الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ترجمة الإمام ابن المبارك وغيره - أن الجهمية يزعمون أن الله ليس بشيء! فماذا يقول السلف الصالح لو سمعوا اليوم غلاة الصوفيين وهم يقولون على المنابر:
" الله، لا فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا يسار، ولا أمام، ولا خلف، ولا داخل العالم، ولا خارجه"!.
"مختصر العلو"(ص287)
[1047] باب ما المانع من أن نقول: الله ليس فوق ولا تحت؟ والكلام على علو الله، ومناظرة الشيخ لبعض الأزهريين حول ذلك
سؤال: .. وجود الله ووجودنا، قبل قليل كنت تقول: بأن وجوده غير وجودنا.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: فإذاً: الأمام والخلف والفوق تحت هذه من صفات وجودنا.
الشيخ: طبعاً.
مداخلة: فلماذا استغربناها عن الله؟ يعني استغربنا ممن يقول
…
الشيخ: الاستغراب
…
من جهة وصفهم لله، أنت لو أخذت العبارة كلها من أولها إلى آخرها، أظن أنه ستجد نفسك لست بحاجة للسؤال.
الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار .. هذه صفات بالنسبة لنا، جهات بالنسبة لنا، لا يوجد إشكال، لكن انظر إلى النهاية: الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف ولا داخل العالم ولا خارجه! فماذا بقي إذاً؟
هل بقي هناك وجود، لا داخل العالم ولا خارج العالم.
مداخلة: بدون استغراب.
الشيخ: نعم.
مداخلة: بيجوز المقايسة نفسها بنفس الألفاظ الموجودة الأولى،
…
وجود المخلوقات، يمكن ما تصح عن الله عز وجل، لعل هناك مقاسات أخرى، يعني خارج الأبعاد المحسوسة؟
الشيخ: خارج العالم في قياسات؟
مداخلة: خارج العقل البشري.
الشيخ: لا، خارج العالم حسب تعبيرهم هم.
يمكن أحكي لك هذه القصة وقعت معي في منى، منذ عشر سنين في موسم الحج، أنا جالس مع بعض الناس من بعد صلاة المغرب نتحدث في بحوث شرعية طبعاً، لما دخل علينا شيخ أزهري، السلام عليكم، وعليكم السلام.
جلس يسمع، جاءت مناسبة هذا الكلام، طبعاً دراسته في الأزهر كما حدثتكم عن المشايخ مع ابن تيمية تماماً، قال:«قولنا أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها تشبيهٌ وتجسيمٌ» .
هذا كلام أزهري تماماً، وكلام المشايخ من علماء الكلام، فأنا جريت معه في البحث كما يأتي، ولعل هذا إجابة للإشكال، أو جواب عن السؤال.
قلت له: أولاً: الأدلة الشرعية يجب الإيمان بها دون تكييف، أي: تشبيه، ودون تعطيل أي: إنكار لمعانيها.
ثانياً: خلينا ندرس الموضوع بعقلي وعقلك، لنرى أي القولين أصح، فسألته ما يلي، أسئلة متتالية، قلت له: الآن فوقنا ماذا؟ قال: السماء الدنيا. قلت: حسناً، وفوق السماء الدنيا؟ قال: الثانية .. الثالثة .. الرابعة
…
السابعة.
لعلي فاتني شيء [يستدرك الشيخ على نفسه] سألته قبلُ، قلت له: الكون المخلوق محصور أو لا نهاية له؟ قال: لا، محصور؛ لأنه مخلوق. قلت له: حسناً ضع هذا في بالك، ثم سألته: ماذا فوق السماء السابعة؟ قال: العرش. قلت له: حسناً، فوق العرش ماذا يوجد؟ قال -وأول مره أسمع هذا الجواب الغريب-: الملائكة الكروبيون، قلت له: من هؤلاء الملائكة الكروبيون؟ أنا أعرف في بعض أحاديث مما لا سنام لها ولا خطام، لكن شيخ يقول فوق العرش ملائكة كربيون، قلت له: من أين هذا، هل عندك آية؟ قال: لا. قلت له: عندك حديث؟ قال: لا، قلت له: من أين أتيت بأن الملائكة الكروبيون فوق العرش؟ قال: والله! هكذا مشايخنا في الأزهر درسونا، وأنا الحقيقة اعتبرتها فرصة، وأقولها الآن من أجل التذكير والتنبيه، مشايخ الأزهر مع الأسف كمنهج دراسي يدرسون طلبة العلم أن العقيدة لا تثبت بالحديث الصحيح، لازم يكون الحديث صحيح متواتر، فإذا كان دون المتواتر قوةً وصحةً لا تثبت به عقيدة، وهذا خطأ بلا شك، ولي رسالتان مطبوعتان حول إبطال هذا القول، وأن الحديث الصحيح من حيث وجوب العمل به عقيدة وحكماً عملاً، فقلت له: يا شيخ! عجيب والله، نحن نعرف أن علماء الأزهر يدرسون أن الحديث الصحيح لا يتخذون منه عقيدة، كيف أخذتم عقيدة كروبيون فوق العرش، وما في لا أحاديث ولا آية، مع ذلك قلنا له: نحن الآن لا نقف هنا، هب أن فوق العرش يوجد ملائكة كروبيون، فوق ذلك ماذا يوجد؟ قال: لا شيء. هنا الشاهد.
هذا الجواب علماء السنة يقولون هذا هو التعطيل، هذا هو النفي، نفي وجود الله.
قلت له: أنت تقول لا شيء، معنى ذلك أنه بالكروبيين انتهى الخلق، فالخلق المحدود انتهى، خارج هذا الخلق الآن ما في شيء؟ نحن نعتقد أن الله هو خالق الأشياء هذه كلها، وهو فوقها مستعل عليها، إلى آخره
…
لعل هذا الجواب يقرب الموضوع بالنسبة لسؤالك السابق؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: إن شاء الله.
نحن نريد بهذه المقدمات إبطال تعطيل هؤلاء، لأنه بيقول لك: إذا قلت: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5)، حددته، جسمته، جعلته في مكان، يا جماعة اتقوا الله، المكان- الآن تذكرت الاستدراك الذي استدركته-، أن المكان مشتق من الكون، فالمكان مخلوق، هذا الكون هو مكان، فلما انتهى هذا الخلق، ما وراءه؟ نفس الأزهري قال: لا شيء، قال: لا، لأن المكان من الكون، فما بقى هناك في مكان، فخلصنا من المحسوسات والمعدومات الآن، نحن نتكلم كلنا في حدود ما نعلم من الماديات، فبعد ذلك ارجع معنا أنت وغيرك حتى تتضح لكم القضية، ذكرنا حديث عمران بن حصين آنفاً:«كان الله ولا شيء معه» هذه عقيدة يؤمن بها كل مسلم، معنى:«لا شيء معه» يعني: لا خلق، ثم خلق الله الخلق، خلق العرش، خلق
…
إلى آخره.
«كان الله ولا شيء معه» هل كان في كون؟
مداخلة: لا.
الشيخ: طيب، هذا قولنا. فهو الآن كما يقول بعض الصوفية، لكن يعنون معنى آخر غير صحيح، فهو الآن من حيث هذه الحيثية التي نتكلم فيها كمكان، فهو لم يكن في مكان، فهو ليس بمكان، لماذا إذاً أنتم
…
تتهموا السلف الصالح الذين يثبتون لله كل صفات الكمال، ومنها صفة العلو المطلق، ليس العلو المادي، صفة العلو المطلق، لماذا تقولون عنهم إنهم مجسمة .. إنهم جعلوا الله في مكان، وأنت عندما تبحث بحث هادئ تفهم معنى أنه ليس هناك مكان، إذاً:«كان الله ولا شيء معه» ، فهو الآن كما عليه كان، لكن هو فعال لما يريد، فعال لما يشاء، يخلق يحيي ويميت، بيده ميزان القسط، إلى آخره.
فإذاً: استشكالك أنت كان في هذا الكون المحسوس، لكن لما تصورت إن الكون انتهى رجعنا إلى ما كان رب العالمين على ما هو عليه كان، قبل أن خلق الزمان والمكان.
مداخلة:
…
سؤالك: ماذا وراءه؟
الشيخ: وراء ماذا؟
مداخلة: أنت عندما تسأل شيخ الأزهر ....
الشيخ:
…
وراء العرش
…
أنا أخاف يقول لي: بدل مكروبيين فيه مكاريب مثلاً، فما دام انتهى الخلق، خلاص انتهينا مع بعض، هذا أخي من باب إقناع المناظر لك من نفس كلامه، إنه أنت تقول: إن الذين يقولون: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5)، جعلوه في مكان، طيب دعونا ننظر، المكان من الكون؟ أي نعم، وكان مسبوق بالعدم؟ أي نعم، فإذاً: ما هو، سماء أولى ثانية، وصلنا لعرش،
وصلنا للملائكة تبعه الكروبيين، طيب وبعد ذلك ماذا يوجد؟ لا شيء.
مداخلة: لا مكان ..
الشيخ: إذاً: لا مكان، فكان الله ولا شيء معه، أي: لم يكن (هناك) شيء مخلوق؛ لأنه غني عن العالمين، الله عز وجل هو الآن كما عليه كان قبل أن خلق المكان والزمان، هذه العقيدة الذي نسميها نحن العقيدة السلفية، هي العقيدة الفطرية التي لا يقبل العقل سواها إطلاقاً حينما توضح له على طريقة القرآن الكريم والسنة.
وفي الحقيقة أذكر قصة: كنت مسافر من إدلب إلى اللاذقية، كان عندي سيارة صغيرة، فلما خرجنا من إدلب وإذا بشخص مبين عليه أجنبي، بيعطي إشارة.
مداخلة: .. ستوب.
الشيخ: هذول الشحاذين على الأصول، شحاذي الركوب، وأنا ماشي بالسيارة كان معي بجانبي شخص، فلفت نظري كنت قطعته، قلت لصحابي: ما رأيك نرجع نأخذه مبين عليه أجنبي، ونتسلى معه في الطريق؟ قال: ما في مانع، رجعنا القهقرى، وإذا هو الخبيث مخبئ امرأتين معه الظاهر زوجته وبنته، صاروا ثلاثة، على كل حال المكان فاضي، ركبناهم، نريد أن نبحث معهم نقطع الطريق يعني
…
كما يُقال
…
يا تقطعني يا أقطعك، كيف: يا أقطعك؟ يعني بالحديث.
وصلنا معه إلى هذا الموضوع بالذات، عندما شرحنا له هذه العقيدة، قال: هذا هو المعقول، أن الله عز وجل فوق المخلوقات وليس داخل المخلوقات، هم طبعاً كنصارى ليس عندهم هذه العقائد الموجودة عندنا بصريح القرآن والسنة،
لكن قصدي الفطرة تتقبل هذه العقيدة السليمة، لكن عندما تأتيهم الإشكالات والشبهات من أكثر الناس، يحاروا أمامها ولا يستطيعون لها جواباً، لكن المتمكن في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، [يعرف]:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11)، انتهت المشكلة.
مداخلة: هل يُفهم من كلامك هل يجوز مناظرة الملاحدة مثلاً والفلاسفة؟
الشيخ: طبعاً، الله سن هذه السنة، قال لهم مثلاً:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (الطور:35)، لكن بطبيعة الحال الذي يريد أن يناظرهم لا بد أن يكون كما يقال عندنا في الشام (قد حاله) أولاً: لازم يكون عارفاً بكتاب الله، عالماً بكتاب الله، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي يعلم كيف تؤكل الكتف، يعني يعرف يصول ويجول مع المبطلين، حتى يظهر حقه على باطلهم، وإلا إنسان ممكن ما يعرف من دينه إلا ما وجد عليه آباءه وأجداده،
…
يناقشهم ويريد يناقشهم بالعقل المجرد، وبعقل دون عقل، يتغلب العقل الأقوى على العقل الأضعف، بينما العقول كلها لو اجتمعت لا تستطيع أن تعلو على نص من كتاب الله، أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيجوز ذلك لكن بهذا الشرط.
مداخلة: يعني مثلاً: ليس عن طريق العلم يعني؟
الشيخ:
…
[هنا الصوت غير مسموع]
الشيخ: أنت احفظ الآية التي ذكرتها لك، {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (الطور:35)، هذا جواب للشيوعيين والماديين والدهريين جميعاً، لا بد ما يثبت المادة، هذه المادة ما قوتها، ما صفاتها،
…
[يقولون] المادة عملت كذا،