الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفار قريش الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا في القرآن: {إن هذا إلا قول البشر} فإنهم إن لم يقولوا مثلهم إنه قول البشر، فهم قائلون ولا بد إنه قول جبريل أو غيره من الخلق، فهم مشتركون معهم في الغرض من قولهم {إن هذا إلا قول البشر} أنه ليس من كلام الله تعالى، فالله المستعان على هذا الضلال الذي وصل إليه كثير من الخلف، وتلك عقوبة لهم من الله تعالى لانحرافهم عن مذهب السلف
وأهل الحديث حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على ملتهم، من أجل ذلك قال
وكيع بن الجراح:
"لا تستخفوا بقولهم: "القرآن مخلوق؛ فإنه من شر قولهم، وإنما يذهبون
إلى التعطيل"! رواه البخاري في " أفعال العباد " (ص 71) وقال البيهقي
عقبه (ص254):
"وقد روينا نحو هذا عن جماعة آخرين من فقهاء الأمصار وعلمائهم رضي الله عنهم، ولم يصح عندنا خلاف هذا القول عن أحد من الناس في زمان الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين".
" مختصر العلو"(ص156 - 157).
[1165] باب شرح قول أحمد:
"من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي
"
[قال الذهبي في العلو]: يقول الإمام أحمد: "من قال: لفظي بالقرآن مخلوق- يريد القرآن - فهو جهمي".
[قال الإمام معلقًا على هذا الأثر]:
رواه عبد الله بن أحمد في "السنة"(ص 29) عن أبيه نحوه. أخرجه البيهقي
في "الأسماء"(ص 266) بإسناد صحيح، وقال:
"قلت: هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبد الله، وهو قوله: "يريد القرآن"، فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا".
قلت: وفي قوله: "فقد غفل عنه غيره
…
" نظر؛ لأن حقيقة الأمر أن الإمام أحمد كان يطلق ذلك في كثير من الأحيان، وممن روى ذلك عنه ابنه عبد الله نفسُه كما يأتي في الكتاب، وكذا أبو داود كما سأبينه قريباً فهل يجوز أن ينسبا إلى الغفلة؟! فالحق أن أحمد أطلق غالباً، فحفظه عنه جمع، وقيد مرة بياناً ودفعاً لما قد يتوهم من الإطلاق أن نطقنا بالقرآن ليس من أفعالنا، وهذا خلاف ما هو مقرر عند أهل السنة أن أفعال العباد - ومنها النطق - مخلوقه كما شرحه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتابه "خلق أفعال العباد" بأدلة قاطعة من الكتاب والسنة، وأقوال السلف. فبيَّن الإمام أحمد رحمه الله تعالى بهذا القيد أنه لا يعني نطق التالي، فإنه مخلوق، وإنما يريد كلام الله تعالى، وبهذا يتفق الإمام مع تلميذ البخاري الذي كان يفرق بين التلاوة والمتلو، كما حكاه البيهقي وغيره، وقال: "ومسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى كان يوافق البخاري في التفصيل".
وهو الذي شرحه المصنف رحمه الله تعالى، وأحسن في ذلك، وبين السبب في فرار الإمام أحمد - في أكثر الروايات عنه - ومن وافقه من القول بالتفصيل المذكور ولله عاقبة الأمور. وراجع له كلام الإمام الجويني في رسالته في "الاستواء"(ص 184) فإنه مهم.
"مختصر العلو"(ص211)