الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النَّفَقَات
وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي وجوب نَفَقَة الزَّوْجَات الْكتاب وَالسّنة
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ}
والمولود لَهُ هُوَ الزَّوْج
وَإِنَّمَا نَص على وجوب نَفَقَة الزَّوْجَة حَال الْولادَة ليدل على أَن النَّفَقَة تجب لَهَا حَال اشتغالها عَن الِاسْتِمْتَاع بالنفاس لِئَلَّا يتَوَهَّم متوهم أَنَّهَا لَا تجب لَهَا
وَقَوله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا فَوَاحِدَة أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ الشَّافِعِي مَعْنَاهُ أَن لَا تكْثر عيالكم وَمن تمونونه
وَقَالَ إِن أَكثر السّلف قَالَ إِن معنى أَن لَا تعولُوا أَن لَا تَجُورُوا
يُقَال عَال يعول
إِذا جَار وأعال يعيل إِذا كثرت عِيَاله إِلَّا زيد بن أسلم
فَإِنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ أَن لَا تكْثر عيالكم
وَقَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم يشْهد لذَلِك حَيْثُ قَالَ ابدأ بِنَفْسِك ثمَّ بِمن تعول
وَيدل على وجوب نَفَقَة الزَّوْجَات قَوْله تَعَالَى {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} وَقَوله تَعَالَى {لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} وَقَوله وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه أَي ضيق عَلَيْهِ
وَمن السّنة مَا روى حَكِيم بن مُعَاوِيَة الْقشيرِي عَن أَبِيه
قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا حق الزَّوْجَة فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَن تطعمها إِذا طعمت وَأَن تكسوها إِذا اكتسيت
وروى جَابر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس وَقَالَ اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله
واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله
ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ
وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ يَا رَسُول الله عِنْدِي دِينَار
فَقَالَ أنفقهُ على نَفسك
فَقَالَ عِنْدِي آخر
فَقَالَ أنفقهُ على ولدك
فَقَالَ عِنْدِي آخر
فَقَالَ أنفقهُ على أهلك
فَقَالَ عِنْدِي آخر
فَقَالَ أنفقهُ على خادمك
فَقَالَ عِنْدِي آخر
فَقَالَ أَنْت أعلم بِهِ
وَالْمرَاد بالأهل هَهُنَا الزَّوْجَة
بِدَلِيل مَا روى أَبُو سعيد المَقْبُري أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ إِذا روى هَذَا الحَدِيث ولدك يَقُول أنْفق عَليّ
إِلَى من تَكِلنِي وزوجك تَقول أنْفق عَليّ أَو طَلقنِي وخادمك يَقُول أنْفق عَليّ أَو بِعني
وروت عَائِشَة رضي الله عنها أَن هِنْد امْرَأَة أبي سُفْيَان جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم
فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح وَإنَّهُ لَا يعطيني وَوَلَدي إِلَّا مَا أَخَذته مِنْهُ سرا وَلَا يعلم
فَهَل عَليّ فِي ذَلِك شَيْء فَقَالَ صلى الله عليه وسلم خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ
قَالَ أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْخَبَر فَوَائِد
أَحدهَا وجوب نَفَقَة الزَّوْجَة
الثَّانِيَة وجوب نَفَقَة الْوَلَد
الثَّالِثَة أَن نَفَقَة الزَّوْجَة مُقَدّمَة على نَفَقَة الْوَلَد لِأَنَّهُ قدم فِي الحكم نَفَقَتهَا على نَفَقَة الْوَلَد
الرَّابِعَة أَن نَفَقَة الْوَلَد على الْكِفَايَة
الْخَامِسَة أَن للْمَرْأَة أَن تخرج من بَيتهَا لحَاجَة لَا بُد مِنْهَا لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يُنكر عَلَيْهَا الْخُرُوج
السَّادِسَة أَن للْمَرْأَة أَن تستفتي الْعلمَاء
السَّابِعَة أَن صَوت الْمَرْأَة لَيْسَ بِعَوْرَة
الثَّامِنَة إِن تَأْكِيد الْكَلَام جَائِز لِأَنَّهَا قَالَت إِن أَبَا سُفْيَان رجل والشحيح من منع حَقًا عَلَيْهِ
التَّاسِعَة أَنه يجوز أَن يذكر الْإِنْسَان بِمَا فِيهِ
لِأَنَّهَا قَالَت إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح
الْعَاشِرَة أَن الحكم على الْغَائِب جَائِز
لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حكم على أبي سُفْيَان وَهُوَ غَائِب
وَهَذَا قَول أَكثر الْأَصْحَاب
قَالَ ابْن الصّباغ وَالْأَشْبَه أَن هَذَا فتيا
وَلَيْسَ بِحكم
لِأَنَّهُ لم ينْقل أَن أَبَا سُفْيَان كَانَ غَائِبا
الْحَادِيَة عشرَة أَنه يجوز للْحَاكِم أَن يحكم بِعِلْمِهِ
لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يسْأَلهَا الْبَيِّنَة
وَإِنَّمَا حكم لَهَا بِعِلْمِهِ
الثَّانِيَة عشرَة أَن من لَهُ حق على غَيره فَمَنعه
جَازَ لَهُ أَخذه من مَاله
الثَّالِثَة عشرَة أَن لَهُ أَخذه من مَاله
وَإِن كَانَ من غير جنس حَقه
لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يفصل
الرَّابِعَة عشرَة أَنه إِذا أَخذه وَكَانَ من غير جنس حَقه
فَلهُ بَيْعه بِنَفسِهِ
الْخَامِسَة عشرَة أَنه يسْتَحق الْخَادِم على الزَّوْج إِن كَانَت مِمَّن تخْدم لِأَنَّهُ روى أَنَّهَا قَالَت إِلَّا مَا يدْخل عَليّ
السَّادِسَة عشرَة أَن للْمَرْأَة أَن تقبض نَفَقَة وَلَدهَا
وتتولى الْإِنْفَاق على وَلَدهَا
وَلِأَن الزَّوْجَة محبوسة على الزَّوْج وَله منعهَا من التَّصَرُّف
فَكَانَت نَفَقَتهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ
كَنَفَقَة العَبْد على سَيّده
وَنَفَقَة الزَّوْجَة تخْتَلف باخْتلَاف حَال الزَّوْج فِي الْيَسَار والإعسار
فعلى الْمُوسر فِي