الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ذكر إسلام عمرو بن عبسة السّلمي وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلى الله عليه وسلم]
وخرج أبو نعيم من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى بن عمرو السّيباني، عن أبي سلام الدمشقيّ، وعمرو بن عبد اللَّه الشيبانيّ، أنهما سمعا أبا أمامة الباهليّ يحدّث عمرو بن عبسه السّلمي قال: رغبت عن [عبادة][ (1) ] آلهة قومي في الجاهلية ورأيت أنها الباطل، يعبدون الحجارة [ (2) ] والحجارة لا تضر ولا تنفع، قال: فلقيت رجلا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين فقال: يخرج رجل من مكة فيرغب عن آلهة قومه [ويدعوهم][ (3) ] إلى غيرها، وهو يأتي بأفضل الدين، فإذا سمعت به فاتبعه، فلم يكن لي همّ إلا مكة آتيها فأسأل: هل حدث فيها أمر؟ فيقولون: لا، فأنصرف إلى أهلي- وأهلي من الطريق غير بعيد- فأعترض الركبان خارجين من مكة فأسألهم: هل حدث فيها خبر أو أمر؟
فيقولون: لا، فإنّي لقاعد على الطريق [إذ] مرّ بي ركب فقلت: من أين جئت؟
قال: من مكة، قلت: هل حدث فيها خبر؟ قال: نعم، رجل رغب عن آلهة قومه ودعا إلى غيرها، قلت: صاحبي الّذي أريد.
فشددت راحلتي فجئت منزلي الّذي كنت أنزل فيه، فسألت عنه فوجدته مستخفيا بشأنه، ووجدت قريشا عليه جرآء [ (4) ] ، فتلطفت له حتى دخلت عليه فسلمت عليه
وقلت له: ما أنت؟ قال: نبي اللَّه، قلت: وما نبي اللَّه؟ قال:
رسول اللَّه، قلت: ومن أرسلك؟ قال: اللَّه تعالى، قلت: وبماذا أرسلك؟
[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (2) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«الحجارة لا تضر..» .
[ (3) ] كذا في (خ)، وفي المرجع السابق:«يدعو إلى غيرها» .
[ (4) ] جرآء: جمع جريء.
قال: أن توصل الأرحام، وتحقن الدماء، وتأمن السبيل، وتكسّر الأوثان، وتعبد اللَّه لا تشرك به شيئا، قال: قلت: نعم ما أرسلك به، أشهدك أني قد آمنت بك وصدقت، أفأمكث معك، أم ماذا ترى؟ قال: قد ترى كراهة الناس لما جئت به، فامكث في أهلك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجا فاتبعني.
فلما سمعت به خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه ثم قلت: يا نبي اللَّه! أتعرفني؟ قال: نعم، أنت السّلميّ الّذي جئتني بمكة، فقلت لي: كذا وكذا، وقلت لك: كذا وكذا، فقمت من ذلك المجلس فعرفت أنه لا يكون الدهر أفرغ منه في ذلك المجلس فقلت: يا نبي اللَّه! أي الساعات أسمع للدعاء؟ قال: جوف الليل الآخر والصلاة مشهودة متقبلة [ (1) ][حتى تخرج الشمس][ (2) ] .
وله من حديث الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد اللَّه بن العلاء قال: حدثني أبو سلام الأسود، عن عمرو بن عبسة قال: ألقي في روعي أن عبادة الأوثان باطل، وأن الناس في جاهلية، فقال لي قائل: إن رجلا بمكة يقول نحوا مما تقول، يقول:
إنه رسول اللَّه.
قال: فقدمت مكة فسألت عن رسول اللَّه فقيل لي: لا تلقاه إلا ليلا عند الكعبة، فمكثت له بين الكعبة وأستارها، إذ سمعت حسّه وتهليله فخرجت إليه فقلت ما أنت؟ قال: رسول اللَّه، قلت: اللَّه أرسلك؟ قال: نعم، قلت: بماذا؟
قال: بأن يعبد اللَّه ولا يشرك به شيئا، وتكسر الأوثان وتحقن الدماء وتوصل الأرحام، قلت: أبايعك عليه؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته، فلقد رأيتني وأنا في تلك الحال وأنا ريع الإسلام فقلت: من تبعك على هذا الأمر؟ قال: حرّ وعبد، قلت: أقيم معك؟ قال: بل ألحق بقومك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجا
[ (1) ](دلائل أبي نعيم) : 1/ 257، باب ذكر إسلام عمرو بن عبسة السلمي، وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (198)، وأخرجه أيضا من طرق مختلفة: ابن سعد في (الطبقات) : 4/ 217، ابن عبد البر في (الاستيعاب) : 3/ 1192، ترجمة رقم (1937)، والحاكم في (المستدرك) : 3/ 714- 715، حديث رقم (6584/ 2182)، وقال في آخره:
هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين من (خ) فقط.
فاقدم عليّ.
قال: فرجعت إلى قومي فمكثت فيهم حتى إذا سمعت بمهاجره إلى المدينة قدمت عليه، فسلمت فردّ عليّ، فقلت: أتعرفني يا رسول اللَّه؟ قال: نعم، أنت السلمي القادم عليّ بمكة.