الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخبار آمنة بأنها قد حملت بخير البرية وسيّد الأمة
فخرج أبو نعيم من حديث النضر بن سلمة، حدثنا أبو غزيّة محمد بن موسى [الأنصاري] [ (1) ] عن أبي عثمان سعيد بن زيد [الأنصاري] [ (1) ] عن ابن بريدة عن أبيه بريدة قال: رأت آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم في منامها، فقيل لها: إنك قد حملت بخير البرية وسيد العالمين، فإذا ولدته فسميه أحمد ومحمدا، وعلقي عليه هذه، قال: فانتبهت وعند رأسها صحيفة من ذهب مكتوب فيها [ (2) ] : أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، من كل خلق زائد، من قائم أو قاعد، عن السبيل حائد [ (3) ] ، على الفساد جاهد، من نافث أو عاقد، وكل جن [ (4) ] مارد، يأخذ بالمراصد، في طرق الموارد، أنهاهم عنه باللَّه الأعلى، وأحوطه [منهم][ (5) ] باليد العليا، والكف الّذي لا يرى [ (6) ] ، يد اللَّه فوق أيديهم، وحجاب اللَّه دون عاديهم، لا تطردوه ولا تضروه [ (7) ] ، في مقعد ولا منام، ولا مسير ولا مقام، أول الليالي وآخر الأيام [أربع مرات بهذا][ (8) ] .
[قال سعيد بن زيد الأنصاري: فلقيت بريدة بن سفيان الأسلمي، فذكرت له هذا الحديث الّذي حدثنا ابن بريدة عن أبيه، فقال بريدة بن سفيان: حدثنيه بريدة بهذا، وحدثني محمد بن كعب عن ابن عباس بهذا][ (9) ] .
[ (1) ] زيادة للنسب من (أبي نعيم) .
[ (2) ] في (خ) : «فيها هذه» .
[ (3) ] في (خ)، و (المواهب) : حائد، وفي (أبي نعيم) :«عاند» .
[ (4) ] كذا في (خ) ، وفي (المواهب)، و (أبي نعيم) :«خلق مارد» .
[ (5) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .
[ (6) ] في (خ) : «الّذي يدني» ، وما أثبتناه من (أبي نعيم) .
[ (7) ] كذا في (خ)، وفي (أبي نعيم) :«لا يطردونه ولا يضرونه» .
[ (8) ] زيادة للسياق من (أبي نعيم) .
[ (9) ] ما بين الحاصرتين من (خ) ، وغير موجود في رواية أبي نعيم، وهذا الحديث ذكره أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 1/ 136، حديث رقم (78) وقد انفرد به أبو نعيم، وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري، وهو ضعيف كما في (ميزان الاعتدال) : 4/ 49، ترجمة رقم (8222) ،
وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: وكانت آمنة بنت وهب أم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، من كل بر عاهد، وكل عبد رائد، يذود عني ذائد، فإنه عند الحميد الماجد، حتى أراه قد أتى المشاهد.
وقال: فإن آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسميه محمدا، فإن اسمه في التوراة والإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء والأرض، واسمه في الفرقان محمد، فسمته بذلك.
فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب جاريتها، وقد كان هلك أبوه عبد اللَّه وهي حبلى، ويقال: إن عبد اللَّه هلك والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمانية وعشرين شهرا [فاللَّه أعلم أي ذلك كان][ (1) ] .
فقالت: قد ولد لك الليلة غلام فانظر إليه، فلما جاءها خبرته خبره وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه.
فأخذه عبد المطلب فأدخله على هبل في جوف الكعبة، فقام عبد المطلب يدعو اللَّه ويتشكّر للَّه [عز وجل][ (2) ] الّذي أعطاه إياه، فقال:
الحمد للَّه الّذي أعطاني
…
هذا الغلام الطيب الأردان [ (3) ]
قد ساد في المهد على الغلمان
…
أعيذه باللَّه [ (4) ] ذي الأركان
[ () ] قال البخاري: عنده مناكر، وقال ابن حبان كان يسرق الحديث، ويروي عن الثقات الموضوعات، وقال أبو حاتم: ضعيف، ووثّقه الحاكم. مات سنة سبع ومائتين.
ومن قوله: «أعيذه بالواحد
…
إلى آخر الأبيات» كما في (المواهب) أو إلى قوله: «طرق الموارد» كما في (خ)، قال عنه الحافظ عبد الرحيم العراقي: هكذا ذكر هذه الأبيات بعض أهل السير، وجعلها من حديث ابن عباس، ولا أصل لها، قال الشامي: وسنده واه جدا، وإنما ذكرته لأنبه عليه لشهرته في كتب المواليد. (المواهب اللدنية) 1/ 120- 121.
[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (3) ] الأردان: جمع ردن، وهو أصل الكم، وذلك كناية عن العفة والطهارة.
[ (4) ] في (البداية والنهاية) : «بالبيت ذي الأركان» ، وفي (خ) ، و (صفة الصفوة)، و (ابن سعد) :«باللَّه ذي الأركان» .
حتى يكون بلغة الفتيان
…
حتى أراه بالغ البنيان
أعيذه من كل ذي شنئان [ (1) ]
…
من حاسد من مضطرب العنان
ذي همدة ليس له عينان
…
حتى أراه رافع اللسان
أنت الّذي سميت في الفرقان
…
في كتب ثابتة المثاني
أحمد مكتوب على اللسان [ (2) ]
[ويقال: إنه أتاها في منامها حين مرّ بها من حملها ثلاثة أشهر] .
وخرج أبو نعيم من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه عن كعب الأحبار في صفة النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: وكان من دلالات حمل محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة وقالت:
حمل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة، وهو أمان الدنيا وسراج أهلها.
ولم يبق كاهنة في قريش ولا قبيلة من قبائل العرب إلا حجبت عن صاحبتها، وانتزع علم الكهانة منها، ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، والملك مخرسا لا ينطق يومه ذلك، ومرت وحش المشرق إلى وحش المغرب بالبشارات، وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضا في كل شهر من شهوره نداء [ (3) ] في الأرض ونداء [ (3) ] في السماء أن أبشروا فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا.
قال: وبقي في بطن أمة تسعة أشهر كملا لا تشكو وجعا ولا ريحا ولا مغصا ولا ما يعرض للنساء من أداء الحمل.
وهلك أبوه عبد اللَّه وهو في بطن أمة فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا! بقي
[ (1) ] الشنآن: البغض.
[ (2) ] وردت هذه الأبيات بسياقات مختلفة، في بعضها تقديم وتأخير، وزيادة ونقصان، وما أثبتناه ما رواه ابن كثير في (البداية والنهاية) ، فهو أتم الروايات وأصحها، والخبر ورد في:(دلائل البيهقي) :
1/ 111- 112، و (صفة الصفوة) : 1/ 25- 26، و (سيرة ابن هشام) : 1/ 296، و (طبقات ابن سعد) : 1/ 103، و (البداية والنهاية) : 2/ 224، راجع (امتاع الأسماع) :
1/ 8، بتحقيقنا.
[ (3) ] في (خ) : «نداء» ، والتصويب من (المواهب اللدنية) .
نبيك هذا يتيما، فقال اللَّه للملائكة: أنا له وليّ وحافظ ونصير، وتباركوا بمولده، فمولده ميمون مبارك، وفتح اللَّه تعالى لمولده أبواب السماء وجنانه.
فكانت آمنة تحدث عن نفسها وتقول: أتاني آت حين مرّ بي من حمله ستة أشهر، فوكزني برجله في المنام وقال لي: يا آمنة، إنك قد حملت بخير العالمين طرّا، فإذا ولدتيه فسميه محمدا، واكتمي شأنك.
قال: فكانت تحدث عن نفاسها وتقول: لقد أخذني ما يأخذ النساء ولم يعلم بي أحد من القوم، ذكر ولا أنثى، وإني لوحيدة في المنزل- وعبد المطلب في طوافه- قالت: فسمعت رجّة شديدة وأمرا عظيما فهالني، وذلك يوم الاثنين فرأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب عني كل رعب وكل فزع ووجع كنت أجد.
ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء ظننتها لبنا- وكنت عطشى- فتناولتها فشربتها، فأضاء مني نور عال، ثم رأيت نسوة كالنخل طولا [ (1) ] ، كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي، فبينا أنا أعجب وأقول: وا غوثاه، من أين علمن بي هؤلاء، واشتد الأمر وأنا أسمع الوجبة في كل ساعة أعظم وأهول، فإذا أنا بديباج قد مدّ بين السماء والأرض وإذا قائل يقول: خذوه عن أعين الناس.
قالت: ورأيت رجالا قد وقفوا في الهواء بأيديهم أباريق فضة، وأنا أرشح عرقا كالجمان، أطيب ريحا من المسك الأذفر وأقول: يا ليت عبد المطلب قد دخل عليّ وعبد المطلب نائي.
قالت: فرأيت قطعة من الطير قد أقبلت من حيث لا أشعر حتى غطت حجرتي، مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من اليواقيت، فكشف اللَّه لي عن بصري، فأبصرت ساعتي تلك مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت ثلاثة أعلام مضروبات:
علما في المشرق وعلما في المغرب وعلما على ظهر الكعبة، فأخذني المخاض واشتد بي الأمر جدا، فكنت كأني مستندة إلى أركان النساء، وكثرن عليّ حتى لا أرى
[ (1) ] في (خ) : «الطول» ، وما أثبتناه من (المواهب اللدنية) .
معي في البيت أحدا وأنا لا أرى شيئا، فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم.
فلما خرج من بطني نظرت إليه فإذا أنا به ساجدا قد رفع إصبعيه كالمتضرع المبتهل، ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء تنزل حتى غشيته، فغيب عن وجهي، فسمعت مناديا ينادي ويقول: طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها، وأدخلوه البحار كلها ليعرفوه باسمه ونعته وصورته، ويعلمون أنه سمي الماحي لا يبقى شيء من الشرك إلا محي به في زمنه.
ثم تجلت عنه في أسرع وقت، فإذا به مدرج في ثوب صوف أبيض، أشد بياضا من اللبن، وتحته حبرة خضراء، قد قبض محمد صلى الله عليه وسلم على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب الأبيض، وإذا قائل يقول: قبض محمد على مفاتيح النصر ومفاتيح الريح ومفاتيح النبوة.
ثم أقبلت سحابة أخرى أعظم من الأولى ونور، يسمع منها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة من كل مكان، وكلام الرجال، حتى غشيته فغيب عني أطول وأكثر من المرة الأولى، فسمعت مناديا ينادي [و] يقول: طوفوا بمحمد الشرق والغرب على مواليد النبيين، واعرضوه على كل روحاني من الجن والإنس والطير والسباع، وأعطوه صفاء آدم، ورقة نوح، وخلة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وصبر يعقوب، وجمال يوسف، وصوت داود، [وصبر أيوب] ، وزهد يحى، وكرم عيسى، واعمروه في أخلاق الأنبياء.
ثم تجلت عنه في أسرع من طرف العين، فإذا به قد قبض على حريرة خضراء، مطوية طيا شديدا، ينبع من تلك الحريرة ماء معين، وإذا قائل يقول: بخ بخ، قبض محمد على الدنيا كلها، لم يبق خلق من أهلها إلا دخل في قبضته طائعا بإذن اللَّه تعالى، ولا قوة إلا باللَّه.
قالت آمنة: فبينا أنا أتعجب وإذا بثلاثة نفر- ظننت بأن الشمس تطلع من خلال وجوههم- في يد أحدهم إبريق من فضة، وفي ذلك الإبريق ريح المسك، وفي يد الثاني طست من زمرد أخضر، عليها أربعة نواحي كل ناحية من نواحيها لؤلؤة بيضاء، وإذا قائل يقول: هذه الدنيا شرقها وغربها وبرها وبحرها، فاقبض
يا حبيب اللَّه على [أية] ناحية شئت.
قالت: فدرت لأنظر أين قبض من الطست، فإذا هو قد قبض على وسطها، فسمعت القائل يقول: قبض على الكعبة ورب الكعبة، أما إن اللَّه قد جعلها له قبلة ومسكنا مباركا، ورأيت في يد الثالث حريرة بيضاء مطوية طيا شديدا فنشرها، فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه، ثم حمل ابني فناوله صاحب الطست وأنا انظر إليه، فغسله بذلك الإبريق سبع مرات، ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ختما واحدا ولفه في الحريرة، واستدار عليه خطا من المسك الأذفر، ثم حمله فأدخله بين أجنحته ساعة.
قال ابن عباس: كان ذلك رضوان خازن الجنان، وقال في أذنه كلاما كثيرا لم أفهمه، وقبل بين عينيه وقال: أبشر يا محمد، فما بقي لنبي علم إلا أعطيته، فأنت أكثرهم علما وأشجعهم قلبا، معك مفاتيح النصر، وقد ألبست الخوف والرعب، ولا يسمع أحد بذكرك إلا وجل في فؤاده، وخاف قلبه، وإن لم يرك يا حبيب اللَّه.
قالت: ثم رأيت رجلا قد أقبل نحوه حتى وضع فاه على فيه، فجعل يزقه كما تزق الحمامة فرخها، فكنت انظر إلى ابني يشير بإصبعه يقول: زدني زدني، فزقه ساعة ثم قال: أبشر يا حبيبي، فما بقي لنبي حلم إلا وقد أوتيته.
ثم احتمله فغيبه عني، فجزع فؤادي وذهل قلبي، فقلت: ويح لقريش والويح لها! ماتت كلها، أنا في ليلتي وفي ولادتي، أرى ما أرى، ويصنع بي ما يصنع ولا يقربني أحد من قومي، إن هذا لهو أعجب العجب.
قالت: فبينا أنا كذلك إذ أنا به قد ردّ عليّ كالبدر، وريحه يسطح كالمسك وهو يقول: خذيه، فقد طافوا به الشرق والغرب على مواليد الأنبياء أجمعين، والساعة كان عند أبيه آدم فضمه إليه، وقبله بين عينيه، وقال: أبشر حبيبي، فأنت سيد الأولين والآخرين، ومضى، وجعل يلتفت ويقول: أبشر يا عزّ الدنيا وشرف الآخرة، فقد استمسكت بالعروة الوثقى، فمن قال بمقالتك وشهد بشهادتك حشر غدا يوم القيامة تحت لوائك وفي زمرتك، وناولنيه ومضى، ولم
أره بعد تلك المرة.
قال كاتبة: هكذا أورد الحافظ أبو نعيم هذا الحديث، وأن الوضع يلوح عليه [ (1) ] !
[ (1) ] وأورده القسطلاني في (المواهب) تحت عنوان: «حديث شديد الضعف في حمله صلى الله عليه وسلم» ، وتحت عنوان:«أحاديث مطعون فيها ومنكره في الموالد» . (المواهب اللدنية) : 1/ 121، 124- 126، وقال في آخره: ورواه أبو نعيم عن ابن عباس، وفيه نكارة.