الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الرَّضَاع
وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
للرضاع تَأْثِير فِي تَحْرِيم النِّكَاح
وَفِي ثُبُوت الْحُرْمَة وَفِي جَوَاز النّظر وَالْخلْوَة
وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة}
فَذكر الله تَعَالَى فِي جملَة النِّسَاء الْمُحرمَات الْأُمَّهَات من الرضَاعَة وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة
فَدلَّ على أَن لَهُ تَأْثِيرا فِي التَّحْرِيم
وروت عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الْولادَة وروى سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله هَل لَك فِي ابْنة عمك حَمْزَة
فَإِنَّهَا أجمل فتاة فِي قُرَيْش فَقَالَ أما علمت أَن حَمْزَة أخي من الرضَاعَة
وَأَن الله حرم من الرضَاعَة مَا حرم من النّسَب
وَيدل على ثُبُوت الْحُرْمَة مَا رُوِيَ أَن وَفد هوَازن قدمُوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فكلموه فِي سبي أَوْطَاس فَقَالَ رجل من بني سعد يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا ملحنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمر أَو للنعمان بن الْمُنْذر ثمَّ نزل مَنْزِلك هَذَا منا لحفظ ذَلِك لنا
وَأَنت خير المكفولين فاحفظ ذَلِك وَإِنَّمَا قَالُوا لَهُ ذَلِك لِأَن حليمة الَّتِي أرضعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَت من
بني سعد بن بكر بن وَائِل
وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَوْلهم
وَمعنى قَوْله ملحنا أَي أرضعنا وَالْملح هُوَ الرَّضَاع
وروى السَّاجِي فِي كِتَابه عَن أبي الطُّفَيْل أَنه قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وَهُوَ يقسم لَحْمًا
فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فدنت مِنْهُ
ففرش لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم إزَاره فَجَلَست عَلَيْهِ
فَقلت من هَذِه فَقَالُوا هَذِه أمه الَّتِي أَرْضَعَتْه وَإِنَّمَا أكرمها لأجل الْحُرْمَة الَّتِي حصلت بَينهمَا بِالرّضَاعِ
فَدلَّ على أَن الْحُرْمَة تثبت بِهِ
وأركان الرَّضَاع ثَلَاثَة مرضع وَشَرطه امْرَأَة حَيَّة بلغت تسع سِنِين
وَلَو بكرا على الصَّحِيح
وَلبن الْخُنْثَى لَا يَقْتَضِي أنوثته على الْمَذْهَب وَيُوقف
فَإِن بَان أُنْثَى حرم فِيمَن أَرْضَعَتْه وَإِلَّا فَلَا
وَلبن الْميتَة لَا يثبت الْحُرْمَة كَمَا لَا يثبت الْمُصَاهَرَة بِوَطْئِهَا وكما يسْقط حُرْمَة الْأَعْضَاء بِالْمَوْتِ حَتَّى لَا يضمن قاطعها وَلَا حلب من حَيَّة وأوجر بعد مَوتهَا
الثَّانِي اللَّبن وَلَا يشْتَرط بَقَاؤُهُ على صفته
فَلَو تغير بحموضة أَو انْعِقَاد أَو غليان
وَصَارَ جبنا أَو أقطا أَو زبدا أَو مخيضا أَو ثرد فِيهِ طَعَام حرم أَو عجن بِهِ دَقِيق وخبز
فَكَذَلِك على الصَّحِيح
وَلَو خلط بمائع حرم إِن غلب
وَإِن غلب وَشرب الْكل حرم على الْأَظْهر
وَيشْتَرط أَن يكون قدر أَن يشرب مِنْهُ خمس مَرَّات لَو انْفَرد فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَصَححهُ السَّرخسِيّ
وَالصَّحِيح أَن المُرَاد بالغلبة الصِّفَات من لون أَو طعم أَو ريح
فَإِن ظهر مِنْهَا شَيْء فِي الْمَخْلُوط فاللبن غَالب وَإِلَّا فمغلوب
وَالثَّالِث الْمحل
وَهِي معدة حَيّ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ سَوَاء ارتضع أَو حلب وأوجر
وَلَو حقن اللَّبن أَو قطر فِي إحليله
فوصل شَيْء مِنْهُ أَو صب على جِرَاحَة فِي بَطْنه فوصل جَوْفه لم يحرم فِي الْأَظْهر
وَإِن وصل الْمعدة بخرق فِي الأمعاء أَو صب فِي مأمومة
فوصل دماغه
حرم قطعا
أَو فِي أَنفه فوصل دماغه حرم أَو فِي عينه فَلَا أَو فِي أُذُنه فخلاف
وَلَو ارتضع وتقيأ فِي الْحَال حرم على الصَّحِيح
وَشرط الصَّبِي أَن لَا يبلغ حَوْلَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ
فَإِن انْكَسَرَ الشَّهْر الأول حسب الْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ وكمل المنكسر ثَلَاثِينَ من الشَّهْر الْخَامِس وَالْعِشْرين
وَلَو ارتضع قبل انْفِصَال جَمِيعه فَوَجْهَانِ وَلَا أثر للرضاع بعد الْحَوْلَيْنِ