الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها أن اللَّه تجلى لموسى في سيناء
وقال له بعض كلام كثير: أدخل يدك في [حجرتك] وأخرجها مبروصة كالثلج! وهذا من النمط الأول، واللَّه لم يتجل لموسى، وإنما أمره أن يدخل يده في جيبه، وأخبره أنها تخرج بيضاء من غير سوء، أي برص.
ومنها: أن هارون هو الّذي صاغ لهم العجل حتى عبدوه، وهذا إن لم يكن من افترائهم فهو اسم للسامري لا أخو موسى.
ومنها: أن اللَّه رأى كثرة فساد الآدميين في الأرض فندم على خلقهم وقال كلاما في آخره: وإني نادم على خلقهم جدا! تعالى اللَّه وتنزه عن ذلك.
ومنها: أن اللَّه- سبحانه وتعالى علوا كبيرا- تصارع مع يعقوب فضرب به يعقوب الأرض، ومنها: أن يهوذا بن يعقوب زوج ابنه الأكبر من امرأة يقال لها: يا مارا، فكان يأتيها مستدبرا فغضب اللَّه من فعله فأماته، فزوج يهوذا ولده الآخر بها، فكان إذا دخل بها أمنى على الأرض، علما بأن [ولدها] كان أول أولاده مدعوا باسم أخيه ومنسوبا إلى أخيه، فكره اللَّه ذلك من فعله فأماته، فأمر بها يهوذا باللحاق ببيت أبيها إلى أن يكبر شيلا ولده ويتم عقله، ثم ماتت زوجة يهوذا وذهب إلى منزل له ليجز غنمه.
فلما أخبرت يامارا ولبست زي الزواني وجلست له على طريقه، فلما مر بها خالها زانية فراودها عن نفسها فطالبته بالأجرة، فوعدها بجدي ورمى عندها عصاه وخاتمه، فدخل بها فعلقت منه، ومن ولده هذا داود النبي! فانظر كيف اشتمل هذا الافتراء القبيح على طامتين عظيمتين، إحداهما: أم يهوذا هذا أحد الأسباط الاثني عشر، وقد أثنى اللَّه تعالى عليهم، وذكرهم مع كرام الرسل، فقال اللَّه تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [ (1) ]، وقوله تعالى:
[ (1) ] البقرة: 136.
إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً [ (1) ] ، فكيف يجوز أن يخبر اللَّه تعالى عن من أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليه وأخبر أنه أوحى إليه بأنه زنى ثم يفضحه أشد الفضيحة بأن يجعل الخبر عنه بزنائه وحيا يتلى آلافا من السنين؟ هذا ما لا يشك من له [أدنى] تأمل بأنه إفك مفترى.
والثاني: أنهم جعلوا داود عليه السلام ابن زنا، كما جعلوا المسيح [ابن] مريم- رسول اللَّه وكلمته- ابن زنا! ثم كفاهم ذلك حتى نسبوه إلى التوراة، وليس هذا ببدع من شأنهم فقد نسبوا إلى اللَّه العلي الكبير عظائم منها: أنه استراح في اليوم السابع من خلق السموات والأرض! فأنزل اللَّه تكذيبهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في قوله [تعالى] : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ [ (2) ] .
فقد تبين أن التوراة وقع فيها التحريف والتبديل، والزيادة والنقص في عدة مواضع.
[ (1) ] النساء: 163.
[ (2) ] ق: 38.