الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلا صدق، وأهل البلد وغيرهم، بخلاف أرباب الديون، بل ربما يقصدون إخفاء ديونهم.
واستؤني به، أي: بالقسم بين غرماء الدين إن عرف المدين بالدين، وهذا في الموت فقط دون الفلس، رواه ابن وهب، وروى غيره يستأنى كالموت.
اللخمي: وهو أحسن.
إن لم يكن معروفا بالدين قسم ماله بغير استئناء به، والفرق بين الموت والفلس: أن ذمة المفلس باقية، فإن طرأ غريم تعلق حقه بذمته، والميت لا ذمة له.
تتميم:
قال أصبغ: إذا أفلس المديان أو مات نودي عليه بباب المسجد في مجتمع الناس أن فلانًا قد فلس أو مات، فمن له عليه دين أو قراض أو وديعة أو بضاعة فليرفع ذلك للقاضي.
وإذا كان على المفلس ديون متخالفة من نقد وعرض وطعام قوم مخالف النقد يوم الحصاص، وهو يوم قسم المال للغرماء بنقد من نوع ما بيع به مال المفلس، واشتري له أي: لمن دينه مخالف للنقد منه، أي: من النقد بما يخصه من جنس دينه، فإذا كان النقد عشرة، وكل من العرض والطعام يساوي عشرة، ومال المفلس عشرة، أخذ كل واحد الثلث، وهذا هو المشهور.
وإن لم يشتر لصاحب العرض والطعام من نوع دينهما، حتى رخص أو غلا مضى القسم، إن رخص أو غلا، ولا تراجع بين الغرماء وبين من لم يشتر له ذلك، كذا نص عليه الباجي وابن رشد.
وزاد ابن رشد: إلا أن يصير له أكثر من حقه، فيرد الفضل للغرماء، ويدخل معهم.
وهل يشترى في شرط جيد أدناه، أي: الجيد، أو وسطه قولان:
الأول: لابن عبد الحكم.
والثاني: هو العدل لهما، إذ أخذا على ظلم للمسلم إليه، والأدنى ظلم للمسلم، وإنما يشتري لكل من نوع دينه عند مشاحة غرماء المفلس.
وأما إن رضي بأخذ ما نابه جاز الثمن إلا لمانع شرعي، كما لو كان ماله ذهبا، وأراد أخذ فضة، أو العكس، للصرف المؤخر، وهذا الفصل كالاقتضاء فيما سبق.
ووجه المنع أنهم جعلوا القاضي كالنائب عن المفلس، فلم يكن دخوله رافعا للتهمة.
وحاصت الزوجة مع غرماء زوجها المفلس بما أنفقت على نفسها، سواء تقدم إنفاقها على دين الغرماء أو تأخر على المشهور؛ لأنها معاوضة.
وحاصت أيضًا بصداقها في الفلس، كالموت على المشهور فيهما.
وظاهره: المحاصة بجميعه، ولو فلس قبل الدخول؛ لأنه دين في ذمته حل بفلسه، ثم إن طلقها قبل الدخول:
فقيل: ترد ما زاد على النصف، إن صار لها في المحاصة أكثر منه.
وقيل: لا تحاص إلا بالنصف، فيكون لها نصف ما صار لها بالمحاصة، وترد نصفه، وهو قول ابن القاسم خلافًا لابن دينار.
لا بنفقة الولد، فلا تحاص بها في موت ولا فلس؛ لأنها مواساة، وإن ظهر دين على مفلس أو على ميت بعد قسم الغرماء من غير علمه بمن ظهر رجع عليهم بالحصة التي تخصه، لو كان حاضرًا حين القسم.
وفهم من قوله: (ظهر) لو كان حاضرًا ساكتا حين القسم لم يرجع، وهو كذلك.
ومن قوله: (بالحصة) أنه لا يأخذ مليئًا عن معدم، ولا حاضرًا عن غائب، وهو كذلك.
أو استحق مبيع من سلع المفلس أو الميت، وإن كان بيع قبل فلسه
أو موته رجع المستحق بالحصة، فلو كان عليه عشرون لاثنين، لكل واحد عشرة، وله سلعتان بيعت كل بعشرة، فاقتسماها كل عشرة، ثم استحقت إحدى السلعتين رجع المستحق من يده على كل منهما بثلاثة وثلث.
ثم شبه لإفادة الحكم، فقال: كوارث طرأ على وارث مثله، أو موصى له طرأ على موصى له مثله، فيرجع الطارئ على كل منهما بما يخصه، ولا يأخذ مليئًا عن معدم، ولا حاضرًا عن غائب.
وإن اشتهر ميت بدين أو علم وارثه به، وقسم المال بين الحاضر من الغرماء، وأقبض كلا حصته، ثم طرأ غريم رجع عليه، أي: رجع الطارئ على الوارث بما يخصه؛ لتعديه مع علمه واستعجاله مع شهرة الدين.
قال صاحب التكملة: (رجع): مبني للمفعول انتهى.
ومفهوم الشرط: إن لم يشتهر أو لم يعلم الوارث وأقبض لم يرجع عليه بقية الغرماء، بل على من قبض مما يخصه من المحاصة في المال.
وأخذ مليء من الورثة عن معدم منهم، ما لم يجاوز ما قبضه الوارث المليء دين الطارئ، فإن جاوزه لم يأخذ منه أكثر مما قبضه؛ لأنه يقول: ليس لك علي رجوع إلا بما قبضت، ورجع ط ببقية دينه على بقية الورثة، إن كانوا أملياء، أو على المليء منهم، وإن أعدموا كلهم لم يرجع حينئذ.
وهذا بخلاف الغرماء، فإنما يأخذ كلا بما ينوبه فقط، والفرق تساويهم مع الطارئ، بخلاف الوارث لا يستحق ميراثا إلا بعد قضاء الدين، وإن كان دين الطارئ أقل أخذه فقط، ثم إذا أغرم للطارئ مع الشهرة أو العلم رجع على الغريم الذي قبض أولا، كذا لمالك في باب المديان من المدونة.
وفيها أيضًا بعده عن ابن القاسم البداءة بالغريم، أي: يبدأ الطارئ برجوعه على الغريم القابض، فإن وجده معدما رجع على الوارث بما يخصه من ذلك، ثم يرجع الوارث على الغريم الأول.
واختلف: هل قول ابن القاسم خلاف لقول مالك، وهو فهم اللخمي وغيره للمدونة، أو على التخيير، فهو وفاق، بمعنى: أن القادم مخير: إن
شاء أخذ الوارث المقبض أولا، إلا أن يجده عديما فالغريم، وإن شاء أخذ الغريم أولا، وهو فهم ابن يونس؟ تأويلان.
والوصي مع شهرة الدين أو علمه به كالوارث تحصيل علم من كلام المصنف: أن الطارئ ثلاثة أقسام:
- غريم على مثله، وهو قوله:(وإن ظهر دين) إلى قوله (بالحصة).
- الثاني: وارث على مثله، أو موصي على مثله، وهو قوله:(كوارث) إلى قوله (مثله).
- الثالث: غريم على وارث، وهو وما بعده إلى هنا.
وإن تلف نصيب غائب عزل، أي: عزله له القاضي أو مقامه، فمنه أي: من الغائب اتفاقًا، لأن القاضي أو مقامه كوكيله، كعين ذهب أو فضة وقف لغرمائه وتلفت، فإنها من الغريم لا من المفلس والميت؛ لتقصير الغريم في قسم العين لتهيئتها للقسم، لا عرض وقف للغرماء فتلف، فليس منهم، بل من المفلس أو الميت في قول ابن القاسم وروايته عن مالك.
وهل عدم ضمان الغريم للعرض مطلقا: سواء كان مثل دينه أو لا، وعليه فهمه اللخمي والمازري والباجي، أو عدم الضمان، إلا أن يكون العرض بكدينه، أي: الغريم؛ لأن المحاصة فيه كالعين، ولا يحتاج لبيعه فيضمنه لغريم، وإن كان مخالفًا لدين الغريم، كأن يكون دينه عرضًا غير جنس عرض المفلس أو الميت أو عينًا فلا يضمنه حينئذ، وهو فهم بعض القرويين وصاحب المقدمات تأويلان (1).
(1) قال في المنح (6/ 47): "طفى اغتر بكلام المصنف فجعل التأويلين في كلام المدونة فأعاد الضمير عليها وليس كذلك بل الفهمان في كلام ابن القاسم في غير المدونة وقد اعترض المواق كلام المصنف قائلا انظر قوله تأويلان فإنهما ليسا على المدونة اهـ
ولم ينسبهما في توضيحه لها ولا ابن عرفة ولا ابن عبد السلام ولا غيرهم.
والحاصل أن المسألة غير منصوص عليها في المدونة ولعل أصله ففهمه اللخمي بتذكير الضمير الذي مرجعه قول ابن القاسم وكذا رأيته في كبيره وفي بعض النسخ من صغيره".