الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصَدَاق
وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
الصَدَاق هُوَ مَا تستحقه الْمَرْأَة بَدَلا فِي النِّكَاح
وَله سَبْعَة أَسمَاء الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة وَالْمهْر والعلقة والعقر
لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة
وَسَماهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمهْر والعلقة وَسَماهُ عمر رضي الله عنه الْعقر يُقَال أصدقت الْمَرْأَة ومهرتها
وَلَا يُقَال أمهرتها
وَالْأَصْل فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} وَقَوله تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} وَقَوله تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِن مَسهَا الْمهْر بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَدّوا العلائق قيل وَمَا العلائق قَالَ مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون وَقَالَ عمر رضي الله عنه لَهَا عقر نسائها
فَإِن قيل لم سَمَّاهُ نحلة
والنحلة الْعَطِيَّة بِغَيْر عوض
وَالْمهْر لَيْسَ بعطية وَإِنَّمَا هُوَ عوض عَن الِاسْتِمْتَاع فَفِيهِ ثَلَاث تأويلات
أَحدهَا أَنه لم يرد بالنحلة الْعَطِيَّة
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النحلة من الانتحال وَهُوَ التدين
لِأَنَّهُ يُقَال انتخل فلَان مذهبك أَي تدين بِهِ
فَكَأَنَّهُ قَالَ {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} أَي تدينا
وَالثَّانِي أَن الْمهْر يشبه الْعَطِيَّة لِأَنَّهُ يحصل للْمَرْأَة من اللَّذَّة فِي الِاسْتِمْتَاع مَا يحصل للزَّوْج وَأكْثر لِأَنَّهَا أغلب شَهْوَة وَالزَّوْج ينْفَرد ببذل الْمهْر فَكَأَنَّهَا تَأْخُذهُ بِغَيْر عوض
وَالثَّالِث أَنه عَطِيَّة من الله للنِّسَاء فِي شرعنا
وَكَانَ فِي شرع من قبلنَا الْمهْر للأولياء
وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى قي قصَّة شُعَيْب ومُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج}
وَمَا يجوز أَن يكون عوضا فِي البيع يجوز أَن يكون صَدَاقا
وَلَيْسَ الصَدَاق ركنا فِي النِّكَاح بل يجوز إخلاؤه من الْمهْر لَكِن الْمُسْتَحبّ تَسْمِيَته
لما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يتَزَوَّج أحدا من نِسَائِهِ وَلَا زوج أحدا من بَنَاته إِلَّا بِصَدَاق سَمَّاهُ فِي العقد وَرُوِيَ أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم
فَقَالَت يَا رَسُول الله قد وهبت نَفسِي مِنْك فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَصَره إِلَيْهَا ثمَّ صَوبه
ثمَّ قَالَ مَالِي الْيَوْم فِي النِّسَاء من حَاجَة
فَقَامَ رجل من الْقَوْم فَقَالَ زوجنيها يَا رَسُول الله
فَقَالَ لَهُ مَا تصدقها قَالَ إزَارِي
قَالَ إِن أَصدقتهَا إزارك جَلَست وَلَا إِزَار لَك
فَقَالَ ألتمس شَيْئا
فالتمس شَيْئا فَلم يجد
فَقَالَ التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد
فالتمس وَلم يجد شَيْئا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَمَعَك شَيْء من الْقُرْآن قَالَ نعم
سُورَة كَذَا وَسورَة كَذَا
فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من القرآنولأنه إِذا زوجه بِالْمهْرِ كَانَ أقطع للخصومة
وروى عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا بِامْرَأَة وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا
فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة
قَالَ إِنِّي تَزَوَّجتهَا بِغَيْر مهر
وَإِنِّي قد أعطيتهَا عَن صَدَاقهَا سهمي بِخَيْبَر
فباعته بِمِائَة ألف وَلِأَن الْمَقْصُود فِي النِّكَاح اعْتِبَار الزَّوْجَيْنِ دون الْمهْر
وَلِهَذَا يجب ذكر الزَّوْجَيْنِ فِي العقد
وَإِنَّمَا الْعِوَض فِيهِ تبع
بِخِلَاف البيع
فَإِن الْمَقْصُود فِيهِ الْعِوَض
وَلِهَذَا لَا يجب ذكر البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي العقد إِذا وَقع بَين وكيليهما
فَائِدَة قَالَ الرَّافِعِيّ روى الْقفال الشَّاشِي عَن أَحْمد بن عبد الله السجسْتانِي أَنه سَأَلَ الْمُتَوَلِي هَل يجوز النِّكَاح على تَعْلِيم الشّعْر فَقَالَ يجوز إِذا كَانَ مثل قَول الشَّاعِر يُرِيد الْمَرْء أَن يعْطى مناه ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَ يَقُول العَبْد فائدتي وَمَالِي وتقوى الله أفضل مَا اسْتَفَادَ