المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[1040] باب في علو الله تعالىونقد عقيدة: الله موجود في كل الوجود - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٧

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الرد على عقيدة "الله موجود في كل مكان" أو "موجود في كل الوجود"(غير ما تقدم)

- ‌[1037] باب رد قول الجهمية: الله في كل مكان وبيان خطأ الدعاة الذين يتهاونون في رد هذه العقيدة

- ‌[1038] باب بيان ضلال قول بعضهم: الله في كل مكان، أو موجود في كل الوجود

- ‌[1039] باب بيان ضلال عقيدة: الله في كل مكان

- ‌[1040] باب في علو الله تعالىونقد عقيدة: الله موجود في كل الوجود

- ‌[1041] باب بطلان عقيدة: الله موجود في كل الوجود

- ‌[1042] باب الرد على من اتهم أهل السنة بأنهم يحدون الله بمكان

- ‌[1043] باب الرد على مقولة: الله موجود في كل الوجود، وبيان بطلان مذهب الاتحادية والحلولية

- ‌[1044] باب تفسير قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء}والرد على من يقول الله في كل مكان

- ‌[1045] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[1046] باب الرد على القائلين بوحدة الوجود

- ‌[1047] باب ما المانع من أن نقول: الله ليس فوق ولا تحت؟ والكلام على علو الله، ومناظرة الشيخ لبعض الأزهريين حول ذلك

- ‌[1048] باب حكم القول بأن الله ليس في مكان

- ‌[1049] باب حكم قول القائل: الله كان ولا مكان، وهل ينسب لله لفظ المكان والجهة والحد

- ‌جماع أبوابصفة النزول الإلهي والرد على من أنكرها

- ‌[1050] باب إثبات صفة النزول

- ‌[1051] باب أحاديث النزول متواترة

- ‌[1052] باب حديث النزول متواتر

- ‌[1053] باب إثبات النزول الإلهيوالرد على شبهات حول حديث النزول

- ‌[1054] باب منه

- ‌[1055] باب إثبات صفة النزولوالرد على من تأولها بالزوال أو الانتقال

- ‌[1056] باب بيان ضعف روايةلحديث النزول يُسْتَدَلُّ بها على تأويل صفة النزول

- ‌[1057] باب هل يلزم من نزوله تعالى خلو العرش منه

- ‌[1058] باب كيف ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل مع أن الثلث الأخير يتغير من مكان إلى مكان

- ‌[1059] باب هل يدوم النزولالإلهي إلى صلاة الصبح أم إلى طلوع الفجر

- ‌[1060] باب ذكر مرجع مهم حول صفة النزول

- ‌(جماع أبواب الكلام على عرش الرحمن وكرسيه)

- ‌[1061] باب وجوب التوقففي وصف العرش على ما جاءت به النصوص

- ‌[1062] باب ذكر بعض أوصاف العرشوالكرسي والردعلى من تأولهما

- ‌[1063] باب العرش فوق المخلوقات جميعها

- ‌[1064] باب تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}

- ‌[1065] باب هل عرش الرحمن فوق الماء أو فوق الجنة

- ‌[1066] باب هل ثبت في أطيط العرش حديث مرفوع

- ‌[1067] باب منه

- ‌[1068] باب بيان أنه ليس للأطيط مدخل في صفاته سبحانه

- ‌[1069] باب استغناء الله تعالى عن العرش

- ‌[1070] باب هل يلزم من نزوله تعالى خلو العرش منه

- ‌[1071] باب هل يوصف الله تعالى بأنه مستقر على العرش

- ‌[1072] باب هل هناك دليلينفي أو يثبت مماسَّة الرب عز وجل لعرشه

- ‌[1073] باب هل يوصف الله تعالى بالقعود على العرش

- ‌[1074] باب هل يقعد الله تعالى علىالعرش فيفضل منه مقدار أربع أصابع

- ‌[1075] باب هل صح أن "العرش مطوق بحية، والوحي ينزل بالسلاسل" وبيان متى يكون للآثار الموقوفة على الصحابة في العقيدة حكم الرفع

- ‌[1076] باب هل المقام المحمودهو قعود النبي صلى الله عليه وآله وسلم على العرش

- ‌[1077] باب منه

- ‌[1078] باب منه ودفع تهمة التجسيم عن أهل السنة

- ‌[1079] باب بيان المراد بالمقام المحمود للنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[1080] باب الكرسي أعظمالمخلوقات بعد العرش والرد على من يتأوله

- ‌[1081] باب هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رأى العرش أو الكرسي

- ‌[1082] باب هل صح حديث:«قد جاء الله، وقد نصب كرسيه لفصل القضاء»

- ‌جماع أبواب الكلام على صفة الرؤية

- ‌[1083] باب إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامةوبيان أن الأحاديث في ذلك متواترة

- ‌[1084] باب منه

- ‌[1085] باب منه

- ‌[1086] باب تواتر نصوص الرؤية

- ‌[1087] باب تفسير قوله تعالى: {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} وهل المقصود بذلك رؤية المؤمنين لربهم دائمًا؟ وبيان أن إثبات الرؤية يستلزم إثبات العلو

- ‌[1088] باب كيف يأتي الله تعالى على غير صورته يوم القيامة

- ‌[1089] باب في كشف ربنا تعالى للحجاب لرؤيته

- ‌[1090] باب حجاب الله تعالى النور

- ‌[1091] باب هل يحتجب الله تعالى عن الكفار يوم القيامة أم هم الذين يُحجبون عنه

- ‌[1092] باب ذكر بعض مسالكأهل الضلال في إنكار صفة الرؤية

- ‌[1093] باب ذكر بعض أهل الضلال ممن أنكر رؤية الله تعالى ومسلكهم في ذلك والكلام على حديث الجارية

- ‌[1094] باب ضلال منكري الرؤية

- ‌[1095] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة

- ‌[1096] باب التحذير من كتابلبعض أهل البدع انتصر فيه للقول بنفي الرؤية

- ‌جماع أبواب الكلام على رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لربه في الدنيا من عدمها وهل يمكن رؤية الإنسان لربه سبحانه في الدنيا؟ وغير ذلك

- ‌[1097] باب هل رأى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ربه

- ‌[1098] باب هل رأى الرسول ربه؟وهل الإسراء والمعراج كان في المنام أم في اليقظة

- ‌[1099] باب منه

- ‌[1100] باب منه

- ‌[1101] باب منه

- ‌[1102] باب منه

- ‌[1103] باب منه

- ‌[1104] باب منه

- ‌[1105] باب تحرير قول ابن عباس قي رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لربه تعالى

- ‌[1106] باب رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لربه تعالى إنما كانت في المنام

- ‌[1107] باب ما تفسير حديث:«أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه في المنام»

- ‌[1108] باب حديث اختصام الملأ الأعلىورؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربه في المنام

- ‌[1109] باب هل رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلملربه تعالى في أحسن صورة رؤية يقظة أم منام

- ‌[1110] باب المراد بالرؤية في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رأيت ربي في أحس صورة»

- ‌[1111] باب هل في حديث «رأيت ربي في أحسن صورة»دليل لمن يقول: إني أرى الله في المنام

- ‌[1112] باب بدعية اعتقاد أن الله تعالى ينزل عشية عرفة على جمل أورق

- ‌[1113] باب بيان وضع حديث الجمل الأورق الذي فيه «رأيت ربي بمنى»

- ‌(جماع أبواب الكلام على إمكانيةرؤية الله تعالى في المنام لغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عدمها)

- ‌[1114] باب هل رؤية الله تعالى في المنام خاصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[1115] باب هل ثبتت رؤية الله في المنام

- ‌[1116] باب هل رأى الإمام أحمد ربه

- ‌[1117] باب هل تمكن رؤية الله تعالى في المنام

- ‌[1118] باب منه

- ‌[1119] باب منه

- ‌[1120] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}وهل المقصود أنه صلى الله عليه وآله وسلم دنا من الرب تبارك وتعالى

- ‌[1121] باب من الذي دنا وصار بينه وبين نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قدر قوسين ليلة الإسراء

- ‌[1122] باب منه

- ‌[1123] باب منه

- ‌[1124] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلام على حديث: «خلق الله آدم على صورته» المعروف بحديث الصورة

- ‌[1125] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «خلق الله آدم على صورته»

- ‌[1126] باب منه

- ‌[1127] باب منه

- ‌[1128] باب منه

- ‌[1129] باب ضعف حديث:«…ابن ادم خلق على صورة الرحمن»

- ‌[1130] باب منه

- ‌[1131] باب منه

- ‌[1132] باب منه

- ‌[1133] باب منه

- ‌[1134] باب منه

- ‌[1135] باب منه

- ‌[1136] باب منه

- ‌[1137] باب منه

- ‌[1138] باب منه

- ‌[1139] باب الكلام على أحد روايات حديث الصورة

- ‌[1140] باب الرد على من ردَّ أو تأول ما جاء في حديث الصورة من أن آدم عليه السلام طوله ستون ذراعًا

- ‌[1141] باب الرد على من قال أن من لم يُرجع الضمير في حديث «إن الله خلق آدم على صورته» إلى آدم فهو جهمي، وذِكر أقوال الناس في هذا الحديث مع مناقشتها

- ‌(جماع أبواب عقيدة أهل السنة في صفة الكلام لله عز وجل، والرد على المخالفين في ذلك، ورد القول بخلق القرآن، مع الكلام على حكم قولَة: لفظي بالقرآن مخلوق، وذكر الواقفة وغير ذلك)

- ‌[1142] باب كلام الله حقيقي يُسمع بحرف وصوت، وبيان بطلان قول الأشاعرة في ذلك

- ‌[1143] باب إثبات الكلام لله تعالى وذكر بعض من نفاه

- ‌[1144] باب من أدلة إثبات صفة الكلام

- ‌[1145] باب القرآن كلام الله

- ‌[1146] باب القرآن كلام الله والرد على من خالف ذلك

- ‌[1147] باب هل التوراة والإنجيل كلام الله

- ‌[1148] باب التوراة محرفة

- ‌[1149] باب بيان عقيدة أهل السنةفي كلام الله تعالى وضلال من خالفهم

- ‌[1150] باب شرح قول سفيان:"القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود

- ‌[1151] باب الصوت الإلهي والإيمان به

- ‌[1152] باب الدليل على أن الله تعالى يتكلم بصوت

- ‌[1153] باب هل يوصف كلام الله تعالى بالقِدَم

- ‌[1154] باب بيان مذهب الأشاعرة في صفة الكلام

- ‌[1155] باب منه

- ‌[1156] باب معنى ما ينسب لأبي حنيفة من قوله: "الله يتكلم بلا آلة ولا حروف، والحروف مخلوقة، وكلام الله تعالى غير مخلوق"، والكلام على أقسام التوحيد وما يقابله من الشرك

- ‌[1157] باب هل يُقال: القرآن غير مخلوق

- ‌[1158] باب ذكر أقدم من صرح بأن القرآن غير مخلوق

- ‌[1159] باب هل القول بخلق القرآن من الكفر البواح

- ‌[1160] باب منه

- ‌[1161] باب ذكر دور ابن أبي دُؤَاد في فتنة خلق القرآن

- ‌[1162] باب الرد على من استدل على خلق القرآن بقوله تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} فقال: المجعول لا يكون إلا مخلوقًا

- ‌[1163] باب التحذير من كتابلبعض أهل البدع انتصر فيه للقول بخلق القرآن

- ‌[1164] باب دفع تهمة القول بخلق القرآن عن أبي حنيفةوذكر بعض العقائد الضالَّة في كلام الله تعالى

- ‌[1165] باب شرح قول أحمد:"من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي

- ‌[1166] باب هل يجوز القول بأن لفظنا بالقرآن مخلوق

- ‌[1167] باب حكم قول القائل: قولنا بالقرآن مخلوق

- ‌[1168] باب الواقفة في القول بخلق القران ليسوا جهمية كلهم

- ‌[1169] باب هل يلزم من سؤال"هل القرآن مخلوق" أن السائل يقول بخلق القرآن

- ‌[1170] باب حكم قول بعضهم: القرآن يقُصُّ

- ‌[1171] باب شفاعة القرآن

- ‌[1172] باب ذكر بعض أهل الضلالممن طعن في قرآن رب العالمين

- ‌(جماع أبواب الكلام على صفة الخلق، والكلام على أول المخلوقات، ومسألة كروية الأرض ودورانها وغير ذلك)

- ‌[1173] باب القلم أول مخلوق والرد على من قال بخلاف ذلك

- ‌[1174] باب ذكر أول المخلوقات

- ‌[1175] باب رد قول من قال: العرش أول مخلوق

- ‌[1176] باب منه

- ‌[1177] باب هل يلزم من كون المخلوقات لها أول، أن الحوادث لها أول؟ والكلام على أول مخلوق

- ‌[1178] باب هل النور المحمدي أول خلق الله

- ‌[1179] باب منه

- ‌(كروية الأرض ودورانها)

- ‌[1180] باب الأرض كروية

- ‌[1181] باب كروية الأرض وعلو الله تعالى

- ‌[1182] باب هل العالم كروي

- ‌[1183] باب مسألة دوران الأرض هل هي حقيقة

- ‌[1184] باب دوران الأرضمن الحقائق العلمية التي لا تقبل الجدل

- ‌(الكلام على حديث: "خلق الله التربة يوم السبت

- ‌[1185] باب الجمع بين حديث التربةوقوله تعالى: {خلق السموات والأرض في ستة أيام}

- ‌[1186] باب منه

- ‌[1187] باب معنى حديث {خلق الله التربة يوم السبت}وهل ضعَّفه شيخ الإسلام

- ‌(متفرقات)

- ‌[1188] باب الأرضين سبع كالسماوات

- ‌[1189] باب هل جعل الله لمسخ نسلاً

- ‌(جماع أبواب الكلام على مسألة تسلسل الحوادث وتحرير قول شيخ الإسلام في ذلك)

- ‌[1190] باب الرد على من قال بحوادث لا أول لها

- ‌[1191] باب حول كلام شيخ الإسلام في مسألة تسلسل الحوادث

- ‌[1192] باب القول الحق في مسألة تسلسل الحوادث

- ‌[1193] باب في قول ابن تيمية في مسألة تسلسل الحوادث

- ‌[1194] باب الفرق بين قول أهل السنةوالفلاسفة في مسألة تسلسل الحوادث

- ‌[1195] باب هل يلزم من كون المخلوقات لها أول، أن الحوادث لها أول

- ‌[1196] باب حول مسألة: حوادث لا أول لها

- ‌[1197] باب الرد على القائلين بحوادث لا أول لها

- ‌[1198] باب هل يقول شيخ الإسلام بِقِدَمِ العالم

- ‌[1199] باب نقاش طويل بين الإمام وبعض المخالفين في مسائل عقدية هامة وبعض أصول أهل السنة في أبواب الأسماء والصفات متضمنًا الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية

الفصل: ‌[1040] باب في علو الله تعالىونقد عقيدة: الله موجود في كل الوجود

[1040] باب في علو الله تعالى

ونقد عقيدة: الله موجود في كل الوجود

سؤال: نسمع البعض يقولون: أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، ونسمع البعض يقول: أنه فوق عرشه في السموات، أو في السماء السابعة؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير؟

الشيخ: نعم. هذا السؤال في الواقع سؤال مهم ويتعلق بواقع الأمة في العصر الحاضر، حيث مما يُفرِح القلب أن هناك ما يسمى بالصحوة الإسلامية، وأنا أعتقد بأن هناك صحوة فعلا، ولكنها في أوائلها، من ذلك أننا وكما ترون كدنا نبلغ الثمانين، منذ أربعين سنة ما كنا نسمع: قال الله، قال رسول الله في ألسنة الخطباء والوعاظ والمرشدين إلا ما ندر جداً، وإذا تحدث أحدهم بآية فهو لا يحسن تفسيرها؟ لأنه لا يعرف الأصول التي ينبغي أن تفسر الآية الكريمة على أساسها، وإذا روى حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو يرويه دون أن يتثبت من صحته وهكذا. أما الآن فأظنكم جميعا تشهدون معي أنكم كثيرا ما تسمعون أن هذا حديث صحيح، وهذا رواه البخاري هذه رواه مسلم، وهذا الآية فسرها ابن جرير الطبري بكذا، وابن كثير الدمشقي بكذا

الخ.

فهذه بلا شك من علامات الصحوة، ولكن كما قلت آنفا لا نزال نحن في أول الصحوة، فالآن أثرت مسألة الأسماء والصفات كما سمعتم آنفاً، وأن المسلم يجب أن يوحد الله في أسمائه وصفاته، فهل من صفات الله عز وجل ما يدندن به بعضهم، بل كافة العامة من المسلمين اليوم، وبعض الخاصة منهم، ومن أولئك الذين ينتمون إلى بعض المذاهب الكلامية أو التوحيدية: كالأشاعرة، والماتريدية،

ص: 599

فضلا عن المعتزلة الذين ليس لهم ذكر في هذه الأيام إلا من أفراد ضلوا ضلالهم؟ ففي عقيدة الأشاعرة والماتريدة تبعاً للمعتزلة: أن الله عز وجل في كل مكان، فهل هذا من صفات الله تبارك وتعالى؟

هل من صفات الله عز وجل أن له مكانا؟

نحن البشر لنا مكان، فنحن الآن في بيت من بيوت الله، نحن في مكان، لكن الله عز وجل هل هو في مكان؟.الجواب: الله عز وجل منزه أن يكون في مكان؛ لأن الله عز وجل باتفاق جميع المسلمين على ما بينهم من اختلاف في مثل هذه المسألة وغيرها: كان الله ولا شيء معه، كان الله ولا شيء معه كما في حديث عمران بن حصين في صحيح البخاري. إذن كان الله ولا شيء معه: أي لا كون معه: أي أن يقال: إن الله عز وجل في كل مكان هو من الشرك الذي ينافي توحيد الله في أسمائه وصفاته، لماذا؟

لننظر الآن بماذا وصف الله عز وجل به نفسه؟

هل وصف نفسه في الآية، أوفي حديث صحيح أنه في كل مكان؟

هذا الكلام لا أقول: إنه لم يرد في حديث؛ بل هو كلام ما أنزل الله به من سلطان؛ ذلك لأنه مخالف لما وصف الله عز وجل به نفسه أما الآيات التي فيها وصف الله عز وجل لنفسه بأن له صفة العلو المطلق على كل مخلوقاته، وأنه ليس في شيء من مخلوقاته، بل هو فوق مخلوقاته كلها، الآيات في ذلك لا تعد ولا تحصى؛ فمثل الآية التي جاءت في الاستدراك فيما أظن:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5). {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5) الآن نقف قليلاً هنا لنذكِّر بأصل من أصول التفسير الصحيح الذي إذا تمسك به المسلم كان على هدى من

ص: 600

ربه، وإذا حاد عنه عاش في ضلال بعيد.

القرآن يجب تفسيره بالقرآن: هذا هو الأصل الأول القرآن يفسر بالقرآن، وبحديث الرسول عليه السلام ثم بالآثار الصحيح الواردة عن سلفنا الصالح.

هذا النظام لا بد من التزامه في تفسير القرآن الكريم وبخاصة ما كان من القرآن متعلقا بغيب الغيوب وهو الله تبارك تعالى متعلقا بعبادته أو بصفة من صفاته، فتفسير هذه الآيات لابد أن تفسر على هذا المنهاج، يفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بالآثار الواردة عن السلف الصالح.

كنا ذكرنا لكم في بعض الجلسات السابقة أنه لا يكفي للمسلم اليوم أن يكون على هدى من ربه، وأن يكون سالكا سوياً على صراط مستقيم أن يقول: أنا آخذ بالكتاب والسنة، هذا لا بد منه ولكن هذا وحده لا يكفي، لا بد من الكتاب والسنة وشيء ثالث: وهو ما كان عليه السلف الصالح.

وأثبت لكم ببعض النصوص ولا أريد إعادة الموضوع وإنما الآن أذكر بقوله تبارك وتعالى فقط: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115). كان يكفي أن يقال في الآية الكريمة: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى، لكن الله عز وجل أضاف إلى ما ذكر جملة أخرى فقال:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (النساء:115).

هذه جملة مهمة جدا؛ لأنها تعني: أن فهم الكتاب وفهم السنة لا سبيل لنا إليه إلا من طريق سلفنا الصالح.

الآن، وكما قلت: لا أعيد الكلام الماضي خشية التكرار والملل، قول بعض

ص: 601

المعاصرين اليوم تبعا لبعض أهل الكلام أو علماء الكلام: إن الله في كل مكان، هل نجد هذه الكلمة، هذه الجملة، هذه العقيدة في كلمات السلف الصالح؟

حاشا الله، وإنما في كلمات السلف الصالح ما يتجاوب مع الآيات والأحاديث التي نثبت لله عز وجل صفة العلو على المخلوقات كلها.

{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الأعراف:54)، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر:10)، {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (المعارج:4).

«ارحموا من في الأرض يرحكم من في السماء» ، {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} (الملك:16)، آيات وأحاديث كثيرة فضلا عن أقوال السلف الصالح التي تجمع كلها على إنكار هذه الضلالة: إن الله عز وجل في كل مكان، وإثبات أن الله عز وجل ليس له مكان، وإنما هو كما قال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5)، وفسروا استوى بمعنى: استعلى، أما أولئك الذين جعلوا الله في كل مكان فتأولوا الآية وعطلوها خلاف المنهج في تفسير القرآن الذي ذكرته لكم آنفا، حيث قالوا استوى: أي استولى.

هذا مع أنه تفسير خلفي ليس له أصل في أي كلمة من كلمات السلف الصالح، فبالإضافة إلى ذلك هو مخالف لتفسير السلف الصالح فهذه الآية {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5).

أي: استعلى، هكذا فسره السلف، وجملة الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة حينما جاءه ذاك السائل يقول له: يا مالك، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5) كيف استوى؟

قال: الاستواء معلوم أي وهو العلو والارتفاع، والكيف أي الذي أنت تسال

ص: 602

عنه مجهول، والسؤال عنه بدعة، أخرجوا الرجل؛ فإنه مبتدع.

خلاصة الكلام في إبطال هذه الضلالة وهي قولهم: إن الله في كل مكان، البحث فيها طويل وننصح في هذه المناسبة قراءة كتاب "العلو للعلي الغفار أو للعلي العظيم"، للحافظ الذهبي، والأولى مختصر العلو؛ لأنه أقرب تناولا بعد تهذيب الأصل، وهو بقلمي وبتأليفي.

مختصر العلو للعلي الغفار، فقد ذكر فيه الآيات التي تثبت لله عز وجل صفة أنه على المخلوقات كلها، وأنه ليس في مكان، والأحاديث الكثيرة، والكثيرة الطيبة التي جاءت تتجاوب مع النصوص القرآنية بأن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها، ثم الآثار السلفية عن الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى زمن الإمام الذهبي، إلى ما بعد القرن السابع من الهجرة.

عشرات إن لم نقل مئات العلماء الذين يبطلون هذه الضلالة وهي قولهم: إن الله في كل مكان، ويثبتون أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها.

ومن أوضح الأدلة على ذلك، حديث الجارية الذي اتفق علماء الحديث على تصحيحه، وخلاصة هذا الحديث أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمه: معاوية بن الحكم السلمي، كان له جارية ترعى غنما له في أُحُدٍ، فسطا الذئب يوماً على الغنم، فغضب السيد سيد الجارية فصفعها صفعة في خدها، وندم على ما فعل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: يا رسول الله إن عليَّ عتقُ رقبة، وعندي جارية، يسأله: هل يجزى عنه أن يعتقها ويكون كفارة ما عليه من عتق؟

قال: «ها تها» . فلما جاء بها قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أين الله؟.قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال لسيدها: أعتقها؛ فإنها مؤمنة» .

ص: 603

اعتبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادة الجارية بأن الله في السماء: أنها ليست تشهد فقط بلسانها: أن لا إله إلا الله، بل هي تؤمن بأنه واحد في ذاته، واحد في عبادته، واحد في صفاته؛ فإياكم أن تقعوا في هذه الضلالة؛ لأننا نسمعها، نكون في مجلس فكأنه يذكر الله فيقول: الله موجود في كل الوجود، ألا تسمعوه هذه الكلمة؟ هذه هو معناه: الله موجود في كل الوجود.

هناك وجودان أحدهما: واجب الوجود وهو الله، كان ولا شيء معه كما سمعتم.

الوجود الثاني: هو الوجود الممكن وهو المخلوق.

فنحن لنا وجود ولله عز وجل وجوده الأزلي: لا أول له ولا آخر فإذن الله موجود في كل الوجود يعني ومنها الوجود هذا الذي نحن فيه الآن هنا معنى تلك الضلالة: الله موجود في كل مكان، فإياكم أن تقولوها صريحة، الله موجود في كل مكان، أو الله موجود في كل الوجود، لا.

هذا ضلال ما بعده ضلال؛ لأنه ينافي ما ذكرناه مما جاء في القرآن والسنة والآثار السلفية: أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها.

يقابل هذه الضلالة ضلالة أخرى هي أضل من الأولى، الضلالة الأخرى هي أن الله عز وجل ليس داخل العالم ولا خارجه.

الذي يقول: أن الله عز وجل داخل العالم، أي يقول: الله موجود في كل مكان، أو الله موجود في كل الوجود، هنا يثبت لله وجود مع التشبيه، والتشبيه باطل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11) ولذلك فهذا ضلال، ولكن أضل أن يقال: إن الله ليس داخل العالم ولا خارجة، فهذا نصف الكلام صح: الله ليس داخل

ص: 604

العالم، هذا هو كلام صحيح، وإنما هو فوق المخلوقات كلها.

أما أن نتبع هذه الكلمة بقولهم: ولا خارج العالم، فهذا اسمه في لغة العلماء: تعطيل وجود الحق: أي إنكار وجود الحق، لأن الله عز وجل كما ذكرناكم آنفا في حديث عمران بن حصين:«كان الله ولا شيء معه» .

إذن كان الله ولا مخلوق معه، لكن فيما بعد خلق المخلوقات كما هو مشاهد ويجب الإيمان بذلك أن هناك وجودان كما ذكرنا.

فالله عز وجل إذا لم يكن داخل العالم وهو الحق: أنه ليس داخل العالم، فإذا قال قائل بالإضافة إلى ذلك: ليس خارج العالم معناها: لا إله، معناها: الإلحاد والجحد المطلق، معناه الرجوع إلى عقيدة غلاة الصوفية، ولا أقول الرجوع إلى عقيدة الصوفية؛ لأن الصوفية قسمان:

منهم غلاة ومنهم دون ذلك.

الغلاة: هم الذين يقولون: بأن الوجود واحد، غلاة الصوفية وعلى رأسهم: ابن عربي، هو الذي يقول: إن الوجود واحد، أما المسلمون فهم يقولون: لا

إله إلا الله.

فهذه الآية: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (محمد:19) نثبت وجودين، الوجود الواحد المعبود الحق، والوجود الآخر: المعبودات بالباطل.

أما ابن عربي ومن ضل به فهم يقولون: الوجود واحد، وهم لهم عبارات يفصحون فيها عن شركهم وعن ضلالهم.

فهم يقولون مثلا: كل ما تراه بعينك فهو الله، كل ما تراه بعينك، فهو الله.

ص: 605

الوجود واحد، شو بتشوف بتشوف بشر، بتشوف حجر، بتشوف شجر، بتشوف سماء، بتشوف أرض، هذا الكون هو الله، هو عقيدة الدهريين، هو عقيدة الشيوعيين، لا إله، هذه تعود إلى الإنكار المطلق لوجود الله عز وجل.

فإذا قيل: إن الله ليس داخل العالم، ولا خارجه، فمعنى ذلك أن الوجود هو واحد، وهي عقيدة غلاة الصوفية: كل ما تراه بعينك فهو الله، لما عبد قوم نوح الآلهة كما قال في القرآن:{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (نوح:23) هل عبدوا غير الله؟ الجواب عند غلاة الصوفية لما عبدوا المجوس النار، ما عبدوا إلا الواحد القهار.

هذا هو الجحد المطلق فإذا قيل: إن الله لا داخل العالم ولا خارج العالم، رجعت هذه العقيدة التي تقال إنها عقيدة أهل السنة والجماعة اليوم هناك أفراد من الناس ينشرون بعض الرسائل، ويعلقون بعض التعليقات إن لم نقل التعليكات، يكتبون هذه العقيدة إنه عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الله لا داخل العالم

ولا خارجه.

الله عز وجل كان ولا شيء معه، فهو الآن كما من قبل كان، هو الآن مستغنى كما كان من قبل مستغن عن المخلوقات كلها، فلما خلق المخلوقات قال: استوى عليها: استعلى، استعلى، أي ارتفع، ولا بد هنا لتوضح هذه العقيدة بشيء من العقل السليم: إن الله عز وجل بعد أن ثبتنا بنصوص الكتاب والسنة: أن الله عز وجل فوق المخلوقات وليس داخل المخلوقات،

لا بد لنا بعد ذلك أن نناقش أولئك المنكرين لوجود الله مطلقا، وإن كانوا يقولون: اله موجود، ولا إله إلا الله، ولكن حينما يقولون: هو لا داخل العالم ولا

ص: 606

خارجه، معنى ذلك: أنهم أنكروا وجود الله، نحن نقول لهؤلاء: أنتم معنا: أن الله كان ولا شيء معه، فلما خلق الخلق لا بد من شيء من ثلاثة أشياء، لا بد أن الله عز وجل حين خلق الخلق دخل في خلقه، وهذه هم متفقون معنا: أن الله ليس في كل مكان حينئذ ٍتبقى الثانية: لا بد أن الله عز وجل لما خلق الخلق جعلها فوق، وهذا باطل؛ لأن الله فوق كل شيء، إذن لم يبق إلا الثالثة: أن الله عز وجل لما خلق خلقه واستعلى عليها وارتفع، وهذا هو اللائق بالله عز وجل.

فلذلك القول: بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه هو كما قال ابن تيمية رحمه الله يصف طائفتين كلتا هما في ضلال، لكن إحداهما أضل من الأخرى، قال: المشبه الذي يشبه الله ببعض مخلوقاته يعبد صنماً، يعبد شيئا موجوداً، ولكنه يشبه بالأصنام التي كان المشركون يعبدونها من دون الله.

المشبه يعبد صنما، والمُعطِّل يعبد عدماً.

من هو المعطل؟

هو الذي يقول: لا داخل العالم ولا خارجه.

الذي يقول: هو داخل العالم مشبه، وهو في ضلال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11).

والذي يقول: إن الله عز وجل لا داخل العالم ولا خارجه، فقد أنكر وجود الله تبارك وتعالى فهذا أضل من الأول.

هذا الكلمة: لا داخل العالم ولا خارجه، اسمعوا الآن تفصيلها على ألسنة بعضهم، أريد أن أنهى الكلمة بهذه الكلمة؛ لتكونوا على بينة في أن كل من

ص: 607

يخالف عقيدة الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح يكون في ضلال مبين.

يقول قائلهم من هؤلاء علماء الكلام: إن الله لا يوصف: بأنه فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار ولا أمام لا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، لا متصلا به ولا منفصلا به. قولوا لي بربكم: أليس هذا وصف للمعدوم؟

مدخلة: أي نعم.

الشيخ: إذا قيل لأي عاقل أوتي شيئاً من الفهم والعقل والبيان: صف لنا المعدوم، الذي لا وجود له، لا حقيقة له، لم يمكنه أن يصف هذا المعدوم بأكثر مما وصف هؤلاء معبودهم حينما قال قائلهم: لا فوق لا تحت، لا يمين لا يسار، لا أمام لا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، لا متصلَاّ به ولا منفصلاً عنه.

أما نحن فنقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11)، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5).

مداخلة: قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) تبعا للسؤال الأول ما هو تفسيرها؟ وقوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:46)؟

الشيخ: قبل الإجابة عن هذا السؤال والجواب عليه مختصر إن شاء الله، أريد أذكر بالأصل الذي ذكرتكم به في الكلمة السابقة، يجب تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال السلف. فمن أردا أن يعرف معنى هذه الآية:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) عليه أن يدرس التفاسير السلفية التي ضربت لكم مثلا ببعضها: تفسير ابن جرير الطبري، تفسير ابن كثير الدمشقي ومن نحا نحوهما.

مداخلة: القرطبي يا شيخ يسأل عن القرطبي.

ص: 608

الشيخ: أحفظ سؤالك، حسبي أن أقول ومن نحا نحوهما.

طبعا ليس كل مسلم يجب عليه أن يكون عالما، لكن إن لم يكن عالما، فلا بد من أن تكون سائلا كما هو الواقع الآن في الأسئلة السابقة واللاحقة والحاضر الآن من السؤال، أريد أن أذكر أن جوابي الآن سيأتي قائما على هذا الأصل من تفسير القرآن، فعلماء التفسيري قاطبة قالوا:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) أي بعلمه {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) بعلمه، أي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء لذلك قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله هذا من نوادر أئمة السلف المحدثين الفقهاء الذين جمعوا بين العلم والزهد والجهاد، لا أعني جهاد النفس فقط بل جهاد الكفار، أي حمل السلاح، فهذا الرجل كان مجاهدا في سبيل الله مع علمه وزهده وتقواه، وهو من كبار شيوخ الإمام أحمد إمام السنة رحمه الله.

قال: الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته، الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته هذا بحث سبق بيانه بشيء من التفصيل ثم قال هذه ثلاثة أمور يجب على الأقل على كل مسلم أن ترسخ معانيها له في عقله، ثم في قلبه الذي يؤمن به: الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته، أولا ثانيا: بائن من خلقه، بائن من خلقه؛ ضربٌ للخرافة السابقة: الله موجود في كل الوجود، لا: بائن من خلقه أي: هو الغنى عن العالمين بنص القرآن الكريم، هذه الخصلة الثانية.

أعيد فأقول: الله تبارك وتعالى مش أنا أقول: أحكى عن عبد الله بن المبارك ما قال فأقول: قال: الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته، هذه الأولى، بائن من خلقه: أي ليس داخل العالم وإنما هو مستغنٍ عن العالم، خارج العالم.

ص: 609

الثالثة وهي موضع الشاهد: وهو معهم بعلمه: أي: السؤال السابق: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) بعلمه، ليس بذاته، وأنا أستغرب مثل هذا السؤال وبعد ذاك البيان: بأن القول بأن الله بذاته في كل مكان، هذا باطل شرعا وعقلا.

إذن لا ينبغي أن يسبق إلى ذهن السائل أنه {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) يعني بذاته، هذا معنى يترفع عن أن يراه المسلم في منامه، وليس في يقظته، لماذا؟

نحن الآن في بيت، في مكان هو من خير البقاع كما جاء في الصحيح عن رسول الله: أنه سئل عن خبر البقاع وشر البقاع، قال:«خير البقاع المساجد، وشر البقاع، الأسواق» .

كبقعة كبيرة، لكن في السوق، في السوق في أماكن هي شر من السوق، هي المراحيض مثلا، فالسوق مكان من شر البقاع كما سمعتم وأشر من هذا الشر هي المراحيض، قد يكون في بعض الأسواق بارات، خمارات، بيوت الزنا والعهرو

و .. الخ.

هل الله عز وجل بذاته في هذا الأماكن: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) حاشا، لكن هو فوق عرشه كما قال عبد الله بن المبارك، لكن هو معكم بعلمه؛ فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

إذن لا تُشْكِلن هذه الآية على أحد أن المقصود بها: ذات الله، ذات الله مستغن عن مخلوقات الله كلها، «كان الله ولا شيء معه» .

إذن: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4)، هو معكم بعلمه أينما كنتم، لا يقول الإنسان: والله أنا بين جدران أربعة في حجب بيني وبين ربى فلا يراني، لا،

ص: 610