الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفهم من قوله: (أنه لا يعرف له. . إلى آخره) أنهم لو قطعوا في شهادتهم بأنه لا مال له ظاهرًا ولا باطنًا، بطلت شهادتهم، وهو كذلك، نص عليه ابن رشد.
وإنما حلف لأن الشهادة لم تكن قطعا، بل على ظاهر الحال؛ لاحتمال أن يكون له مال أخفاه.
وزاد في يمينه على ما شهد له به، وإن وجد مالا ليقضين غرماءه وأنظر حينئذ.
وزاد بعضهم ليقضين عاجلا، وإن كان مسافرًا عجل الأوبة، ولم يذكر المصنف هذه الزيادة، واللَّه أعلم.
تنبيه:
لو ادعي عليه أنه استفاد مالا، وأنكر، لم يكن للغرماء عليه يمين؛ إذ عدمها هو فائدة قوله: (وإن وجد ليقضين.
وحلف الطالب -وهو: رب الدين- إن ادعى عليه المديان علم العدم، ولم يصدقه، إذ حبسه حينئذ ظلم، فإن نكل رب الدين عن اليمين لم يسجن له، وأما إن صدقه أنه عديم، فلا يمين، ولا حبس، كذا في التوضيح عن ابن شعبان.
ابن عرفة: كان بعض قضاة بلدنا لا يحكم بهذه اليمين، وهو حسن، فنحن لا نظن به علم حال المدين؛ لبعده عنه.
وإن سأل رب الدين تفتيش داره، أي: الغريم؛ لأنه غيب ماله فيها، ففيه أي: ففي تمكينه من ذلك وعدمه تردد.
ابن ناجي: العمل عندنا على عدمه، والحانوت عندي كالدار، ووقعت بأحكامي مسألة بباجة، ورأيتها أخف، وهو رجل ادعى من له عليه دين أن يجيبه مالا، وسأل تفتيشه، فقال الغريم: لا شيء فيه، فحكمت بتفتيشه، فلم يوجد فيه شيء، والكيس من هذا المعنى، ولا يختلف في هذين وشبههما.
ورجحت بينة الملاء إن بينت أنه أخفى مالا على بينة العدم.
وظاهره: ولو بينت الأخرى العدم.
ومفهوم الشرط: إن لم تبين بينة الملاء أنه أخفى، بل شهدت على ظاهر حاله فقط، لم ترجح، سواء بينت الأخرى أم لا، انظر الكبير.
وأخرج المجهول حاله عدما ويسرا من السجن، إن طال حبسه، ويعتبر طوله بقدر الدين، فيحبس في المال الكثير أربعة أشهر، وفي الدريهمات اليسيرة نصف شهر، وفيما بينهما شهرين، وبحسب الشخص قوة وضعفا وتوسطا ووجاهة وحقارة، وحبس النساء في دين أو غيره عند أمينة أو ذات أمين معروف بالخير زوج أو أب أو ابن.
وقال اللخمي: عند ذات زوج أمين.
وقدمنا في فصل الجنائز أن الخنثى يحبس وحده، لا مع رجال ولا نساء.
ويحبس السيد لمكاتبه في دينه الحال إذا امتنع من دفعه.
اللخمي: ما لم يحل من نجومه ما يفي بدينه، أو يكون في قيمة الكتابة ما يفي بدينه، ويحبس السيد لعبده في مسألة أخرى، وهي: إذا أقام شاهدًا بعتقه، ونكل السيد، فإنه يحبس، وإن طال دين، وأطلق.
ويحبس الجد والجدة لولد ولدهما، والولد لأبيه وأمه، لا عكسه، فلا يحبس الأب له.
ثم شبه لإفادة الحكم، فقال: كاليمين في حق وجب له على أحد أبويه، كدعواه مالا له بال، فلا يحلفه على المشهور، ولو شح، وهو مذهب مالك في المدونة، ولابن القاسم إن شح في تحليفه احلف له، وكانت جرحة على الابن، تسقط شهادته.
محمد: وهو عقوق.
إلا اليمين المنقلبة من الابن على أبيه، فله تحليفه إياها، كدعواه عليه
شيئًا، فأنكره، ولا بينة له، فردها على الأب، فإنه يحلف اتفاقا.
وإلا اليمين المتعلق بها حق لغيره، أي: غير الولد، كدعوى الأب تلف صداق ابنته، والزوج يطلبه بالجهاز، أو دعوى زوجها أنه نحلها نحلة لعقد النكاح عليها، أو دعوى الأب أنه أعارها شيئًا من جهازها قبل السنة، فحلفه، ولا يكون ذلك عقوقا، وكذا المتعلق بها حق الأب، كإقامة شاهد واحد بحق على ولده، فإنه يحلف معه اتفاقا.
وإذا حبس قريبا في حق لم يفرق في السجن بين كالأخوين والأبوين، وغيرهما من الأقارب أحرى، ولا بين الزوجين إن خلا السجن لهما.
ولو طلب الغريم التفريق لم يجب، نص عليه ابن عبد الحكم.
ومفهوم الشرط: التفريق، فيحبس الرجل مع الرجال، وهي مع النساء، ولا يمنع المحبوس مسلما يسلم عليه ويحدثه، ولا خادما يخدمه.
قال في التوضيح: إن اشتد مرضه واحتاج لأمة تباشر منه ما لا يباشره غيرها، وتطلع على عورته، فلا بأس أن تجعل معه حيث يجوز ذلك انتهى.
وإطلاقه هنا يشمل المريض وغيره، بخلاف زوجة، فإنها تمنع من دخولها على زوجها المسجون في حقها أو حق غيرها.
وأخرج المحبوس لحد وجب عليه، كذا أطلق هنا، فيشمل القتل، كما قال صاحب التكملة.
وقال الشارح: ظاهره ولو كان الحد يأتي على النفس، وفي توضيحه للقذف، ثم يعود لسجنه، ومثله لابن يونس وغيره.
أو لأجل ذهاب عقله؛ إذ لا فائدة في حبسه حينئذ، لعدم علمه، وينتهي خروجه لعوده، أي: العقل، فإذا عاد عقله أعيد للسجن.
قال الباجي: واستحسن خروجه بكفيل بوجهه، إذا خرج لمرض أبويه وولده وأخيه وقريب جدًا ليسلم، إذا خيف الموت في غيبته، ثم يعود، ولا يفعل ذلك فيمن ليس قريب جدا.