الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال الإمام]:
وفيه ردٌّ على المعتزلة والإباضية المنكرين لهذه النعمة العظيمة: رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وعلى المثبتين لها الذين تأولوها بمعنى العلم.
"الصحيحة"(7/ 1/155 - 156).
[1085] باب منه
[تكلم الشيخ عن أهمية قيد فهم سلف الأمة بجانب الكتاب والسنة بدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
…
} ثم قال]:
أنا عادةً أضرب مثلاً بسيطاً؛ لتوضيح أهمية هذا القيد الذي استفدناه من الآية السابقة، ومن الحديث الأول:«ما أنا عليه وأصحابي» أضرب مثلاً بسيطاً: آية في القرآن الكريم من أبين الآيات في بيان المراد الإلهي، وهي قوله تبارك وتعالى في وصف أهل الجنة في الجنة:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:22، 23). ماذا كان موقف المعتزلة والخوارج بالنسبة لهذه الآية وهي صريحة في أن مِنْ
نِعَمِ الله تبارك وتعالى على المؤمنين في الجنة، بل هي أكبر نعمة يمتن الله بها على أهل الجنة: أنهم يرون ربهم يوم القيامة، فإذا رأوه تبارك وتعالى نسوا نعيم الجنة كلها، نعم.
ماذا فعل المعتزلة والخوارج تجاه هذه الآية؟ أنكروها؟ لا ما أنكروها؛ لأنهم لو أنكروها لخرجوا من الدين كما تخرج الشجرة من العجين، لكنهم عطلوها حرفوا دلالتها الصريحة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) قالوا: إلى نعيم ربها ناظرة، ما فيها شيء، إلى نعيم ربها ناظرة، قدروا مضافاً محذوفاً، كما قلنا نحن آنفاً: لببيان
كيف ينبغي أن تفهم اللغة العربية فضلاً عن الكلام الإلهي القائم على اللغة العربية؟ جاء الأمير جاء الملك، هل يجوز لنا أن نفهم جاء خادم الأمير أو الملك؟ لا. يا أخي يقول لك:
هذا أمر معروف في اللغة العربية تقدير مضاف محذوف، وهنا بحث عند أهل العلم يقولون: تقدير المضاف المحذوف يجوز عند وجود الدليل المقتضي لذلك، وإلا كانت تعطلت اللغة العربية، أنا أقول: جاء أحمد نعم هل يفهم جاء ابنه، جاء أحمد: جاء ابنه، يا أخي من أين جئت بالتأويل هذا؟ ما في جواب يعطل اللغة العربية، فهنا هكذا فعل المعتزلة وغيرهم في تفسير نصوص الكتاب
والسنة، نعم.
مداخلة: ويفهمون الحق.
الشيخ: يفهمون الحق، لكن الحق ما وافق أهواءهم لذلك يقولولك في ضرورة تأويل، ما هو دليله؟ ما دخل في عقله، ومعنى هذا: أنهم ما نقول ليسوا مؤمنين مطلقاً، لكن نقول: بكل جرأة أن إيمانهم ناقص وضعيف؛ لأن الله عز وجل يقول في مطلع سورة البقرة: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة:1، 2] من هم؟ {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (البقرة:3) أول صفة المتقين: الذين يؤمنون بالغيب.
طيب. من الغيب: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) ما تُريد فلسفة، هم بقى يستعملون العقل البشري مثل: القوى البشرية، تستطيع أن تزيل الجبل عن مكانها؟ لا. القوة البشرية محدودة، كذلك البصر محدود السمع محدود، كذلك ماذا؟ العقل محدود تماماً، كل شيء يعني: الإنسان خُلِقَ ضعيفاً، فهم لما يسمعوا الآية:
{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) أكيد نحن إذا قلنا: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) معناه: حصرناه في جهة وضعناه فوق، وضعناه قدام إلى آخره، من هذه الشبهات التي استقوها مما يشاهدونه حولهم كمخلوقين، لكن الخالق نسوا أنه وصف نفسه بصفتين اثنتين إحداهما: إيجابية، والأخرى: سلبية.
الإيجابية: صفة قائمة فيه، السلبية تنزيه له تبارك وتعالى، فقال وهو
السميع البصير.
مداخلة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11).
الشيخ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11).
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11) تنزيه أنه أي شيء يخطر في بالك من صفات الله عز وجل يختلط عليك الأمر لو يكون مثل صفاتنا، بتقول رأساً ليس كمثله شيء، لكن هل هو عبارة عن معنى قائم في الذهن لا حقيقة له ولا وجود له؟! حاشاه، يعني: نحن الآن نستطيع أن نتصور العنقاء، العنقاء اسم عربي قديم خيالي، طير كبير يتحدث عنه السندباد البحري، في قصة ألف وليلة وأمثالها، إنه عبارة عن طير كبير يعني: البيض اللي بيطلعله مثل القبة، وبيحكي القصة فيها يعني: فيها طرافة وكلها خيال في خيال.
العنقاء: اسم بدون جسم، اسم في الذهن معنى قائم في الذهن، لكن في خارج الذهن يعني: في الواقع لا حقيقة له.
فربنا عز وجل الذي له كل صفات
الكمال، ومنزه عن كل صفات النقصان، هل هو هكذا معنى قائم في نفوسنا وليس له حقيقة قائمة خارج هذا الكون، خارج هذا العقل؟! الله أكبر مِنْ ذلك، بل هو خلق السموات والأرض، فهو له كل صفات الكمال، فهو ذات موجودة حقيقةً، ولها كل صفات الكمال، إذ الأمر كذلك، فما هي صفاته عز وجل؟ ليس لنا مجال في العقل أن نصفه من عندنا، بل قد كفانا مؤنة تجريد عقولنا بأن وصف نفسه لنا في الكتاب وفي السنة.
من جملة هذه الصفات: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) أن المؤمنين كما قال أحد فقهاء الشعراء نستطيع أن نقول:
يراه المؤمنون بغير كيف وتشبيه وضربٍ من مثال
نعم، فرؤية الله ثابتة في الآخرة أنكرها المعتزلة، أنكرها الخوارج لعدم وجود نصوص الكتاب والسنة، لا النصوص موجودة، ولكنهم حرَّفوها وعطَّلوا معانيها، فإذاً: ما استفادوا شيئاً من إيمانهم بهذه النصوص مع إنكارهم حقائق دلائلها، فإذاً: يجب أن نؤمن بالنص لفظاً ومعنىً، النص محفوظ كيف نعرف المعنى؟ هنا بيت القصيد كما يقال: بالرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح.
القرآن يفسر أول شيء بالقرآن، ثم بالسنة الصحيحة ثم بالآثار السلفية، فهل نجد عند السلف الصالح تفسير هذه الآية:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة:23) أي: إلى نعيم ربها؟! أبداً، كل أثر يأتي عن السلف يتفق مع ظاهر الآية أولاً، ثم مع الأحاديث الصحيحة الصريحة في الدلالة على أن الآية على ظاهرها التي يفهمها كل عربي إذا كان لم يصبِ بهَوَن، لم يصب بمذهبية، أو حزبية مقيتة، هناك آية أخرى قال تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (يونس:26) جاء تفسير هذه الآية في الحديث الصحيح في مسلم: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} (يونس:26) أي: الجنة. {وَزِيَادَةٌ} (يونس:26) أي: رؤية الله في الآخرة .. ".
باختصار ولعلي أطلت أكثر مما أراد السائل بالسؤال باختصار أقول: رحم الله ابن القيم الذي قال:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتَّمْويه
ما العلم نَصْبَكَ للخلاف سفاهة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلاّ ولا جَحْد الصفات ونفيها
…
حذراً من التمثيل والتشبيه
هذا هو العلم قال الله قال رسول الله قال الصحابة.
اليوم الفِرق الإسلامية كلها يأخذون من هذا الكلام اثنين: قال الله
وقال رسول الله، لكن بيلفوا ويدوروا على ما قال الله قال رسول الله، ويأتونك بمذهب ما أنزل الله به من سلطان، وحسبكم مثالاً على ذلك: الفرقة الجديدة
وهي فرقة القاديانية الذين يُسمَّون بالأحمدية، فهؤلاء آخر الفرق الإسلامية
التي لها كيان ولها شخوص، ولها بروز ولها دعوة شائعة في الأوربية والأمريكية باسم الإسلام.
هؤلاء مسلمون يصلون صلوات خمس، ويحجون إلى بيت الله الحرام، ولكنهم ينكرون حقائق شرعية منصوصة في الكتاب والسنة لم يسبقوا إلى القول بها، مش مثل المعتزلة والماتريدية الأشاعرة، فهم مثلاً: ينكرون أن يكون هناك خَلْقٌ هم الجن مع أنه هناك سورة في القرآن اسم سورة الجن، طيب. هل ينكرون القرآن ينكرون السورة؟ لا. لكن يقولون لنا: أنتم ما فهمتم معنى الجن كمثل الإنس والبشر اللفظين هذين يدلان على مسمى واحد وإلا على مسميين؟ لا مسمى واحد، هم بقي جابوا مسمى ثالث الإنس والبشر والجن أسماء ثلاثة تطلق على مسمى واحد وهم: البشر. لما تأتي لهم بآية في القرآن: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (الأعراف:12) يقول لك: هذه ما هي نار حقيقة، ولا طين حقيقي
إنما هذا مجاز، مجاز ولما بتجيب له بالحديث الصحيح في مسلم:«خلق الله الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» (1) يقول لك: هذا حديث آحاد، حديث آحاد آحاد، حديث ما هو متواتر يعني، حديث آحاد لا تثبت فيه عقيدة، وهذه ضلالة وهي: أن حديث الأحاديث لا تثبت به عقيدة مع الأسف الشديد ما هو مذهب قادياني، القاديانية سبقوا إلى هذه الضلالة بقرون، لكن لم يسبقوا إلى تفسير الجن بأنهم الأنس أو البشر.
الأزهر الشريف الآن، الأزهر الذي يسموه شريف يقرر على الطلاب الذي يوزعوهم في العالم الإسلامية للدعوة للإسلام أن الحديث الصحيح لا يحتج به في العقيدة إلا إذا كان متواتراً، ما معنى متواتر؟ يعني: يكون جاء من طرق عديدة، يعني: يكون رواه في عشرة من الصحابة، وعشرة من التابعين عن عشرة من الصحابة
…
وهكذا.
وعلى كل حال: أردت أن أختصر، لكن كما يقال: الحديث ذو شجون ..
مداخلة: ماذا يستفيدون من التعطيل.
الشيخ: اتباع الأهواء عقل بيحكموا عقولهم ما بيحكموا الشرع.
مداخلة: هذا هو الأمر، {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (الفرقان:43).
الشيخ: هواه أي نعم.
الشاهد: أذكر جيداً بمناسبة الأزهر الشريف وأنه يقرر هذه العقيدة.
"الهدى والنور""الهدى والنور"(161/ 01: 33: 00) و (161/ 27: 45: 00)
(1)"مسلم"(رقم7687).