الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1142] باب كلام الله حقيقي يُسمع بحرف وصوت، وبيان بطلان قول الأشاعرة في ذلك
[قال الإمام]:
كان من فضل الله عز وجل أن سخَّرَ علماء الحديث ليرحلوا إلى مختلف البلاد ليجتمعوا بمن يعلمون أنه عنده ولو حديث واحد، ليسمعوهم مباشرة منه، حتى لقد كان في هؤلاء بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، أحدهم اسمه عقبة بن عامر بلغه أن جابراً بن عبد الله الأنصاري المشهور عنده حديث وكان في مصر، فسافر من بلده أظنه يومئذ كان في المدينة إلى مصر، لماذا؟ ليسمع ذاك الحديث الذي قيل لهم أنه سمعه جابر من الرسول عليه الصلاة والسلام.
فخرج إليه جابر وتلقاه واحتضن أحدهما الآخر، قال: أنا ما أريد منك شيء إلا أنه بلغني أنك سمعت حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ونص الحديث فيما أذكر منه الآن «أن الله عز وجل ينادي يوم القيامة بصوت يسمعه من قرب كما يسمعه من بَعُد» (1)، وهذا الحديث من الأحاديث التي يتمسك بها أهل السنة حقاً وأعني بهم أهل الحديث الذين لا يتعصبون لمذهب في العقيدة كالماتريدية أو الأشعرية أو المعتزلة أو الجبرية، كما أنهم لا يتعصبون لمذهب في الأحكام الشرعية مذهب الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي فضلاً عن مذاهب أخرى تبتعد كل البعد عن المذاهب الأولى أهل الحديث لا يتعصبون إلا للحديث، ولذلك نسبوا إليه وانتموا إليه، كما قال قائلهم:
(1)"الصحيحة"(7/ 2/756 - 758).
أهل الحديث هم أهل النبي
…
وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
وهذا جواب هذا الجاهل الذي قال: أنت أدركت الرسول، ما أدركوا الرسول، لكن الذين يشتغلون بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام كأنما هم يعيشون معه.
أهل الحديث هم أهل النبي
…
وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
ولذلك أصبح معروفاً عند العلماء كافة لا نحاشي ولا نستثني فقهاء ومفسرين كلهم قالوا: مما دل عليه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام القائل: «نَضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب مبلغ أوعى له من سامع» .
يقول العلماء كافة: ولذلك نرى النضرة في أهل الحديث لأنهم يشتغلون بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام ليلاً نهاراً فصدق فيهم قول ذلك
الشاعر العالم:
أهل الحديث هم أهل النبي
…
وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
هذا الحديث حديث جابر لعقبة بن عامر يتمسك [انقطاع] كما يقول الأشاعرة والماتريدية أن كلام الله ومنه القرآن الكريم هو كلام نفسي، يعنون بأنه ليس بالكلام اللفظي يعنون بأنه ليس بالكلام المسموع، هذا الحديث يبطل دعواهم ويؤكد قول الله عز وجل لموسى:{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (طه:13){إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (طه:14).
{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (طه:13) معناها أن ربنا عز وجل حينما كلم موسى كما قال في القرآن الكريم، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (النساء:164) كان موسى يسمع