الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمور الاعتقادية
…
"! شنشنة نعرفها من أخزم، يلهج بذلك أهل الأهواء والبدع في كل زمان، وبخاصة زماننا هذا الذي كثرت فيها الفرق والطوائف! (وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا)! وإن عجبي من هؤلاء لا يكاد ينتهي، يردون الاستدلال بالأحاديث الصحيحة بتلك الحجة الواهية، ومن جهة أخرى هم يستدِلّون بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وما لا أصل له في السنة الصحيحة؛ بل وبالآثار الموقوفة الواهية، وكتاب الخليلي المذكور آنِفًا مشحون بما لا يصح من المرفوع والموقوف.
"الضعيفة"(12/ 2/925).
[1164] باب دفع تهمة القول بخلق القرآن عن أبي حنيفة
وذكر بعض العقائد الضالَّة في كلام الله تعالى
[قال الإمام]:
في " التاريخ "[أي تاريخ بغداد] روايات .. عدة أن أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق. إلا أنني دققت النظر في بعضها فوجدتها لا يخلو من قادح، ولعل سائرها كذلك، لاسيما وقد روى الخطيب عن الإمام أحمد أنه قال: لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق.
قلت: وهذا هو الظن بالإمام أبي حنيفة رحمه الله وعلمه، فإن صح عنه خلافه، فلعل ذلك كان قبل أن يناظره أبو يوسف كما في الرواية الثابتة عنه في الكتاب، فلما ناظره ولأمرٍ ما استمرت مناظرته ستة أشهر، اتفق معه أخيرًا على أن القرآن غير مخلوق، وأن من قال:"القرآن مخلوق" فهو كافر.
وهذا في الواقع من الأدلة الكثيرة على فضل أبي حنيفة فإنه لم تأخذه العزة،
ولم يستكبر عن متابعة تلميذه أبي يوسف حين تبين له أن الحق معه، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.
ولكن مما يؤسف له أشد الأسف، أن كثيراً من أتباعه، وبخاصة المتأخرين منهم، قد تأولوا كلامه هذا بما يعود إلى رده وذلك بحمله على الكلام النفسي، كما قد سبقت الإشارة إلى ذلك - فيما أظن، فهذا الشيخ الكوثري - حامل راية الخلف، والطعن في السلف - يعلق على مناظرة أبي يوسف لأبي حنيفة، فيقول بعد أن ذكر المذاهب في كلام الله تعالى، ونبز أهل الحديث بالحشوية لقولهم بأن كلام الله تعالى بحرف وصوت وأنه لا عبرة بخلافهم!! قال:
"فبقي النزاع بيننا وبين المعتزلة (!)، وهو في التحقيق عائد إلى إثبات كلام النفس ونفيه، وأن القرآن هو، أو هذا المًؤَلَّف من الحروف الذي هو كلام حسي (أي مسموع) أولاًَ، فلا نزاع لنا في حدوث الكلام الحسي، ولا لهم في قدم النفسي لو ثبت. وعلى البحث والمناظرة في ثبوت الكلام النفسي وكونه هو القرآن ينبغي أن يحمل ما نقل من مناظرة أبي حنيفة وأبي يوسف ستة أشهر، ثم استقر رأيهما على أن من قال بخلق القرآن فهو كافر "!
وهكذا التقي الكوثري مع المعتزلة في إنكار أن القرآن كلام الله تبارك وتعالى، ولكن بطريقة اللف والدوران منه ومن أمثاله ممن يتظاهرون بأنهم من أهل السنة والجماعة!! وما تخفي صدورهم أكبر، فإنهم يقولون بالكلام النفسي، وهو غير مسموع، ولذلك فإنهم إذا سئلوا من الذي تكلم بالقرآن أولاً، ومن الذي سمعه منه؟ أولاً، فإنهم لا يحيرون جواباً، والحقيقة أن النفاة لكلام الله تعالى إنما يرجع قولهم إلى أن القرآن ليس كلام الله، وإذا كان كذلك فسواء كان أول من تكلم به بكلام مسموع هو جبريل أو محمد عليهما السلام، فإن قولهم يلتقي مع