الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَده ووالده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَقَالَ لَهُ عمر
وَالله يَا رَسُول الله لأَنْت أحب إِلَيّ من كل شَيْء إِلَّا من نَفسِي فَقَالَ لَا يَا عمر حَتَّى أكون أحب إِلَيْك من نَفسك قَالَ فَأَنت أحب إِلَيّ من نَفسِي قَالَ الْآن يَا عمر وَهَذَانِ الحديثان فِي الصَّحِيح
فَإِن كَانَت وَاجِبَات نقص من دَرَجَة الْمُقْتَصِدِينَ من أَصْحَاب الْيَمين حَتَّى يَتُوب أَو يمحوها بِشَيْء آخر وَإِن كَانَت نوافل فَإِنَّهَا من الْقرب بِحَسب ذَلِك
الْإِنْسَان لَا يفعل الْحَرَام إِلَّا لضعف إيمَانه ومحبته
وَإِذا فعل مكروهات الْحق فلضعف بَعْضهَا فِي قلبه أَو لقُوَّة محبتها الَّتِي تغلب بَعْضهَا فالإنسان لَا يَأْتِي شَيْئا من الْمُحرمَات كالفواحش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق والشرك بِاللَّه مالم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَالْقَوْل على الله بِغَيْر علم إِلَّا لضعف الْإِيمَان فِي أَصله أَو كَمَاله أَو ضعف الْعلم والتصديق وَإِمَّا ضعف الْمحبَّة والبغض
لَكِن إِذا كَانَ أصل الْإِيمَان صَحِيحا وَهُوَ التَّصْدِيق فَإِن هَذِه الْمُحرمَات يَفْعَلهَا الْمُؤمن مَعَ كَرَاهَته وبغضه لَهَا فَهُوَ إِذا فعلهَا لغَلَبَة الشَّهْوَة عَلَيْهِ فَلَا بُد أَن يكون مَعَ فعلهَا فِيهِ بغض لَهَا وَفِيه خوف من عِقَاب الله عَلَيْهَا وَفِيه رَجَاء لِأَن يخلص من عقابها إِمَّا بتوبة وَإِمَّا حَسَنَات وَإِمَّا عَفْو وَإِمَّا دون ذَلِك وَإِلَّا فَإِذا لم يبغضها وَلم يخف الله فِيهَا وَلم يرج رَحمته فَهَذَا لَا يكون مُؤمنا بِحَال بل هُوَ كَافِر أَو مُنَافِق
فَكل سَيِّئَة يَفْعَلهَا الْمُؤمن لَا بُد أَن تقترن بهَا حَسَنَات لَهُ لَكِن قُوَّة شَهْوَته للسيئة وَمَا زين لَهُ فِيهَا حتي ظن أَنَّهَا مصلحَة لَهُ أوجب وُقُوعهَا وَهُوَ اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوي الْأَنْفس وَهَذَا الْقدر عَارض بعض إيمَانه فترجح عَلَيْهِ حتي مَا هُوَ ضد لبَعض الْإِيمَان فَلم يبْق مُؤمنا الْإِيمَان الْوَاجِب كَمَا قَالَ النَّبِي
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَهُوَ فِيمَا يَفْعَله مُتبع للشَّيْطَان فِيمَا زينه لَهُ حَتَّى رَآهُ حسنا وَفِيمَا أمره بِهِ فأطاعه وَهَذَا من الشّرك بالشيطان كَمَا قَالَ تَعَالَى أفتتخذونه وَذريته أَوْلِيَاء من دوني وهم لكم عَدو بئس للظالمين بَدَلا وَقَالَ تَعَالَى ألم أَعهد إِلَيْكُم يَا بني آدم أَلا تعبدوا الشَّيْطَان إِنَّه لكم عَدو مُبين وَأَن اعبدوني هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم
وَلِهَذَا لم يخلص من الشَّيْطَان إِلَّا المخلصون لله كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن ابليس ولأغوينهم أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين وَقَالَ تَعَالَى إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين وَقَالَ تَعَالَى إِنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على الَّذين آمنُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانه على الَّذين يتولونه وَالَّذين هم بِهِ مشركون
فَإِذا كَانَ الشَّيْطَان لَيْسَ لَهُ سُلْطَان إِلَّا على من أشرك بِهِ فَكل من أطَاع الشَّيْطَان فِي مَعْصِيّة الله فقد تسلط الشَّيْطَان عَلَيْهِ وَصَارَ فِيهِ من الشّرك بالشيطان بِقدر ذَلِك
والشيطان يوالي الْإِنْسَان بِحَسب عدم إيمَانه كَمَا قَالَ تَعَالَى إِنَّا جعلنَا الشَّيَاطِين أَوْلِيَاء للَّذين لَا يُؤمنُونَ وَقَالَ تَعَالَى وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين وَإِنَّهُم ليصدونهم عَن السَّبِيل وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون حَتَّى إِذا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْت بيني وَبَيْنك بعد المشرقين فبئس القرين وَقَالَ تَعَالَى فِي قصَّة يُوسُف عليه السلام كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين
وَيشْهد لهَذَا مَا ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر عَن النَّبِي إِن الشَّيْطَان ينْتَصب عَرْشه على الْبَحْر وَيبْعَث سراياه
فَجَمِيع مَا نهي الله عَنهُ هُوَ من شعب الْكفْر وفروعه كَمَا أَن كل مَا أَمر الله بِهِ هُوَ من الْإِيمَان وَالْإِخْلَاص لدين الله وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدَّين كُله لله
لَكِن قد يكون ذَلِك شركا أكبر وَقد يكون شركا أَصْغَر بِحَسب مَا يقْتَرن بِهِ من الْإِيمَان فمتي اقْترن بِمَا نهي الله عَنهُ الْإِيمَان لتحريمه وبغضه وَخَوف