الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح: " من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ. فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه. فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان ".
حكم الْمُبَاحَات وأنواعها:
وَأما مَا لَا يُؤمر العَبْد فِيهِ بِوَاحِد مِنْهُمَا: فَمثل مَا يظْهر لَهُ من فعل الْإِنْسَان للمباحات الَّتِي لم يتَبَيَّن لَهُ أَنه يستعان بهَا على طَاعَة وَلَا مَعْصِيّة. فَهَذِهِ لَا يُؤمر بحبها وَلَا ببغضها وَكَذَلِكَ مباحات نَفسه الْمَحْضَة الَّتِي لم يقْصد الِاسْتِعَانَة بهَا على طَاعَة وَلَا مَعْصِيّة. مَعَ أَن هَذَا نقص مِنْهُ فَإِن الَّذِي يَنْبَغِي أَنه لَا يفعل من الْمُبَاحَات إِلَّا مَا يَسْتَعِين بِهِ على الطَّاعَة ويقصد الِاسْتِعَانَة بهَا على الطَّاعَة فَهَذَا سَبِيل المقربين السَّابِقين الَّذين تقربُوا إِلَى الله تَعَالَى بالنوافل بعد الْفَرَائِض وَلم يزل أحدهم يتَقرَّب إِلَيْهِ بذلك حَتَّى أحبه فَكَانَ سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا وَرجله الَّتِي يمشي بهَا.
وَأما من فعل الْمُبَاحَات مَعَ الْغَفْلَة أَو فعل فضول الْمُبَاح الَّتِي لَا يستعان بهَا على طَاعَة مَعَ أَدَاء الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم بَاطِنا وظاهرا فَهَذَا من الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَاب الْيَمين.
وَبِالْجُمْلَةِ الْأَفْعَال الَّتِي يُمكن دُخُولهَا تَحت الْأَمر وَالنَّهْي لَا تكون مستوية من كل وَجه بل إِن فعلت على الْوَجْه المحبوب كَانَ وجودهَا خيرا للْعَبد،
وَإِلَّا كَانَ تَركهَا خيرا لَهُ وَإِن لم يُعَاقب عَلَيْهَا ففضول الْمُبَاح الَّتِي لَا تعين على الطَّاعَة عدمهَا خير من وجودهَا إِذا كَانَ مَعَ عدمهَا يشْتَغل بِطَاعَة الله فَإِنَّهَا تكون شاغلة لَهُ عَن ذَلِك وَأما إِذا قدر أَنَّهَا تشغله عَمَّا دونهَا فَهِيَ خير لَهُ مِمَّا دونهَا وَإِن شغلته عَن مَعْصِيّة الله كَانَت رَحْمَة فِي حَقه وَإِن كَانَ اشْتِغَاله بِطَاعَة الله خيرا لَهُ من هَذَا وَهَذَا.
وَكَذَلِكَ أَفعَال الْغَفْلَة والشهوة الَّتِي يُمكن الِاسْتِعَانَة بهَا على الطَّاعَة: كالنوم الَّذِي يقْصد بِهِ الِاسْتِعَانَة على الْعِبَادَة؛ وَالْأكل وَالشرب واللباس وَالنِّكَاح الَّذِي يُمكن الِاسْتِعَانَة بِهِ على الْعِبَادَة؛ إِذا لم يقْصد بِهِ ذَلِك كَانَ ذَلِك نقصا من العَبْد وفوات حَسَنَة؛ وَخير يُحِبهُ الله.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {أَنه قَالَ لسعد: إِنَّك لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله إِلَّا ازددت بهَا دَرَجَة ورفعة حَتَّى اللُّقْمَة تضعها فِي فِي امْرَأَتك} " وَقَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح: {نَفَقَة الْمُسلم على أَهله يحتسبها صَدَقَة} ".
فَمَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْمُبَاحَات أَو يحْتَاج إِلَيْهِ وَلم يَصْحَبهُ إِيمَان يَجعله حَسَنَة فعدمه خير من وجوده إِذا كَانَ مَعَ عَدمه يشْتَغل بِمَا هُوَ خير مِنْهُ. وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم " {فِي بضع أحدكُم صَدَقَة. قَالُوا: يَا رَسُول الله يَأْتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيكون لَهُ أجر. قَالَ: أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي الْحَرَام أما كَانَ عَلَيْهِ وزر؟ قَالُوا: بلَى قَالَ: فَكَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ بهَا أجر. فَلم تعتدون بالحرام وَلَا تعتدون بالحلال} ".
وَذَلِكَ أَن الْمُؤمن عِنْد شَهْوَة النِّكَاح يقْصد أَن يعدل عَمَّا حرمه الله إِلَى مَا أَبَاحَهُ الله؛ ويقصد فعل الْمُبَاح مُعْتَقدًا أَن الله أَبَاحَهُ " {وَالله يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخصِهِ كَمَا يكره أَن تُؤْتى مَعْصِيَته} " كَمَا روى ذَلِك الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَرَوَاهُ غَيره وَلِهَذَا أحب الْقصر وَالْفطر فِي السّفر، فعدول الْمُؤمن عَن