الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الدِّيات
وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
تجب الدِّيَة بقتل الْمُسلم وَالذِّمِّيّ
وَالْأَصْل فِيهِ من الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين تَوْبَة من الله وَكَانَ الله عليما حكيما} وَقد تقدم بَيَانهَا
وَمن السّنة مَا روى أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كتب إِلَى أهل الْيَمين وَفِي النَّفس مائَة من الْإِبِل وَهُوَ إِجْمَاع لَا خلاف فِيهِ
فَإِن كَانَت الدِّيَة فِي الْعمد الْمَحْض أَو فِي شبه الْعمد وَجَبت مائَة مُغَلّظَة
وَهِي ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة والخلفة الْحَامِل
بِدَلِيل مَا روى عبَادَة ابْن الصَّامِت رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلا إِن فِي الدِّيَة الْعُظْمَى مائَة من الْإِبِل مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا
وَرُوِيَ عَن عمر رضي الله عنه أَنه قَالَ دِيَة شبه الْعمد ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة
فَإِن قيل فَمَا معنى قَوْله مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا وَقد علم أَن الخلفة لَا تكون إِلَّا حَامِلا قُلْنَا لَهُ تَأْوِيلَانِ
أَحدهمَا أَنه أَرَادَ التَّأْكِيد فِي الْكَلَام
وَذَلِكَ جَائِز
كَقَوْلِه تَعَالَى {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم تِلْكَ عشرَة كَامِلَة}
وَالثَّانِي أَن الخلفة اسْم للحامل الَّتِي لم تضع
وَاسم للَّتِي وضعت ويتبعها وَلَدهَا
فَأَرَادَ أَن يُمَيّز بَينهمَا
وَإِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ وَلم يكن الْقَتْل فِي الْحرم وَلَا فِي الْأَشْهر الْحرم وَلَا كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل فَإِن الدِّيَة تكون مُخَفّفَة أَخْمَاسًا
وَهِي مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة
بِدَلِيل مَا روى مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قضى بدية الْخَطَأ مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة
وَإِن كَانَ قتل الْخَطَأ فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم أَو كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل كَانَت دِيَة الْخَطَأ مُغَلّظَة كدية الْعمد
بِدَلِيل أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم غلظوا فِي دِيَة الْخَطَأ فِي هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة
وَعَن عمر رضي الله عنه أَنه قَالَ من قتل فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم أَو ذَا رحم محرم
فَعَلَيهِ دِيَة وَثلث
وَرُوِيَ عَن عُثْمَان رضي الله عنه أَن امْرَأَة وطِئت فِي الطّواف فَمَاتَتْ
فَقضى أَن دِيَتهَا سِتَّة آلَاف دِرْهَم
وألفا دِرْهَم للحرم
وروى ابْن جُبَير أَن رجلا قتل رجلا فِي الْبَلَد الْحَرَام فِي الشَّهْر الْحَرَام
فَقَالَ ابْن عَبَّاس دِيَته اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وَأَرْبَعَة آلَاف تَغْلِيظًا للشهر الْحَرَام وَأَرْبَعَة آلَاف للبلد الْحَرَام فكملها عشْرين ألفا
وَلَا مُخَالف لَهُم من الصَّحَابَة
وَإِن قتل خطأ فِي حرم الْمَدِينَة
فَهَل تتغلظ الدِّيَة فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا تغلظ كَمَا تغلظ فِي الْبَلَد الْحَرَام
فَإِنَّهُ كالحرم فِي تَحْرِيم الصَّيْد
فَكَانَ كالحرم فِي تَغْلِيظ دِيَة الْخَطَأ
وَالثَّانِي لَا تغلظ وَهُوَ الْأَصَح لِأَنَّهُ دون الْحرم
بِدَلِيل أَنه يجوز قَصده بِغَيْر إِحْرَام
فَلم يلْحق بِهِ فِي الْحُرْمَة وَلَا فِي تَغْلِيظ الدِّيَة