الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- جزاء الصيد يضمن قاتله مثله، إن كان له مثل ومنها شاة الزكاة إذا أتلف المالك الغنم بعد الحول.
- ومنها: الحيوان المقترض.
- ومنها الجارية المقترضة، حيث يجوز قرضها يلزمه مثلها.
- ومنها من هدم مسجد أو بعضه لزمه إعادته كما كان؛ لئلا يؤدي أخذ القيمة لبيع الوقف وتغييره عما كان عليه.
ونظمتها تذكرة لحفظ من يعرف صورتها، فقلت:
مقوم يضمن عنه المثل في
…
ست فخذها أيها الخل الوفي
شياة زكاة وجزاء الصيد مع
…
فرض أما ضامن لا يختفي
وهادم لمسجد أو بعضه
…
وقرضك الحيوان يا ذا المتحف
وجاز صلحه -أي: الضامن- عنه، أي: الغريم، ويحتمل عن الدين بما جاز للغريم أن يصالح رده على الأصح، فيتنزل منزلته، فكما يجوز للغريم أن يصالح بعد الأجل عن دنانير طيبة بدنانير أدنى منها، جاز للضامن؛ لأنه يعلم أن الغريم إنما يدفع الأدنى والعكس؛ لأنه يعلم أنه لا يدفع إلا ماله عليه.
تنكيت:
تعقب البساطي المصنف بصورتين يجوز للغريم الصلح فيهما، ولا يجوز ذلك للضامن:
إحداهما: إذا حل أجل طعام السلم لم يجز الضامن أن يصالح بالأجود ولا بالأدنى مع جواز ذلك للأصيل، كما في المدونة.
الثانية: إذا صالح الأصيل بغير الجنس جاز بشرطه، ولا يجوز ذلك للضامن، وكذا إذا صالح بدراهم عن دنانير وعكسه انتهى.
وذكره بعض مشايخي، وأقره، وقد يجاب عن المصنف بأنه إنما لم يستثن هاتين المسألتين لأنه إنما ذكر الأولى فيهما في توضيحه عقب قوله:
(ما جاز للغريم أن يدفعه جاز للضامن).
قال: لكن المازري قال: لم يطرد هذا -أعني: الجواز- في المدونة في الطعام من السلم؛ فإنه منع الكفيل إذا صالح من له الدين، إذا حل الأجل بطعام أجود مما تحمل به، أو بطعام أدنى منه، وإن فعل ذلك قضاء عن الغريم؛ لا ليشتريه لنفسه؛ لأنه يبيع الطعام قبل قبضه انتهى. فلم يعتمد هنا ما ذكره المازري عنها.
وأما الثانية: ففي التوضيح قبل هذه بنحو صفحة: اختلف قول المدونة إذا صالح على مخالف لجنس الدين، فمنعه في السلم الثاني، وأجازه في الكفالة ابن عبد السلام، وهو أقرب؛ لأن الباب معروف، انتهى.
فدرج هنا على ما استقر به ابن عبد السلام من قوليهما انتهى.
وما لا يجوز للغريم أن يدفعه عوضًا عما عليه، لا يجوز للضامن، فلو ضمنه في عروض عليه من سلم لم يجز للضامن أن يصالح عنها قبل الأجل بأدنى صفة، وقدر الدخول ضع وتعجل، ولا بأكثر لدخول حط الضمان وأزيدك.
ورجع الضامن إذا صالح بمقوم عما في الذمة بالأقل منه، أي من الدين أو من قيمته، أي: المصالح به؛ فأيهما كان أقل رجع به، ويحتمل عود ضمير (منه) لما صالح الضامن به، أي: يرجع بنفس ذلك الشيء، إن كان أقل، أو قيمته إن كانت أقل، ولا يلزم الرجوع بنفس ذلك الشيء، وإن برئ الأصل، وهو: الغريم بوجه من الوجوه بإعطاء أو حوالة أو هبة أو إبراء برئ الضامن مطلقًا، لأن طلبه فرع ثبوت الدين على الأصل، لا عكسه، وهو إذا برأ الضامن لا يبرأ الأصيل مطلقًا، قد يبرأ، وقد لا يبرأ، فيستويان في البراءة بالإعطاء، وأما إن أبرأ رب الدين الضامن لم يبرأ الأصل.
وعجل الحق المؤجل المضمون بأحد أمرين، أشار لأولهما بقوله: بموت الضامن قبل حلوله، فيؤخذ من تركته؛ لخراب ذمته، وإن كان المضمون حاضرًا مليئًا، ورجع وارثه على المضمون بعد أجله، فلو مات
الضامن عند الأجل، أو بعده والغريم حاضر مليء لم يطالب كالحي.
وأشار للأمر الثاني بقوله: أو الغريم أي: يعجل الحق من ماله بموته، إن تركه، فإن لم يترك مالًا لم يطالب الكفيل بشيء، حتى يحل الأجل؛ إذ لا يلزم من حلول الدين على الغريم حلوله على الحميل لبقاء ذمته، ولا يطالب الضامن بالدين إن حضر الغريم موسرا على أحد قولي مالك في المدونة المرجوع إليه، وهو المشهور، وبه أخذ ابن القاسم، وعليه العمل، وبه القضاء.
ولمالك في المدونة -أيضًا له- مطالبة من شاء منهما، وبه صدر ابن الحاجب كذلك.
وكذا لا يطالب الضامن إذا غاب الغريم، وله مال حاضر يعدي فيه، أي: يسلطه الحاكم على الأخذ منه؛ لأنه حينئذ بمنزلة الحاضر المليء، فيؤدي من ماله كما في المدونة، وفسرت بما إذا لم يبعد إثباته عليه، ولا النظر فيه، ونصها: وإذا كان للغائب مال حاضر يعدي فيه، فلا يتبع الكفيل.
وقال غيره: إلا أن يكون في تثبيت ذلك وفي النظر فيه بعد فيؤخذ من الحميل.
ابن رشد: قول الغير تفسير، لا خلاف.
وكذا حمله من أدركنا من الشيوخ، وبه العمل، وقول البساطي:(الظاهر: إن لم يبعد حال، وصاحبه الغريم، والمعنى: أن الغريم قد يكون حاضرًا موسرا، وتتوجه المطالبة على الضامن بأن يكون في إثباته عليه بعد ومشقة، فتنزل منزلة المعسر هذا الذي يدل عليه كلامه) ظاهر.
والقول له -أي: للضامن- في ملائه، أي: الغريم إذا طالبه المضمون له، لا قول المضمون له: إنه عديم عند ابن القاسم؛ استصحابا بالملاء، إلا أن يقيم الطالب -وهو رب الدين- بينة بعدمه على الأظهر عند بعض الأشياخ.
وأفاد شرط الطالب في أخذ أيهما شاء مبدأ على الآخر على المشهور.
وأفاد شرط تقديمه -أي: الحميل- على الغريم عكس الحكم السابق؛ لأن الشرط إذا كان لحق آدمي يوفي له به.
وظاهره: سواء كان للشرط فائدة لكونه أم لا، أو اسمح أو أيسر قضاء أو لا، قاله في البيان.
وللشارح هنا تقرير خلاف هذا، تعقبه البساطي، انظره في الكبير.
أو شرط الحميل أنه لا يغرم إلا إن مات المضمون، أفاد شرطه ونحوه في تبصرة اللخمي.
البساطي: فإن قلت: أليس هذا هو الحكم على المشهور، فما فائدة هذا الشرط وذكره.
قلت: فائدته الاتفاق على إعماله، فإن من قال: يطالب أيهما شاء يسلم أنه إذا شرط أن لا يطالب إلا عند تعذر الأخذ من الغريم يعتبر شرطه.
ثم شبه في إفادة الشرط قوله: كشرط ذي -أي: صاحب- ضمان الوجه التصديق في إحضار المضمون بغير يمين، نحوه قول المتيطي: وإذا اشترط ضامن الوجه أنه مصدق في إحضار وجهه دون يمين يلزمه، كان له شرطه.
وهذا أحسن من تقرير الشارحين بأن ضامن الوجه إذا شرط سقوط المال عنه أفاده؛ لقولى المدونة: لو شرط حميل الوجه: إن لم أجده برئت، لم يلزمه، إلا ما شرط.
ووقع في نسخة البساطي دين الوجه: (فقال)، أي: يشرط الحميل أن لا دين في حالة الوجه.
أو شرط رب الدين التصديق في عدم الإحضار، هو كقول المتيطي، وإن انعقد في وثيقة الضمان تصديق المضمون له في إحضار وجهه إن ادعى الضامن أنه قد أحضره دون يمين يلزمه، فهو من الحزم للمضمون له، ويسقط عنه اليمين إن ادعى الضامن إحضاره انتهى.
وحذف المصنف في الإحضار من التي قبل هذه لدلالة هذا عليه، وذكر البساطي احتمالا آخر، انظره في الكبير.
وله أي: الضامن طلب المستحق، وهو رب الدين، وإلزامه بتخليصه من الضمان، بأن يقول له عند حلول أجله وسكونه من طلب المضمون أو تأخيره، إما أن تطلب حقك، أو تسقط عني الضمان.
وفهم من قوله: (بتخليصه) أن هذا في الموسر؛ لأنه الذي يقال له: إما أن تطلب حقك، أو تسقط عني الضمان، ولا يقال له في المعسر.
وظاهره: سواء طولب الضامن بما على الغريم أو لا، وهو كذلك.
ومفهوم عند الأجل: أنه ليس له ذلك قبله.
لا بتسليم المال، أي: ليس للضامن طلب المضمون إليه، أي: إلى الضامن عند الأجل ليؤديه للمضمون له، وإن سلمه له فضاع ضمنه الكفيل، إن اقتضاه لتنزله منزلة صاحب المال، فهو وكيل عنه بغير إذنه متعد.
لا إن أرسل به؛ لأنه حينئذ آمين، فلا يبرأ الغريم إلا بوصوله للطالب، ولزمه أي: الضامن تأخير ربه، أي: رب الدين المضمون المعسر.
ابن رشد: ولا كلام للضامن في هذا اتفاقًا؛ لوجوب إنظار المعسر.
والمعسر: بالنصب من إضافة المصدر لفاعله.
ولما ذكر ابن رشد هذا ذكر لتأخير الموسر ثلاثة أحوال، أفادها المؤلف باختصار، مشيرا للحالة الأولى منها بقوله: أو الموسر أي: يلزم الضامن تأخير رب الدين الموسر، وهو منصوب أيضًا عطفا على المعسر، إن سكت الضامن مع علمه بالتأخير.
وأشار للثانية بقوله: أو لم يعلم بالتأخير حتى حل الأجل الذي انظر رب الدين المدين إليه، إن حلف رب الدين حينئذ أنه لم يؤخره مسقطا للضمان، وإن نكل رب الدين عن اليمين سقط الضمان.
وأشار للثالثة بقوله: وإن أنكر الضامن التأخير حين علمه، ولم يرضه