الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرْعِيًّا وَهِي رقيقَة وَأَنَّهَا عتقت
وَصَارَت حرَّة من حرائر المسلمات
وَأَن زَوجهَا رَقِيق إِلَى الْآن وَلم ترض بالْمقَام مَعَه
واختارت فسخ نِكَاحهَا من عصمته وَعقد نِكَاحه
وتسأل سُؤَاله
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَسَأَلَ الْمُعْتق الْمَذْكُور عَن الْعتْق فاعترف بِصِحَّتِهِ ثمَّ خَيرهَا الْحَاكِم بَين الْإِقَامَة مَعَه من غير فسخ
ووعظها ووعدها الْأجر إِن صبرت
فَأَبت إِلَّا ذَلِك
فَحِينَئِذٍ مكنها الْحَاكِم من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور
فَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا
ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك
فَأجَاب سؤالها وَحكم بِمُوجب ذَلِك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَإِن كَانَ ذَلِك فِي غيبَة الْمُعْتق
فتقوم الْبَيِّنَة بجريان عقد النِّكَاح وبالعتق والإعذار لمن لَهُ الْإِعْذَار
وَحلف الزَّوْجَة أَنَّهَا لم ترض بِالْإِقَامَةِ فِي صُحْبَة زَوجهَا الْمَذْكُور بعد الْعتْق
وَأَنَّهَا اخْتَارَتْ فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور بِهَذَا الْمُقْتَضى
وَيثبت ذَلِك جَمِيعه عِنْد الْحَاكِم وَيحكم بِمُوجبِه
وَإِن كَانَ الْفَسْخ بِعَيْب حدث بعده وَإِلَّا فمهر الْمثل
فصل إِذا جعل طَلَاق زَوجته بِيَدِهَا
فَهُوَ تمْلِيك وَشَرطه الْفَوْرِيَّة
وَصورته قَالَ فلَان لزوجته الْمَذْكُورَة بَاطِنه جعلت طَلَاقك بِيَدِك
فطلقي نَفسك بِمَا اخْتَرْت من عدد الطَّلَاق الثَّلَاث أَو يعين لَهَا طَلْقَة بِعَينهَا
فأجابت سُؤَاله على الْفَوْر
وَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا طلقت نَفسِي طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو أَكثر بِحكم أَنَّك جعلت إِلَى ذَلِك أَو ملكتني إِيَّاه
وَقد حصل لي بذلك الْفِرَاق من عصمتك وَعقد نكاحك
وصرت بِمُقْتَضى ذَلِك أَجْنَبِيَّة مِنْك لَا نِكَاح بَيْننَا وَلَا زوجية
وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فيذكرهم
أَو كَانَ الْأَمر قبل الدُّخُول فَيكْتب كَذَلِك ثمَّ يَقُول وَالْأَمر بَينهمَا فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف
وَإِذا قَالَ طَلِّقِي نَفسك مَتى شِئْت
فَذَلِك لَا يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّة
وَله الرُّجُوع قبل التَّطْلِيق مِنْهَا
فصل وَالِاسْتِثْنَاء
يضر فِيهِ تخَلّل يسير على الصَّحِيح لَا سكتة تنفس وعي
وَيشْتَرط نِيَّة الِاسْتِثْنَاء بِأول الْكَلَام فِي الْأَصَح
لِأَن هَذَا هُوَ الْعرف فِي الِاسْتِثْنَاء
فَإِن انْفَصل لضيق نفس كَانَ كالمتصل لِأَنَّهُ انْفِصَال بِعُذْر
وَمَتى تعْتَبر النِّيَّة فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا تعْتَبر من أول الْكَلَام إِلَى آخِره
لِأَن الطَّلَاق يَقع بِجَمِيعِ اللَّفْظ
وَالثَّانِي إِذا نوى قبل الْفَرَاغ من الْكَلَام
صَحَّ لِأَن النِّيَّة قد وجدت مِنْهُ قبل الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا بِهِ
وَسَوَاء فِيمَا ذكر فِي الِاسْتِثْنَاء إِلَّا وَأَخَوَاتهَا وَالتَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وَسَائِر التعليقات
وَيشْتَرط عدم استغراقه
فَإِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثِنْتَيْنِ طلقت وَاحِدَة أَو قَالَ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا طلقت ثَلَاثًا
تذييل سُئِلَ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام عَالم الْحجاز جمال الدّين بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى عَن قَول الرجل لامْرَأَته مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي أَو إِذا وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق
وَهَذِه مَسْأَلَة الدّور الْمَشْهُورَة بالسريجية
وَهل لَهُ مخلص مِنْهَا إِذا قُلْنَا بِصِحَّة الدّور فَأجَاب بِأَن مآخذ الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ثَابِتَة الْبُنيان وَاضِحَة الْبُرْهَان مشيدة الْأَركان
وَلكُل مَسْلَك محجة ولعمري لقد دارت فِيهَا الرؤوس وانفحمت فِيهَا أكباد الفحول فِي الدُّرُوس وسئمت من دورانها النُّفُوس
فَإِذا قَالَ لامْرَأَته إِذا طَلقتك أَو مهما طَلقتك
فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا
فَالْمَذْهَب فِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا لَا يَقع عَلَيْهَا شَيْء وَهُوَ الْمَشْهُور عَن ابْن سُرَيج وَإِلَيْهِ ذهب ابْن الْحداد والقفال الشَّاشِي والقفال الْمروزِي وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب وَالشَّيْخ أَبُو عَليّ وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
وَالرُّويَانِيّ
وَبِه أجَاب الْمُزنِيّ والمتتور
وَحَكَاهُ صَاحب لإفصاح عَن نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى
قَالَ الإِمَام وَعَلِيهِ مُعظم الْأَصْحَاب
وَنقل فِي الْبَحْر عَن القَاضِي أبي الطّيب أَن للشَّافِعِيّ مصنفا اقْتصر فِيهِ على عدم الْوُقُوع
وَاقْتصر عَلَيْهِ أَيْضا أَبُو حَامِد الْقزْوِينِي فِي كتاب الْحِيَل
وَصَححهُ الشَّاشِي فِي الْمُعْتَمد
وَكَانَ ابْن الْخَلِيل شَارِح التَّنْبِيه يُفْتِي بِهِ بِبَغْدَاد كَمَا نقل عَنهُ ابْن خلكان فِي تَارِيخه وَعمِلُوا بِصِحَّة الدّور لِأَنَّهُ لَو وَقع الْمُنجز لوقع قبله ثَلَاثًا وَإِذا وَقع الثَّلَاث قبله لَا يَقع الْمُنجز للبينونة
الْوَجْه الثَّانِي يَقع الْمُنجز فَقَط وَلَا يَقع الْمُعَلق وَلَا شَيْء مِنْهُ
وَهُوَ اخْتِيَار صَاحب التَّلْخِيص وَالشَّيْخ أبي مزِيد وَابْن الصّباغ
وَصَاحب التَّتِمَّة والشريف نَاصِر الدّين الْعمريّ وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ
وصنف فِيهِ مصنفا
سَمَّاهُ علية الْغَوْر فِي دراية الدّور ثمَّ رَجَعَ عَنهُ
وصنف تصنيفا فِي إِبْطَاله سَمَّاهُ الْغَوْر فِي الدّور وَاخْتَارَ فِيهِ وُقُوع الْمُنجز
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير وَيُشبه أَن يكون بِهِ أولى
وَصَححهُ فِي الشَّرْح الصَّغِير
وَكَلَام الْفَقِيه نجم الدّين بن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة وَالْمطلب يمِيل إِلَيْهِ
وَبِه أفتى الْمُتَأَخّرُونَ
وَالْعَمَل عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَان
وَصَححهُ النَّوَوِيّ فِي التَّصْحِيح
وَفِي الْمِنْهَاج تبعا للمحرر
وَنقل عَن ابْن سُرَيج تَصْحِيحه فِي نَظِير الْمَسْأَلَة
وعللوه بِأَنَّهُ لَو وَقع الْمُعَلق لمنع وُقُوع الْمُنجز
فَإِذا لم يَقع الْمُنجز فَيَقَع
وَقد يتَخَلَّف الْجَزَاء عَن الشَّرْط بِأَسْبَاب
وَشبه بِمَا إِذا أقرّ الْأَخ بِابْن للْمَيت ثَبت النّسَب دون الْإِرْث
قَالَ فِي التَّتِمَّة وَإِنَّمَا لم يَقع الْمُعَلق لاستحالته لفظا وَمعنى
أما اللَّفْظ فَلِأَن قَوْله مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي شَرط
وَقَوله فَأَنت طَالِق قبله جَزَاء وَالْجَزَاء يجب أَن يكون مُرَتبا على الشَّرْط
وَبَيَانه أَنه لَو قَالَ لَو جئتني أكرمتك قبل أَن تَجِيء لم يكن كلَاما
وَمن جِهَة الْمَعْنى أَن الْمَشْرُوط لَا يثبت قبل شَرطه
وَإِذا أوقعنا الَّذِي قبله أوقعنا الْمَشْرُوط قبل شَرطه
وَأَيْضًا فَإِن مَا قبل الزَّمَان الَّذِي يتَلَفَّظ فِيهِ بِالطَّلَاق زمَان مَاض
وَالزَّوْج لَا يملك إِيقَاع الطَّلَاق فِيمَا مضى حَتَّى لَو قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق أمس
فَإِنَّهُ يَقع الطَّلَاق فِي الْحَال
وَالْجمع بَين الْجَزَاء وَالشّرط شَرط
وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ هُنَا
كالمتضادين تبطل التَّعْلِيق ضَرُورَة
وَإِذا بَطل التَّعْلِيق وَقع الْمُنجز
وَهَذَا
قَالَ أَبُو الْفَتْح البَجلِيّ لَو صَحَّ هَذَا التَّعْلِيق وَقع مِنْهُ محَال وتمليك أَربع طلقات لِأَنَّهُ علق ثَلَاث طلقات على وجود طَلْقَة
وَالثَّلَاث غير تِلْكَ الْوَاحِدَة
وَلَا بُد أَن يكون الشَّرْط وَالْجَزَاء كِلَاهُمَا مملوكان لَهُ
وَهنا لَا يملكهما
فَأشبه مَا لَو علق طَلَاق زَوجته على نِكَاحهَا
وَوَجهه ابْن الصّباغ بِأَن وُقُوع الْمُنجز شَرط فِي وُقُوع الثَّلَاث وَلَا يجوز تَقْدِيم الْمَشْرُوط على الشَّرْط
وَلَو كَانَ كَذَلِك لبطل كَونه شرطا
وَقد ذكر أَصْحَابنَا مَا يدل عَلَيْهِ
فَقَالُوا لَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق الْيَوْم إِذا جَاءَ غَد
فَإِنَّهَا لَا تطلق إِذْ لَا يَصح وُقُوعه قبل الشَّرْط
فَلَزِمَ من ذَلِك بطلَان التَّعْلِيق وَوُقُوع الْمُنجز
الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ اخْتِيَار أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنه يَقع عَلَيْهِ ثَلَاث طلقات وَفِيه تنزيلان
أظهرهمَا تقع الطَّلقَة المنجزة وطلقتان من الثَّلَاث الْمُعَلقَة
وَالثَّانِي يَقع الثَّلَاث المعلقات وَلَا تقع المنجزة فَكَأَنَّهُ قَالَ مَتى تلفظت بأنك طَالِق
فَأَنت طَالِق قبلهَا ثَلَاثًا
وَإِذا تقرر ذَلِك
فَاعْلَم أَن بَاب الطَّلَاق لَا ينسد على القَوْل الثَّانِي وَلَا على القَوْل
الثَّالِث
وَإِنَّمَا ينسد على القَوْل الأول
فَإِذا أَرَادَ الزَّوْج التَّخَلُّص من التَّعْلِيق وَأَرَادَ أَن يَقع الطَّلَاق وَقُلْنَا بِصِحَّة الدّور أَنه لَا يَقع عَلَيْهِ طَلَاق منجز وَلَا مُعَلّق نظر
فَإِن كَانَ صِيغَة التَّعْلِيق إِن طَلقتك أَو مهما طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا فطريقه أَن يُوكل شخصا فِي طَلاقهَا
فَإِذا طَلقهَا وَكيله وَقع لِأَن طَلَاق الْوَكِيل وُقُوع لَا تَعْلِيق
وَكَذَا لَو كَانَ قَالَ لَهَا قبل ذَلِك إِن فعلت كَذَا فَأَنت طَالِق فَإِذا أَرَادَ الْوُقُوع يتحيل فِي وُقُوع الصّفة
فَإِذا وجدت الصّفة وَقع الطَّلَاق لِأَن وجودهَا وُقُوع لَا تطليق
وَلَا يَنْفَعهُ فِي التَّخَلُّص أَن يُوقع طَلاقهَا على صفة بعد أَن قَالَ لَهَا إِذا طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا لِأَن وجود الصّفة وَالْحَالة هَذِه تطليق وإيقاع وَوُقُوع وَإِن لم يكن التَّعْلِيق بِلَفْظ الْوُقُوع كَمَا مثل بِهِ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي التَّنْبِيه
كَقَوْلِه مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا فَإِنَّهُ إِذا وكل فِي طَلاقهَا لم يَقع الطَّلَاق أَو علق طَلاقهَا على صفة ثمَّ قَالَ لَهَا ذَلِك لَا يخلصه وَلَا يحصل لَهُ مَقْصُوده
انْتهى وَالله أعلم