الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين
دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ويجعلون لَهُ عدلا وشريكا علم أَن الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين سَوَاء كَانَ دينا صَالحا أَو دينا فَاسِدا فَإِن الدَّين هُوَ من الْأَعْمَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمحبة والإرادة أصل ذَلِك كُله وَالدّين هُوَ الطَّاعَة وَالْعِبَادَة والخلق فَهُوَ الطَّاعَة الدائمة اللَّازِمَة الَّتِي قد
مَعَاني كلمة الدَّين
صَارَت عَادَة وخلقا بِخِلَاف الطَّاعَة مرّة وَاحِدَة وَلِهَذَا فسر الدَّين بِالْعَادَةِ والخلق ويفسر الْخلق بِالدّينِ أَيْضا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم قَالَ ابْن عَبَّاس على دين عَظِيم وَذكره عَنهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَخذه الإِمَام أَحْمد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَبِذَلِك فسراه
وَكَذَلِكَ يُفَسر بِالْعَادَةِ كَمَا قَالَ الشَّاعِر
أَهَذا دينه أبدا وديني
وَمِنْه الديدن يُقَال هَذَا ديدنه أَي عَادَته اللَّازِمَة فَإِن ديدن من دَان بِمَنْزِلَة صلصل من صل وكبكب من كب هُوَ تَضْعِيف لَهُ والمضعف قد يكون مشددا وَقد يكون حرف لين وهم يعاقبون فِي كَلَامهم
كثيرا بَين الْحَرْف المشدد وحرف الْمثل كَمَا يُقَال تقضي الْبَازِي وتقضض وَيُقَال تسرر وتسري
ودان يكون من الْأَعْلَى القاهر وَيكون من الْمُطِيع يُقَال دنته فدان أَي قهرته فذل كَمَا قَالَ
هُوَ دَان الربَاب إِذْ كَرهُوا الديـ
…
ـن دراكا بعزة وصيال
وَيُقَال فِي الْأَعْلَى كَمَا تدين تدان وَأما دين الْمُطِيع فيستعمل مُتَعَدِّيا ودائما ولازما يُقَال دنت الله وَدنت لله وَيُقَال فلَان لَا يدين الله دينا وَلَا يدين لله لِأَن فِيهِ معنى الطَّاعَة وَالْعِبَادَة وَمعنى الذل فَإِذا قيل دَان الله فَهُوَ قَوْلك أطَاع الله وأحبه وَإِذا قيل دَان لله فَهُوَ كَقَوْلِك ذل لله وخشع لله
وَقد ذكرت أَن أسم الْعِبَادَة يتَنَاوَل غَايَة الْحبّ بغاية الذل وَهَكَذَا الدَّين
الَّذِي يدين بِهِ النَّاس فِي الْبَاطِن وَالظَّاهِر لَا بُد فِيهِ من الْحبّ والخضوع بِخِلَاف طاعتهم للملوك وَنَحْوهم فَإِنَّهَا قد تكون خضوعا ظَاهرا فَقَط
وَالله سبحانه وتعالى سمي يَوْم الْقِيَامَة يَوْم الدَّين كَمَا قَالَ مَالك يَوْم الدَّين وَهُوَ كَمَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره من السّلف يَوْم يدين الله الْعباد بأعمالهم إِن خيرا فخيرا وَإِن شرا فشرا وَذَلِكَ يتَضَمَّن جزاءهم وحسابهم
فَلهَذَا من قَالَ هُوَ يَوْم الْحساب وَيَوْم الْجَزَاء فقد ذكر بعض صِفَات الدَّين قَالَ تَعَالَى كلا بل تكذبون بِالدّينِ وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم يصلونها يَوْم الدَّين وَمَا هم عَنْهَا بغائبين وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدَّين ثمَّ مَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدَّين يَوْم لَا تملك نفس لنَفس شَيْئا وَالْأَمر يَوْمئِذٍ لله
وَقَالَ تَعَالَى فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين ترجعونها إِن كُنْتُم صَادِقين أَي مقهورين ومدبرين ومجزيين