الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام.
مداخلة: كيف حال شيخنا؟
الشيخ: الحمد لله بخير، كيف أنت.
مداخلة: والله بخير ولله الحمد.
الشيخ: الحمد لله.
مداخلة: كيف حالكم طيبين إن شاء الله؟
الشيخ: طيبك الله.
مداخلة: في سؤال يا شيخ ..
"الهدى والنور"(665/ 17: 03: 00)
[1049] باب حكم قول القائل: الله كان ولا مكان، وهل ينسب لله لفظ المكان والجهة والحد
؟
السائل: ما الحكم الشرعي بمن يقول: الله كان ولا مكان؟
الشيخ: الجواب: مثل هذا النفي يرد كثيراً على ألسنة المتكلمين من علماء الكلام نفياً أو إثباتاً فنفي المكان كإثباته، كذلك نفي الجهة بالنسبة لله عز وجل كإثباتها، والأمثلة في مثلها كثيرة، والجواب الصحيح: أنه لا يجوز إنكار شيء
من هذه الألفاظ أو إثباتها إلا بعد أن نتبين المعنى الذي يقصده المُثبِت لهذه الألفاظ أو نافيها.
فنعود بعد هذه التوطئة وبعد هذه المقدمة الوجيزة إلى الإجابة عن السؤال مباشرة فنقول، بناءً على هذه المقدمة نقول: إن كان الذي يقول: كان الله ولا مكان، إنما يعني تحقيق أن الله عز وجل هو الأول وهو أزلي أبدي لا أول له، وأنه كما جاء في الحديث الصحيح:«كان ولا شيء معه، ثم خلق الله العرش» فقوله عليه السلام في هذا الحديث: كان الله ولا شيء معه، أي: من المخلوقات، ومما لا شك فيه أن المكان إنما وجد بالكون أي: لقوله تبارك وتعالى: {كُنْ فَيَكُونُ} (البقرة:117) كما قال في القرآن الكريم: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:82).
فإذا كان الله ولا شيء معه ثم قال للعرش: كن فكان، فإذاً: كان الله ولا مكان؛ لأن المكان مشتق من الكون، أما إن كان الذي ينفي هذا المعنى للمكان يعني به: ما يعارض الشرع في توهمه من بعض النصوص الشرعية المقطوع ثبوتها ودلالتها أنه تعني: إثبات المكان لله عز وجل وقد عرفنا أن المكان كان بعد أن لم يكن وأن الله غني عن العالمين لكن عندما جاءت بعض النصوص المقطوع ثبوتها والمقطوع دلالتها وكل هذه الأدلة تدور حول إثبات العلو للعلي الغفار، فحينئذ قد يتوهم بعض الناس أننا إذا قلنا: بما دلت عليه هذه النصوص القاطعة ثبوتاً ودلالة أننا أثبتنا لله المكان، وبناءً على هذا التوهم، أي: بعض الناس يتوهمون من إثبات صفة العلو لله عز وجل على المخلوقات كلها يتوهمون من هذا الإثبات: أن ذلك يستلزم جعل الله عز وجل في مكان.
إذاً: هم يقولون: كان ولا مكان، هنا نقول: النفي باطل، إما بالإثبات السابق صحيح، وشتان بين المعنى الأول: معنى الإثبات ومعنى النفي؛ لأن معنى النفي ينفي دلالات قاطعة، ومعنى الإثبات للمكان يثبت دلالات قاطعة هي: أن الله عز
وجل كان ولا شيء معه، فلما خلق الخلق وُجد المكان، ولكن الله عز وجل غني عن المكان، وغني عن الزمان، ولا يلزم مطلقاً أن يكون الله عز وجل في مكان حينما يثبت أهل السنة جميعهم لله عز وجل صفة العلو التي نشهد بها في كل سجود نسجده فنقول فيه: سبحان ربي الأعلى.
إذاً: ثبت بهذا البيان وبهذا الجواب عن ذاك السؤال، أنه لا يجوز نفي أو إثبات معنىً للفظ لم يرد عن الله ورسوله وإنما هو اصطلاح بين الناس، ففي هذه الحالة ننظر إلى مقصد المتكلم فإن كان مقصده يوافق الشريعة، قلنا: لله مكان بهذا المعنى، وإن كان يعني ما يخالف الشريعة قلنا: لا، ليس لله مكان بهذا المعنى.
كذلك يقال: بالنسبة للجهة التي قد تنسب أو قد تنفى، تنسب لله أو قد تنفى عنه، كذلك نقول نفس الكلام، نقول للذي يقول: إن الله ليس في جهة: ماذا تعني بهذا النفي؟ أتعني معارضة قول الله تبارك وتعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5) .. {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (المعارج:4) .. {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} (الملك:16) .. «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» والنصوص قاطعة في هذا أيضاً.
إن كان الجواب: نعم، أنا أعني نفي هذه الدلالات التي دلت عليها هذه النصوص، نقول له: أنت مبطل حينما تنفي الجهة بالمعنى الذي أثبته الشرع في الآيات أو في الأحاديث، وإن كان يعني بذلك حينما يقول قائل ما: إن لله جهة أنه يعني: أن الله ليس في كل مكان مخلوق كما يقول القائلون بوحدة الوجود من غلاة الصوفية والمعتزلة وأمثالهم يقولون: الله موجود في كل مكان، هذا كلام حينئذ باطل؛ لأن الله عز وجل أفهمنا بنصوص قاطعة من أدلة الكتاب والسنة أن له صفة
العلو، فإذا أثبتنا صفة العلو وسمو هذه الصفة بأنها جهة لله قلنا: لا بأس، لكن من نفى أن لله هذه الصفة ففيه كل البأس.
ولكننا مع ذلك سواء فيما يتعلق بالمكان إثباتاً ونفياً، أو ما يتعلق بالجهة إثباتاً ونفياً، أو ما يتعلق - وهذا ترونه في كتب علم الكلام - إثباتاً ونفياً أيضاً وهي: إثبات الحد لله تعالى أو نفيه كل هذه الألفاظ الثلاثة من المكان والجهة والحد لا نستعمله إطلاقاً لا بمعنى الإثبات ولا بمعنى النفي، نحن لا نستعمله؛ لأن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة إلا أننا نتحفظ مع الناس الذين قد يستعملون لفظاً من هذه الألفاظ الثلاثة لا نسارع في الإنكار عليهم ابتداءً وإنما نسأله ماذا تعني؟ فإن أعنى معنىً أثبتته الشريعة قلنا: أصبت في المعنى وأخطأت في اللفظ، وإن قصد بمعنى ذلك اللفظ معنىً يخالف الشرع نقول له: أخطأت مرتين، المرة الأولى وهي الأخطر: أنك عنيت بهذا اللفظ معنىً أثبته الشرع فنفيته، والشيء الثاني: أنك ابتدعت لفظاً استعملته في نفيه عن الله عز وجل وذلك يستلزم نفي ما أثبته في الكتاب وفي السنة.
هذا جواب ذاك السؤال ولعله واضح إن شاء الله.
مداخلة: هناك شيء في صلب الموضوع يعني.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: يقولون: إن الله كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، ويوردون كلمة في معنى ذلك ينسبونها إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الشيخ: جواب هذا السؤال تماماً كما سبق: إذا قالوا - وهذا كلام صوفي نعرفه قديماً -: كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان، إن كانوا يُعْنُون
أنه الآن على ما عليه كان؛ غني عن المكان الكوني المخلوق نقول لهم: أصبتم، أما إن كانوا يعنون بهذه العبارة وهو الذي يقصده هؤلاء: أن الله عز وجل ليس له صفة العلو على العرش حيث جاءت في القرآن الكريم بلفظ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الأعراف:54) فإذا أرادوا نفي هذا الاستواء الذي جاء التصريح به في القرآن، نقول: أبطلتم مرتين، المرة الأولى: أنكم قصدتم معنىً يخالف الشريعة، والمعنى الثاني: أنكم ألحقتم بالحديث جملة لا أصل لها؛ لأن الحديث الذي ذكرناه آنفاً في صحيح البخاري: «كان الله ولا شيء معه» انتهى، نقطة فاصلة قوية جداً الحديث إلى هنا، ثم هم زادوا عليه زيادة باطلة سنداً ومعنىً، أما سنداً فلأنها لا وجود لها في شيء من كتب الحديث إطلاقاً، «وهو الآن على ما عليه كان» زيادة باطلة سنداً وباطلة أيضاً معنىً بالمعنى السلبي.
"الهدى والنور"(333/ 00: 03: 00)