الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ذكر فيه ما جمعه من مسائل الوكالة
وهي لغة: الحفظ، والاسم: الوكالة بالفتح والكسر، فأعقبها للشركة والمزارعة لما بينهما من المناسبة، فقال: صحت الوكالة في قابل النيابة.
و(صحت) يقع في بعض النسخ فعلا، وفي بعضها مصدرا، وعبر بالصحة دون الجواز لعروض سائر الأحكام لها بحسب متعلقها، كـ: قضاء دين بعين لا يتوصل إليه إلا بها، والصدقة، والبيع المكروه والحرام، ونحو ذلك.
وبهذا يندفع قول من قال: كان ينبغي للمؤلف أن يقول: (جازت) مكان (صحت)؛ لأن كل ما جاز صح، ولا عكس.
ثم بين مجمل: (قابل النيابة) بقوله: من عقد كـ: نكاح، وطلاق، وبيع، وشراء، وصلح، وإجارة، وجعل، وقراض، ومساقاة، وشركة، وصدقة، وهبة، ونحو ذلك.
وفسخ بعقد يجوز له فسخه، أو يتحتم عليه، وقبض حق له قبضه، وعقوبة كحد وتعزير، وحوالة لغريم على مدينه، أو يأخذ له منه حميلا، وفي إبراء من حق له على آخر، وإن جهله الثلاثة الموكل والوكيل ومن عليه الحق.
وفي حج عنه على خلاف في بابه وزكاة، وفهم من كلامه: أن ما لا تقبل فيه النيابة لا تصح فيه الوكالة، كالطهارة والصلاة ونحوهما.
ولعل المصنف إنما لم يذكر الكفالة، وهو: أن يوكل من يتكفل عنه بحق وجب عليه، كما قاله ابن شاس وابن الحاجب؛ للبحث فيه: بأن الوكالة إنما تطلق حقيقة عرفية فيما يصح للموكل مباشرة، وكفالة شخص عن نفسه ممتنعة؛ ولذا فسرها ابن هارون بأن يوكل على أن يتكفل عنه لفلان بما على فلان وصح.
وجاز توكيل واحد فقط في خصومة واحدة، لا أكثر من واحد، فقد سمع عيسى عن ابن القاسم: إن ادعى شريكان على شخص حقًا، فقالا للقاضي: من حضر منا يخاصمه، ليس لهما ذلك؛ لقول مالك من قعد خصمه عند القاضي ليس له أن يوكل، إلا من علة.
وقال في ورثة ادعوا منزلا بيد رجل: لا يخاصمه كل واحد عن نفسه، بل يقيمون رجلًا يخاصم.
ابن رشد: كما لا يجوز للرجل أن يوكل وكيلين يخاصمان عنه، إن غاب عنه أحدهما خاصم له الآخر.
وفهم من قوله: (في خصومة) جواز توكيل أكثر من واحد في غيرها، وهو كذلك، كما سيأتي.
وللشخص أن يوكل في الخصومة قبل الشروع فيها وإن كره خصمه ذلك، لا إن قاعد الموكل خصمه مجالس كثلاث، وانعقدت المقالات بينهما، فليس له أن يوكل من يخاصم عنه، إلا لعذر كمرض أو سفر، ويعرف ذلك.
قال مالك: إذا قاعد الوكيل خصم موكله ثلاث مرات فأكثر، ليس لموكله عزله، ذكرهما المتيطي.
وبه تندفع مناقشة البساطي للمؤلف هنا بما في توضيحه: أن الموكل ليس له عزل وكيله.
وإذا قاعد خصمه المرتين والثلاث، وإذا قاعد الغريم خصمه مرتين أو ثلاثا، وادعى إرادة سفر حلف في كسفر أنه مما قصده ليوكل، قاله ابن العطار.
وليس له أي: الموكل حينئذ أي: حين قاعد وكيله خصمه ثلاثا عزله عن الوكالة، ولا له أي: الوكيل عزل نفسه على الأصح عند ابن رشد.
ولا له الإقرار عن موكله، إن لم يفوض له، أو إن لم يجعل له ذلك، لكن إن نهاه عنه لا يلزم اتفاقًا، وكذا إن لم يفوض على المعروف،