الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما معرفة اليهود له وهو غلام مع أمه بالمدينة، واعترافهم إذ ذاك بنبوته
فقد قال اللَّه جل جلاله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [ (1) ] ، أي يعرفون نبوته وصدق رسالته، والضمير عائد على محمد صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: وخص الأبناء في المعرفة بالذكر دون الأنفس، وإن كانت ألصق، لأن الإنسان يمر عليه في زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه، وقد روى أن عمر رضي الله عنه قال لعبد اللَّه بن سلام: أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك؟ قال:
نعم وأكثر، بعث اللَّه أمينه في السماء إلى أمينه في الأرض فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ: يعني اليهود الذين أوتوا الكتاب ليكتمون الحق يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. قال مجاهد وقتادة وخصيف، وهم يعلمون ظاهر كفرهم عنادا. ومثله: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [ (2) ]، وقوله: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [ (3) ] .
وقال الواقدي: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث، وعبد اللَّه بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وأبو بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم العامري، وربيعة بن عبد اللَّه بن الهدير التيمي، وموسى بن يعقوب الزمعي في عدة [ (4) ] ، كل قد حدثه من هذا الحديث بطائفة، قالوا:[وغير هؤلاء المسمين قد حدثوني أيضا أهل ثقة وقناعة][ (5) ] كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكون مع أمه، فلما بلغ ست سنين خرجت به أمه إلى أخواله بني عدي بن النجار
[ (1) ] البقرة: 146.
[ (2) ] النمل: 14.
[ (3) ] البقرة: 89.
[ (4) ] في (دلائل أبي نعيم) : «عن عدة من شيوخه» .
[ (5) ] زيادة في السّند من المرجع السابق.
بالمدينة تزور أخواله، ومعه أم أيمن [ (1) ] ، فنزلت به في دار النابغة- رجل من بني عدي بن النجار- فأقامت به شهرا، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكر أمورا كانت في مقامه، ذلك لما نظر إلى أطم بني عدي بن النجار عرفها،
قال صلى الله عليه وسلم: نظرت إلى رجل من يهود يختلف إليّ، ينظر إليّ ثم ينصرف عني، فلقيني يوما خاليا فقال:
يا غلام، ما اسمك؟ قلت: محمد، ونظر إلى ظهري فأسمعه يقول: هذا نبي هذه الأمة، ثم راح إلى أخوالي فخبرهم الخبر، فأخبروا أمي فخافت عليّ وخرجنا من المدينة،
وكانت أم أيمن تحدث تقول: أتاني رجلان من يهود يوما نصف النهار بالمدينة فقالا: أخرجي لنا أحمد. فأخرجته فنظر إليه وقلّباه مليا، حتى أنهما لينظران إلى سوأته، ثم قال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، وسيكون بهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم، قالت أم أيمن: فوعيت ذلك كله من كلامهما [ (2) ] .
[ (1) ] وهي بركة، أم أسامة بن زيد، وهي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم.
[ (2) ](دلائل أبي نعيم) : 1/ 163- 164، حديث رقم (99) ، وفيه الواقدي، متروك، وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، منكر الحديث، وأبو بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم العامري، رموه بالوضع، وأخرجه ابن سعد في (الطبقات) : 1/ 118 من طريق الواقدي أيضا.