الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأحد بالمستقبل * قوله وثانيهما أن احتمال إخراج الشرط للأكثر معارضة بأنه قد لا يخرج شيئاً إلخ * أي لأن الحكم للمستقبل فكما لا يعد عبثاً إن لم يخرج بشيء كذلك أن أخرج الأكثر وهذا يجدر أن يكون بياناً للجواب لا جواباً.
(الباب العاشر في المطلق والمقيد)
المطلق كما يؤخذ من تقرير المصنف هنا هو الدال على الماهية من حيث هي أي بلا قيد وحدة ولا شمول وهو في الأسماء النكرة التي لم يرد بها الوحدة ولا الاستغراق وفي الأفعال الفعل في حيز الإثبات كما قدمه المص في باب العموم وأما في سياق النفي فاختلف فيه والتحقيق أنه كالنكرة في سياقه. والتقييد هو تقليل الاشتراك من مدلول اللفظ المطلق بقيد يذكر معه أو مع نظيره أو مع ما يشبهه ولو في الجملة لكن مع اختلاف موردهما فذكره معه نحو رقبة مؤمنة ولا تجرر ثوبك خيلاء. وذكره مع نظيره كتقييدنا رقبة كفارة القتل بالإيمان لأن الإيمان قيد مع نظيرها وهو رقبة الظهار ويشمل النظير المرادف. وذكره من شبيهه نحو تقييد الشاهد بالعدالة وعدم تقييد الرقبة بالعدالة وهي شبيهة بالشاهد في كونها ذاتاً معلقاً بها تسديد واجب شرعي. وقولنا مع اختلاف موردهما لإخراج الزيادة على النص وهي ان يروى حديث في موضع مطلقاً ثم يرويه راو آخر أو رواية في موضع آخر مقيداً مثل إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً وروي إحداهن بالتراب فهذا مورده واحد وغنما اختلفت الروايات. والمقيد هو المطلق بعد تقييده بمتصل أو منفصل إلا إذا تأخر المقيد عن وقت العمل بعد اتحاد السبب والحكم فإنه يعد نسخاً
كما سيأتي في تقسيمه. ثم البحث في هذا الباب في شيئين الأول حمل المطلق على المقيد وهذا الذي فصله المص أثر التعريف، الثاني ما يحمل عليه المطلق عند وروده بدون تقييد وعند التجرد عن القرائن وهو من جملة المسألة المعروفة بالأخذ بأوائل الأسماء وأواخرها وقد تقدمت للمص في باب الأوامر أثر الفصل السادس وأشرنا هنالك لتحقيقها وتعرف بمسألة حمل المطلق على أكمل إفراده أو على أقل ما صدق عليه وهي خلافية عندنا والتحقيق أنه يحمل على أقل ما يصدق عليه أي على فرد من الماهية في الأسماء والأفعال فمن فروعها في الأسماء لو قال أنت طالق ولم ينو ثلاثاً ولا واحدة فهي واحدة على الصحيح وقيل ثلاث وكذلك حمل قوله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين على ما يشمل النافلة والفريضة وقد ساق الله تعالى سؤال بني إسرائيل عن صفات البقرة التي أمروا بذبحها فساق الإنكار عليهم بقوله «وما كادوا يفعلون» أي من كثرة طلبهم تقييد المطلق وقال النبي صلى الله عليه وسلم لو ذبحوا أي بقرة لأجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم ومن فروعها في الأفعال حمل مالك رحمه الله تعالى الانتفاع في قوله صلى الله عليه وسلم في الشاة الميتة هلا أخذتم أهابها فدبغتموه فانتفعتم بها على الانتفاع به في الأمور الجامدة قال ابن العربي في القبس فأعطاه مالك درجة واحدة من الانتفاع حملاً لمطلق اللفظ على أقل ما يقع عليه الاسم وهو أصل عظيم من أصول الفقه آهـ. ومن فروعها في الأفعال أيضاً أن الأمر لا يدل على الفور ولا على التكرار والخلاف في ذلك تقدم لأن المراد بأكمل الإفراد أكملها كماً أو كيفاً ولاشك أن التكرار من الأول والفور من الثاني. وليس
من فروعها من حلف بالطلاق وله أكثر من امرأة أنهن يطلقن عليه كلهن لأن ذلك لدليل آخر وليس تطابق جميعهن بحمل الطلاق على أكمل معانيه لأن أكمل معانيه الثلاث لا إحاطة جميع المطلقات إذ هو تعميم لا حمل على الأكمل وكذلك من قال فلان وصي فإنه يكون عاماً في جميع الأمور نص عليه الفقهاء وذلك من باب التعميم لا من باب الحمل على أكمل المعاني إذ الوصية ليست لها أفراد متعددة وإنما هي نوع واحد ولها متعلقات كثيرة والأدلة اقتضت حملها على عموم المتعلق لأنه الأصل حتى يدل على الخصوص دليل وكذلك الوكالة في نحو وكلتك وأنت وكيلي تحمل على العموم فلا يشتبه الحملان على من يغفل عن الفرق. وهذه المسألة على أهميتها لا يتعرض لها الأصوليون هنا ولكنها توجد منشورة في مواضع متفرقة كما رأيت ولذلك اهتمت بجمعها وتحريرها * قوله والتقييد والإطلاق أمران اعتباريان إلخ * لا يريد من الاعتباري هنا ما قابل الوجودي بل إنما يريد به معنى الأمر النسبي ومراده بالإطلاق والتقييد المطلق والمقيد بدليل التفريع في قوله فقد يكون المقيد مطلقاً وذلك بيان كونه نسبياً وقوله «إنه قد يكون» هو قضية جزئية وهي لا تقتضي كون المطلق والمقيد دائماً من الأمور النسبية فالظاهر أن قد للتحقيق * قوله والحاصل وأن كل حقيقة اعتبرت من حيث هي فهي مطلقة إلخ * هذا مثل النوع الإضافي في المنطق ومراده أن اللفظ الكلي أن أخذ من حيث أنه صادق على ماهية معينة معلومة متميزة عن غيرها من الحقائق فهو مطلق وأن أخذ من حيث أنه حقيقته محتاجة للقول الشارح ومجهولة بحيث لا تتصور إلا إذا تصور جنسها وفصلها فاللفظ الدال عليها حينئذ
مركب من مطلق آخر ومن قيد له إلا أن هذا لا يجعل اللفظ المطلق مقيداً لأن المقيد إنما هو جزء معناه أعني جنس الماهية التي يصدق عليها ذلك اللفظ المطلق وغنما التحقيق أنه مركب من المقيد بالفتح وهو مقيد بالكسر لأنه قيد جنساً لأن كل نوع إنما يتقوم معناه بفصل يقومه ويقسم جنسه فلما كان قوامه بالفصل وكان الفصل هو القيد كان اللفظ الذي تقوم بالمقيد بكسر الياء كأنه هو المقيد بكسرها. واعلم أن اللفظ العام من قبيل المقيد فإن العموم ضرب من ضروب التقييد إذ هو تقييد الماهية بالشمول وقد يكون عاماً ومطلقاً باعتبارين فبالنظر إلى استيعاب الإفراد هو عام وبالنظر إلى مسمى اللفظ وهو الماهية المستوعبة هو مطلق نحو فاغسلوا وجوهكم وأيديكم فغنه عام في جميع الوجوه والأيدي لأنه جمع تعرف بالإضافة وهو مطلق فيما يراد من الوجه واليد وهذا النوع نبه إليه المص عند تمثيله في الشرح لأول الأقسام من المسألة الآتية عقب هذا وقدمناه هنا لارتباطه بطالعة الباب وهو تنبيه حسن قال أنه لم ير من تعوض له غير أن تمثيله بحديث في كل أربعين شاة شاة فيه تسامح لأن مورد العموم فيه غير مورد الإطلاق إذ المطلق هو فيه ماهية الشاة والعام هو لفظ النصاب وهو عدد الأربعين * قوله ووقوعه في الشرع على أربعة أقسام متفق الحكم والسبب إلخ * اعلم أن المص رحمه الله أخذ هذا الكلام كله من أمالي المازري على البرهان وتصرف فيه تصرفاً نخل به بعضاً وخلط بعضاً. وسكت فيه عن أشياء وأغضى. وتحقيقه أنه يريد من الحكم المحكوم به أي المأمور به مثلاً من أفعال المكلفين كالعتق والوضوء المتعلق بلفظ مطلق تارة ومقيد أخرى كالرقبة المؤمنة والرقبة المطلقة وليس المراد من الحكم واحد الأحكام
الخمسة المقسم إليها خطاب التكليف كما قد يتوهم لبعض الكتابين في الأصول إذ لا أثر لذلك في اتحاد الحمل واختلافه ومعنى اتحاده هو كونه واحداً متعلقاً بمطلق في موضع وبمقيد في آخر ومعنى اختلافه هو كونه شيئين فصاعداً يتعلق إحداها بمتعلق مطلق وآخر بمتعلق مقيد كالشهادة المتعلقة برجل عدل والعتق المتعلق برجل مطلق من حيث وصف العدالة وربما وقع التوسع في تمثيل بعض الأقسام تقريباً لعسر أمثلة هذه الأقسام كما قال المازري في أماليه. واعلم أن ليس المراد من الحكم الحكم الشرعي من وجوب ونحوه لأن حمل واجب مطلق على واجب آخر مقيد مثلاً بلا تناسب ولا تشابه بينهما لا معنى له ولا للإطلاق في الوجوب والحرمة لأن الإلحاق في الصورتين الثالثة والرابعة في أمثلة المص هو من باب القياس كما صرح به المازري لا معنى لقياس حكم شرعي على حكم شرعي إذ القياس يقصد منه إثبات حكم والحكمان هنا ثابتان فتعين أن ليس المراد من الحكم الحكم الشرعي ولأن المازري في أمالي البرهان عبر عن اختلاف الحكم مرة بالتعدد فتعين أنه يريد منه تغاير النوعين والذاتين ولو باختلاف الموضع كما في مثال زكاة الغنم وإنما سمي هذا المعنى حكماً آخذاً من أمالي البرهان فإنه نقل عن بعضهم التعبير بالحكم والانتساب وعن البعض التعبير بالموجب بالكسر والموجب بالفتح والمص ركب العبارة منهما إذ لا فرق بينهما وهو التحقيق وإن كان في المراد من الحكم هنا خفاء وكأن كلام المازري يشعر بأن إحدى العبارتين يخالف الأخرى لكن من جهة خارجة عن الموضوع وقابلة للتأويل كما صرح به فلا نطيل بذكره إذ لا طائل تحته ولذلك أغضى عنه المص. أما السبب فالمراد به موجب الحكم كما في صريح عبارة
المازري أي وهو كل ما يقتضي تعلق حكم ما بذلك المحكوم به أو ببابه لا خصوص العلة أو الحكمة كما قد يتوهم من كلام المص هنا الذي الجاه إليه تصوير بعض الأمثلة التي لم يظفر بها المتقدمون كما سيأتي تحقيقه. وبهذا يعلم أن هاته التقاسيم إنما تتعلق بالنهيين الواردين في قصتين أو واقعتين وذلك من قسم المقيد بقيد ذكر مع نظيره أما إذا كان نصاً واحداً من روايتين وأحدهما مقيد فذلك من زيادة العدل وهي مقبولة ها كذا يؤخذ من شرح حلو لو في نقله عن الأبي رحمه الله وهو حسن وبه يظهر أن تمثيل المص للقسم الأول صحيح لأن مورد حديث إطلاق الغنم عن السوم هو ذكر نصاب زكاتها ومورد الحديث المقيد بالسوم هو ذكر وجوب زكاة هذا الجنس (قوله كتقييد الشهادة بالعدالة إلخ) أي تقييد الذات المطلوبة في الشهادة بوصف العدالة وإطلاق الذات المطلوبة في العتق عن وصف العدالة (قوله كتقيد الوضوء بالمرافق إلخ) القول هنا كالقول في مثال القسم الثاني لأن المقيد والمطلق هو العضو لا الوضوء والتيمم وقد وقعت آية الوضوء مع آية التيمم في أمالي المازري على البرهان مثالاً للقسم الثالث ولعله نظر إلى أن سبب غسل العضو هو الوضوء وسبب مسحه هو التيمم فاختلف السببان وهو أقرب فالأولى تمثيل القسم الثالث بقوله تعالى في الظهار فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لأن الإطعام غير الصيام وسببهما واحد. وقد أطلق الإطعام عن التقيد بالتتابع فإن حملناه لم يجزئ تفريق الإطعام وإن لم نحمله أجزأ إخراجه مفرقاً في أيام (قوله فالأول يجمل فيه المطلق على المقيد إلخ) اعلم أن أطرق الحمل مختلفة في هاته الأقسام الأربعة إما متحدة الحكم
والسبب فليس حمل مطلقة على مقيدة بقياس بل هو حمل المبين على بيانه أو الموصوف على وصفه. وأما مختلفهما فلا معنى للقياس فيه وأما مختلف الحكم متحد السبب فهو محل القياس لأن اتحاد العلة باعث على الإلحاق وتساوي الأسباب موجب لتساوي المسببات على الأصل. وأما متحد الحكم مختلف السبب كعتق الظهار وعتق الكتابة فحمل المطلق منهما على المقيد لا وجه له إلا قياس الشبه أو القياس الخفي المبني على إلغاء فارق كون الظهار كفارة يناسبها تشديد الشروط وكون الآخر تطوعاً يناسبه التخفيف لتسهيل وقوعه فقول المازري في أمالي البرهان «لأن رد المطلق إلى المقيد عند المحققين لأجل قياس معنوي» ليس على إطلاقه بل هو خاص بالقسم الرابع ولعل قوله عند المحققين يشير لهذا لأن المحققين في نظره هم القائلون بحمل المطلق على المقيد خصوصاً في القسم الرابع المبني على القياس الجلي. واعلم أن هذا التقسيم والتفصيل فيما لم يكن تقييده راجعاً إليه لفظاً ولو بواسطة بحيث لا يستقل دونه وذلك مثل أن يذكر لفظ ثم يعاد أو يعاد ضميره مقيداً بقيد أو يرجع قيد إلى عدة أشياء بعد ذكرها وهو متصل بآخرها كما في قوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وقوله {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} وقوله {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} فكل ذلك لا يختلف فيه هذا الخلاف بل منه ما يتفق على إرجاعه ومنه ما اختلف في إرجاعه للأخير أو الجميع كما تقدم في الاستثناء فتدبر. (قوله على الخلاف في دلالة المفهوم إلخ) أي وفي التخصيص به كما في الشرح ومراده بهذا رد قول المازري في أمالي البرهان أن القسم الأول لا خلاف في رد المطلق إلى المقيد منه فأثبت له المصنف خلافين والتحقيق أن تقييد المطلق لا يتخرج على
الخلاف في دلالة المفهوم لأنه تقييد بقيد منطوق نعم إذا كان المطلق عموماً توقف لأنه يؤل تقييده إلى تخصيص كما سيأتي هنا وكذا إذا أريد إثبات نقيض الحكم الثابت للمقيد للمسكوت عنه وهو محترز القيد فذلك من الاحتجاج بالمفهوم لا من تقييد المطلق فالتقييد في الصورة الأولى وإثبات الحكم لخصوص المقيد بالقيد لا يختلف في إنما يختلف في درجة ثانية وهي إذا أريد إثبات نقيض الحكم للمسكوت فمن يقول بالمفهوم يساعد عليه لأن القيد وصف ومن لا يقول به يقول الباقي مسكوت عنه لكن معنى حمل المطلق على المقيد جعل المطلق بمنزلة المقيد فيثبت له ما يثبت للمقيد من أحكام القيد فلا تغفل (قوله والثالث لا يحمل فيه المطلق على المقيد عند أكثر أصحابنا إلخ) عدم الحمل هو الموافق للقواعد كما بينه المصنف بقوله (لأن الأصل في اختلاف الأسباب إلخ) لكن الذي حكاه المازري عن مالك رحمه الله هو الحمل في هذا القسم كأكثر الشافعية ولا أحسب من أصحاب مالك من يخالف وفروع المذهب شاهدة بحمل المطلق على المقيد في هذا القسم فقد قال باشتراط الإيمان في رقبة الظهار وما هو إلا حمل على رقبة كفارة القتل وباشتراط العدالة في الحكمين بين الزوجين مع أنه مطلق في قوله {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا} الآية حملاً على الحكمين في الجزاء في الصيد وهو مقيد في قوله تعالى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (قوله والرابع فيه خلاف إلخ) لم ينقل هن ولا في الشرح وجه العمل فيه والجمهور على التقييد لأنه أولى به من القسم الثالث لقوته باتحاد السبب غير أن مذهب مالك أن اليدين في التيمم لا يبلغ فيها المرفقين وهو لا يناسب حمل المطلق فيه على مقيد الوضوء
فأما لأنه اعتبر السبب هو الوضوئية والتيممية وإما لأنه رأى أن للقياس فارقاً وهو ابتناء المسح على التخفيف فلذلك لم يقسه على الوضوء (قوله ومتى كان المطلق عموماً كان التقييد مخصصاً إلخ) أي متضمناً لمخصص لا نفسه المخصص إذ لاشك أن العموم والإطلاق لا يتصفان بشيء واحد فلا يكون التقييد مخصصاً بحال لاختلاف المواهي المذكورة لهاته الألقاب الأربعة فمرجع العموم المستفاد من كل هذا الحديث لإفراد الشاء ومرجع الإطلاق لأوصافها فإذا اعتبرنا التقييد بالسوم صارت كلمة كل داخلة على الشاة الموصوفة بالسوم كما قدمنا فأفادت استغراق عدد الشاء باعتبار الوصف كأنك قلت في كل أربعين شاة سائمة وذلك ذكر قيد منطوق لا مفهوم فالتقييد وقع بمنطوق وليس في التقييد إخراج من العموم بل زيادة على معنى الإطلاق. نعم تقييد المطلق الداخل عليه العموم يؤول بالالتزام إلى تخصيص لأن ما لا يتصف بذلك القيد لم يبق مشمولاً للعموم فلا شبهة خروجه بعد أن شمله اللفظ العام عند ما كان العموم مصاحباً للفظ مطلق وأما خروجه فكان بسبب مفهوم المقيد بكسر الياء لأن الذي خرج هو المعلوفة في مثالنا فذلك آيل إلى كونه تخصيصاً بالمفهوم فلابد أن نلاحظ فيه قواعد التخصيص بالمفهوم على أنه إذا وقع التقييد بعد العمل بالعام فهو أشد لأن التخصيص الالتزامي حينئذ يصير نسخاً ولا نسخ بالمفهوم وقد روي هذا الحديث برواية تشرح هذا المعنى وتجرده من العموم فتنطبق كلام العلماء في تمثيل هذا القسم وهي وفي زكاة الغنم في أربعين شاة شاة (قوله والحدث واحد إلخ) أي يحسنه من حيث أنه ناقض للطهارة فلا يرد أن من حدث التيمم ما لا
ينقض الوضوء وهو طريان وجود الماء أو دخول وقت صلاة ثانية لأن ذلك جزئي على أن في تسميته حدثاً نظراً ولهذا لم يبق فرق بين التعبير بالموجب بالكسر والموجب بالفتح أو بالحكم والسبب في صورة الاتحاد والاختلاف فاندفع ما في آمالي المازري على البرهان في هذا المقام (قوله ومالك وإن قال المفهوم حجة إلخ) جواب عن مذهب مالك في مسألتي الزكاة والتيمم حيث لم يشترط السوم في الغنم ولم يقل ببلوغ المرفق في التيمم فقوله «وإن قال المفهوم حجة» يرجع لمسألة الزكاة وقوله «وقال بحمل المطلق على لمقيد» يرجع إلى مسألة التيمم فلا يظن بمالك ترك الحمل لأجل عدم اعتبار مفهوم القيد فيكون المقيد قاصراً على نفسه ولا يقتضي نفي الحكم عن غيره فلا يعارض الإطلاق إذ لا خاف في اعتبار حجية القيد وإنما الخلاف في اعتبار محترزاته. واعلم أنه لا وضوح للجواب الذي أجاب به المص عن مذهب مالك بتغليب المنطوق على المفهوم أي ترجيحه عليه إذ كيف تغلب دلالة المنطوق بعد أن قلنا بحجية المفهوم بل ينبغي أن يجاب في مسألة الزكاة بأن قيد السوم خارج عندنا للغالب في غنم أهل الحجاز كما تقدم فلا اعتداد بهذا القيد حتى يؤخذ بمفهومه. وأما مسألة التيمم فمبنية على أن الحمل في هاته الصورة كما قدمنا من قبيل القياس ويشترط فيه عدم وجود الفارق المعتبر ولما كان التيمم مبنياً على التخفيف كان ذلك فارقاً معتبراً مانعاً من القياس
(قوله وعن القاني أن القرآن كله كالكلية الواحدة باعتبار عدم التناقض إلخ) مقتضف من جواب المازري في أمالي البرهان قال «إن الذي هو كالكلمة الواحدة الصفة القديمة وأما الألفاظ الحادثة فمحسوس تغايرها وتعددها إلخ» وزاد المص عدم التناقض (قوله فائدة قال المازري ورد على أبي حنيفة نقوض إلخ) هاته الفائدة تتعلق بما يؤخذ ضمناً من الكلام السابق المقتضي أن التقييد إنما يكون عند وجود نص مقيد لنص آخر فأورد المازري أن أبا حنيفة رحمه الله قيد أشياء بلا دليل على أنه أيضاً يرى للزيادة حكم النسخ فيكون قد نسخ بغير دليل وبيان هذا أن الإمام أبا حنيفة يرى حمل المطلق على المقيد من قبيل النسخ فيشترط فيه شروط النسخ كما في التلويح ومعناه أن حمل المطلق على المقيد يشبه النسخ ويجئ على طريقته لا إنه عين النسخ وأن لا للزم اشتراط تقدم المطلق في النزول على المقيد وإثباته في أمثلة المطلق والمقيد متعذر ومن شروط النسخ عند الحنفية أن يكون بخطاب من الكتاب أو السنة كما في التنقيح لصدر الشريعة وبهاذين الشرطين يظهر اختصاص النقوض المذكورة بأبي حنيفة دون غيره فإن مالكاً رحمه الله اشترط السلامة في الرقبة ولم يرد عليه شيء إذ ليس للزيادة عنده حكم النسخ فيصح أن تكون ثبتت عنده بالإجماع أو بالقياس قال المازري في الأمالي على البرهان «فمن قدر التقييد هنا زيادة على الآية المطلقة وقدر الزيادة لها حكم النسخ لم يرد المطلق إلى المقيد لأن الرد عند جمهور المحققين إنما وجب لأجل قياس معنوي والنسخ لا يكون بالأقيسة» ويمكن أن يجاب عن أبي حنيفة بأنهم ذكروا أن الزيادة على النص نسخ لكنهم ذكروا في
باب البيان أن بيان التقرير الذي يشمل حمل تقييد المطلق يجوز أن يكون بخبر الآحاد دون بيان التغيير الذي كنه النسخ فيدلنا هذا على أن أمر النسخ أضيق من تقييد المطلق عندهم فلعله يجوز أيضاً بالقياس فيندفع أهم النقوض. واعلم أن هاته النقوض يرجع الأول والثاني منها إلى إلزام وقوع النسخ بدون دليل ويرجع الثالث إلى التحكم في اعتبار بعض العيوب منافياً للسلامة دون بعض ويرجع الرابع إلى مناقضة ما تقدم من شرط السلامة في الرقبة. ويمكن الجواب بأن الأولين من حمل المطلق على أكمل ما يصدق عليه في بابه وعن الثالث بأن المعتبر من العيوب ما لا ينعدم معه النفع فلا يضر وجوده كالقطع ومنها ما ينعدم معه أهم النفع كالخرس فيضر وجوده وعن الرابع بأن حمل الألفاظ العربية غير حمل الألفاظ العرفية وبأن الاحتياط في الحنث يقتضي الأخذ بالأقل وفي الأجزاء يقتضي الأخذ بالأكمل حتى تطمئن النفس لبراءة الذمة (قوله أما في النهي فلا إلخ) لأن النهي عن المطلق يصيره عموماً إذا النكرة في سياق النهي مثلها في سياق النفي فيصير التقييد تخصيصاً (قوله أن هذا الحديث تعارض فيه قيدان إلخ) أي أن المعترض لم يستوعب روايات الحديث كلها مع أن منها