الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النِّكَاح
وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام النِّكَاح جَائِز
وَالْأَصْل فِي جَوَازه الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَقَوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ}
وَأما السّنة فَقَوله صلى الله عليه وسلم تناكحوا تَنَاسَلُوا
فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى بِالسقطِ وَفِي السقط ثَلَاث لُغَات بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَكسرهَا وَهَذَا يدل على الْجَوَاز
وأجمعت الْأمة على جَوَاز النِّكَاح
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت كَانَت مناكح الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا
تناكح الرَّايَات وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت تنصب على بَابهَا راية فَيعرف أَنَّهَا عاهر
فيأتيها النَّاس
وَالثَّانِي أَن الرَّهْط من الْقَبِيلَة والناحية كَانُوا يَجْتَمعُونَ على وَطْء امْرَأَة لَا يخالطهم غَيرهم
فَإِذا جَاءَت بِولد ألحق بأشبههم
وَالثَّالِث نِكَاح الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت إِذا أَرَادَت أَن يكون وَلَدهَا كَرِيمًا بذلت نَفسهَا لعدة من فحول الْقَبَائِل ليَكُون وَلَدهَا كأحدهم
وَالرَّابِع النِّكَاح الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ولدت من نِكَاح لَا من سفاحوتزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَدِيجَة بنت خويلد قبل النُّبُوَّة من ابْن عَمها ورقة بن نَوْفَل
وَكَانَ الَّذِي خطبهَا لَهُ عَمه أَبُو طَالب فَخَطب وَقَالَ الحمدلله الَّذِي جعل بَلَدا حَرَامًا وبيتا محجوجا وَجَعَلنَا سدنته وَهَذَا مُحَمَّد قد علمْتُم مَكَانَهُ من الْعقل والنبل وَإِن كَانَ المَال قل إِلَّا أَن المَال ظلّ
زائل وعارية مستردة وَمَا أردتم من المَال فعلي وَله فِي خَدِيجَة بنت خويلد رَغْبَة وَلها فِيهِ مثل ذَلِك
فَزَوجهَا مِنْهُ ابْن عَمها
وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تزوج بنساء كثير
وَمَات عَن تسع
وَسَأَلَ رجل عمر عَن النِّكَاح فَقَالَ كَانَ خيرنا أكثرنا نِكَاحا يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَالنِّكَاح فِي اللُّغَة الضَّم وَالْجمع
يُقَال تناكحت الْأَشْجَار إِذا انْضَمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض
وَيُطلق على الْوَطْء لاشْتِمَاله على الضَّم
وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن اسْتِبَاحَة الْوَطْء بِإِيجَاب وَقبُول وشاهدي عدل
وَيسْتَحب النِّكَاح لمن يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا وجد أهبته وَإِن لم يجدهَا
فَالْأولى أَن لَا ينْكح وَيكسر شَهْوَته بِالصَّوْمِ
وَيكرهُ النِّكَاح لمن لَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِن لم يجد أهبته
وَإِن وجدهَا فَلَا يكره لَهُ لَكِن الِاشْتِغَال بِالْعبَادَة أفضل
والأحب نِكَاح الْبكر النسيبة وَالَّتِي لَيست لَهَا قرَابَة قريبَة
وَتَكون من ذَوَات الدّين
وَإِذا رغب الرجل فِي نِكَاح امْرَأَة اسْتحبَّ لَهُ النّظر إِلَيْهَا قبل الْخطْبَة أَذِنت أَو لم تَأذن
وَله تَكْرِير النّظر إِلَيْهَا
وَلَا ينظر إِلَّا إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ظهرا وبطنا
وَيحرم نظر الْفَحْل الْبَالِغ إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْحرَّة الْكَبِيرَة الْأَجْنَبِيَّة عِنْد خوف الْفِتْنَة وَكَذَا عِنْد الْأَمْن فِي أولى الْوَجْهَيْنِ
وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم النّظر إِلَى مَا هُوَ عَورَة مِنْهَا
وللرجل أَن ينظر من الْمحرم إِلَى مَا يَبْدُو عِنْد المهنة وَلَا ينظر إِلَى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة
وَفِيمَا بَينهمَا وَجْهَان
أظهرهمَا الْحل
وَالْأَظْهَر حل النّظر إِلَى الْأمة إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة
وَإِلَى الصَّغِيرَة إِلَّا الْفرج
وَإِن نظر العَبْد إِلَى سيدته فَلهُ ذَلِك
وَنظر الْمَمْسُوح كالنظر إِلَى الْمَحَارِم
وَنظر الْمُرَاهق كنظر الْبَالِغ لَا كنظر الطِّفْل الَّذِي لَا يظْهر على العورات
وَأما نظر الرجل إِلَى الرجل فَهُوَ جَائِز فِي جَمِيع الْبدن إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَيحرم النّظر إِلَى الْأَمْرَد بالشهوة
وَنظر الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة كنظر الرجل إِلَى الرجل إِلَّا أَن فِي نظر الذِّمِّيَّة إِلَى الْمسلمَة وَجْهَان
أحوطهما الْمَنْع
وَالأَصَح أَن للْمَرْأَة النّظر إِلَى بدن الرجل الْأَجْنَبِيّ سوى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة إِلَّا عِنْد خوف الْفِتْنَة
ونظرها إِلَى الرِّجَال الْمَحَارِم كنظر الرِّجَال إِلَى نسَاء الْمَحَارِم
وحيثما يحرم النّظر يحرم الْمس
ويباحان للفصد والحجامة والمعالجة
وَللزَّوْج أَن ينظر إِلَى مَا شَاءَ من بدن زَوجته
ويخطب الخلية عَن النِّكَاح وَالْعدة
وَيحرم التَّصْرِيح بِخطْبَة الْمُعْتَدَّة
وَكَذَا التَّعْرِيض إِن كَانَت رَجْعِيَّة
وَلَا يحرم فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا
وَفِي البائنة قَولَانِ
أصَحهمَا الْجَوَاز
وَتحرم الْخطْبَة للْغَيْر بعد صَرِيح الْإِجَابَة إِلَّا أَن يَأْذَن المجاب للْغَيْر
وَالظَّاهِر أَنه لَا تحرم الْخطْبَة إِذا لم تُوجد إِجَابَة وَلَا رد
وَمن استشير فِي حَال الْخَاطِب فَلهُ أَن يصدق فِي ذكر مساويه
وَيسْتَحب تَقْدِيم الْخطْبَة على الْخطْبَة وعَلى العقد
وَالأَصَح أَنه إِذا قَالَ الْوَلِيّ الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله
زوجت مِنْك فَقَالَ الزَّوْج الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله
قبلت يَصح النِّكَاح بل يسْتَحبّ ذَلِك
وَالْخلاف فِيمَا إِذا لم يطلّ الذّكر بَين الْإِيجَاب وَالْقَبُول
وَإِن طَال لم يَصح
وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِإِيجَاب أَو بقول الْوَلِيّ زَوجتك أَو أنكحتك وَالْقَبُول بِأَن يَقُول الزَّوْج تزوجت أَو نكحت أَو قبلت نِكَاحهَا أَو تَزْوِيجهَا وَيجوز أَن يتَقَدَّم لفظ الزَّوْج على لفظ الْوَلِيّ
وَغير الْإِنْكَاح وَالتَّزْوِيج من الْأَلْفَاظ كَالْبيع وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك لَا يقوم مقامهما
وَلَا يَصح انْعِقَاد النِّكَاح بِمَعْنى اللَّفْظَيْنِ بِسَائِر اللُّغَات
وَلَا ينْعَقد النِّكَاح بالكنايات
وَفِي مَعْنَاهَا إِذا قَالَ زوجتكها فَقَالَ قبلت وَاقْتصر عَلَيْهِ على الْأَصَح
وَإِذا قَالَ زَوجنِي فَقَالَ زَوجتك صَحَّ النِّكَاح
وَكَذَا لَو قَالَ الْوَلِيّ تَزَوَّجتهَا فَقَالَ تزوجت
وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين
وَيعْتَبر فيهمَا الْإِسْلَام والتكليف وَالْحريَّة
وَالْعَدَالَة والذكورة والسمع
فَلَا ينْعَقد بِحُضُور الْأَصَم
وَكَذَا الْأَعْمَى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَفِي الِانْعِقَاد بِحُضُور ابْني الزَّوْجَيْنِ وعدويهما خلاف رجح مِنْهُمَا الِانْعِقَاد
وَينْعَقد بِحُضُور مستوري الْعَدَالَة دون مستوري الْإِسْلَام وَالْحريَّة
وَلَو بَان كَون الشَّاهِد فَاسِقًا عِنْد العقد فَالْأَصَحّ أَنه يتَبَيَّن بطلَان النِّكَاح
وَطَرِيق التبين قيام الْبَيِّنَة أَو إِقْرَار الزَّوْجَيْنِ
وَالِاعْتِبَار بقول الشَّاهِدين كُنَّا فاسقين يَوْمئِذٍ
وَلَو اعْترف بِهِ الزَّوْج وَأنْكرت الْمَرْأَة فرق بَينهمَا
وَلَا يقبل قَوْله عَلَيْهَا فِي الْمهْر بل يجب نصفه إِن لم يدْخل بهَا وَتَمَامه إِن كَانَ بعد الدُّخُول
وَيسْتَحب الْإِشْهَاد على رضى الْمَرْأَة حَيْثُ يعْتَبر رِضَاهَا وَلَا يشْتَرط
وَالْمَرْأَة لَا تزوج نَفسهَا بِإِذن الْوَلِيّ ودونه وَلَا غَيرهَا بوكالة وَلَا ولَايَة
وَلَا تقبل النِّكَاح لأحد
وَالْوَطْء فِي النِّكَاح بِلَا ولي يُوجب مهر الْمثل وَلَا يُوجب الْحَد
وَيقبل إِقْرَار الْوَلِيّ بِالنِّكَاحِ إِن كَانَ مُسْتقِلّا بالإنشاء وَإِن لم يكن لم يقبل إِقْرَاره عَلَيْهَا
وَيقبل إِقْرَار الْبَالِغَة الْعَاقِلَة بِالنِّكَاحِ على الْجَدِيد
وَللْأَب تَزْوِيج ابْنَته الْبكر صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة
وَلَا يعْتَبر إِذْنهَا ومراجعتها
وَيسْتَحب أَن يُرَاجِعهَا
وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيج الثّيّب إِلَّا بِإِذْنِهَا وَإِن كَانَت صَغِيرَة لم تزوج حَتَّى تبلغ
وَالْجد كَالْأَبِ عِنْد عَدمه
وَلَا فرق بَين أَن تَزُول الْبكارَة بِالْوَطْءِ الْحَلَال أَو غَيره وَلَا أثر لزوالها بعد الْوَطْء
وَمن على حَاشِيَة النّسَب كالأخ وَالْعم لَا يزوجون الصَّغِيرَة بِحَال
ويزوجون الثّيّب الْبَالِغَة بِصَرِيح الْإِذْن
وَالْحكم فِي الْبكر كَذَلِك أَو بِالسُّكُوتِ بعد الْمُرَاجَعَة
وَيقدم من الْأَوْلِيَاء الْأَب ثمَّ الْجد ثمَّ أَبوهُ ثمَّ الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب ثمَّ ابْنه وَإِن سفل ثمَّ الْعم ثمَّ سَائِر الْعَصَبَات على ترتيبهم فِي الْمِيرَاث
وَالْأَخ من الْأَبَوَيْنِ يقدم على الْأَخ من الْأَب فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَلَا ولَايَة للِابْن بالبنوة
فَإِذا كَانَ ابْن ابْن عَم أَو معتقا أَو قَاضِيا لم تَمنعهُ الْبُنُوَّة من التَّزْوِيج
وَإِذا لم يُوجد أحد من الْأَقَارِب
فالولاية للْمُعْتق ثمَّ لعصباته على تَرْتِيب الْمِيرَاث
ويزوج عتيقة الْمَرْأَة من يُزَوّج الْمُعتقَة مَا دَامَت حَيَّة
وَإِذا مَاتَت فالتزويج لمن لَهُ
الْوَلَاء
وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا حَاجَة إِلَى رضَا الْمُعتقَة إِن كَانَ التَّزْوِيج فِي حَيَاتهَا
وَإِذا لم يُوجد للْمُعْتق عصبات فالولاية للسُّلْطَان
وَكَذَلِكَ يُزَوّج السُّلْطَان إِذا عضل الْقَرِيب أَو الْمُعْتق
وَإِنَّمَا يحصل لعضل إِذا طلبت الْعَاقِلَة الْبَالِغَة تَزْوِيجهَا من كُفْء فَامْتنعَ
وَلَو عينت كفئا وَأَرَادَ الْأَب تَزْوِيجهَا من غَيره فَلهُ ذَلِك فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَلَا يتَعَيَّن من عينته
وَلَا ولَايَة للرقيق وَلَا الصَّبِي وَلَا الْمَجْنُون ومختل النّظر بالهرم أَو الخبل
وَكَذَا السَّفِيه الْمَحْجُور عَلَيْهِ على الْأَظْهر
وَمهما كَانَ الْأَقْرَب بِبَعْض هَذِه الصِّفَات فالولاية للأبعد
وَالْإِغْمَاء إِن كَانَ مِمَّا لَا يَدُوم غَالِبا كالنوم تنْتَظر إِفَاقَته
وَإِن كَانَ مِمَّا يَدُوم أَيَّامًا
فأقرب الْوَجْهَيْنِ أَن الحكم كَذَلِك
وَالثَّانِي أَنه تنْتَقل الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد
وَلَا يقْدَح الْعَمى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَالظَّاهِر من أصل الْمَذْهَب أَنه لَا ولَايَة لِلْفَاسِقِ
وَالْكَافِر يَلِي نِكَاح ابْنَته الْكَافِرَة
وإحرام الْمَرْأَة يمْنَع صِحَة النِّكَاح لَكِن لَا تنسلب بِهِ الْولَايَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
ويزوج السُّلْطَان عِنْد إِحْرَام الْوَلِيّ لَا الْأَبْعَد
وَإِذا غَابَ الْأَقْرَب إِلَى مَسَافَة الْقصر زَوجهَا السُّلْطَان
وَإِن كَانَت الْغَيْبَة إِلَى دونهَا
فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تزوج حَتَّى يرجع الْوَلِيّ فيحضر أَو يُوكل
وللولي الْمُجبر التَّوْكِيل بِالتَّزْوِيجِ من غير إِذن الْمَرْأَة
وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يشْتَرط تعْيين الزَّوْج
وَالْوَكِيل يحْتَاط
فَلَا يُزَوّج من غير كُفْء
وَأما غير الْمُجبر فَإِن نهته عَن التَّوْكِيل لم يُوكل
وَإِن أَذِنت لَهُ وكل
وَإِن قَالَت لَهُ زَوجنِي فَهَل لَهُ التَّوْكِيل فِيهِ وَجْهَان
أصَحهمَا نعم
وَلَا يجوز لَهُ التَّوْكِيل من غير استئذانها فِي النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَيَقُول وَكيل الْوَلِيّ زوجت بنت فلَان مِنْك وَيَقُول الْوَلِيّ لوكيل الْخَاطِب زوجت بِنْتي من فلَان فَيَقُول وَكيله قبلت نِكَاحهَا لَهُ
وَيجب على الْمُجبر تَزْوِيج الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة وتزويج الْمَجْنُون عِنْد ظُهُور الْحَاجة وَلَا يجب عَلَيْهِ تَزْوِيج الْبِنْت الصَّغِيرَة وَلَا التَّزْوِيج للصَّغِير
وَعَلِيهِ وعَلى غير الْمُجبر إِن
كَانَ مُتَعَيّنا الْإِجَابَة إِذا التمست الْمَرْأَة التَّزْوِيج وَإِن لم يكن مُتَعَيّنا كإخوة وأعمام والتمست التَّزْوِيج من بَعضهم
فَكَذَلِك تجب الْإِجَابَة فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ
وَالْأولَى إِذا اجْتمع الْأَوْلِيَاء فِي دَرَجَة وَاحِدَة أَن يُزَوّجهَا أفقههم وأقرؤهم وأسنهم بِرِضا الآخرين
وَإِن تزاحموا أَقرع بَينهم
وَمَعَ ذَلِك فَلَو زوج غير من خرجت لَهُ الْقرعَة وَقد أَذِنت لكل وَاحِد مِنْهُم
فأصح الْوَجْهَيْنِ صِحَّته
وَإِذا زَوجهَا وَاحِد من زيد وَآخر من عَمْرو وَلم يعرف السَّابِق
فهما باطلان
وَلَو عرف سبق وَاحِد على التَّعْيِين ثمَّ الْتبس وَجب التَّوَقُّف إِلَى أَن يتَبَيَّن الْحَال
فَإِن ادّعى كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الْمَرْأَة أَنَّهَا تعلم سبق نِكَاحه سَمِعت دَعْوَاهَا بِنَاء على الصَّحِيح
وَهُوَ قبُول إِقْرَارهَا بِالنِّكَاحِ
وَحِينَئِذٍ فَإِن أنْكرت حَلَفت
وَإِن أقرَّت لأَحَدهمَا ثَبت لَهُ النِّكَاح
وَهل تسمع دَعْوَى الثَّانِي عَلَيْهَا وَهل لَهُ تحليفها يَنْبَنِي على الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لزيد لَا بل لعَمْرو
وللجد أَن يتَوَلَّى طرفِي العقد فِي تَزْوِيج بنت ابْنه من ابْن ابْن آخر
وَابْن الْعم لَا يُزَوّج من نَفسه وَلَكِن يُزَوّجهَا ابْن عَم فِي دَرَجَته
فَإِن لم يكن فِي دَرَجَته زَوجهَا القَاضِي
وَإِن كَانَ الرَّاغِب القَاضِي زَوجهَا من فَوْقه من الْوُلَاة أَو خَلِيفَته
وكما لَا يجوز للْوَاحِد تولى الطَّرفَيْنِ لَا يجوز أَن يُوكل وَكيلا بِأحد الطَّرفَيْنِ أَو وكيلين بالطرفين فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَإِذا زوج الْوَلِيّ موليته من غير كُفْء بِرِضَاهَا أَو بعض الْأَوْلِيَاء المستوين بِرِضَاهَا ورضا البَاقِينَ
صَحَّ النِّكَاح
وَلَو زَوجهَا الْأَقْرَب مِنْهُ بِرِضَاهَا لم يكن للأبعد اعْتِرَاض
وَلَو زَوجهَا أحد الْأَوْلِيَاء بِرِضَاهَا دون رضى الآخرين
فَهَل يبطل النِّكَاح أَو يَصح وَلَهُم الِاعْتِرَاض بِالْفَسْخِ فِيهِ قَولَانِ
أصَحهمَا الأول
وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيج الْبكر الصَّغِيرَة والبالغة من غير كُفْء بِغَيْر رِضَاهَا
فَيبْطل فِي أصَحهمَا وَيصِح فِي الآخر
وللبالغة الْخِيَار
وللصغيرة إِذا بلغت فِي القَوْل الثَّانِي
وَالَّتِي يَلِي أمرهَا السُّلْطَان إِذا التمست تَزْوِيجهَا من غير كُفْء فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يجيبها إِلَيْهِ
وخصال الْكَفَاءَة هِيَ السَّلامَة من الْعُيُوب الَّتِي يثبت بهَا الْخِيَار
فَمن بِهِ بَعْضهَا لَا يكون كفئا للسليمة مِنْهَا
وَالْحريَّة
فالرقيق لَيْسَ بكفء لحرة أَصْلِيَّة كَانَت أَو عتيقة
والعتيق لَيْسَ كفئا للْحرَّة الْأَصْلِيَّة
وَالنّسب فالعجمي لَيْسَ كفئا للعربية وَغير الْقرشِي لَيْسَ كفئا للقرشية وَغير الْهَاشِمِي لَيْسَ كفئا للهاشمية والمطلبي للهاشمية والمطلبية
وَالظَّاهِر اعْتِبَار النّسَب فِي الْعَجم كَمَا يعْتَبر فِي الْعَرَب
والعفة
فالفاسق لَيْسَ كفئا للعفيفة
والحرفة
فأصحاب الحرفة الدنيئة لَيْسُوا بأكفاء للأشراف وَسَائِر المحترفة
والكناس والحجام وقيم الْحمام والحارس لَا يكافئون ابْنة الْخياط
والخياط لَا يكافىء ابْنة التَّاجِر وَالْبَزَّاز
وهما لَا يكافئان ابْنة الْعَالم وَالْقَاضِي
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَن الْيَسَار لَا يعْتَبر فِي خِصَال الْكَفَاءَة
فَإِن بعض الْخِصَال لَا يُقَابل بِبَعْض
وَلَا يجوز للْأَب أَن يقبل لِابْنِهِ الصَّغِير نِكَاح الْأمة
وَالْأَظْهَر أَنه لَا يقبل نِكَاح المعيبة أَيْضا وَأَنه لَا يجوز أَن يقبل نِكَاح من لَا تكافئه من سَائِر الْوُجُوه
وَالْمَجْنُون الصَّغِير لَا يُزَوّج أَلْبَتَّة
وَكَذَا الْكَبِير إِلَّا أَن تَدْعُو الْحَاجة إِلَى التَّزْوِيج مِنْهُ
وَإِذا جَازَ التَّزْوِيج مِنْهُ فَلَا يُزَاد على وَاحِدَة
وَيجوز أَن يُزَوّج من الصَّغِير الْعَاقِل أَكثر من وَاحِدَة
والمجنونة يُزَوّجهَا الْأَب وَالْجد صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا أَو ثَيِّبًا
وَيَكْفِي فِي تَزْوِيجهَا ظُهُور الْمصلحَة
وَلَا تشْتَرط الْحَاجة
وَالَّتِي لَا أَب لَهَا وَلَا جد لَا تزوج إِن كَانَت صَغِيرَة
وَإِن كَانَت بَالِغَة
فَالْأَظْهر أَنه لَا يُزَوّجهَا إِلَّا السُّلْطَان
وَإِنَّمَا يُزَوّجهَا للْحَاجة دون الْمصلحَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
والمحجور عَلَيْهِ بالسفه لَا يسْتَقلّ بِالنِّكَاحِ بل يتَزَوَّج بِإِذن الْوَلِيّ أَو يقبل لَهُ الْوَلِيّ النِّكَاح
فَإِذا أذن لَهُ وَعين امْرَأَة لم ينْكح غَيرهَا
وينكحها بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه فَإِن زَاد صَحَّ النِّكَاح على الْأَصَح ورد إِلَى مهر الْمثل
وَلَو قَالَ انكح بِأَلف وَلم يعين امْرَأَة بِالذَّاتِ وَلَا بالنوع
نكح امْرَأَة بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من مهر الْمثل
وَلَو أطلق الْإِذْن فَالْأَصَحّ صِحَّته
وينكح بِمهْر الْمثل من تلِيق بِهِ وَلَو قبل الْوَلِيّ النِّكَاح لَهُ
فَيحْتَاج إِلَى اسْتِئْذَانه فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَيقبل بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه
فَإِن زَاد بَطل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
وَصَحَّ بِمهْر الْمثل فِي أصَحهمَا
وَإِن نكح السَّفِيه بِغَيْر إِذن الْوَلِيّ فَالنِّكَاح بَاطِل
وَإِذا دخل بهَا فَيجب مهر الْمثل أَو أقل مَا يتمول أَو لَا يجب شَيْء فِيهِ وُجُوه
رجح مِنْهَا الثَّالِث
والمحجور عَلَيْهِ بالفلس لَهُ أَن ينْكح لَكِن لَا يصرف مَا فِي يَده إِلَى مُؤَن النِّكَاح بل يتَعَلَّق بِكَسْبِهِ
وَنِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن السَّيِّد بَاطِل وبإذنه صَحِيح
وَيجوز أَن يُطلق الْإِذْن وَأَن يُقيد بِامْرَأَة بِعَينهَا أَو بِوَاحِدَة من الْقَبِيلَة أَو الْبَلدة
وَلَا يعدل العَبْد عَمَّا أذن لَهُ فِيهِ
وَلَيْسَ للسَّيِّد إِجْبَار العَبْد على النِّكَاح فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَلَا تلْزمهُ الْإِجَابَة إِذا طلب العَبْد النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَله إِجْبَار أمته على النِّكَاح صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا
وَلَا يلْزمه التَّزْوِيج إِذا طلبته إِن كَانَت مِمَّن تحل لَهُ
وَكَذَا إِن لم تكن فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَإِذا زوج السَّيِّد أمته فيزوجها بِالْملكِ أَو بِالْولَايَةِ فِيهِ وَجْهَان
أظهرهمَا الأول حَتَّى يُزَوّج الْفَاسِق أمته
وَلَو سلبناه الْولَايَة بِالْفِسْقِ
ويزوج الْمُسلم أمته الْكِتَابِيَّة ويزوج الْمكَاتب أمته
فَائِدَة يُقَال زوج للرجل وَالْمَرْأَة
وَأما زَوْجَة فقليل
وَنقل الْفراء أَنَّهَا لُغَة تَمِيم
وَأنْشد قَول الفرزدق وَإِن الَّذِي يسْعَى ليفسد زَوْجَتي كساع إِلَى أَسد الشرى يستميلها وَفِي الحَدِيث عَن عمار بن يَاسر فِي حق عَائِشَة رضي الله عنها وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذكره البُخَارِيّ
وَاخْتَارَهُ الْكسَائي
فرع يجوز للْمُسلمِ أَن يُزَوّج الْكَافِر كَافِرَة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع إِذا لم يكن لَهَا ولي من النّسَب يُزَوّجهَا الْحَاكِم
وَإِذا كَانَ لمُسلم أمة كارة يُزَوّجهَا وَليهَا الْمُسلم من كَافِر
لغز امْرَأَة يُزَوّجهَا الْحَاكِم مَعَ حُضُور الْأَخ الرشيد وَهُوَ غير عاضل وَلَا محرم
وَهِي الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة
مَسْأَلَة رجل زوج أمه وَهِي بكر بِولَايَة صَحِيحَة
مَا صورته