الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر ما كان من أعلام نبوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ حملت به أمه آمنة بنت وهب [ (1) ] إلى أن بعثه اللَّه برسالته
اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أمارات النبوة آيات وأعلام يهتدى بها إلى ثبوت نبوته وصدق رسالته، قدمها اللَّه تعالى قبل بعثته برسالته ليكون دليلا واضحا وبرهانا صحيحا لائحا على نبوته وتحقيق رسالته.
فمن ذلك: إخبار الحبر لعبد المطلب بأن في إحدى يديه ملكا وفي الأخرى نبوة، وأن ذلك في بني زهرة، وأن عبد اللَّه بن عبد المطلب كان يرى بين عينيه نور النبوة، وأن أمة آمنة بنت وهب لما حملت به بشّرت بأنه خير البرية، ولما ضربها المخاض دنت منه نجوم السماء، وخرج منها لما وضعته نور أضاء له البيت، وانتشر حتى أضاءت له قصور الشام وغيرها، وطرحوا عليه بعد ولادته برمة فانفلقت، وولد مختونا مسرورا، وفتحت لولادته أبواب السماء، واستبشرت الملائكة، وتطاولت الجبال وارتفعت البحار، وقلّ الشيطان ومردته، وألبست الشمس نورا عظيما، ونكست الأصنام وحجبت الكهان، وارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، وغاضت بحيرة ساوي، ورأى المؤبذان
[ (1) ] هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
ولا نعلم أنه كان لآمنة أخ فيكون خالا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكن بنو زهرة يقولون: نحن أخوال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لأن آمنة منهم، كانت أفضل امرأة في قريش نسبا وموطنا، ويؤخذ من اللهجة التي كانت تتكلم بها السيدة آمنة أن أصلها من المدينة.
وكانت السيدة آمنة وفية لزوجها عبد اللَّه والد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فكانت تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره، فلما أتى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ست سنين خرجت زائرة لقبره ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما صارت بالأبواء منصرفة إلى مكة ماتت بها. (معجم البلدان) :
1/ 101، موضع رقم (152) ، (الأبواء) وهي موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب، (المعارف) : 1/ 129، (أعلام النساء) : 1/ 18.
أن إبلا تقود خيلا وانتشرت في بلاد فارس.
وردّ اللَّه ببركته أصحاب الفيل عن مكة، ومنعهم من تخريب البيت الحرام الّذي جعل اللَّه حجّه أحد أركان الإسلام، تحقيقا لشريعته، وتأييدا لدعوته، وما ظهر لظئره حليمة من البركة حين أرضعته من إقبال لبنها، وكثرته بعد قلته، وحلبها اللبن من شاتها التي لم يكن بها قطرة لبن، وسبق أتانها حمر رفاقها بعد تخلفها عنهم لضعفها، وسمن أغنامها دون أغنام قومها، وشق صدره المقدس عندها، ومعرفة اليهود له وهو طفل مع أمه بالمدينة، وتوسم جده عبد المطلب فيه السيادة، وقول بني مدلج: إن قدمه أشبه بقدم إبراهيم الخليل، ومعرفة أسقف نجران وهو غلام، وإخبار اليهودي أنه يخرج من صلب عبد المطلب نبي يقتل يهود، وما كان عمه أبو طالب يرى من البركة منذ كفله، وتظليل الغمام له، واعتراف بحيرا الراهب بنبوته، وإخبار نسطور بذلك.