المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن حديث محمد بن كعب القرظي قال: - إمتاع الأسماع - جـ ٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌[تتمة الفصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم]

- ‌ومن حديث محمد بن كعب القرظيّ قال:

- ‌فصل في ذكر ما كان من أعلام نبوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ حملت به أمه آمنة بنت وهب [ (1) ] إلى أن بعثه اللَّه برسالته

- ‌وأما إخبار الحبر لعبد المطلب بأن في إحدى يديه ملكا وفي الأخرى نبوة، وأن ذلك في بني زهرة

- ‌وأما رؤية النور بين عيني عبد اللَّه بن عبد المطلب

- ‌وأما إخبار آمنة بأنها قد حملت بخير البرية وسيّد الأمة

- ‌وأما دنوّ النجوم منها عند ولادته وخروج النور منها

- ‌وأما انفلاق البرمة عنه

- ‌وأما ولادته مختونا مسرورا

- ‌وأما استبشار الملائكة وتطاول الجبال وارتفاع البحار وتنكيس الأصنام وحجب الكهان ونحو ذلك

- ‌وأما ارتجاس إيوان كسرى وسقوط شرفاته وخمود نار فارس ورؤيا الموبذان

- ‌وأما صرف أصحاب الفيل عن مكة المكرمة

- ‌وكان مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل

- ‌وأما الآيات التي ظهرت في مدة رضاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما معرفة اليهود له وهو غلام مع أمه بالمدينة، واعترافهم إذ ذاك بنبوته

- ‌وأما توسم جده فيه السيادة لما كان يشاهد منه في صباه من مخايل [ (1) ] الرّباء [ (2) ]

- ‌وأما إلحاق القافّة [ (1) ] قدمه بقدم إبراهيم عليه السلام وتحدّث يهود بخروج نبي من ضئضئ [ (2) ] عبد المطّلب

- ‌وأما رؤية عمه أبي طالب منذ كفله ومعرفته بنبوته

- ‌وأما تظليل الغمام له في صغره واعتراف بحيرى ونسطورا بنبوته

- ‌فصل في رعاية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الغنم قبل النبوة

- ‌فصل في ذكر اشتهار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته بالرسالة من اللَّه تعالى إلى العباد

- ‌فصل في ذكر عصمة اللَّه تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم من الجن والإنس والهوام

- ‌فصل في ذكر حراسة السماء من استراق الشياطين السمع [ (1) ] عند بعثة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برسالات اللَّه تعالى لعباده

- ‌فصل في ذكر بعثة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأمّا شبهة منكري التكليف

- ‌وأما شبهة البراهمة

- ‌وأما شبهة منكري كون الشرائع من عند اللَّه

- ‌وأما شبهة اليهود

- ‌وأما بعثة الرسل هل هي جائزة أو واجبة

- ‌وأما الأدلة على صحة دين الإسلام وصدق نبينا محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فأحدهما:

- ‌الحجة الثانية

- ‌الحجة الثالثة

- ‌الحجة الرابعة

- ‌الحجة الخامسة

- ‌الحجة السادسة

- ‌الحجة السابعة

- ‌الحجة الثامنة

- ‌الحجة التاسعة

- ‌الحجة العاشرة

- ‌وأما تقرير نسخ الملة المحمدية لسائر الملل

- ‌وأمّا أنّ التّوراة التي هي الآن بأيدي اليهود ليست التوراة التي أنزلها اللَّه على موسى عليه السلام

- ‌فلحقها ثلاثة أمور [ (1) ] :

- ‌ومنها أن اللَّه تجلى لموسى في سيناء

- ‌وهذه نبذة من مقتضيات غضب اللَّه تعالى عليهم

- ‌بحث تاريخي عن الأناجيل التي بين يدي النصارى

- ‌[المعجزة في رأي المتكلمين]

- ‌[الآية]

- ‌تنبيه وإرشاد لأهل التوفيق والرشاد

- ‌فصل في [ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم ومقابلة ما أوتوا من الآيات بما أوتي عليه السلام]

- ‌وأما إبراهيم عليه السلام

- ‌وأما هود عليه السلام

- ‌وأما صالح عليه السلام

- ‌وأما إدريس عليه السلام

- ‌وأما يعقوب عليه السلام

- ‌وأما ذرية يعقوب عليه السلام الذين هم بنو إسرائيل

- ‌وأما يوسف عليه السلام

- ‌وأما موسى عليه السلام

- ‌وأما ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق وجازه بأصحابه

- ‌وأما هارون عليه السلام

- ‌وأما داود عليه السلام

- ‌وأما سليمان عليه السلام

- ‌وأما يحيى بن زكريا عليهما السلام

- ‌وأما عيسى عليه السلام

- ‌أمّا القرآن الكريم

- ‌أمّا إعجاز القرآن الكريم

- ‌وأما كيفية نزوله والمدة التي أنزل فيها

- ‌وأمّا جمع القرآن الكريم فقد وقع ثلاث مرات

- ‌وأما الأحرف التي أنزل عليها القرآن الكريم

- ‌[الناسخ والمنسوخ]

- ‌[القراءات التي يقرأ بها القرآن]

- ‌[التابعون بالمدينة المنوّرة من القراء]

- ‌[التابعون بمكة المشرّفة من القراء]

- ‌[التابعون بالبصرة من القراء]

- ‌[التابعون بالشام من القراء]

- ‌[التابعون بالكوفة من القراء]

- ‌[القراءات المشهورة]

- ‌[تحريم الصلاة بالقراءة الشاذة]

- ‌[ترتيب نزول القرآن بمكة]

- ‌[آخر ما نزل بمكة]

- ‌[ترتيب نزول القرآن بالمدينة]

- ‌[تتمّة مفيدة]

- ‌[فصل في ذكر أخذ القرآن ورؤية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول ملاقاتهم له]

- ‌إسلام الطفيل بن عمرو الدوسيّ

- ‌[الهجرة الأولى إلى الحبشة]

- ‌[إسلام أبي ذر]

- ‌[ذكر إسلام عمرو بن عبسة السّلمي وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌تنبيه مفيد

- ‌[فصل جامع في معجزات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على على سبيل الإجمال]

الفصل: ‌ومن حديث محمد بن كعب القرظي قال:

[المجلد الرابع]

[تتمة الفصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم]

بسم الله الرحمن الرحيم

‌ومن حديث محمد بن كعب القرظيّ قال:

بينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد إذ مرّ رجل في مؤخر المسجد فقال رجل: يا أمير المؤمنين، تعرف هذا المار؟ قال: لا، فمن هو؟ قال: هذا سواد بن قارب، وهو رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع، وهو الّذي أتاه رئيّه [ (1) ] بظهور رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال [عمر] [ (2) ] :

عليّ به، فدعي، فقال [ (3) ] : أنت سواد بن قارب، قال: نعم، قال: فأنت [ (4) ] الّذي أتاك رئيّك بظهور رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟ فغضب غضبا شديدا وقال: يا أمير المؤمنين! ما استقبلني أحد [ (5) ] بهذا منذ أسلمت، فقال عمر رضي الله عنه: يا سبحان اللَّه! واللَّه ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، أخبرني بإتيانك [ (6) ] رئيك بظهور رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: نعم.

يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتانى رئيّي فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب، فافهم [ (7) ] واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤيّ بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وتجساسها [ (8) ]

وشدها العيس [ (9) ] بأحلاسها [ (10) ]

تهوى إلى مكة تبغي الهدى

ما خير الجن كأنجاسها [ (11) ]

[ (1) ] الرَّئّيّ والرِّئّيّ: الجنّي يراه الإنسان، وقال اللحيانيّ: له رئيّ من الجن ورئيّ إذا كان يحبه ويؤالفه.

الليث: الرّئّي: جنّي يتعرض الرجل يريه كهانة وطبا. (لسان العرب) : 14/ 297.

[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .

[ (3) ] في (خ) : «قال» .

[ (4) ] في (خ) : «أنت» .

[ (5) ] كذا في (خ)، وفي (دلائل أبي نعيم) :«بهذا أحد» .

[ (6) ] في (خ) : «بإتيان» .

[ (7) ] في (خ) : «وافهم» .

[ (8) ] في (الفتح) 7/ 229: «وتحساسها» ، بفتح المثناة وبمهملات، أي أنها فقدت أمرا، فشرعت تفتش عليه.

[ (9) ] العيس: الإبل البيض، يخالط بياضها سواد خفيف.

[ (10) ] الأحلاس: جمع حلس، وهو كل ما يوضع على ظهر الدابة.

[ (11) ] في (فتح الباري) : 7/ 229: «ما مؤمنوها مثل أرجاسها» .

ص: 3

فارحل [ (1) ] إلى الصفوة من هاشم

واسم بعينيك إلى رأسها

قال: فلم أرفع بقوله رأسا وقلت: دعني أنام [ (2) ] ، فإنّي أمسيت ناعسا، فلما أن كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: ألم أقل لك يا سواد بن قارب:

قم فافهم واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤيّ بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته، ثم أنشأ الجنّي وهو يقول:

عجبت للجن وتطلابها

وشدّها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما صادق الجن ككذّابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

ليس قداماها [ (3) ] كأذنابها

قال: فلم أرفع بقوله رأسا، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني وضربني برجله وقال: ألم أقل لك يا سواد بن قارب: افهم واعقل إن كنت تعقل أنه قد بعث رسول من لؤيّ بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته، ثم أنشد [ (4) ] الجني يقول:

عجبت للجن وأخبارها

وشدها العيس بأكوارها [ (5) ]

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ما مؤمنو [ (6) ] الجن ككفارها

فادخل إلى الصفوة من هاشم

بين روابيها [ (7) ] وأحجارها

فوقع في نفسي حب الإسلام، ورغبت فيه، فلما أصبحت شددت على راحلتي فانطلقت متوجها إلى مكة، فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة، فأتيت المدينة فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لي: في المسجد، فانتهيت إلى المسجد فعقلت ناقتي وإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس حوله، فقلت: اسمع مقالتي يا رسول اللَّه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ادنه ادنه، فلم يزل بي حتى صرت بين يديه فقال: هات، فأخبرني بإتيانك رئيّك، فقلت:

[ (1) ] في المرجع السابق: «فاسم» .

[ (2) ] في (خ) : «أنم» .

[ (3) ] كذا في (خ) ، و (دلائل أبي نعيم)، وفي (الخصائص) :«قدّامها» .

[ (4) ] في (دلائل أبي نعيم) : «أنشأ» .

[ (5) ] أكوار: جمع كور، وهو ما يوضع على ظهر الدابة.

[ (6) ] في (خ) : «مؤمن» ، وما أثبتناه من «دلائل أبي نعيم» ، وهو حق اللغة.

[ (7) ] الروابي: جمع رابية، والرابية، والربوة، والرباة: ما ارتفع من الأرض. (ترتيب القاموس) :

2/ 298.

ص: 4

أتاني نجيي بعد هدء ورقدة

فلم أك [ (1) ] قد تلوت بكاذب

ثلاث ليال قوله كلّ ليلة

أتاك رسول [ (2) ] من لؤيّ بن غالب

فشمّرت من ذيل الازار ووسّطت

بي الذعلب الوجناء بين السباسب [ (3) ]

فأشهد أن اللَّه لا ربّ غيره

وأنك مأمون على كل غائب

وأنك أدنى المرسلين وسيلة

إلى اللَّه يا ابن الأكرمين الأطايب

فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى

وإن كان فيما جاء شيب الذوائب [ (4) ]

وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

سواك بمغن عن سواد بن قارب [ (5) ]

قال: ففرح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإسلامي فرحا شديدا حتى رئي في وجوههم.

قال: فوثب إليه عمر رضي الله عنه فالتزمه وقال: قد كنت أحبّ أن أسمع هذا منك [ (6) ] .

وقد رواه عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي عن أبي جعفر عن سواد بن قارب، ورواه الحسن ابن عمارة عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن سواد، ورواه أبو معمر عياد بن عبد الصمد

[ (1) ] في (خ) : «ولم يك فيما قد تلوت» ، وفي (الاستيعاب) :«ولم يك فيما قد بلوت» .

[ (2) ] في المرجع السابق: «أتاك نجيّ» .

[ (3) ] في المرجع السابق:

فرفعت أذيال الإزار وشمّرت

بي الفرس الوجناء حول السباسب

[ (4) ] في المرجع السابق:

فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا

وإن كان فيما جئت سيب الذوائب

[ (5) ] في المرجع السابق:

«بمغن فتيلا عن سواد بن قارب» .

شرح المفردات:

الذعلب الوجناء: الفرس القوية الشديدة.

السباسب: الأراضي الممتدة البعيدة، مفردها سبسب.

الذوائب: مفردها «ذؤابة» ، وهي الناصية.

[ (6) ] رواه أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 1/ 111- 114، حديث رقم (62)، ابن عبد البر في (الاستيعاب) :

2/ 674، ترجمة رقم (1109) سواد بن قارب الدّوسيّ، الحاكم في (المستدرك) : 3/ 704- 706، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر سواد بن قارب الأزدي رضي اللَّه تعالى عنه، حديث رقم (6558/ 2156)، وقال عنه الذهبي في (التخليص) :«الإسناد منقطع» ، الإمام البخاري في (الصحاح) : كتاب مناقب الأنصار، باب (35) ، إسلام عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه، حديث رقم (3866)، وشرحه ابن حجر في (الفتح) : 7/ 227- 230، والبيهقي في (الدلائل) :

2/ 243- 254.

ص: 5

عن سعيد بن جبير عن سواد.

وله من حديث علي بن حرب قال حدّثتا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن عبد اللَّه العماني [ (1) ] قال: كان منا رجل [ (2) ] يقال له: مازن بن الغضوبة [ (3) ]، يسدن [ (4) ] صنما بقرية يقال لها:(سمايا) من عمان، وكانت تعظمه بنو الصامت وبنو خطامة ومهرة، وهم أخوان [ (5) ] مازن [لأمه زينب بنت عبد اللَّه ابن ربيعة بن حويص أحد بني نمران، قال مازن][ (6) ] : فعترنا ذات يوم عند الصّنم عتيرة- وهي الذبيحة- فسمعت صوتا من الصنم يقول: يا مازن! اسمع تسرّ، فظهر خير وبطن شر، بعث نبي من بني مضر [ (7) ] ، بدين اللَّه الكبر [ (8) ] ، فدع نحيتا [ (9) ] من حجر، تسلم من حرّ سقر [ (10) ] .

قال: ففزعت لذلك، ثم عترنا بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا من الصنم يقول: أقبل إليّ أقبل، تسمع ما لا تجهل، هذا نبي مرسل، جاء بحق منزل، فآمن به كي تعدل، عن حرّ نار تشعل، وقودها الجندل [ (11) ] .

قال مازن: فقلت: إن هذا لعجب، وإنه لخير يراد بي.

وقدم علينا رجل من أهل الحجاز فقلنا: ما الخبر وراءك؟ قال: ظهر رجل يقال له: أحمد، يقول لمن أتاه: أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ فقلت: هذا نبأ ما سمعت،

[ (1) ] في (خ)، و (الخصائص) :«العماني، وفي (دلائل أبي نعيم) : 1/ 114: «المعاني» .

[ (2) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«كان رجل منا» .

[ (3) ] في المرجع السابق: «الغضوب» ، وفي «الإصابة» و (مجمع الزوائد) :«الغضوبة» ، وفي (الاستيعاب) :«المغضوبة» ، وهو مازن بن الغضوبة بن غراب بن بشر بن خطامة.

[ (4) ] يسدن: يخدم.

[ (5) ] في (خ) : «أخوال» ، وفي (دلائل أبي نعيم) :«أخوان» .

[ (6) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .

[ (7) ] في المرجع السابق: «من مضر» .

[ (8) ] في المرجع السابق: «الأكبر» .

[ (9) ] نحيت: بمعنى منحوت، كقتيل ومقتول.

[ (10) ] سقر: من أسماء جهنم، قال تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ المدثر: 26.

[ (11) ] في (دلائل أبي نعيم) : «بالجندل» ، والجندل: الحجر العظيم، إشارة إلى قوله تعالى: ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ التحريم: 6.

ص: 6

فَسِرْتُ [ (1) ] إلى الصنم فكسرته جذاذا [ (2) ] ، وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت:

كسّرت باجر [ (3) ] أجذاذا وكان لنا

ربا نطيف [ (4) ] به ضلا بتضلال

بالهاشميّ هدانا من ضلالتنا

ولم يكن دينه منّى على بال

يا راكبا بلغنا عمرا، وإخوته [ (5) ]

أني لمن قال: ربي باجر [ (6) ] ، قالي [ (7) ]

يعني بعمرو: بني الصامت، وإخوته [ (5) ] : بني خطامة.

فقلت: يا رسول اللَّه! إني امرؤ مولع بالطرب وبالهلوك [ (8) ] من النساء وبشرب الخمر، فأتت [ (9) ] علينا السنون فاذهبن بالأموال وأهزلن الذراري [والعيال][ (10) ] .

وليس لي ولد، فادع اللَّه أن يذهب عني ما أجد، ويأتينا بالحياء، ويهب لي ولدا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ أبدله بالطرب قراءة القرآن، وبالحرام الحلال، وبالإثم وبالعهر عفّة، وآته بالحياء، وهب له ولدا،

قال: فأذهب اللَّه عني ما أجد، وأخصبت عمان، وتزوجت أربع حرائر، [وحفظت شطر القرآن][ (11) ] ، ووهب اللَّه لي حيّان بن مازن، وأنشأت أقول:

إليك رسول اللَّه خبّت مطيتي

تجوب الفيافي من عمان إلى العرج

[ (1) ] في (خ) : «فثرت» .

[ (2) ] في (خ) : «أجذاذا» ، وما أثبتناه من رواية أبي نعيم، وبها جاء التنزيل، قال تعالى: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ الأنبياء: 58. والجذاذ والأجذاذ بمعنى، وهي القطع الصغيرة.

[ (3) ] باجر: اسم الصنم الّذي خرج منه الصوت.

[ (4) ] لغة في «نطوف» .

[ (5) ] في (خ) : «وإخوتها» ، والتصويب من:(دلائل البيهقي) ، (دلائل أبي نعيم) .

[ (6) ] في «دلائل البيهقي» : «ناجر» .

[ (7) ] قالي: تارك، قال تعالى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى الضحى: 3.

[ (8) ] الهلوك من النساء: الساقطة منهن.

[ (9) ] في (خ) : «فأتت» ، وفي (الحّت) :«والرجال» .

[ (10) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم)، وفي (البيهقي) :«والرجال» .

[ (11) ] ما بين الحاصرتين في (خ) ، و (أبي نعيم) ، وليست في (البيهقي) .

ص: 7

لتشفع لي يا خير من وطئ الحصا

فيغفر لي ربي وأرجع بالفلج

إلى معشر خالفت في اللَّه دينهم

فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي

وكنت امرأ بالعهر [ (1) ] والخمر مولعا

شبابي حتى آذن الجسم بالنهج

[فبدلني بالخمر خوفا وخشية

وبالعهر إحصانا فحصّن لي فرجي] [ (2) ]

فأصبحت همّي في الجهاد ونيتي [ (3) ]

فلله ما صومي وللَّه ما حجّي [ (4) ]

[قال مازن][ (5) ] فلما أتيت [ (6) ] قومي أنّبوني وشتموني، وأمروا شاعرا [ (7) ] لهم فهجاني، فقلت: إن رددت [ (8) ] عليه فإنما أهجو نفسي [ (9) ] ، فرحلت عنهم فأتتني منهم أرفلة عظيمة، وكنت القيّم بأمورهم، فقالوا: يا ابن عم! عتبنا عليك أمرا وكرهنا ذلك، فإن أبيت فارجع فقم بأمورنا، وشأنك وما تدين به، فرجعت معهم وقلت [ (10) ] :

[ (1) ] في (البيهقي) : «بالزّعب» .

[ (2) ] هذا البيت ساقط من (البيهقي) في سياق الأبيات، ثم استدركه بعد ذلك.

[ (3) ] في (خ)، و (أبي نعيم) :«نيتي» ، وفي (البيهقي) :«نية» .

[ (4) ] بهذه الأبيات تنتهي رواية (أبي نعيم) : 1/ 114- 117، حديث رقم (63)، قال الحافظ ابن حجر في (الإصابة) في ترجمة مازن بن الغضوبة: أخرجه الطبراني والفاكهي في كتاب (مكة) ، والبيهقي في (الدلائل) ، وابن السكن، وابن قانع، كلهم من طريق هشام بن الكلبي عن أبيه قال:

حدثني عبد اللَّه العماني. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 8/ 248: رواه الطبراني من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه، وكلاهما متروك.

[ (5) ] من قوله: «قال مازن» حتى آخر هذا الأثر من (دلائل البيهقي) و (خ) ، وليس في (دلائل أبي نعيم) .

[ (6) ] في (دلائل البيهقي) : «فلما رجعت إلى قومي» .

[ (7) ] في (دلائل البيهقي) : «شاعرهم» .

[ (8) ] في (دلائل البيهقي) : «إن هجوتهم» .

[ (9) ] في (دلائل البيهقي) : «فتركتهم وأنشأت أقول:» .

[ (10) ] هذه الأبيات في (دلائل البيهقي) هكذا:

وشتمكم عندنا مرّ مذاقته

وشتمنا عندكم يا قومنا لئن

لا ينشب الدهر أن يثبت معايبكم

وكلكم أبدا في عيبنا فطن

قال أبو جعفر: إلى هنا حفظت وأخذته من أصل جدي، كأنه يريد الباقي:

فشاعرنا مفحم عنكم وشاعركم

في حربنا مبلغ في شتمنا لسن

ما في الصدور عليكم فاعلموا وغر

وفي صدوركم البغضاء والإحن

ص: 8

لبغضكم عندنا مرّ مذاقته

وبغضنا عندكم يا قومنا لئن

لا يفطن الدهر أن يثبت معايبكم

وكلكم حين بتنا عيبنا فطن

شاعرنا مفحم عنكم وشاعركم

في حربنا مبلغ في شتمنا لسن

ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر

وفي قلوبكم البغضاء والإحن

قال مازن: فهداهم اللَّه بعد إلى الإسلام فأسلموا جميعا.

وله من حديث أبي محمد عبد اللَّه بن داود [وعن دلهاب][ (1) ] بن إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسرع بن ياسر بن سويد قال: حدثنا أبي عن أبيه [دلهاب][ (1) ] عن أبيه إسماعيل، أن أباه عبد اللَّه حدثه عن أبيه مسرع، أن أباه ياسر بن سويد حدثه عن عمرو بن مرة الجهنيّ أنه كان يحدث قال: خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية، فرأيت في المنام وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى أضاء إلى جبل يثرب وأشعر جهينة، فسمعت صوتا في النور وهو يقول:

[ () ] وباقي الأثر كما في (دلائل البيهقي) :

فحدثنا موادّنا من أهل عمان عن سلفهم أن مازنا لما تنحى عن قومه أتي موضعا فابتنى مسجدا يتعبد فيه، فهو لا يأتيه مظلوم يتعبد فيه ثلاثا، ثم يدعو محقا على من ظلمه، يعني إلا استجيب.

وفي أصل السماع فيكاد أن يعافي من البرص، فالمسجد يدعى مبرصا إلى اليوم. قال أبو المنذر:

قال مازن: ثم إن القوم ندموا، وكنت القيّم بأمورهم، فقالوا: ما عسانا أن نصنع به، فجاءني في منهم أرفلة عظيمة فقالوا: يا ابن العم، عبنا عليك أمرا فنهيناك عنه، فإذ أبيت فنحن تاركوك، ارجع معنا، فرجعت معهم فأسلموا بعد كلهم.

قال البيهقي: وقد روي في معنى ما روينا عن مازن أخبار كثيره، منها حديث عمرو بن جبلة فيما سمع من جوف الصنم:«يا عصام يا عصام، جاء الإسلام وذهبت الأصنام» .

ومنها حديث طارق من بني هند بن حرام: «يا طارق يا طارق، بعث النبي الصادق» .

ومنها حديث ابن دقشة فيما أخبر به رئيّه، فنظر إلى ذباب بن الحارث وقال: يا ذباب، اسمع العجب العجاب، بعث محمد بالكتاب، يدعو بمكة ولا يجاب» .

ومنها حديث عمرو بن مرة الغطفانيّ فيما رأى من النور الساطع في الكعبة في نومه، ثم ما سمع من الصوت:«أقبل حقّ فسطع، ودمّر باطل فانقمع» .

ومنها حديث العباس بن مرداس فيما سمع من الصوت.

ومنها حديث خالد بن سطيح حين أتته تابعته فقالت: «جاء الحق القائم والخير الدائم» ، وغير ذلك مما يطول بسياق جميعه الكتاب، وباللَّه التوفيق (دلائل النبوة للبيهقي) : 2/ 257- 259.

[ (1) ] كذا في (خ) ، ولم أجده فيما بين يدي من كتب الرجال.

ص: 9

انقشعت الظلماء

وسطع الضياء

وبعث خاتم الأنبياء

ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن، فسمعت صوتا في النور وهو يقول:

ظهر الإسلام

وكسرت الأصنام

ووصلت الأرحام

فانتبهت فزعا فقلت لقومي: واللَّه ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث، وأخبرتهم بما رأيت، فلما انتهينا إلى بلادنا

جاءنا رجل فقال: إن رجلا يقال له:

أحمد قد بعث فأتيته فأخبرته بما رأيت، فقال: يا عمرو بن مرة! إني المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الإسلام، وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام، وعبادة اللَّه ورفض الأصنام، وحج البيت وصيام شهر رمضان، شهر من اثني عشر شهرا، فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، فآمن باللَّه يا عمرو بن مرة يؤمنك اللَّه من هول جهنم.

فقلت: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنك رسول اللَّه آمنت بكل ما جئت به من حلال وحرام، وأن أرغم ذلك كثيرا من الأقوام، ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به، وكان لنا صنم وكان أبي سادنا له، فقمت إليه فكسرته، ثم لحقت بالنبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أقول:

شهدت بأنّ اللَّه حقّ وإنني

لآلهة الأحجار أول تارك

وشمّرت [ (1) ] عن ساقي الإزار [ (2) ] مهاجرا

إليك أجوب الوعث [ (3) ] بعد الدكادك [ (4) ]

لأصحب خير الناس نفسا ووالدا

رسول مليك الناس فوق الحبائك [ (5) ]

[ (1) ] في (خ) : «فشمّرت» .

[ (2) ] في (خ) : «إزارا» .

[ (3) ] في (خ) : «أدب القور» ، وأيضا في (اللسان) :«أجوب القور» .

[ (4) ] الدكادك: جمع دكداك، وهو رمل ذو تراب يتلبد.

[ (5) ] الحبائك: الطرق، واحدتها حبيكه، يعني بها السماوات، لأن فيها طرق النجوم، في (خ) :

«الحبائك» ، وتصويبات هذه الأبيات من (لسان العرب) : 10/ 408، 426، (طبقات ابن سعد) : 1/ 333- 334، (وفد جهينة) .

ص: 10

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من حبابك يا عمرو بن مرة! فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي ابعثني على قومي لعل اللَّه أن يمن بي عليهم كما من بك عليّ.

فبعثني إليهم وقال: عليك بالرفق في القول السديد، ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا،

فأتيت قومي فقلت فقلت لهم: يا بني رفاعة ثم يا بني جهينة، إني رسول رسول اللَّه إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار، وآمركم بحق الدماء وصلة الأرحام، وعبادة اللَّه ورفض الأصنام، وحج البيت وصيام شهر رمضان، شهر من اثني عشر شهرا، فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، يا معشر جهينة! إن اللَّه- وله الحمد- جعلكم خيار من أنتم منه، وبغّض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من الرفث، إنهم كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل منهم على امرأة أبيه التراث في الشهر الحرام، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤيّ ابن غالب تنالوا شرف الدنيا وكبير الأجر في الآخرة، فسارعوا في ذلك تكن [ (1) ] لكم فضيلة عند اللَّه.

فأجابوا إلا رجلا منهم قام فقال: يا عمرو بن مرة، أمرّ اللَّه عليك عيشك! أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفارق جماعتنا، ونخالف ديننا إلى ما يدعو إليه هذا القرشيّ من أهل تهامة؟ لا، ولا حبا ولا كرامة، ثم أنشأ الخبيث يقول:

إن ابن مرة قد أتى بمقالة

ليست مقالة من يريد صلاحا

إني لأحسب قوله وفعاله

يوما وإن طال الزمان رياحا

أتسفّه الأشياخ ممن قد مضى؟

من رام ذلك لا أصاب ولاحا

فقال عمرو بن مرة: الكاذب مني ومنك أمرّ اللَّه عيشته، وأبكم لسانه وأكمه بصره، قال عمرو بن مرة: واللَّه ما مات حتى سقط فوه، وكان لا يجد طعم الطعام، وعمي وخرس، فخرج عمرو بن مرة ومن أسلم من قومه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحب بهم وحياهم، وكتب لهم كتابا نسخته:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللَّه على لسان رسول اللَّه، بكتاب

[ (1) ] في (خ) : «تكون» .

ص: 11

صادق، وحق ناطق، مع عمرو بن مرة الجهنيّ لجهينة بن زيد: أن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها، تزرعون نباته، وتشربون صافيه، على أن تقروا بالخمس، وتصلوا الصلوات الخمس، وفي السعة والضرعة شاتان إن اجتمعتا، وإن تفرقتا فشاة، ليس على أهل [المثير][ (1) ] صدقة، [ولا على الواردة لبقه][ (2) ] ،

وشهد من حضر من المسلمين [ (3) ] بكتاب قيس بن شمّاس. فذلك حيث يقول عمرو بن مرة:

ألم تر أن اللَّه أظهر دينه

وبيّن برهان القرآن لعامر

كتاب من الرحمن نور لجمعنا

وأحلافنا في كل باد وحاضر

إلى خير من يمشي على الأرض كلها

وأفضلها عند اعتكار الضرائر [ (4) ]

أطعنا رسول اللَّه لما تقطعت

بطون الأعادي بالظبا والخواطر

فنحن قبيل قد بني المجد حولنا

إذا اختليت في الحرب هام الأكابر

بنو نغزيها بأيد طويلة

وبيض زلالا في أكف المغاور

ترى جولة الأنصار يحمي أميرهم

بسمر العوالي والصفاح البواتر

إذا الحرب دارت عند كل عظيمة

ودارت رحاها بالليوث الهواجر

يبلج منه اللون وازدان وجهه

كمثل ضياء البدر بين الزواهر

وله من حديث ابن خرّبوذ عن رجل من خثعم قال: كانت العرب لا تحرم حراما ولا تحل حلالا، وكانوا يعبدون الأوثان ويتحاكمون إليها، فبينا نحن ذات ليلة عند وثن لنا جلوس، وقد تقاضينا إليه في شيء وقع بيننا [كاد] يفرق بيننا، إذ هتف هاتف يقول:

يا أيها الناس ذوو الأجسام

ما أنتم وطائش الأحلام

ومسندو الحكم إلى الأصنام

هذا نبي سيد الأنام

[ (1) ] في (خ) : «الميرة» .

[ (2) ] في (خ) : «ليس الوردة اللبقة» .

[ (3) ] كذا في (خ)، وفي (مجموعة الوثائق السياسية) : 156: «واللَّه شهيد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين» ، وباقي التصويبات منه.

[ (4) ] الاعتكار: الازدحام والكثرة، اعتكال الضرائر أي اختلاطها، والضرائر: الأمور المختلفة، أي عند اختلاط الأمور، ويروى:«عند اعتكار الضرائر» . (اللسان) : 4/ 600.

ص: 12

أعدل ذي حكم من الحكام

يصدع بالنور وبالإسلام

ويمنع الناس عن الآثام

مستعلن في البلد الحرام

قال: ففزعنا وتفرقنا من عنده، وصار ذلك الشعر حديثا حتى بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة ثم قدم المدينة ثم جئت وأسلمت [ (1) ] .

ومن حديث الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشهر وقد نحرنا جزرا، فإذا صائح يصيح من جوف واحدة منها يقول:

* اسمعوا إلى العجب* ذهب استراق السمع وترمى الشّهب* لنبي بمكة اسمه أحمد ومهاجره إلى يثرب* قال: فأمسكنا وعجبنا، وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وله من حديث شهر بن حوشب، عن عبد اللَّه بن عباس، عن سعد بن عبادة رضي الله عنه، قال: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى حضر موت في حاجة قبل الهجرة، حتى إذا كنت في بعض الطريق عرست ساعة من الليل، فسمعت هاتفا يقول:

أبا عمرو ناوبني [ (2) ] السهود

وراح النوم وامتنع الهجود [ (3) ]

لذكر عصابة سلفوا وبادوا

وكل الخلق قصرهم يبيد

تولوا واردين إلى المنايا

حياضا ليس سهلها الورود

مضت لسبيلهم وبقيت خلفا

وحيدا ليس يستغني وحيد

سدى لا أستطيع علاج أمر

إذا ما عولج الطفل الوليد

فلا يا ما بقيت إليّ أنا

وقد ماتت بمهلكها ثمود

وعاد والقرون بذي شعوب

سواء كلهم إرم حصيد

قال: ثم صاح به آخر: يا خرعب ذهب بك اللعب، إن أعجب العجب،

[ (1) ] أخرجه أبو نعيم في (الدلائل) ، 1/ 117، حديث رقم (64) ، وسبق الإشارة إليه وتصويب الأبيات.

[ (2) ] تناوبنا الخطب والأمر، نتناوبه: إذا قمنا به نوبة بعد نوبة، والمراد هنا كثرة السهر. (اللسان) : 1/ 775.

[ (3) ] الهجود: النوم. (اللسان) : 3/ 431.

ص: 13

بين زهرة ويثرب، قال: وما ذاك يا شاحب؟ قال: نبي السلام، بعث بخير الكلام، إلى جميع الأنام، فاخرج [ (1) ] من البلد الحرام إلى نخيل وآطام.

قال: ما هذا النبي المرسل، والكلام المنزل، والآي المفصّل؟ قال: هذا رجل من لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، قال: هيهات، فات عن هذا سني، وذهب عنه زمني، لقد رأيتني والنضر بن كنانة نرمي غرضا واحدا، ونشرب حلبا باردا، ولقد خرجت معه من دومة في غداة شيمة، وطلع مع الشمس وغرب معها، نروي ما نسمع ونثبت ما ينضر، فلئن كان هذا من ولده فلقد سلّ السيف وذهب الحيف، ودحض الزنا وهلك الربا.

قال: فأخبرني ما تكون، قال: ذهبت الضراء والمجاعة، والشدة والشجاعة، إلا بقية من خزاعة، وذهبت الضراء والبؤس، والحلق المنفوس، إلا بقية في الخزرج والأوس، وذهبت الخيلاء والفقر والنميمة والغدر، إلا بقية في بني بكر، وذهب الفعال المندم، والعمل المؤثم، إلا بقية في خثعم.

قال أخبرني ما يكون، قال: إذا غلت البرة، وكظمت الجرة، فاخرج من بلاد الهجرة، وإذا كف السلام وقطعت الأرحام، فاخرج من بلاد التهام.

قال أخبرني ما يكون، قال: لولا أذن تسمع وعين تلمع، لأخبرتك بما تفزع، ثم صرصر وأضاء الفجر، فذهبت لأنظر، فإذا عصا وثعبان ميتان، قال: فما علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة إلا بهذا الحديث.

وفي رواية عن سعد بن عبادة قال: لما بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [بيعة][ (2) ] العقبة، خرجت إلى حضر موت لبعض الحاجة، فقضيت حاجتي ثم أقبلت حتى إذا كنت ببعض الطريق نمت، ففزعت من الليل بصائح يقول: أبا عمرو ناوبني السهود، فذكر مثله بطوله.

وله من حديث العطاف بن خالد الوابصي عن خالد بن سعيد عن أبيه

[ (1) ] كذا في (خ)، ولعلها:«يخرج» ، إشارة إلى الهجرة من مكة إلى المدينة.

[ (2) ] في (خ) : «البيعة» .

ص: 14

قال: سمعت تميم الداريّ يقول: كنت بالشام حين بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنا في جوار عظيم هذا الوادي الليلة، فلما أخذت مضجعي إذا أنا بمناد ينادي لا أراه: عذ باللَّه فإن الجن لا تجير أحدا على اللَّه.

فقلت: أيم اللَّه يقول، فقال: قد خرج رسول الأميين رسول اللَّه وصلينا خلفه بالحجون، فأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن، ورميت بالشهاب، فانطلق إلى محمد رسول رب العالمين فأسلم.

قال: فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهبا وأخبرته الخبر فقال:

قد صدقوك، يخرج من الحرم [ (1) ] ومهاجره الحرم [ (2) ] ، وهو خير الأنبياء، ولا تسبق إليه، قال: فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلمت.

ومن حديث سعد [ (3) ] بن عثمان بن سعيد الضمريّ عن أبيه قال: حدثني [أبي عن][ (4) ] خويلد الضمريّ قال: كنا عند صنم جلوسا إذ سمعنا من جوفه صائحا يصيح: ذهب استراق [السمع][ (5) ] بالشهب، لنبي بمكة اسمه أحمد، مهاجره إلى يثرب، يأمر بالصّلاة والصيام، والبر والصّلات للأرحام [ (6) ] ، فقمنا من عند الصنم فسألنا، فقالوا: خرج نبي بمكة اسمه أحمد [ (7) ] .

ومن حديث الأصمعي قال: حدثني الوصافي عن منصور بن المعتمر عن قبيصة ابن عمرو بن إسحاق الخزاعي عن العباس بن مرداس السلمي قال: كان أول إسلامي أن مرداسا [أبي][ (8) ] لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له: [ضمار][ (8) ] ، فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم مرة، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم [إذ][ (8) ] سمعت

[ (1) ] الحرم المكيّ.

[ (2) ] الحرم المدني.

[ (3) ] في (خ) : «سعيد» .

[ (4) ] كذا في (خ) ، وليست في (دلائل أبي نعيم) .

[ (5) ] زيادة للسياق من (الخصائص) .

[ (6) ] في (دلائل أبي نعيم) : «والبر وصلة الأرحام» .

[ (7) ] أخرجه أبو نعيم في (الدلائل) : 1/ 117- 118، حديث رقم (65) وقال السيوطي في (الخصائص) : 1/ 767: انفرد به أبو نعيم.

[ (8) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .

ص: 15

صوتا في جوف الليل راعني، فوثبت إلى [ضمار][ (1) ] مستغيثا، فإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:

قل للقبيلة من سليم كلّها

هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

أودي [ضمار][ (1) ] وكان يعبد مدة

قبل الكتاب إلى النبي محمد

إن الّذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدى

فكتمته الناس، فلما رجع الناس من الأحزاب بينا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق راقد، سمعت صوتا فإذا برجل على جناحي نعامة وهو يقول: النور الّذي وقع [ليلة الإثنين و][ (2) ] ليلة الثلاثاء، مع صاحب الناقة العضباء، في ديار إخوان بني العنقاء.

فأجابه هاتف عن شماله وهو يقول: بشر الجن وإبلاسها، إن وضعت المطيّ أحلاسها، وكلأت السماء أحراسها، [قال:] [ (2) ] فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل.

فركبت فرسي وسرت حتى انتهيت إليه فبايعته، ثم انصرفت إلى [ضمار][ (1) ] فأحرقته بالنار، ثم رجعت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [فأنشدته شعرا أقول فيه] [ (3) ] :

[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .

[ (2) ] في (خ)«ضماد» ، والتصويب من (ترتيب القاموس) : 3/ 37.

[ (3) ] في (خ) : «فأنشد شعرا فذكره» وما أثبتناه من رواية أبي نعيم في (الدلائل)، وهذه الأبيات منه:

لعمرك إنّي يوم أجعل جاهلا

ضمارا لرب العالمين مشاركا

وتركي رسول اللَّه والأوس حوله

أولئك أنصار له ما أولئكا

كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي

ليسلك في وعث الأمور المسالكا

فآمنت باللَّه الّذي أنا عبده

وخالفت من أمسى يريد المهالكا

ووجّهت وجهي نحو مكة قاصدا

أبايع نبي الأكرمين المباركا

نبيّ أتى بعد عيسى بناطق

من الحق فيه الفصل فيه كذلكا

أمين على الفرقان أول شافع

وأول مبعوث يجيب الملائكا

تلافي عرى الإسلام بعد انتقاضها

فأحكمها حتى أقام المناسكا

عنيتك يا خير البرية كلّها

توسطت في الفرعين والمجد مالكا

وأنت المصفّى من قريش إذا سمت

على ضمرها تبقي القرون المباركا

إذا انتسب الحيان كعب ومالك

وجدناك محضا والنساء العواركا

ص: 16

ومن حديث الزهري عن عبد الرحمن بن أنيس السلمي، عن العباس بن مرداس قال: كان إسلام العباس بن مرداس أنه كان بغمرة في لقاح له نصف النهار، إذ طلعت عليه نعامة بيضاء مثل القطن، عليها راكب عليه ثياب بيض مثل القطن فقال:

يا عباس بن مرداس! ألم تر أن السماء حفّت أحراسها، وأن الحرب جوعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الّذي جاء بالبر ولد يوم الاثنين في ليلة الثلاثاء، صاحب الناقة القصواء.

فخرجت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت، حتى جئت وثنا لي يدعى الضماد، كنا نعبده ونكلّم من جوفه، فدخلت عليه وكنست ما حوله، ثم قمت فتمسّحت به وقبلته، فإذا صائح يصيح من جوفه: يا عباس بن مرداس!

قل للقبائل [ (1) ] من سليم كلها

هلك الضمار [ (2) ] وفاز أهل المسجد

هلك الضمار [ (2) ] وكان يعبد مدة

قبل الصلاة [ (3) ] على النبي محمد

إن الّذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدى

قال: فخرجت مرعوبا حتى جئت قومي، فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر، فخرجت في ثلاثمائة راكب من قومي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدخلنا المسجد،

فلما رآني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تبسم وقال: يا عباس بن مرداس! كيف كان إسلامك؟

[ () ](دلائل أبي نعيم) : 1/ 118- 119، حديث رقم (66) قال في (الخصائص) 1/ 267:

أخرجه أيضا ابن جرير، والمعافي بن زكريا، وابن الطراح في كتاب (الشواعر) بأسانيدهم، وقال في هامشه:«كذا في الأصل، ولعلّ الصواب العواتكا» ، ونقول: أن العواتك والعوارك كل منهما تخدم المعنى، فإذا أراد الشاعر «العوارك» فمعناها النساء الشابات اللاتي في سنّ الحيض، قال في (ترتيب القاموس) : 3/ 207: عركت المرأة عركا وعروكا: حاضت.

وإذا أراد «العواتك» ، فالعواتك: في جدات النبي صلى الله عليه وسلم تسع: ثلاث من سليم: بنت هلال أم جدّ هاشم، وبنت مرّة بن هلال أم هاشم، وبنت الأوقص بن مرة بن هلال أم وهب بن عبد مناف.

والبواقي من غير بني سليم.

والعواتك من الصحابيات: عاتكة بن أسيد، وبنت خالد، وبنت زيد بن عمرو، وبنت عبد المطلب، وبنت عوف، وبنت نعيم، وبنت الوليد. (المرجع السابق) : 3/ 150- 151.

[ (1) ] كذا في (خ) ، و (الخصائص)، وفي (دلائل أبي نعيم) :«للقبيلة» .

[ (2) ] في (خ) : «الضماد» وصوابه في (القاموس) : «ضمار» .

[ (3) ] في (دلائل أبي نعيم) : «قبل الكتاب» .

ص: 17

فقصصت عليه القصة فقال: صدقت، وسرّ بذلك، فأسلمت أنا وقومي.

ومن حديث سعيد بن عمرو بن سعيد الهذالي عن أبيه عمرو بن سعيد، وكان شيخا كبيرا قد أدرك الجاهلية الأولى والإسلام، قال: حضرت مع رجال من قومي صنما بسواع وقد سقنا إليه الذبائح، فكنت أول من قرّب إليه هدية سمينة، فذبحتها على الصنم، فسمعنا صوتا من جوفها: العجب كل العجب، خروج نبي من بني عبد المطلب، يحرم الزنا ويحرم الذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب.

فتفرقنا فقدمنا مكة، فلم نجد أحدا يخبرنا بخروج محمد صلى الله عليه وسلم حتى لقينا أبا بكر الصديق [و] [ (1) ] عبد اللَّه بن عثمان رضي الله عنهما فقلنا: يا أبا بكر! خرج أحد بمكة يدعو إلى اللَّه يقال له أحمد؟ فقال: وما ذاك؟ فأخبرت أبا بكر الخبر فقال:

نعم، خرج محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب، وهو رسول اللَّه، فدعانا أبو بكر إلى الإسلام، فقلنا: حتى ننظر ما يصنع قومنا، وياليت كنا أسلمنا يومئذ.

وعن عبد اللَّه بن يزيد الهذلي، عن عبد اللَّه بن ساعدة الهذلي، عن أبيه قال:

كنا عند صنمنا بسواع، وقد جلبنا إليه غنما لنا مائتي شاة قد كان أصابها الجرب، فأدنيتها منه أطلب بركته، فسمعت مناديا من جوف الصنم ينادي: قد ذهب كيد الجن ورمينا بالشهب لنبي اسمه أحمد، فصرفت وجه غنمي منحدرا إلى أهلي، فلقيت رجلا فخبرني بظهور رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وعن يحيى بن سليمان عن حكيم بن عطاء السلمي [ (2) ] من بني سليم من ولد راشد بن عبد ربه عن أبيه عن جده [ (3) ] راشد بن عبد ربه قال: كان الصنم الّذي يقال سواع بالمعلاة [ (4) ] من رهاط [ (5) ] تدين له هذيل وبنو ظفر من سليم، فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية من سليم إلى سواع، قال راشد: فألفيت مع الفجر إلى صنم قبل صنم سواع، وإذا صارخ يصرخ من جوفه: العجب كل العجب [من خروج نبي من بني عبد المطلب، يحرم الزنا والربا، والذبح للأصنام، وحرست

[ (1) ] زيادة للسياق.

[ (2) ] في (خ) : «الظفري» .

[ (3) ] في (خ) : «جده عن راشد» .

[ (4) ] موضع قرب بدر.

[ (5) ] موضع على ثلاثة أميال من مكة.

ص: 18

السماء ورمينا بالشهب، العجب كل العجب] [ (1) ] ثم هتف صنم آخر من جوفه:

[ترك الضمار وكان يعبد][ (1) ] خرج أحمد، نبي يصلي الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام، والبر والصّلات للأرحام [ (2) ] ثم هتف من [ (3) ] جوف صنم آخر هاتف:

إن الّذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدى

نبيّ يخبر الناس بما سبق

وبما يكون في غد

قال راشد: فألفيت سواعا مع الفجر، وثعلبان يلحسان ما حوله، ويأكلان ما يهدى إليه [ثم][ (4) ] يعرجان عليه ببولهما، فعند ذلك يقول راشد بن عبد ربه:

أربّ يبول الثعلبان [ (5) ] برأسه

لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب

وذلك عند مخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ومهاجره][ (6) ] إلى المدينة وتسامع الناس به، فخرج راشد حتى أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة [ (7) ] ومعه كلب له- واسم راشد يومئذ (ظالم) ، واسم كله (راشد) -

فقال [له][ (8) ] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال: (ظالم) قال: فما اسم كلبك؟ قال: (راشد)، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اسمك راشد، واسم كلبك ظالم؟ وضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبايع النبيّ صلى الله عليه وسلم وأقام معه، ثم طلب من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قطيعة برهاط، فأقطعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمعلاة من رهاط شأو الفرس [ (9) ] ورمية ثلاث مرات بحجر، وأعطاه أداوة [ (10) ] مملوءة من ماء، وتفل فيها [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] [ (11) ] وقال له: فرغها أعلى القطيعة ولا تمنع الناس فضولها،

ففعل، فجعل الماء معينا مجمّة [إلى اليوم][ (11) ]

[ (1) ] ما بين الحاصرتين تكملة من (دلائل أبي نعيم) ، وهو سقط في (خ) .

[ (2) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«وصلة الأرحام» .

[ (3) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«في» .

[ (4) ] زيادة للسياق.

[ (5) ] الثّعلبان: ذكر الثعلب، والثعلب يطلق على الذكر والأنثى، والثّعلبان: مثنى ثعلب، وهو المراد هنا.

[ (6) ] في (خ)، و (دلائل أبي نعيم) :«ومجازه» ، ولعل الصواب ما أثبتناه فهو أجود للسياق.

[ (7) ] في المرجع السابق: «المدينة» .

[ (8) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.

[ (9) ] شأو الفرس: الشوط منه.

[ (10) ] إناء صغير يوضع فيه الماء.

[ (11) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .

ص: 19

فغرس عليها النخل وصارت رهاطا كلها تشرب منه وسماها الناس ماء الرسول، وأهل رهاط يغتسلون منها ويستشفون بها، وغدا راشد على [ (1) ] سواع وكسّرة [ (2) ] .

وله من حديث إسماعيل بن عيّاش، عن يحيى بن أبي عمرو الشيبانيّ [ (3) ] عن عبد اللَّه بن الديلميّ قال: أتى رجل عبد اللَّه بن عبّاس [ (4) ] رضي اللَّه تعالى عنه فقال: بلغت أنك تذكر سطيحا [و][ (5) ] تزعم أن اللَّه خلقه [و][ (5) ] لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه! قال: نعم، إن اللَّه خلق سطيحا الغسانيّ لحما على وضم- والوضم: شرائح النخل [ (6) ]- وكان يحمل على وضمه فيؤتي به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والكفان، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب، فلم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه.

فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه، فأتى به مكة، فخرج إليه أربعة من قريش: عبد شمس وهاشم ابنا عبد مناف بن قصيّ، والأحوص بن فهر، وعقيل ابن أبي وقاص، انتموا إلى غير نسبهم [فقالوا] [ (7) ] : نحن أناس من جمح، أتيناك [وقد][ (8) ] بلغنا قدومك، فرأينا أن [إتياننا][ (9) ] إياك حق لك، واجب علينا

[ (1) ] في المرجع السابق: «إلى سواع فكسّره» .

[ (2) ](دلائل أبي نعيم) : 1/ 120- 122، حديث رقم (68)، قال الدميري في (حياة الحيوان) :

1/ 221: وأخرجه البغوي في (المعجم) ، وابن شاهين وغيرهما، وذكره السيوطي في (الخصائص) : 1/ 193، وابن حجر في (الإصابة) : 2/ 434، ترجمة راشد بن عبد ربه السلمي، رقم (2519) وفيه: ورواه أبو حاتم بسند له، والبيت عنده هكذا:

أربّ يبول الثعلبان برأسه

لقد هان من بالت عليه الثعالب

و (مجموعة الوثاق السياسية) : 197، وثيقة رقم (213) لراشد السلمي:«بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم راشد بن عبد ربه السلمي، أعطاه: غلوتين بسهم وغلوة بحجر برهاط، فمن حاقه فلا حق له، وحقه حق، وكتب خالد بن سعيد» .

[ (3) ] كذا في (خ) ، و (دلائل أبي نعيم)، وصوابه (السيباني) بالمهملة (الجرح والتعديل) : 9/ 177، ترجمة رقم (735) بحي بن أبي عمرو السيباني أبو زرعة.

[ (4) ] كذا في (خ)«عياش» ، والتصويب من (دلائل أبي نعيم) .

[ (5) ] زيادة للسياق.

[ (6) ] في (دلائل أبي نعيم) : «شرائح من جريد النخل» .

[ (7) ] في (خ) : «وقالوا» ، وما أثبتناه من (دلائل أبي نعيم) .

[ (8) ] زيادة للسياق.

[ (9) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«زيارتنا» .

ص: 20

وأهدى له عقيل صفيحة هندية [ (1) ] ، وصعدة [ (2) ] ، ردينية [ (3) ] فوضعت على باب البيت الحرام لينظروا هل يراها سطيح أم لا.

فقال: يا عقيل، ناولني يدك، فناوله يده، فقال: يا عقيل! والعالم الخفيّة، والغافر الخطيّه، والذمّة الوفية، والكعبة المبنيّة، إنك للجائي [ (4) ] بالهديّة، الصفيحة الهنديّة، والصعدة الردينيّة.

قالوا: صدقت يا سطيح، فقال: والآتي بالفرح، وقوس قزح، وسائر القرّح [ (5) ] ، واللطيم [ (6) ] المنبطح [ (7) ] ، والنخل والرطب والبلح، إن الغراب حيث مرّ سنح [ (8) ] ، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح، وأن نسبهم في قريش ذي البطح، قالوا: صدقت يا سطيح، نحن أهل البيت الحرام، أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك، فأخبرنا عما يكون في زماننا هذا وما يكون بعده، لعلّ [ (9) ] أن يكون عندك في ذلك علم.

قال: الآن صدقتم، خذوا مني إلهام اللَّه إياي: أنتم يا معشر العرب في زمان الهرم، سواء [ (10) ] بصائركم وبصيرة العجم، لا علم عندكم ولا فهم، وينشأ من عقبكم ذوو فهم، يطلبون أنواع العلم، فيكسرون الصنم، ويبلعون الردم [ (11) ] ، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم.

[ (1) ] الصفيحة: السيف العريض (لسان العرب) : 2/ 513.

[ (2) ] الصعدة: القناة المستقيمة (لسان العرب) : 3/ 255.

[ (3) ] ردينة: اسم امرأة، تنسب إليها الرماح (لسان العرب) : 13/ 178.

[ (4) ] في (خ) : «للجائي» ، وفي (أبي نعيم) :«الجائي» .

[ (5) ] القرّح: جمع قارح، وهي الناقة أول ما تحمل. (اللسان) : 2/ 559.

[ (6) ] اللطيم: صفة من صفات الخيل أو الإبل (المرجع السابق) : 12/ 543.

[ (7) ] المنبطح: الملقي على وجهه. (المرجع السابق) : 2/ 412.

[ (8) ] السانح: ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك، والبارح: ما أتاك من ذلك عن يسارك (المرجع السابق) : 2/ 490.

[ (9) ] في (خ) : «بعد أن يكون» .

[ (10) ] كذا في (خ) ، و (الخصائص، وفي (أبي نعيم) : «فتبينوا»

[ (11) ] في (أبي نعيم) : «يتبعون الردم» ، والردم: ما يسقط من الجدار إذا انهدم، وكل ما لفق بعضه ببعض فهو ردم. (اللسان) : 12/ 236.

ص: 21

قالوا: يا سطيح! ممن يكون أولئك؟ قال [ (1) ] : والبيت ذي الأركان، والأمن والسكان، لينشؤن من عقبكم ولدان، يكسرون الأوثان، وينكرون عبادة الشيطان، ويوحدون الرحمن، وينشرون دين الدّيان، يشرفون البنيان، ويقتنون القيان.

قالوا: يا سطيح! من نسل من يكون أولئك؟ قال: وأشرف الأشراف، والمفضي للإسراف، والمزعزع الأحقاف، والمضعف للأضعاف، لينشؤن الآلاف من بني عبد شمس وعبد مناف، نشوا يكون فيهم اختلاف.

قالوا: يا سوأتاه يا سطيح مما تخبر من العلم بأمرهم؟ ومن أي بلد يكون أولئك؟ قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد، ليخرجن من ذا البلد، فتى يهدي إلى الرّشد، يرفض يغوث [ (2) ] والفند [ (3) ] ، يبرأ من عبادة الضدد [ (4) ] ، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه [اللَّه][ (5) ] محمودا، من الأرض مفقودا، في السماء مشهودا [ (6) ] ، وذكر باقية في القوم الذين يلون أمر الأمة المحمدية.

ومن حديث ابن إسحاق قال: حدثني من أثق به من علمائنا، عن من حدثه من أهل اليمن [ (7) ] .

[ (1) ] في (أبي نعيم) : «فقال لهم» .

[ (2) ] اسم صنم.

[ (3) ] الفند: الكذب.

[ (4) ] في (خ) ، و (الخصائص) ، بالصاد المهملة، والضدد: من أسماء الحجر.

[ (5) ] زيادة للسياق من (خ) .

[ (6) ] في (دلائل أبي نعيم) ، بعد قوله «مشهودا» [ثم يلي أمره الصديق، إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرّب غطريف، ويترك القول العنيف، قد ضاف المضيف، وأكرم التحنيف، ثم يلي أمره داعيا لأمره مجربا، فيجتمع له جموعا وعصبا، فيقتلونه نقمة وغضبا، فيؤخذ الشيخ إربا، فيقوم به رجال خطباء، ثم يلي أمره الناصر، يخلط الرأي برأي الناكر، يظهر في الأرض الفساد، ثم يلي بعده ابنه، يأخذ جمعه ويقل حمده، ويأخذ المال ويأكله وحده، ويكنز المال لعقبه من بعده، ثم يلي من بعده عدة الملوك، لا شك، الدم فيهم مسفوك، وذكر القصة] .

(دلائل النبوة لأبي نعيم) : 1/ 122- 125، حديث رقم (69) ، أخرجه أيضا ابن عساكر، والسيوطي في (الخصائص) : 1/ 73. قال محقق (الدلائل) : وفيه سليمان بن عبد الرحمن، صدوق يخطئ، وآخر القصة يبدو فيها الوضع.

[ (7) ] السّند في (دلائل أبي نعيم) هكذا: «حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثني محمد بن إسحاق، وحدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم القرشيّ قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن بن بشير الشيبانيّ عن محمد بن إسحاق قال: حدثني من أثق به من علمائنا، عمّن حدّثه من أهل اليمن

» .

ص: 22

أن ملكا من لخم [ (1) ] من أهل الملك الأول القديم قبل حسّان ذي نواس، يقال له:

ربيعة بن نصر، رأى رؤيا فظع بها حين رآها، وهالته وأنكرها، وبعث إلى الحزاق [ (2) ] من أهل الأرض، من كان في مملكته من الكهان والمنجمين والعرافين [ (3) ]، فقال [ (4) ] لهم: قد رأيت رؤيا فظعت بها وهالتني، فأخبروني عنها.

قالوا: أيها الملك اقصصها علينا نخبرك بتأويلها، قال: إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم [ (5) ] ، فقال رجل منهم إن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشقّ، فإنّهما يخبران عما أراد [الملك][ (6) ] من ذلك، فهما أعلم من ترى [ (7) ] ، وكان سطيح رجلا من غسّان-[وهو ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذؤيب بن عدي بن مازن][ (8) ]- وكان شق [رجلا][ (8) ] ، من بجيلة، وقال سلمة بن الفضل في حديثه عن [ابن إسحاق] [ (8) ] : يقال له: سطيح الذئبيّ لنسبته إلى الذئب بن عدي، وشقّ بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير ابن قيس بن عبقر بن أنمار [ (9) ] .

فلما قالوا له ذلك بعث إليهما، فقدم عليه سطيح قبل شق- ولم يك في زمانهما مثلهما من الكهان- فلما قدم سطيح عليه [ (10) ] قال له الملك: يا سطيح: إني قد

[ (1) ] لخم: اسمه مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن يزيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

ولخم وجذام قبيلتان من اليمن، ينسب إلى لخم خلق كثير. (اللباب في تهذيب الأنساب) :

3/ 130.

[ (2) ] في (دلائل أبي نعيم) : «الحزأة» ، وهم العالمون.

[ (3) ] في (دلائل أبي نعيم) : «العراف» .

[ (4) ] في (دلائل أبي نعيم) : «وقال» .

[ (5) ] في (سيرة ابن هشام) : «إلى خيركم عن تأويلها» .

[ (6) ] زيادة من المرجع السابق.

[ (7) ] في المرجع السابق: «نراه» .

[ (8) ] زيادة من (خ) .

[ (9) ] في (سيرة ابن هشام) : «ابن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنمار بن نزار، وأنمار أبو بجيلة وخثعم» .

[ (10) ] في (دلائل أبي نعيم) : «فلما قدم سطيح عليه قبل شق دخل عليه، قال الملك

» ، وفي (سيرة ابن هشام» : «فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له: إني رأيت

» .

ص: 23

رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها حين رأيتها، وإنك إن تصفها [لي][ (1) ] قبل أن أخبرك تصب تأويلها [ (2) ] .

قال: أفعل، رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تعمة فأكلت منها كلّ ذات جمجمة [ (3) ] .

فقال الملك: واللَّه ما أخطأت من رؤياي [ (4) ][وسمة][ (5) ] ، فما عندك [من][ (6) ] تأويلها يا سطيح؟.

قال: أحلف بما بين الحرّبين من حنش، لينزلن أرضكم الحبش، وليملكن ما بين أبين إلى جرشّ [ (7) ] .

قال له الملك: وأبيك يا سطيح، إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى [ (8) ] هو كائن يا سطيح؟ أفي زماننا هذا؟ أم بعده؟ قال [ (9) ] : بعده بحين، خمسين إلى ستين أو سبعين تمضين من السنين [ (10) ] .

قال له الملك: أقيقيم ويدوم سلطانهم أم ينقطع [ (11) ] ؟.

قال: ينقطع بسبع وسبعين من السنين [ (12) ] ، ثم يقتلون أجمعين، ويخرجون هاربين.

[ (1) ] زيادة من (خ) .

[ (2) ] في (سيرة ابن هشام) : «فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها» .

[ (3) ] في (دلائل أبي نعيم) : «كلّ ذات جمجمة من العشاء إلى العتمة، ونصب كلّ أفصح وأصحّ» .

[ (4) ] في (سيرة ابن هشام) : «ما أخطأت منها شيئا» .

[ (5) ] كذا في (خ) .

[ (6) ] في (سيرة ابن هشام)، و (دلائل أبي نعيم) :«في تأويلها» .

[ (7) ] أبين وجرش: بلدان في اليمن.

[ (8) ] في المرجع السابق: «منى هو» .

[ (9) ] في (ابن هشام)، وفي (دلائل أبي نعيم) :«بل بعده بحين» .

[ (10) ] في (دلائل أبي نعيم) : «أكثر من سنتين إلى سبعين سنة يمضين» وفي (ابن هشام) : «أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين» .

[ (11) ] في (ابن هشام) : «أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟» ، وفي (دلائل أبي نعيم) :«أفيقوم أو يدوم سلطانهم أم ينقطع» ، وفي (خ) :«أفيقيم» .

[ (12) ] في (ابن هشام) : «لبضع وسبعين» ، وفي (دلائل أبي نعيم) :«لبضع وستين» ، وما أثبتناه من (خ) .

ص: 24

قال له الملك: ومن الّذي يقتلهم ويلي إخراجهم؟.

قال: يليه إرم ذي يزن [ (1) ] ، يخرج عليهم من عدن، ولا يبقى منهم أحد باليمن [ (2) ]، قال له الملك: أفيدوم ذلك من سلطانه أمن ينقطع؟

قال: بل ينقطع.

قال: ومن يقطعه؟.

قال: نبي زكيّ، يأتيه الوحي من قبل [ (3) ] اللَّه العلي.

قال: وممن هذا النبي يا سطيح؟

قال: من [ (4) ] ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر.

قال: وهل للدهر من آخر؟.

قال: نعم يوم يجمع اللَّه فيه الأولين والآخرين، يشقى فيه المسيئون، ويسعد فيه المحسنون، قال: أحقّ ما تقول؟ قال: نعم، والشفق والغسق، والفلق [إذا اتّسق][ (5) ] ، إن ما أنبأتك لحق.

فلما فرغ خرج من عنده. وقدم شق [ (6) ] فقال له الملك مثل ما قال لسطيح

[ (1) ] كذا في (خ) ، و (ابن هشام)، وفي (دلائل أبي نعيم) :«إنه ابن ذي يزن» ، والمعروف أنّ اسمه:

سيف بن ذي يزن، ولكن جعله «إرما» ، إما لأن الارم هو العلم ممدحه بذلك، وإما شبهه بعاد إرم في عظم الخلقة.

[ (2) ] كذا في (خ) ، (ابن هشام)، وفي (أبي نعيم) :«في اليمن» .

[ (3) ] في (ابن هشام) : «من قبل العلي» .

[ (4) ] كذا في (خ)، و (ابن هشام) وفي (أبي نعيم) :«لؤيّ بن غالب» .

[ (5) ] ما بين الحاصرتين في (خ) فقط.

[ (6) ] سمي «شقّ» لأنه كان شق إنسان، له يد واحدة، ورجل واحدة، وعين واحدة. وولد سطيح وشق في اليوم الّذي ماتت فيه «طريفة الكاهنة» ، امرأة عمرو بن عامر، وهي بنت الخير الحميرية، ودعت بسطيح قبل أن تموت، فأتيت به، فتفلت في فيه، وأخبرت أنه سيخلفها في علمها وكهانتها، ودعت بشق، ففعلت به مثل ما فعلت بسطيح، ثم ماتت، وقبرها بالجحفة.

ص: 25

لينظر: أيتفقان أم يختلفان؟

فقال شقّ: نعم أيها الملك، رأيت حممة [ (1) ] خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة، بأرض بهمة، فأكلت منها كل ذات نسمة صحيحة مسلمة.

ثم قال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان، وليغلبن على كل طفلة البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران، فقال الملك: يا شق! وأبيك إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ أفي زماني، [ (2) ] أم بعده؟.

قال: بعده بزمان، يبيدهم عظيم ذو شان [ (3) ] ، فيذيقهم أشد الهوان.

قال له الملك: ومن هذا [ (4) ] العظيم الشان؟.

قال: غلام ليس بدنيّ ولا مدنّ، يخرج من بيت ذي يزن، قال: فهل يدوم سلطانهم أم ينقطع؟.

قال: لا بل ينقطع برسول يأتي بحقّ وعدل، ومن أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل، قال: وما يوم الفصل يا شقّ؟.

قال: يوم تجزى فيه الولاة ويدعى فيه من السماء دعوات، فيسمع الأحياء والأموات، ويجتمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات.

قال له الملك: ما تقول يا شق؟ [قال:][ (5) ] ورب السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، إن ما أنبأتك لحق ما فيه أمض [ (6) ] ، فلما فرغ من مساءلتهما جهّز بنيه وأهل بيته إلى العراق، وكتب [لهما][ (7) ] إلى ملك فارس [ (8) ] ، وهو

[ (1) ] في (خ) : «جمجمة» .

[ (2) ] في (خ)، و (ابن هشام) :«زماني» ، وفي (أبي نعيم) :«زماننا» .

[ (3) ] كذا في (خ) ، وفي (ابن هشام)، و (دلائل أبي نعيم) :«ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان» .

[ (4) ] كذا في (خ) و (ابن هشام)، وفي (أبي نعيم) :«ومن هو هذا» .

[ (5) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .

[ (6) ] أمض: شك أو باطل.

[ (7) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .

[ (8) ] في (ابن هشام) : «إلى ملك من ملوك فارس» .

ص: 26

شابور [ (1) ] فأسكنهم الحيرة [ (2) ] .

فمن بقية ولد ربيعة بن نضر: النعمان بن المنذر، فهو في نسب اليمن وعلمهم:

النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، [ذلك الملك][ (3) ] .

وحدّث أبو علي قال: كان جنافر بن التوائم الحميري كاهنا، وكان قد أوتي بسطه في الجسم وسعة في المال، وكان عاتيا، فلما وفدت وفود اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم وظهر الإسلام، أغار على إبل لمسواد فاكتسحها، وخرج بأهله ولحق بالشجر فخالف جودان بن يحي الفرصمي، وكان سيدا منيعا، وترك بواد من أودية الشجر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين.

قال جنافر: وكان رئيّ في الجاهلية لا يكاد يتغيب عليّ، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءني ذلك، فبينا أنا ليلة بذلك الوادي إذ هوى هويّ العقاب، قال جنافر: فقلت: شصار! فقال: اسمع أقل، قلت: اسمع، فقال: عه تغنم، لكل مدة نهاية، وكل ذي أمد إلى غاية، فقلت: أجل، فقال: كل دولة إلى أجل، ثم يتاح لها حول، انتشحت النّحل ورجعت إلى حقائقها الملل، إنك بيحبر

[ (1) ] هو شابور بن خرزاد وهو في (ابن هشام) : بالسين المهملة.

[ (2) ] هذا الحديث ذكره كل من:

أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 1/ 125، حديث رقم (70) .

ابن عساكر من طريق ابن إسحاق عن بعض أهل الرواية.

ابن إسحاق في السيرة، (ابن هشام) : 1/ 124.

السيوطي في (الخصائص) : 1/ 87.

أحمد بن حديدة الأنصاري في (المصباح المضيء) : 2/ 206.

ابن كثير في (البداية والنهاية) : 2/ 329، وفيه: «وأخبار سطيح كثيرة، وقد جمعها غير واحد من أهل العلم، والمشهور أنه كان كاهنا، وقد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن نعته ومبعثه،

وروى لنا بإسناد اللَّه أعلم به أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن سطيح فقال: «نبي ضيعه قومه» .

قال الحافظ ابن كثير: أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة، ولم أره بإسناد أصلا!!.

ابن الأثير في (الكامل) : 1/ 418.

ابن جرير الطبري في (التاريخ) : 2/ 112.

[ (3) ] زيادة في (خ) .

ص: 27

موصول، والنصح لك مبذول، إني آنست بأرض الشام، نفرا من آل العذام، حكاما على الحكام، يتدبرون ذا رونق من الكلام، ليس بالشعر المؤلف، ولا السجع المتكلف، فأصغيت فزجرت، وعاودت فلطفت، فقلت: بم يهيمنون، وإلام يعتزون؟ قالوا: خطاب كبار، جاء من عند الملك الجبار، فاسمع يا شصار، عن أصدق الأخبار، واسلك أوضح الآثار، تنج من أوار النار، فقلت: وما هذا الكلام؟ قالوا: فرقان بين الكفر والإيمان، رسول من مضر من أهل المدار، ابتعث فظهر. فجاء بقول قد بهر، وأوضح نهجا قد دثر، فيه مواعظ لمن اعتبر، ومعاذ لمن ازدجر، ألّف بالآي الكبر، قلت: ومن هذا المبعوث من مضر، قالوا: أحمد خير البشر، وإن خالفت أصليت سقر، فآمنت يا جنافر، وأقبلت إليك أبادر، فجانب كل نجس كافر، وشايع كل مؤمن ظاهر، وإلا فهو الفراق على تلاق، قلت: من أين أبغي هذا الدين؟ قال: من ذات الآخرين، والنفر الميامين، أهل الماء والطين، قلت: أوضح، قال: الحق بيثرب ذات النخل، والحرة ذات النعل، فهناك أهل الفضل، والطول والبذل، ثم أملس عني فبت مذعورا أراعي الصباح، فلما برق لي النور، امتطيت راحلتي وأذنت أعبدي، واحتملت بأهلي حتى وردت الجوف، فرددت الإبل على أربابها، بحولها وسقائها، وأقبلت أريد صنعاء، فأصبت بها معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه أميرا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعته على الإسلام، وعلمني سورا من القرآن، فمن اللَّه عليّ بالهدى بعد الضلالة، والعلم بعد الجهالة [ (1) ]، وقلت في ذلك:

ألم تر أن اللَّه عاد بفضله

فأنقذ من لفح الرحيج جنافرا

وكشفه لي جحمتي عما هما

وأوضح لي نهجي وقد كان داثرا

دعاني شصار للتي لو رفضتها

لأصليت جمرا من لظى الهوف واهرا

فأصبحت والإسلام حشو جوانحي

وجانبت من أمسى عن الحق بائرا

وكان مضلي من هديت برشده

فلله مغو عاد بالرشد آمرا

نجوت بحمد اللَّه من كل قحمة

تورث هلكا يوم شايعت شاصرا

[ (1) ] لم أجد هذا الخبر فيما بين يدي من المراجع.

ص: 28

وقد أمنتني بعد ذاك بحائر

بما كنت أغشى المندبات بحائرا

فمن مبلغ فتيان قومي ألوكة

بأني من أقاتل من كان كافرا

عليكم سواء القصد لافلّ حدّكم

فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا

ويروى أن تيم اللات بن ثعلبة عمّر ستمائة سنة وأدرك عيسى عليه السلام، وآمن به وكان على دينه، وأنه صوّر محمدا صلى الله عليه وسلم وكتب تحتها: منعت وجّ الحجاز وتهائم مكة وديار ربيعة إلا من دولة اليتيم، فطوبى لمن أدركه واتبعه، وتيم اللات هذا كان [محاربا][ (1) ] في حرب البسوس، وكان قائدهم، وكان أجمل الناس.

وقال الخرائطي في كتاب (الهواتف) : أخبرنا عبيد بن محمد البلوي، حدثنا عمادة بن زيد، حدثني عبيد اللَّه بن العلاء، عن هشام بن عروة عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنها قالت: كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة ابن نوفل يذكران [أنهما أتيا][ (2) ] النجاشي بعد رجوع أبرهة عن مكة.

قالا: فلما دخلنا عليه قال لنا: أصدقاني أيها القرشيان، هل ولد فيكم مولود أراد أبوه ذبحه؟ قلنا: نعم.

قال: فهل لكما علم بما فعل؟ قلنا: تزوج امرأة اسمها آمنة وتركها حاملا وخرج.

قال: فهل تعلمان ولد له أم لا؟ قال ورقة: أخبرك أيها الملك أنه لما ولد له كنت عند صنم لنا نطيف به ونعبده، إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول:

ولد النبي فذلّت الأملاك

ونأى الضلال وأدبر الإشراك

ثم انتكس على رأسه، فقال زيد: عندي كخبره أيها الملك، قال: هات، قال: إني في هذه الليلة التي ذكر فيها حديثه، خرجت من عند أهلي وهم يذكرون حمل آمنة، حتى أتيت جبل أبي قبيس أريد الخلوة فيه لأمر رابني، إذ رأيت رجلا نزل من السماء له جناحان أخضران، فوقف عليه [ (3) ] ثم أشرف على مكة وقال:

[ (1) ] هذه الكلمة مطموسة في (خ) ، ولعل الصواب ما أثبتناه.

[ (2) ] في (خ) : «أنها أتت» .

[ (3) ] في (خ) : «على» .

ص: 29

ذل الشيطان، وبطلت الأوثان، وولد الأمين.

قال النجاشي: إني أخبركما عما أصابني: إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبتي وقت خلوتي، إذ خرج عليّ من الأرض عنق ورأس وهو يقول: حل الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طير أبابيل، بحجارة من سجيل، هلك الأشرم، المعتدي المجرم، وولد النبي الأمي، الحرمي المكيّ، من أجابه سعد، ومن أتاه عند.

وقال عبد اللَّه البلوي: حدثنا عمارة، حدثنا عبيد اللَّه بن العلاء، حدثنا محمد ابن عكير [ (1) ] عن سعيد بن جبير، أن رجلا من بني تميم يقال له: رافع بن عمير، كان أهدى [ (2) ] الناس بطريق، وأسراهم بليل، وأهجمهم على هول، فكانت العرب تسميه: دعموص [ (3) ] الرمل لهدايته وجرأته، فذكر عن بدء إسلامه قال: إني لأسير برمل عالج [ (4) ] ذات ليلة، إذ غلبني النوم، فنزلت عن راحلتي وأنختها وتوسدت ذراعها وقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن، من أن أوذي أو أهاج.

فرأيت في النوم رجلا شابا يرصد ناقتي بحربة، يريد أن يضعها في نحرها، فانتبهت فزعا، فرأيت ناقتي تضطرب، وإذا برجل كالذي رأيت في منامي بيده حربة، وشيخ ممسك بيده بردة وهو يقول:

يا مالك بن مهلهل بن أثار

مهلا فدا لك مئزري وإزاري

عن ناقة الإنس لا تعرض لها

واختر بها ما شئت من أثواري

[ (1) ] لم أجده فيمن روى عن سعيد بن جبير في (تهذيب التهذيب) .

[ (2) ] في (خ) : «أهدا» .

[ (3) ] الدعموص: دويبة صغيرة تكون في مستنقع الماء، وقيل: هي دويبة تغوص في الماء، والجمع الدعاميص والدعامص. والدعموص أيضا: الدّخال في الأمور، الزوّار للملوك. ودعيميص الرمل: اسم رجل كان داهيا يضرب به المثل، يقال: هو دعيميص هذا الأمر، أي عالم به. (اللسان) : 7/ 36.

[ (4) ] هو رملة بالبادية مسماة بهذا الاسم، قال أبو عبد اللَّه السكونيّ: عالج رمال بين فيد والقربات، ينزلها بنو بحتر من طيِّئ، وهي متصلة بالثعلبية عن طريق مكة، لا ماء بها، ولا يقدر أحد عليه فيه، وهو مسيرة أربع ليال، وفيه برك إذا سالت الأودية امتلأت، وعالج لها ذكر في شعر حسان بن ثابت بعد أحد، في غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا. (معجم البلدان) : 4/ 78، (سيرة ابن هشام) :

4/ 167.

ص: 30

ولقد بدا لي منك ما لم أجب

إلا دعيت قرابتي وذماري

تسمو إليه بحربة مسمومة

تبا لفعلك يا أبا العفاري

لولا الحياء وأن أهلك جيرة

لعلمت ما كشفت من أخباري

قال رافع: فأجابه الشاب:

أأردت أن تعلو وتخفض ذكرنا

في غير مرزية أبا العيزار

ما كان فيكم سيد فيما مضى

إن الخيار همو بنو الأخيار

فاقصد لقصدك ما معيكم إنما

كان المجير مهلهل بن أثار

قال: فبينما هما يتنازعان إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش، فقال الشيخ للفتى:

قم يا ابن أخت فخذ أيها شئت فداء لناقة جاري الإنسي، فأخذ منها ثورا ثم انصرف، فالتفت إلى الشيخ فقال: يا هذا! إذا نزلت واديا من الأودية فخفت هوله فقل: أعوذ برب محمد من هول هذا الوادي، ولا تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها.

قال: فقلت: ومن محمد؟ قال: نبي عربي لا شرقي ولا غربي، قلت: فأين مسكنه؟ قال: يثرب.

قال: فركبت راحلتي حتى دخلت المدينة، فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم فحدثني بحديثي قبل أن أذكر له منه شيئا، ودعاني إلى الإسلام فأسلمت.

قال سعيد بن جبير فكنا نرى أنه هو الّذي أنزل اللَّه فيه: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً [ (1) ] .

[ (1) ] الجن: 6، قوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ، روى الجمهور أن الرجل كان إذا أراد المبيت أو الحلول في واد، نادى بأعلى صوته: يا عزيز هذا الوادي، إني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك، فيعتقد بذلك أن الجني الّذي بالوادي يمنعه ويحميه. فروي أن الجن كانت تقول عند ذلك:

لا نملك لكم ولا لأنفسنا من اللَّه شيئا.

قال مقاتل: أول من تعوذ بالجن قوم من اليمن، ثم بنو حنيفة، ثم فشا ذلك في العرب. وقال قتادة: فَزادُوهُمْ، أي الجن زادت الإنس مخافة أن يتخيلون لهم بمنتهى طاقتهم ويعوذونهم لما رأوا من خفة أحلامهم، فازدروهم واحتقروهم. وقال ابن جبير: رهقا: كفرا. (البحر المحيط) :

10/ 295- 296 باختصار.

ص: 31

وذكر ابن سعد في طبقاته عن الواقدي: حدثنا علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول: إنا ننتظر [ (1) ] نبيا من ولد إسماعيل، ثم من بني عبد المطلب، ولا أراني أدركه وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك، فقلت: هلم، قال: هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، وليست تفارق عينه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذه البلدة [ (2) ] مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها [ (3) ] ، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب، فيظهر أمره، فإياك أن تخدع عنه، فإنّي طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم، فكل من أسلم [ (4) ] من اليهود والنصارى والمجوس يقولون: هذا الدين وراءك، وينعتونه بمثل نعتي [ (5) ] لك ويقولون: لم يبق نبي غيره.

قال عامر بن ربيعة: فلما أسلمت أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بقول [ (6) ] زيد وأقرأته منه السلام، فردّ عليه السلام ورحّم عليه وقال: قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا [ (7) ] .

وقال أبو عمر بن عبد البر: روينا من حديث واثلة بن الأسقع قال: كان إسلام الحجاج بن علاط [السلمي ثم][ (8) ] البهزي أنه خرج في ركب من قومه إلى مكة، فلما جنّ عليه الليل وهو في واد مخوف [ (9) ] قعد فقال له أصحابه: يا أبا كلاب! قم فخذ لنفسك ولأصحابك أمانا، فقام الحجاج بن علاط يطوف حولهم يكلؤهم ويقول:

[ (1) ] في (الطبقات) : «أنا أنتظر» .

[ (2) ] في (ابن سعد) : «وهذا البلد» .

[ (3) ] في (ابن سعد) : «منه» .

[ (4) ] في (ابن سعد) : «أسأل» .

[ (5) ] في (ابن سعد) : «ما نعته» .

[ (6) ] في (ابن سعد) : «قول» .

[ (7) ](طبقات ابن سعد) : 1/ 161- 162.

[ (8) ] زيادة في النسب من (الاستيعاب) .

[ (9) ] في المرجع السابق: «وحش مخوف» .

ص: 32

أعيذ نفسي وأعيذ صحبي

من كل جني بهذا النقب

حتى أؤوب سالما وركبي

فسمع قائلا يقول: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ [ (1) ]، فلما قدموا مكة خبّر [ (2) ] بذلك في نادي قريش فقالوا له: صبأت [ (3) ] يا أبا كلاب، إن هذا [ (4) ] مما يزعم محمد أنه أنزل عليه، قال: واللَّه لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي، ثم أسلم الحجاج فحسن إسلامه [ (5) ] .. الحديث [ (6) ] .

[ (1) ] الرحمن: 33.

[ (2) ] في المرجع السابق: «أخبر» .

[ (3) ] في المرجع السابق: «صبأت واللَّه يا أبا كلاب» .

[ (4) ] في المرجع السابق: «فيما» .

[ (5) ](الاستيعاب) : 1/ 325- 326، ترجمة الحجاج بن علاط السلمي رقم (482) .

[ (6) ] قال أبو عمر بن عبد البر: وحديثه بذلك صحيح من رواية ثابت البناني وغيره عن أنس. (المرجع السابق) .

ص: 33