبوا من موسى أن يعمل لهم آلهة وأصناما. وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما رآه من اليهود بالمدينة، فإنّهم جروا معه على دأب

(1) المراغي.

ص: 82