الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباجي: والقياس المنع، وهو الصواب عندي، فلا يخرج بحميل ولا غيره.
لا جمعة، فلا يخرج المحبوس لصلاتها؛ لأن لها بدلا.
تتمة:
قال ابن عبد الحكم: ولا يخرج لغرض حج، فإن أحرم به أو بعمرة أو نذر وحنث، ثم أقيم عليه بالدين حبس، وبقي على إحرامه، وإن لزمه الدين يوم نزوله مكة أو منى أو عرفة استحسنت أن يؤخذ منه كفيل؛ لفراغه ثم يسجن يوم النفر الأول.
ابن عبد الحكم: ولا يخرج لصلاة عيد، ولا ليغير على عدو إلا لخوف قتله أو أسره بموضعه، فيخرج لغيره.
ثم أشار لحكم من أحكام المفلس، وهو: رجوع رب المال في عين ماله، فقال: وللغريم أي: رب الدين أخذ عين ماله المحوز عنه في الفلس، إذا وجده بيد المفلس.
وظاهره: ولو وجده زائدًا أو ناقصًا، وهو كذلك، وفي بعض النسخ (المحاز) موضع المحوز.
لا الموت، فلا يأخذه، بل هو فيه أسوة الغرماء، وله أخذ عين ماله إن لم يكن عينا، بل عرضًا أو طعامًا أو حيوانًا.
ولو كان عين ماله مسكوكا دنانير أو دراهم، إن شهد له بها، أو اعترف بها المفلس على المشهور.
وأشار بـ (لو) لمخالفة أشهب في أنه لا يأخذها؛ إذ لا يطلق على المسكوك عرفا أنه متاع ولا سلعة، وله أيضًا طلب عين ماله، ولو كان رقيقا آبقا من المشتري.
وإذا رضي بأخذه دون المحاصة لزمه إن لم يجده، قاله ابن القاسم، وليس له أن يطلبه على أنه إن وجده أخذه، وإن لم يجده حاصص؛ لما فيه
من الضرر بغيره، لعدم تصرفهم حتى ينظر: هل يجده أو لا، خلافًا لأشهب.
وللرجوع في عين ماله ثلاثة شروط، أشار لأحدها بقوله: إن لم يفد غرماؤه بثمنه الذي على المفلس عند مالك وأصحابه، خلافًا للشافعي ومن وافقه، ليس لهم أن يعطوه إلا متاعه.
ثم بالغ بقوله: ولو كان الفداء بما لهم، قاله ابن الماجشون، ومثله في الموازية، وزاد: أو يضمنوا الثمن، أو يعطوا به حميلا ثقة.
ابن كنانة: ليس لهم ذلك.
وأشار للشرط الثاني بقوله: وأمكن الرجوع في عين ماله، فإن لم يمكن فلا رجوع فيه، وتعينت المحاصة؛ ولذا قال: لا بضع، كمن طالبت زوجها بصداقها، فوجدته مفلسا لعدم إمكان رجوعها فيما استوفاه.
ولا في صحة عصمة، كمخالعة على مال تدفعه له، ثم فلست لعدم إمكان الرجوع في العصمة.
ولا في قصاص صولح فيه بمال، ثم فلس الجاني؛ لتعذر الرجوع في القصاص.
قال صاحب التكملة: وينبغي أن يلحق بصلح القصاص الإبكار، وإذا فلس المنكر فإن المدعي يحاصص بما صالح عليه، ولا يرجع في الدعوى.
وأشار للشرط الثالث، وهو: بقاء متاعه على هيئة، بقوله: ولم ينتقل عين ماله عما كان عليه حين البيع، ومثّل لمفهوم قوله:(ولم ينتقل) بما ينتقل، كما يفعل ذلك كثيرا، بقوله: لا إن طحنت الحنطة، خلافًا للخمي في عدم فوتها بطحنها.
وبما قررناه يندفع قول بعضهم: صوابه كإن طحنت؛ ليطابق قوله: (ولم ينتقل)، حيث جعله مثالا للمنطوق، مدعيًا خطأ المصنف، وما ذاك إلا لعدم استحضاره لما ذكرناه، نعم لو قال: لو مثل للمنطوق، فقال: كإن طحنت لكان أوضح لكان حسنا، لا أنه غير صواب، فتأمله.
أو خلط المبيع من حنطة أو غيرها بغير مثل، كشعير أو سايس أو نقي بمغلوث، أو سمن زبده، أي: صير زبدة سمنا.
وقول صاحب التكملة: (أي: إخراج زبدة) سبق قلم.
أو فصل ثوبه قميصًا أو سراويل، أو ذبح كبشه، لا خصوصية للكبش، أو تتمر رطبه، فلا رجوع في عين شيئه في شيء مما ذكر، بل هو فيه أسوة الغرماء؛ لفوات الغرض المقصود منه.
ومفهوم (بغير مثل) رجوعه فيما خلط بالمثل، كحنطة أو عسل أو زيت بمثله، (وطحنت وما بعده) مبني للمفعول، وأما (تتمر) فللفاعل.
وفي التوضيح كالجواهر: لا يفوت الجلد بدبغه على المشهور، ولا يقطعه نعالا انتهى (1).
وفيه نظر مع تفصيل ثوبه، كأجير رعي، لا يكون أحق بما يرعاه في أجر رعيه، إذا فلس ربه، بل أسوة الغرماء موتا وفلسا، ونحوه أجير علف، أو رحلة إبل، أو حراسة، أو حانوت، أو زرع، عند ابن القاسم.
وظاهره: كان الراعي يردها لبيتها أو لا.
وقال لقمان بن يوسف (2):
(1) قال في المنح (6/ 63): "طفى: ما عزاه للتوضيح ليس فيه، وفيه إن اشترى جلودًا فقطعها نعالًا أو خفافًا فذلك فوت وكذا في الشرح وشامله وابن عرفة فتنظيره في غير محله".
(2)
قال في ترتيب المدارك: "لقمان بن يوسف الغساني، كان بالقيروان. وسكن صقلية مدة. ثم استوطن تونس. فسمع من يحيى بن عمر، وعليه اعتمد. وعيسى بن مسكين، وحماس، وعبد الجبار، وابن بسطام، وغيرهم من أصحاب سحنون. وحجّ، فسمع بمصر كثيرًا. وأخذ عن علي بن عبد العزيز، ويحيى بن أيوب الغالب، وقرأ على الأنماطي، والوداني. وكان محسنًا للقراءة. يقرأ بقراءة نافع. قال ابن حارث: كان من أهل العبادة والصيام، والقيام، والتقشّف، والتواضع، حافظًا لمذهب مالك، حسن القريحة فيه. متفننًا، فقيهًا مبرزًا في ذلك، عالمًا باللغة، والحديث، والرجال، والقرآن. يميل الى طريقة ابن عبدوس في فقهه وفي مسألة الإيمان، والاستثناء فيه، وفي جميع =
قرأت على عبد الجبار بن خالد (1) كلام ابن القاسم: إن الراعي أسوة الغرماء.
فقال: معناه: إن كان يردها لبيتها، وإن كانت باقية ببيته ومنزله، فهو كالصانع.
ومثل ذي حانوت أو دار ليس أحق عليه من أمتعة، وراد سلعة على مفلس بعيب، اطلع عليه بها؛ فإنه لا يكون أحق بها، بل هو أسوة الغرماء.
وهذا كقول اللخمي: من رد عبدًا بعيب، ولم يأخذ ثمنه حتى فلس بائعه، كان أسوة الغرماء.
وتقرير الشارح لذلك تابعا للمصنف في شرح قول ابن الحاجب: (والراد للسلعة بعيب لا يكون أحق بها في الثمن)، فإنه قال: يعني أن من اشترى سلعة، ثم اطلع فيها على عيب، وأراد ردها، فوجده قد فلس) غير ظاهر انظر الكبير، فإنه فرع آخر.
وإن كانت السلعة المردودة بالعيب أخذت عن دين كان للمشتري على البائع فلا يكون أحق بها، بل أسوة الغرماء، أي: لا فرق بين أن تكون أخذت عن دين أو نقد ثمنها.
وهذا وإن كان واضحا لكنه يحتاج لنقل في عينها، ولذا تعقبه الشارح
= معانيه، من أحسن الناس مجلسًا، وأغزرهم خبرًا، وأعرفهم بأخبار القيروان وشيوخها، لا يكاد يفرغ من حديث، حتى يصله بغيره.
قال أبو العرب: كان فقيهًا يسمع معنا من مشائخنا.
قال أبو عبد اللَّه الخراط: كان فقيه البدن، ثقة صالحًا متقشفًا. يحسن اللغة والنحو، فكان الأبياني يثني عليه، ثناء حسنًا. ويقال: إنه كان عالمًا باثني عشر صنفًا من العلوم ومات بتونس سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وقيل ثمان عشرة. قال أبو العرب: في نيف وعشرين".
(1)
هو: عبد الجبار بن خالد بن عمران السرتي، أبو حفص، (194 - 281 هـ = 810 - 894 م): فقيه فاضل زاهد. من ثقات الشيوخ وعقلائهم في إفريقية. يضرب أهلها المثل به في الفضل والدين، له أخبار وكلمات سائرة. ينظر: الأعلام (3/ 274).
قائلًا: إنما هذا في المسألة ذات الأقوال الثلاثة الآتية آخر الباب في السلعة تشترى شراء فاسدا، ويطلع على عيب فيردها، فيجد البائع قد فلس، يفصل في الثالث بين أخذها عن دين، فلا يكون أحق بها، أو عن نقد فيكون أحق بها، وهو كما قال في التوضيح، وما ذكره بعض مشايخي عن التوضيح وهم، وإنما هو في مسألة الفساد، كما قال الشارح (1).
وهل القرض كذلك، لا يكون المقرض أحق بعين ما أقرضه، إذا فلس المقترض، وإن لم يقبضه مقترضه، أو هو أحق به كالبيع، وهو مذهب مالك وأصحابه وطريق ابن رشد، خلاف.
وله أي: من وجد المفلس قدر سلعة رهن التي اشتراها فك الرهن بفدائها وأخذها، وحاص الغرماء بفداف التي فداها به، وله تركها مرهونة، ويحاص بثمنها.
وفرض ابن شاس المسألة في العبد مثال، وإلا فالعبد وغيره سواء.
لا بفداء الجاني عند المفلس، فلا يحاص البائع؛ إذ لا رجوع بالجناية، وإن كان له أن يفديه، وفرق بأن الجناية ليست في ذمة المفلس، بل في رقبة الجاني؛ إذ له أن يسلمه فيها، بخلاف الدين في الرهن؛ فإنه كان في ذمته.
ولصاحب السلعة التي حاص بالغرماء بثمنها نقض المحاصة إن ردت على الفلس بعيب، وأخذ سلعته، وله أن لا ينقضها، ويستمر على محاصته، وهو واضح، وله ردهما، أي: سلعته إن أخذها.
والمحاصة إن ردت على الفلس بعيب، أي: بسبب عيب سماوي حدث عند المشتري، وله أخذها ولا شيء له، وهذا كقول ابن الحاجب:
(1) قال في المنح (6/ 65): "طفى: انظر قوله تشتري شراء فاسدًا ويطلع على عيب لأن مسألة البيع الفاسد لا عيب فيها وإنما ردت للفساد فالصواب إسقاط ويطلع على عيب وعبارته في كبيره كصغيره".
(فلو أخذها فوجد بها عيبًا حادثا فله ردها ويحاص، أو حبسها ولا شيء له).
ونحو هذا التقرير حكى صاحب التكملة عن ابن الفرات، وهو واضح، وأما تقرير صاحب التكملة تبعا للشارح أن قوله:(وردها) أي: الحصة التي أخذها؛ لأنه إنما حاص ظنا منه أنه لم يجدها، فهو فعل ماض يعود ضميره على الحصة المفهومة من المحاصة، وقول الشارح:(له أن يحاص الغرماء بأرش العيب إن شاء وإن شاء رد وحاص بجميع الثمن، وهذا هو المشهور) تعقبه صاحب التكملة بأنه غير معزو.
أو كان العيب من مشتريه، وهو: المفلس، كإخلاقه للثوب، أو من أجنبي، لم يأخذ، أي: المفلس أرشه من الأجنبي، كإن أوضحه مثلًا، أو أخذه وعاد المجني عليه لهيئته، فكأنه لم يتعيب، فله في هذه المسائل الأربع أخذة بلا أرش، والمحاصة بجميع الثمن.
وإلا بأن أخذ أرشه ولم يعد لهبته فبنسبة نقصه، أي: يحاص بها، إن أخذه، وإن رده حاص بجميع ثمنه، قاله اللخمي، كذا قرره صاحب التكملة تبعا لما في التوضيح، وقرره الشارح بكلام عن محمد يحتاج لتأمل، وما قررناه من أن الاستثناء راجع للمسألة الأخيرة مثله للشارح وصاحب التكملة.
وقال بعض من تكلم على هذا المحل: وإن لم يكن أحد الوجوه الأربعة حاسب بنسبة نقصه إن شاء.
ولمن وجد سلعته عند المفلس، وكان قد قبض ثمنها قبل التفليس، رد بعض ثمن قبض، وأخذهما، وله تركها والمحاصة فيما بقي من ثمنها، وهذا إن اتحد المبيع، وأما إن تعدد، وفات بعضه، فله أخذ بعضه إن شاء، وحاص بالفائت، وانتقض البيع فيما أخذ، وله المحاصة ببقية ثمنه، وترك باقي المبيع.
وظاهره: ولو وجد عشر المبيع فله أخذه بعشر الثمن، ويحاص بباقيه، وهو كذلك، نص عليه ابن أبي زيد وغيره، ونحوه لابن الحاجب، ولابن عبد السلام هنا شيء ناقشه فيه ابن عرفة، انظرهما في الكبير.
كبيع أم ولدت عند مشتريها، وبقي ولدها، ثم فلس، وطلب البائع الأول الثمن، فوجد الولد عند المفلس، فله أخذه بمنابه من الثمن، والمحاصة بمناب الأم، وله تركه والمحاصة بجميع الثمن على المشهور؛ لأنهما كسلعتين.
وإن مات أحدهما: الأم أو الولد وبقى الآخر، أو بماع الولد وأبقى الأم، فلا حصة للميت منهما في الأولى، ولا في بيع الولد في الثانية، بل إن شاء أخر الموجود ولا حصاص، أو تركه وحاص بالثمن باتفاق في الأولى، وعلى المشهور في الثانية.
المازري: هو أصل المذهب.
سحنون: لا أدري ما هذا.
اللخمي: يريد القياس فيهما سواء.
ومن اشترى أصولا فأتمرت عنده، أو كان عليها تمر لم يؤبر، أو اشترى شيئًا واستغله، أو غنما عليها صوف تام، ثم فلس، أخذ هذا المفلس الثمرة إذا جزها، والغلة التي استغلها، ولا شيء للبائع من ذلك؛ لأنه من الخراج التابع للضمان.
وعطف (الغلة) على (الثمرة) من عطف العام على الخاص.
ولما ذكر أن البائع لا يرجع في الغلة، استثنى منه، فقال: إلا صوفا تم يوم الشراء، أو ثمرة مؤبرة يومه، فإنهما للبائع.
المازري: أما الثمرة المؤبرة فلا يأخذها مع الأصول إذا جزها، وكانت قائمة بعينها، ولكن يحاصص بما ينوبها من الثمن، وإن لم يجزها فهي من البائع؛ لانقطاع حق مشتريها منها بالتفليس، وهي على أصولها، وأما الصوف إذا جزه وكان قائما بعينه فإنه يرد مع سلعته، وأما إن باعه المشتري حاص مما يخصه في الرقاب، لا بما باعه به، كذا قال المصنف في توضيحه.