الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ محبَّة مَلَائِكَة الله وأنبيائه وعباده الصَّالِحين كَمَا كَانَ عبد الله بن عمر يَدْعُو بالمواقف فِي حجه فَيَقُول اللَّهُمَّ اجْعَلنِي أحبك وَأحب ملائكتك وأنبياءك وعبادك الصَّالِحين اللَّهُمَّ حببني إِلَيْك وَإِلَى ملائكتك وأنبيائك وعبادك الصَّالِحين
محبَّة الله مستلزمة لمحبة مَا يُحِبهُ من الْوَاجِبَات
بل محبَّة الله مستلزمة لمحبة مَا يُحِبهُ من الْوَاجِبَات كَمَا قَالَ تَعَالَى قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم فَإِن اتِّبَاع رَسُوله هُوَ من أعظم مَا أوجبه الله تَعَالَى على عباده وأحبه وَهُوَ سُبْحَانَهُ أعظم شَيْء بغضا لمن لم يتبع رَسُوله فَمن كَانَ صَادِقا فِي دَعْوَى محبَّة الله اتبع رَسُوله لَا محَالة وَكَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا
الذُّنُوب تنقص من محبَّة الله
والذنُوب تنقص من محبَّة الله تَعَالَى بِقدر ذَلِك لَكِن لَا تزيل الْمحبَّة لله وَرَسُوله إِذا كَانَت ثَابِتَة فِي الْقلب وَلم تكن الذُّنُوب عَن نفاق كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عمر بن الْخطاب حَدِيث حمَار الَّذِي كَانَ يشرب الْخمر وَكَانَ النَّبِي يُقيم عَلَيْهِ الْحَد فَلَمَّا كثر ذَلِك مِنْهُ لَعنه رجل فَقَالَ النَّبِي
لَا تلعنه فَإِنَّهُ يجب الله وَرَسُوله وَفِيه دلَالَة على أَنا منهيون عَن لعنة أحد بِعَيْنِه وَإِن كَانَ مذنبا إِذا كَانَ يحب الله وَرَسُوله فَكَمَا أَن الْمحبَّة الْوَاجِبَة تَسْتَلْزِم لفعل الْوَاجِبَات وَكَمَال الْمحبَّة المستحبة تَسْتَلْزِم لكَمَال فعل المستحبات والمعاصي تنقض الْمحبَّة وَهَذَا معنى قَول الشبلى لما سُئِلَ عَن الْمحبَّة فَقَالَ مَا غنت بِهِ جَارِيَة فلَان
تَعْصِي الْإِلَه وَأَنت تزْعم حبه
…
هَذَا محَال فِي الْقيَاس شنيع
لَو كَانَ حبك صَادِقا لأطعته
…
إِن الْمُحب لمن أحب مُطِيع
وَهَذَا كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حَيْثُ يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَقد تكلمنا على هَذَا فِي غير هَذَا الْموضع
وَالْمَقْصُود هُنَا أَن نفرق بَين الْحبّ فِي الله وَللَّه الَّذِي هُوَ دَاخل فِي محبَّة الله وَهُوَ من محبته وَبَين الْحبّ لغير الله الَّذِي فِيهِ شرك فِي الْمحبَّة لله كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله فَإِن هَؤُلَاءِ يشركُونَ برَبهمْ فِي الْحبّ عادلون بِهِ جاعلون لَهُ أندادا وَأُولَئِكَ أَخْلصُوا دينهم لله فَكَانَ حبهم الَّذِي هُوَ أصل دينهم كُله لله وَهَذَا هُوَ الَّذِي بعث بِاللَّه الرُّسُل وَأنزل بِهِ الْكتب وَأمر بِالْجِهَادِ عَلَيْهِ
كَمَا قَالَ تَعَالَى وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدَّين لله وَقَالَ تَعَالَى قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا
وَقد علم أَن محبَّة الْمُؤمنِينَ لرَبهم أَشد من محبَّة هَؤُلَاءِ الْمُشْركين لرَبهم ولأندادهم ثمَّ إِن اتِّخَاذ الأنداد هُوَ من أعظم الذُّنُوب كَمَا فِي الصَّحِيح عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي الذَّنب أعظم قَالَ أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك قلت ثمَّ أَي قَالَ ثمَّ أَن تقتل ولدك خشيَة أَن يطعم مَعَك
قلت ثمَّ أَي قَالَ ثمَّ أَن تَزني بحليلة جَارك فَأنْزل الله تَصْدِيق ذَلِك وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون فدعاء إِلَه آخر مَعَ الله هُوَ اتِّخَاذ ند من دون الله يُحِبهُ كحب الله إِذْ أصل الْعِبَادَة الْمحبَّة
والمحبة وَإِن كَانَت جِنْسا تَحْتَهُ أَنْوَاع فالمحبوبات المعظمة لغير الله قد أثبت الشَّارِع فِيهَا اسْم التَّعَبُّد كَقَوْلِه فِي الحَدِيث الصَّحِيح تعس عبد الدِّرْهَم تعس عبد الدِّينَار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش إِن أعطي رَضِي وَإِن منع سخط
فَسُمي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة الَّذين إِن أعْطوا رَضوا وَإِن منعُوا سخطوا لِأَنَّهَا محبتهم ومرادهم عبادا لَهَا حَيْثُ قَالَ عبد الدِّرْهَم وَعبد الدِّينَار وَعبد القطيفة وَعبد الخميصة