المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جاءنا به موسى، وأنّ الذي علينا أن نعبده هو رب - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: جاءنا به موسى، وأنّ الذي علينا أن نعبده هو رب

جاءنا به موسى، وأنّ الذي علينا أن نعبده هو رب الإنس والجن وجميع المخلوقات، المدبر لها. وهذه الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: ماذا قالوا عند سجودهم أو في سجودهم؟ وأجيب: بأنّهم قالوا: آمنا برب العالمين، ولما قالوا ذلك فكأن فرعون قال: إياي تعنون؟ فقالوا: لا بل

‌122

- {رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (122)} ؛ أي: مالكهما ومعبودهما.

ولما (1) ظفروا بالمعرفة .. سجدوا لله تعالى في الحال، وجعلوا ذلك السجود شكرا لله تعالى على الفوز بالإيمان والمعرفة، وعلامة على انقلابهم من الكفر إلى الإيمان، وإظهارا للخضوع والتذلل لله تعالى، فكأنهم جعلوا ذلك السجود الواحد علامة على هذه الأمور الثلاثة، على سبيل الجمع، وأولئك القوم كانوا عالمين بحقيقة السحر، فلما وجدوا معجزة موسى خارجة عن حد السحر ..

علموا أنّها أمر من الله، فاستدلوا بها على أن موسى نبي صادق من عند الله تعالى.

فصل

اختلفوا في عدد السحرة على ثلاثة عشر قولا (2):

أحدها: اثنان وسبعون، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: اثنان وسبعون ألفا، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال مقاتل.

والثالث: سبعون، روي عن ابن عباس أيضا.

والرابع: إثنا عشر ألفا، قاله كعب.

والخامس: سبعون ألفا، قاله عطاء، وكذلك قال وهب في رواية، إلا أنّه قال: فاختار منهم سبعة آلاف.

والسادس: سبع مئة، وروى عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب أنه

(1) المراح.

(2)

زاد المسير.

ص: 60

قال: كان عدد السحرة الذين عارضوا موسى سبعين ألفا متخيرين من سبع مئة ألف، ثم إنّ فرعون اختار من السبعين الألف سبع مئة.

والسابع: خمسة وعشرون ألفا. قاله الحسن.

والثامن: تسع مئة. قاله عكرمة.

والتاسع: ثمانون ألفا. قاله محمد بن المنكدر.

والعاشر: بضعة وثلاثون ألفا. قاله السدي.

والحادي عشر: خمسة عشر ألفا. قاله ابن إسحاق.

والثاني عشر: تسعة عشر ألفا. رواه أبو سليمان الدمشقي.

والثالث عشر: أربع مئة. حكاه الثعلبي.

فأما أسماء رؤسائهم .. فقال ابن إسحاق: رؤوس السحرة: ساتور، وعاذور، وحطحط، ومصفى، وهم الذين آمنوا، كذا حكاه ابن ماكولا، ورأيت عن غير ابن إسحاق: سابورا، وعاذورا وقال مقاتل: اسم أكبرهم شمعون.

قال ابن زيد (1): كان اجتماعهم بالاسكندرية، وبلغ ذنب الحية وراء البحر، ثم فتحت فاها ثمانين ذراعا، فكانت تبتلع حبالهم وعصيهم، واحدا واحدا، حتى ابتعلت الكل، وقصدت القوم الذين حضروا ذلك المجمع، ففزعوا ووقع الزحام، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا، وفرعون يضحك تجلدا، فأقبلت الحية نحو فرعون، فصاح: يا موسى يا موسى، فأخذها موسى فصارت في يده عصا كما كانت، فلما رأت السحرة ذلك .. عرفوا أنّه ليس بسحر، فعند ذلك خروا ساجدين، وآمنوا برب العالمين.

وكل هذا مبالغات إسرائيلية، وتهويلات لم يصح شيء منها، وليس في التوراة ما يأيدها.

(1) المراح.

ص: 61