الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا رجوع له على المحيل عند ابن القاسم؛ لأن المحال ترك حقه مجانا، وروى ابن وهب في المدونة: لا يرجع إلا في الموت والفلس.
واختلف هل قول ابن القاسم بصحة الحوالة وعدم الرجوع مطلقا، ولو فلس الغريم أو مات، فهو خلاف لرواية ابن وهب، وهو تأويل سحنون وابن رشد.
أو يصح، ولا رجوع عنده إلا أن يفلس المحال عليه أو يموت، فهو وفاق، وهو تأويل أبي محمد، تأويلان.
وجمع أبو عمران بين كلاميهما أيضًا بأن في جواب ابن القاسم اشتراط البراءة، وليس ذلك في جواب ابن وهب، فهما متفقان.
وفهم من قوله: (شرط البراءة): أن له الرجوع إن لم يشترطها، وهو قول ابن القاسم، وأحرى إن اشترط رب الدين الرجوع على من شاء منهما، فيوفى له بذلك عند ابن القاسم.
تنبيهان:
الأول: تلخص من كلامه منطوقا ومفهوما ثلاث مسائل:
- فإنه تارة يشترط المحيل البراءة.
- وتارة لا يشترط أحدهما شيئا.
- وتارة يشترط الرجوع على أيهما شاء.
الثاني: قال بعض مشايخي: كيف صحة الحوالة حيث أعلمه (1) بأن
(1) قال في المنح (6/ 183 - 184): "طفى: قوله: (فإن أعلمه بعدمه. . إلخ)، لو قال فإن علم بعدمه كما عبر في المدونة وابن الحاجب لكان أولى إذ لا يشترط أن يعلمه المحيل والمدار على علم المحال، وجعل تت التأويلين بين قول ابن القاسم ورواية ابن وهب تبع فيه الشارح والتوضيح ونسبوا الوفاق لأبي محمد.
وفي ذلك كله نظر بل الوفاق بين قولي ابن القاسم وأشهب وهو لمحمد بن المواز كما في ابن يونس وأبي الحسن وغيرهما وذلك أن ابن القاسم قال: لا يرجع. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أشهب يرجع في الفلس والموت مع العلم وشرطه البراءة.
فقال ابن القاسم يحتمل أن يوفق بينه وبين قول ابن القاسم ويكون معناه لا يرجع ما لم يفلس أو يمت وعلى هذا تأولهما محمد واحتج بأنه لو دفع المحال عليه لكان له الرجوع به على المحيل.
وأما رواية ابن وهب ففي المدونة روى ابن وهب عن مالك رضي اللَّه تعالى عنهما فيمن قال لرجل حرق صحيفتك التي لك على فلان واتبعني بما فيها من غير حوالة بدين له عليه فاتبعه حتى فلس الضامن أو مات ولا وفاء له أن للطالب الرجوع على الأول وإنما يثبت من الحوالة ما أحيل به على أصل دين.
ابن يونس: وبه أخذ سحنون.
أبو عمران جواب ابن القاسم فيمن اشترط البراءة إلى آخر ما تقدم عنه فأنت ترى التوفيق الأول بين قولي ابن القاسم وأشهب بخلاف توفيق أبي عمران فإنه بين قول ابن القاسم ورواية ابن وهب.
ومعنى قوله سابقا فإن أعلمه بعدمه وشرط البراءة صح أي صح عقدها حوالة لازمة ولا يرجع على المحيل ولا ينقلب حمالة فإن لم يعلم لم تصح وتنقلب حمالة قال فيها وإن أحالك على من ليس له قبله دين فليست حوالة وهي حمالة اهـ.
وعلى هذا يتنزل كلام بعض مشايخ تت فمعنى قوله لا بد من ثبوت دين لازم حيث لم يعلمه أي لا بد من ثبوته في كونها حوالة وإلا انقلبت حمالة ومعنى قوله ومحل الصحة أي صحتها حوالة ولا تنقلب حمالة فليس له الرجوع على المحيل.
البناني الظاهر أن الحوالة صحيحة وإن لم يرض المحال عليه لكن إن رضي لزمه وإلا فلا والتأويلان ذكرهما ابن رشد في المقدمات ونصه واختلف إن شرط المتحمل له على الحميل أن حقه عليه وأبرأ الغريم فظاهر قول ابن القاسم أن الشرط جائز ولا يرجع على الغريم.
وروى ابن وهب عن مالك رضي اللَّه تعالى عنهما أنه لا يرجع عليه إلا أن يموت الحميل أو يفلس ثم قال فمن الناس من حمل رواية ابن وهب عن مالك في المدونة على التفليس لقول ابن القاسم فيها ومنهم من قال معنى ما ذهب إليه.
ابن القاسم أنه لا يرجع المتحمل له على غريمه الأول إلا أن يموت أو يفلس ويحتمل عندي أن يؤول قول ابن القاسم على أنهما قد أبرأ الغريم جميعًا من الدين جملة فابن القاسم إنما تكلم على غير الوجه الذي تكلم عليه مالك في رواية ابن وهب وهذا سائغ ممكن محتمل. اهـ.
فهي ثلاث تأويلات وعزا ابن يونس الثاني لمحمد والثالث لأبي عمران.
وقال أشهب في كتاب محمد يرجع في الفلس والموت مع العلم وشرط البراءة فقال =
لا دين له، واشترط البراءة منه، مع قولهم: لابد فيها من ثبوت دين لازم، وهل هذا إلا تناقض.
وأجاب بعدم التناقض، ولم يكن شرطا، ومحل الصحة المذكورة حيث الإعلام بالعدم، وحيث الشرط، فلا تناقض، لاختلاف الغرض.
ومن شروطها صيغتهما، ابن عرفة: وهي ما دل على ترك المحال دينه في ذمة المحيل بمثله في ذمة المحال عليه.
واختلف الشارحان: هل لا يشترط التصريح بلفظها، وهو قول ابن رشد: لا تكون إلا بالتصريح بلفظها، أو ما ينوب منابه، كـ: خذ منه حقك، وأنا بريء من دينك وشبهه، وعليه درج الشارح.
أو يشترط، وعليه البساطي، فقال: لابد أن يقع العقد بلفظها، ووقع في كلام ابن القاسم ما يدل عليه، حيث قال: إنما الحوالة أن يقول: أحلتك بحقك على فلان، وأبرأ منه، بعد أن قال فيمن أمر رجلًا أن يأخذ من رجل كذا وأمر الآخر بالدفع: ليس بحوالة.
وقال في موضع آخر: لو قال: خذ من هذا حقك، وأنا بريء من دينك، ليس بحوالة انتهى (1). وهو ظاهر المصنف.
= ابن يونس يحتمل أن يوفق بينه وبين قول ابن القاسم بمثل التأويل الثاني وعليه تأوله محمد ولا يمكن فيه التأويل الثالث لأنه شرط البراءة كقول ابن القاسم بخلاف رواية ابن وهب وبما ذكرنا من كلام ابن رشد وابن يونس علم أن التوفيق الذي في كلام المصنف موجود بين قول ابن القاسم ورواية ابن وهب كما وجد بينه وبين قول أشهب خلافًا لطفى في إنكاره وجوده في رواية ابن وهب واللَّه أعلم".
(1)
قال في المنح (6/ 185 - 187): "طفى: الشارح والبساطي قراره على أن شرطها كونها بلفظها لكن لما أتى الشارح بكلام ابن رشد دل على عدم شرط لفظها فصح نسبته له وقد قال ح: انظر هل مراده بصيغتها أنها لا تنعقد إلا بلفظها وعليه حمل الشارح في شروحه لكنه أتى بعده بكلام البيان وهو يدل على خلاف ذلك أو مراده أنه لا بد فيها من لفظ يدل على ترك المحال دينه من ذمة المحيل وهذا هو الذي نص عليه في البيان ولم يذكر خلافه وعليه اقتصر ابن عرفة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال في أول سماع يحيى من كتاب الحوالة والكفالة.
قال يحيى: قال ابن القاسم في رجل طلب رجلًا بحق فذهب به إلى غريمه وقال له خذ حقك من هذا وأمره بالدفع إليه فتقاضاه فقضاه بعض حقه أو لم يقضه شيئًا منه فأراد الرجوع على الأول ببقية حقه أو بجميعه فذلك له وليس هذا بوجه الحوالة اللازمة لمن احتال بحقه لأن له أن يقول لم أحتل عليه بشيء وإنما أردت أن أكفيك التقاضي وإنما وجه الحوالة اللازم أن يقول أحيلك على هذا بحقك وأبرأ بذلك مما تطلبني وإلا رجع عليه بحقه.
ابن رشد هذا كما قال لأن الحوالة بيع ينقل بها الدين عن ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يكون ذلك إلا بيقين وهو التصريح بلفظ الحوالة أو ما ينوب منابه مثل أن يقول له خذ من هذا حقك وأنا بريء من دينك وما أشبه ذلك
واستظهر ما قاله ابن رشد بعد نقله عن أبي الحسن أن من شرطها كونها بلفظ الحوالة وكلام ابن عرفة يدل على ما قاله ابن رشد إلا أن أبا الحسن اشترط ذلك للبراءة من الدين ونصه الشيخ وللبراءة بالحوالة أربعة شروط رضا المحيل والمحال وأن تكون بلفظ الحوالة وأن تكون على أصل دين وأن لا يغر بها على من علم عدمه اهـ.
فإن لم تكن بلفظها عنده فكأنها حمالة ويرجع على المحيل، وعند ابن رشد يبرأ بلفظها أو ما يقوم مقامه كخذ حقك من فلان وأنا بريء منه.
وأما قول البساطي وقال في موضع آخر لو قال خذ حقك من هذا وأنا بريء منه فليس بحوالة اهـ.
فغير صحيح إذ لم يقل ذلك ابن القاسم إنما وقع في العتبية من سماع يحيى ما نقل لفظه أولًا فقط فقال ابن رشد هذا كما قال لأن الحوالة بيع من البيوع ينتقل بها الدين عن ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يكون ذلك إلا بيقين وهو التصريح بلفظ الحوالة أو ما ينوب منابه مثل أن يقول له خذ من هذا حقك وأنا بريء من دينك وما أشبه ذلك اهـ.
فلو وقع لابن القاسم ما نقله عنه البساطي ما قال ابن رشد هذا والعجب من تت كيف سلمه وقد قال بعض الشيوخ إذا قال له اتبع فلانا بحقك فهي حوالة لقوله صلى الله عليه وسلم ومن اتبع على مليء فليتبع قال فلما أتي بلفظ يشبه النص كان حوالة إذا كان ذلك على المحال عليه.
ابن رشد: وليس ذلك بالبين وإنما البين في ذلك أن يقول قد أتبعتك على فلان وأما إذا قال اتبع فلانا فيتخرج على قولين وهما هل الأمر يحمل على الإيجاب أم لا اختلف فيه قول مالك رضي الله عنه اهـ.
والقولان اللذان أشار إليهما هما الروايتان في قول البائع خذ هذا الثوب بكذا هل هو =
ومن شروطها حلول الدين المحال به، إن لم تكن كتابة، كمن له مائة حالة على زيد من بيع مثلًا، فيحيل بهما عمرا.
بل وإن كان المحال به كتابة حلت للسيد على مكاتبه، فيحيله المكاتب بها على غيره.
وقوله: (حلول المحالة به)، أي: سواء كان حالًا أو قد حل؛ لأنه إذا حل كان بيعه جائزا.
وحاصله: بيع الدين بالدين، وإن لم يحل لم يجز؛ لما يتوقع عند الحلول من الغرر.
ويدخل في كلامه ما لو أحال المكاتب سيده بكتابته الحالة على مكاتبه، ونص على جوازه في الجواهر.
وهل يشترط بت عتق الأعلى، وهو لابن القاسم، أو لا، وهو لبعض المتأخرين قولان.
لا الدين المحال عليه، فلا يشترط حلوله، وإذا كان كتابة بأن يحيل السيد بدين حال على نجوم كتابة لم تحل؛ لأن الكتابة الأولى يشترط حلولها دون الثانية.
الباجي: لأنها إذا لم تحل كمن أخذ من دينه قبل حلوله من جنسه ما هو أقل أو أكثر أو أدنى أو أجود، لتعذر تماثل الذمم، فيدخله ضع
= إيجاب للبيع كقوله بعتك أم لا.
نعم في عبارة أبي الحسن من شروط الحوالة كونها بلفظ الحوالة وأطلق ونصه وللبراءة بالحوالة أربعة شروط كونها برضا المحيل والمحال وكونها بلفظ الحوالة وكونها على أصل دين وأن لا يغر بالإحالة على من علم عدمه.
ثم قال الحط والأول أظهر واللَّه أعلم ويؤيده قول ابن شاس إن أتى بلفظ يحتمل الحوالة والوكالة كقوله خذ الذي لك علي من الدين الذي لي على فلان فقال ابن القاسم للمحال أن يرجع على المحيل ويقول إنما طلبت منه ثيابه عنك لا على أنها حوالة أبرأتك منها واللَّه أعلم".