المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الفصل الأول في الأدلة) - حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح - جـ ٢

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الثامن في الاستثناء)

- ‌[الفصل الأول في حده]

- ‌(الفصل الثاني في أقسامه)

- ‌(الفصل الثالث في أحكامه)

- ‌(ترجمة ابن طلحة الأندلسي)

- ‌وابن طلحة الأندلسي هو عبد الله بن طلحة بن محمد بن عبد الله اليابدي الأشبيلي المالكي ولد بأشبيلية

- ‌(الباب التاسع في الشرط)

- ‌[الفصل الأول في أدواته]

- ‌ الفصل الثاني

- ‌(الفصل الثالث)

- ‌(الباب العاشر في المطلق والمقيد)

- ‌(ترجمة ابن سريج)

- ‌وابن سريج هو القاضي أحمد بن عمر بن سريج البغدادي الشافعي الملقب بالباز الأشهب

- ‌(الباب الثاني عشر في المجمل والمبين إلخ)

- ‌[الفصل الأول في معنى ألفاظه]

- ‌(الفصل الثاني فيما ليس مجملاً)

- ‌(الفصل الثالث في أقسامه إلخ)

- ‌(الفصل الرابع في حكمه)

- ‌(الفصل الخامس وقته إلخ)

- ‌(الفصل السادس في المبين)

- ‌الباب الثالث عشر في فعله صلى الله عليه وسلم

- ‌[الفصل الأول في دلالة فعله صلى الله عليه وسلم]

- ‌(الفصل الثاني في إتباعه إلخ)

- ‌الفصل الثالث في تأسيه عليه الصلاة والسلام

- ‌(الباب الرابع عشر في النسخ)

- ‌[الفصل الأول في حقيقته]

- ‌(الفصل الثاني في حكمه)

- ‌(الفصل الثالث في الناسخ والمنسوخ)

- ‌(ترجمة القاضي عبد الجبار)

- ‌هو عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الشافعي المعتزلي قاضي قضاة الري في مدة الصاحب ابن عباد وعزله مجر الدولة

- ‌(الفصل الربع فيما يتوهم أنه ناسخ)

- ‌(الفصل الخامس)

- ‌(الباب الخامس عشر في الإجماع)

- ‌[الفصل الأول في حقيقته]

- ‌(الفصل الثاني في حكمه إلخ)

- ‌(ترجمة النظام)

- ‌النظام هو إبراهيم بن سيار من رؤساء المعتزلة طالع كتب الفلاسف

- ‌(ترجمة ابن حزم)

- ‌ابن حزم هو علي بن أحمد بن سعيد الفارسي الأصل الأموي مولى يزيد بن أبي سفيان

- ‌ترجمة ابن أبي هريرة

- ‌وأبو علي بن أبي هريرة هو القاضي حسن بن حسين بن أبي هريرة البغدادي الشافعي

- ‌الفصل الثالث في مستنده الخ

- ‌الفصل الرابع في المجمعين

- ‌الفصل الخامس في المجمع عليه

- ‌الباب السادس عشر في الخبر

- ‌[الفصل الأول في حقيقته]

- ‌الفصل الثاني في التواتر

- ‌[الفصل الثالث في الطرق المحصلة للعلم غير التواتر]

- ‌الفصل الرابع في الدال على كذب الخبر

- ‌الفصل الخامس في خبر الواحد

- ‌الفصل السادس مستند الراوي

- ‌الفصل السابع في عدده

- ‌(الفصل الثامن)

- ‌الفصل التاسع في كيفية الرواية

- ‌الفصل العاشر في مسائل شتى

- ‌الباب السابع عشر في القياس

- ‌[الفصل الأول في حقيقته]

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في الدال على العلة

- ‌الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلية

- ‌الفصل الخامس في تعدد العلل

- ‌الفصل السادس في أنواع العلة

- ‌الفصل السابع فيما يدخله القياس

- ‌الباب الثامن عشر في التعارض والترجيح

- ‌[الفصل الأول: هل يجوز تساوي الأمارتين]

- ‌(الفصل الثاني في الترجيح)

- ‌[الفصل الثالث في ترجيحات الأخبار]

- ‌(الفصل الرابع في ترجيح الأقيسة)

- ‌ الفصل الخامس مرجحات المسالك

- ‌(الباب التاسع عشر في الاجتهاد)

- ‌الفصل الأول في النظر

- ‌(الفصل الثاني في حكمه)

- ‌(الفصل الثالث فيمن يتعين عليه الاجتهاد)

- ‌(الفصل الرابع في زمانه)

- ‌(الفصل الخامس في شرائطه)

- ‌(الفصل السادس في التصويب)

- ‌(ترجمة بشر المريسي)

- ‌هو بشر بن غياث بن أبي كريم من موالي زيد بن الخطاب يلقب بالمريسي (بفتح الميم وكسر الراء مخففة وبالسين المهملة نسبة إلى مريس قرية قريبة من أسوان ببلاد مصر والصحيح أنه نسبة لدرب المريس ببنداد بين نهر الدجاج ونهر البزازين والمريس عند أهل بغداد هو الخبز ا

- ‌(الفصل السابع في نقض الاجتهاد)

- ‌(الفصل الثامن في الاستفتاء)

- ‌(الباب العشرون)في جميع أدلة المجتهدين وتصرفات المكلفين

- ‌(الفصل الأول في الأدلة)

- ‌الفصل الثاني في تصرفات المكلفين في الأعيان

الفصل: ‌(الفصل الأول في الأدلة)

أوصاف الناقلين فما حكاه المزني أو الربيع مقدم على ما حكاه الخطابي أهـ) وأما من لم يوجب على المقلد طلب الراجح فقد عذره بالمشقة لكن في المنقول عن الصحابة والسلف رضي الله عنهم عند استفتائهم ما يرشد إلى إنهم كانوا ينصحون سائليهم باستفتاء من هو أعلم.

(الباب العشرون)

في جميع أدلة المجتهدين وتصرفات المكلفين

عقد المصنف هذا الباب في فصلين الفصل الأول لتعديد الأدلة المختلف فيها بين من يعتد بخلافه من العلماء وهو الذي ترجمه الغزالي في المستصفى بالأصول الموهومة ولذا تكلم فيه على أشياء تقدم الكلام عليها لأن هذا أجدر موضع بأن تذكر فيه كمسألة إجماع أهل الكوفة والفصل الثاني فصل جليل في تصرفات المكلفين وهو قواعد يعبر عنها بالأصول القريبة ذكرها هنا لأنها واسطة بين الأصول والفقه وسنبين معانيها وعلاقاتها بالأصول في فصلها.

(الفصل الأول في الأدلة)

أي على وجه الاستقراء ثم تفصيل ما لم يتقدم الكلام عليه منها أو تقدم استطرادًا ونما لم يذكر إجماع أهل المدينة تفصيلاً هنا مع أنه من المختلف فيه لأنه لم يعبأ بذلك الخلاف بعدما قدم من الأدلة في كونه من أصول الفقه ما هو كاف لن أراد أن يكتفي (قوله وهي علي قسمين أدلة مشروعيتها وأدلة وقوعها إلخ) هكذا وقع في النسخ ومن البديهي أن كلمة «الأحكام» قد سقطت وهي معاد الضمير وأراد بأدلة مشروعية الأحكام الأدلة الدالة على كون الحكم من وجوب أو ندب أو غيرهما مشروعًا

ص: 217

أي ثابتًا بالشرع وتلت هي المعبر عنها بالأدلة الإجمالية للأحكام من المقتضي للحكم والنافي له التي لا يثبت بها حكم قضية معينة بل يثبت بها حكم كلي مثل قولنا الأمر للوجوب والنهي للتحريم ومفهوم الصفة يوجب نقيص حكم المنطوق به للسكوت عنه ومفهوم اللقب لا يوجب ذلك. وأما أدلة وقوع الأحكام فأراد بها أدلة وجود أحكام جزئية كالدليل على وجود وجوب صلاة الظهر مثلاً وهو الزوال فالمراد من الوقوع التحقق في الخارج على الاصطلاح المنطقي وعليه فالمراد الأدلة الجزئية الموجبة أحكام قضايا جزئية مثل أن تقول وجبت الصلاة لوجود الزوال وبين هذين نوع آخر وهو الأدلة التفصيلية التي تدل على خطاب الله قبل استكمال الأسباب والشروط لما هو ظاهر من أن دليل المشروعية يوجد ولا يقع الحكم فدليل مشروعية صوم رمضان هو قوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} والوجوب ثابت قبل دخول رمضان أعلامًا ولكن وقوعه أي تحقق الوجوب أي التعلق الإلزامي لا يثبت إلا بعد وجود السبب وهو رؤية الهلال وانتفاء المانع كالإغماء فرؤية الهلال دليل وقوع الوجوب هذا ما يؤخذ من كلامه هنا ومن قوله فيما يأتي «وأما أدلة وقوع الأحكام فهي أدلة وقوع أسبابها إلخ» إذ لا يمكن أن تذهب الأدلة التفصيلية في البيتين وإنما جعل أدلة وقوع الأحكام غير منحصرة بقوله «وأما أدلة وقوعها فلا يحصرها عدد» لأن آثار خطاب الوضع غير منحصرة عادة (قوله فأما الخمسة الأول فقد تقدم الكلام عليها إلخ) لضعف الخلاف فيها أو عدم الاعتداد به (قوله وأما قول الصحابي إلخ) نقل المص عن مالك كونه حجة مطلقًا وقد تبع في ذلك الأمدي وكذلك عزاه الرهوني في شرح ابن الحاجب لمالك والذي ذكره أبو الوليد الباجي في كتاب المنهاج له تصريحًا والتزامًا عن ظاهر مذهب

ص: 218

مالك أنه حجة بشرط لانتشار وبعدم المخالف له من الصحابة ويؤيده ما نقله ابن فرحون في شرحه لمصطلح ابن الحاجب وفي تبصرته عن ابن الصلاح في أدب المفتي والمستفتي أنه قال «قال مالك في اختلاف الصحابة مخطئ ومصيب عليك بالاجتهاد» ونقل الباهي عن ملك قولاً بأنه حجة فوق القياس ومن ذلك قوله لزوم كفارة واحدة لمن ظاهر من نسائه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما مع مخالفته القياس والحنفية قالوا تلزمه كفارات بعددهن على القياس واختار المتأخرون من المالكية مثل ابن الحاجب موافقة الشافعي في قوله الجديد أن قول الصحابي ليس بحجة وقد ذكر الغزالي الاحتجاج به من جملة الأصول الموهومة قال «فإن من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته لا حجة في قوله وقد اتفقت الصحابة على مخالفة بعضهم بعضًا فلم ينكر ذلك منهم أحد فانتفاء الدليل على العصمة ووقوع الاختلاف بينهم وتصريحهم بجواز مخالفتهم ثلاثة أدلة قاطعة على عدم الاحتجاج به» والذي يتلخص لي من مذهب مالك رحمه الله أنه لا يرى قول الصحابي حجة إلا فيما لا يقال من قبل الراي لما تقرر أن له حكم أرفع ولهذا كان اشتراط مخالفته للقياس قريبًا من هذا وقد رد مالك الخبر إذا خالف القياس الجلي فكذلك قول الصحابي إذا خالف اجتهاد الإمام المستند للقياس وغيره وأما ما نجده يتمسك فيه بقول الصحابي كما يقع كثيرًا في الموطأ فهو على معنى تأييد قوله واجتهاده ولذلك يقول وذلك أحسن ما سمعت أي في ذلك أو هو ترجيح بين الإخبار عن الاختلاف قد أشار إلى شيء من هذا القاضي أبو بكر ابن العربي في العارضة في باب الأخذ بالسنة عند الكلام على الحديث الذي ذكره لص هنا ونص عبارته «أمر بالرجوع إلى سنة الخلفاء وهو يكون على أمرين الأول التقليد لمن عجز عن النظر أي كتقليد غيرهم الثاني الترجيح

ص: 219

عند اختلاف الصحابة فيقدم الذي فيه الخلفاء الأربعة أو أبو بكر وعمر وإلى هذه النزعة كان ينزع مالك ونبه عليها في الموطأ أهـ» قلت يشهد له أخذه بقول الخلفاء في عدم توريث أكثر من جدتين دون قول زيد بتوريث ثلاث جدات (قوله والشافعي في قوله القديم إلخ) مقابلة قوله في الجديد أنه ليس بحجة وقد حذفه المصنف لوضوحه * قوله ومنهم من قال إن خالف القياس إلخ* نسبة ابن برهان للشافعي ونقل عن الشافعي في الرسالة عكسه وهو أن يوافق القياس وكلاهما ظاهر* قوله أصحابي كالنجوم إلخ* لم يصح هذا الأثر (قوله يقتضي أنه عمل لنص فاسد إلخ) هكذا في النسخ والظاهر أنه تحريف لكلمة ثابت أو نخوه أو يكون أراد إن عدم الأخذ به يقتضي أنه عمل بدليل غير صحيح إذ الدليل الصحيح الأصل فيه أن لا يخالف القياس والأصل في الصحابي أن لا يستند لدليل فاسد فتعين حمله على أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما اعتمده وفيه تعقيد (قوله اقتدوا باللذين من بعدي إلخ) حديث حسنه الترمذي (قوله عليكم بسنتي إلخ) ذكره الترمذي وصححه ولا دلالة فيه إذ المراد بالسنة الطريقة في الهدى والاهتداء والمراد بالخلفاء الراشدين كل من شمله معنى الرشد الديني وتخصيص هذا اللقب بالخلفاء الأربعة إصلاح جديد بعد الحديث فالمراد أتباع ولاة العدل وعدم مفارقة الجماعة وسياقه يشهد بذلك لأن قبله أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة فإنه من يعش فسيرى اختلافًا كثيرًا أما حمله على اتباع اجتهاد الخلفاء الأربعة الأول فقد رده الغزالي في المستصفي بأنه يقتضي تحريم الاجتهاد على الصحابة ذقل أحد الخلفاء قولاً أو اتفق أربعتهم على قول المشاهد من أحوال الصحابة خلاف هذا فالمراد سيرتهم وأصولهم وغيرهم من المجتهدين مثلهم بلا فرق

ص: 220

*قوله المصلحة المرسلة إلخ* هذه مسألة تقدم الخوض في الاحتجاج بها في فصل الثالث من الباب ثامن عشر في القياس عند ذكر المناسب والمصلحة مفعلة من الصلاح وهو حسن الحال والمفعلة تستعمل لمكان ما كثر فيه الشيء المشتقة منه وهي هنا مجاز بتنزيل القوة منزلة الكثرة والعلاقة اللزوم العرفي بين الكثرة والقوة لقول العرب إنما العزة للكائر وبتنزيل مقارن المعنى منزلة الحال فيه للمشابهة مجازًا فأجتمع فيها مجاز مرسل واستعارة. ثم صارت حقيقة عرفية ومثلها في ذلك مظنة لكنها بالكسر على خلاف القياس ومعنى كونها مرسلة إنها مطلقة عن شهادة الشرع لها باعتبار أو إلغاء. وعرفها الأبياري وغيره بأنها الوصف المناسب لتعليل حكم غير مستند إلى أصل معين في الشرع بل إلى المصلحة العامة اللازمة في نظر العقل قطعًا أو ظنًا قريبًا منه فلذلك لا تدخل في التعبدات على التحقيق وهو مختار الشاطبي في الموافقات. وشرطها أن تكون في غير مرتبة التحسين وأن لا يعارضها دليل شرعي أو مقصد من مقاصد الشريعة وإن تكون عامة هذا صريح مذهب مالك رحمه الله ولا يخالف في أصل اعتباره منصف بعدما يمر على تصاريف الشريعة وفهم أساطين حملتها وحسبنا حديث لولا حدثان قومك بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم الحديث وقد

ص: 221

مر ما أورده إمام الحرمين علينا وجواب الأبياري عنه (قوله الاستصحاب إلخ) هو طلب مصاحبة حكم به الماضي للحال وهو نوعان استصحاب الحكم الشرعي عند عدم دليل مناف. واستصحاب العدم الأصلي وهو الذي عبر عنه المصنف كغيره بالبراءة الأصلية (قوله خلافًا لجمهور الحنفية إلخ) هذا عزا إليهم الإمام وهو مذهب المتكلمين وإن كان الموجود في كتب الحنفية التفصيل وهو أن الانسحاب حجة في الدفع دون الرفع أي في إبقاء ما كان على ما كان دون إثبات ما لم يكن مثل أن يقال المفقود لا يورث استصحابًا للحياة الأصلية لإبقاء ما كان على ما كان ولا يرث لأنه فارقه لم يكن مالكًا لمال الموروث فالأصل دوام عدم ملكة إياه فهو عندهم في قوة منع الدليل يدفع به الدليل المدعي ولا يبطل به شيء ثابت (قوله أنه قضاء إلخ) أي أن الاستصحاب ذو قضاء بالطرف لأنه ظن ثبوته في الحال وفي بعض النسخ هنا تحريف (قوله حجابهم إلخ) مصدر حاجة إذا أكثر عليه الاحتجاج أو إذا وقع الاحتجاج من الجانبين وكلاهما صحيح هنا (قوله فهم سنية لا معتزلة إلخ) لا وجه لتصدي المصنف للفرق بين مذهبي هاذين الإمامين وبين مذهب المعتزلة إذ لا اشتباه بينهما فإن أحد الإمامين عند الحضر دائمًا والآخر عين لإباحة دائمًا أما المعتزلة فإنهم لا يعينون شيئًا بل يجعلون الحكم تابعًا لوصف الفعل من حسن أو قبح ولعل المصنف أراد أن يفرق بين مذهب المعتزلة ومذهب من يقول من أهل السنة أن أصل المضار التحريم وأصل المنافع الإباحة فنسى أن يذكره وذكر الفرق الناشئ عنه فتأمل (قوله العوائد إلخ) من قواعد الفقه العادة محكمة قال القاضي الحسين وهي خمس مباني الفقه وإنما عدها المصنف في الأدلة جرياها والحاجة إليها دليل على إذن

ص: 222

الشارع فيها نظرًا لتتبع تصاريف الشريعة في الرفق عند الحاجة أو المشقة والعادة ما غلب على الناس من قول أو فعل أو ترك وهو معنى قول المصنف غلبة معنى من المعاني لأنه يريد من المعنى أمرًا من الأمور مثال الأول صيغ العقود كنايات الطلاق ومثال الثاني معنى الحرز ومقدار القليل تقدير يوم الأجير على اختلاف أنواع الأشغال المستأجر عليها ومثال الثالث ما تساوي الناس فيه من إباحة السقي من الآبار المملوكة والأكل من الأشجار الشاذة التي الأهمية لثمارها في الأراضي الشاسعة وشرطها ألا يشهد الشرع بإلغائها ولا باعتبارها فإن ألغاها فلا اعتداد بها كعوايد الجاهلية من بحيرة وسائية ومهر البغي وحلوان الكاهن وإن اعتبرها فالحجة في دليل اعتبارها لا فيها كسلب العبد أهلية الشهادة لاعتياد الناس اعتبار تنازل رقبته وإن لم يلغها ولم يعتبرها فهي محل النظر فإن كانت مطردة في سائر الأمة اعتبرت إجماعًا وإن كانت خاصة فالأكثر على اعتبارها بشرط أن تكون سابقة متكررة أو طارئة مضطرًا إليها كالخماس عدنا لأن الشك في الري والخصب غالبًا لا يجرئ الناس على الاستئجار فلزم إقامة أمر الزرع من كد إليه الذي لا خساة فيه على أحد إذ أكثر المزاعين بقطرنا ليسوا من أهل الأموال بل ممن يرتزق بكد يده وعمل دوابه في أرضه ليحصل على ما يقوته وكذلك بيع الوفاء لأهل بخاري والبلح لاعتيادهم طول الإجارة في مزروعات كرومهم وهما فاسدان فأفتاهم فقهاء الحنفية بجواز بيعها وفاء وكذا بيع خلو الحوانيت بمصر لاحتياج الباعة إلى وضع أشياء تقوم بأثمان لها بال وهم لا يقدمون على أحداثها مع توقع إبطال الكراء لأن فيها مصاريف لا يجدونها عند ما يبيعونها منقوضة فرخص لهم في كرائها مؤيدًا في الأحباس التي ليس أموال تنفق على وضع تلك النصبات بتلك الحوانيت (قوله لما تقدم في الاستصحاب إلخ) أي أن دليل الضاء

ص: 223

بها ما تقدم في الاستصحاب أعني كونه يوجب ظنًا راجحًا مع كون القصاء بالظن الراجح حجة لأن وجود العادة يوجب ظنًا بإذن الشريعة الشريعة فيها نظر المشقة تركها قال «لكل امرئ من دهره ما تعودا» وهذا الظن يقضي به في الأصول إن لم يمكن القطع فتأمل (قوله الاستقراء إلخ) هو تتبع الجزئيات لإثبات حكم كلي وإنما اعتبر دليلاً لأن الكلية لم تكن ثابتة ولا دليل عليها إلا تتبع الجزئيات ولأنها ثبوتها يستدل بها على أحكام جزئيات مجهولة مثل أن نقول الوتر سنة لا فرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة على الراحلة والفرض لا يؤدي على الراحلة أخذًا من استقراء أسفار النبي صلى الله عليه وسلم والسلف رضي الله عنهم (قوله سد الذرائع إلخ) الذريعة الوسيلة قال المازري في طالع كتاب بيوع الآجال من أمالية على التلقين أن أصل الذريعة أن الناقة الشاردة ينصب لها ما تألفه من الحيوانات لتحن إليه فتمسك وعند الفقهاء منع ما يجوز لئلا يتطرق به إلى ما لا يجوز أهـ فتبين أنها لقب عند الفقهاء لذرائع الفساد خاصة وهي الأفعال السالمة عن المفسدة لكنها تقضي إلى ما هو مفسدة قبل المصنف في الفرق الرابع والتسعين والمائة الذريعة ثلاثة أقسام مجمع على سده ومجمع على عدم سده ومختلف فيه وبيان كلامه إنه إن كان إفضاؤه محققًا أو مظنونًا غالبًا فهو الممنوع إجماعًا كحفر الآبار في الطرق وإلقاء السموم في الأطعمة قال الشاطبي في الموافقات ودليل هذا القسم آية

ص: 224

{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} وآية {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} وآية {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} . وإن كان إفضاؤه نادرًا وغير مطرد فهو ملغي إجماعًا كزرع العنب ومشي العجل في الطرقات لاحتمال حطمها صغيرًا أو غافلاً وإعلاء الأبنية لاحتمال انهدامها أو سقوط شيء من أعاليها. وإن كان مترددًا على السواء فهو محل الخلاف ومذهبنا اعتباره لقول عمر ابن عبد العزيز تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور فمن ذلك منع قضاء القاضي بعله لأنه مظنة للشدة أو الجور وكذا بيوع الآجال كمن باع سلعة بعشرة إلى شهر ثم اشتراها بخمسة نقدًا لتهمة قصد التوصل بها إلى الربا ومشهور المذهب إن هذا القسم يطرد حكمه لأن الحكم منوط بالمظنة وقال أصبغ في بيوع الآجال إن علة منعها كونها أكثر معاملة أهل الربا فيتخرج من قوله إنها لو وقعت ممن تعلم نزاهته عن ذلك أمضيت قال الشاطبي وأعلم أن سد الذرائع أصل شرعي قطعي متفق عليه في الجملة وإن اختلفت العلماء في تفاصيله وقد عمل به به السلف بناء على ما تكرر من التواتر المعنوي في نوازل متعددة دلت على عمومات معنوية وإن كانت النوازل المنصوص فيها خاصة لا كنها كثيرة أهـ وبكلامه هذا يندفع بحث المصنف الذي ذكره في الفرق 194 المذكور على دليل منع بيوع الأجيال بأنها لم يثبت فيها ما يقتضي المنع والنصوص الدالة على سد الذريعة وردت في غيرها فينبغي أن تذكر لبيوع الآجال أدلة خاصة لو يدعي أنها مأخوذة بالقياس فيجب إبداء الجامع بين الأصل والفرع حتى يتعرض الخصم لدفعه بالفارق أهـ هذا وقد يصير الشيء ذريعة بعارض كبذل المال لفداء السرى وتأليف قلوب المشركين إذا حثهم الدفع على تقصي آثار المسلمين ليأسروهم أو على التظاهر بالإسلام طمعًا في العطاء وكلام المص هنا كله هنا مأخوذ

ص: 225

من الفرق الثامن والخمسين* قوله وأعلم (1) أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها إلخ* أشار به إلى أن قولهم سد الذرائع لقب غلب على ذرائع الفساد ولكنه من جهة اللغة يدل على معنى قولهم إعطاء الوسيلة حكم المفسد وحاصله أن وسيلة الشيء إن كانت مقدورة للمكلف فلها حكم ما تقضي إليه* قوله تنبيه* قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إلخ* تنقيح هاته المسألة أن نقول قد يكون الشيء الواحد وسيلة لمتعدد مختلف الحكم فينشأ في اعتبار بعض المقاصد منه دون بعض تعارض فأما أن يرجح بشيء من المرجحات وأما أن يتوقف فيه ومن أمثلة المص يتضح أن الحرم المتوسل إليه فيها هو غير ما قصدت الوسيلة لأجله لأن المقصود كف شر العدو عن أسرانا أو كف الفاسق عن الفواحش وكلاهما واجب وإنما قارن ذلك الواجب اغراؤه بتقصي آثارنا وتقويته بأموالنا وهذان مفسدتان ولا ينبغي أن نصور المفسدة بأكل الكافر للحرم إذ التحقيق أنهم غير مخاطبين بالفروع إذ لا معنى له وكذا كف الزاني فإنه عارضه إغراء الفساق على التكثر من ذلك طمعًا في المال وإعانته على أكل مال بالباطل وفي هذا يجيء الترجيح ويكفي مراعاة أقرب المقاصد وأكثرها فقد صالح عثمان رضي الله عنه من أدعى عليه باطلاً ووجه عليه اليمين كراهية الحلف خشية إن يصاب بضرر من القدر فيعتقد الناس أن تلك عقوبة مع أن في صلحه إطعام المدعي مالاً بالباطل* قوله ومما شنع على مالك مخالفته لحديث بيع الخيار إلخ، مناسبته لهاته المسائل دفع توهم أن تقديم هاته الأصول في الاعتبار هو على ترتيبها في الذكر لينبه على أن المجتهد يصير إلى ما يؤديه إليه اجتهاده أنه الحق وإن كان أضعف من معارضة شهرة أو فضلاً لأن

(1)() هاني القولة متعلقة بصحيفة 224.

ص: 226

الترجيح بقوة المعنى لا بصحة اللفظ أو شرف الفضل فلا يشنع على مجتهد لمخالفة الحديث حتى يعلم لأي دليل خالفه فربما لم يصح عنده أو عارضه معارض قوي من قياس أو أصل شرعي وقد كان مثل هذا التشنيع شنشة قديمة من تنابز الفقهاء لدى المناظرة ومغمزًا يرمي به المنتمون للحديث مخالفيهم وقد علمتم مما تقدم أن مذهب مالك في خبر الواحد ضيق والظاهر أن رده حديث بيع الخيار مع صحته عنده في الموطأ أنه مخالف لأصول بت العقود مع عدم انضباط مقادير المجالس المؤقت بها فيفضي ذلك إلى التهارج وقد أشار إلى هذا الشاطبي في الموافقات بطرف خفي وأما اعتذار المص الذي هو اعتذار كل من طالعت كلامه من أصحابنا بأنه مخالفة لعمل المدينة فلا يتم من وجهين أحدهما أن الحجة في إجماع أهل المدينة ولم يجمع أهل المدينة على ترك العمل به فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه وغيره عملهم به الثاني لو سلم إجماعهم فإنما الحجة بإجماعهم على الفعل أو ترك المأمور به أما تركهم رخصة من حقوقهم إذا تواضعوا عليه فلا حجة فيه (قوله مهيع أهـ) كمقصد الطريق الواضح البين (قوله الاستدلال وهو محاولة الدليل إلخ) أي

ص: 227

اصطلح الأصوليون على أن يسموا بالاستدلال إيجاد دليل غير واضح من الأدلة الشرعية وهو ينقسم إلى قسمين أولهما إيجاد دليل على حكم شيء بالأخذ بلازم حكم آخر له أو لغيره كإشارة النص وواضح كون هذا إيجادًا لأن الحكم المنصوص مثلاً لم يتعرض للحكم المثبت وإنما أخذ هذا الحكم الثاني باللازم. ثانيهما أخذ دليل من تتبع مقاصد الشريعة أو مواردها كأخذ كون الأصل في المضار التحريم ويدخل تحت القسمين طرق إثباتهما كالأقيسة المنطقية والاستقراءات والقواعد العقلية (قوله الاستحسان إلخ) تقع هذه العبارة كثيرًا في الاستدلال للفروع من كتب الحنفية وقد وقعت أيضًا في مواضع من كتب فروع المالكية في حكاية أقوال ملك رحمه الله وأصحابه وقد أكبرها الشافعية على الحنفية حتى نقلوا عن الشافعي رحمه الله إنه قال «من استحسن فقد شرع» وأحسب أن الشافعي قد قال هذه الكلية بعد أن تطلب بيان المراد من الاستحسان عندما ذكروه في أدلة الفروع وبعد أن عرضهم به على عداد أسماء الأدلة المتعارفة في الأصول والجدل فلم يجد مقنعًا فجزم بأنه عذر اعتذر به لمخالفون حين عجزوا عن الاستدلال فلذلك قال ما قال. على أن الشافعي استند للاستحسان في بعض أقواله وتأوله عنه أهل مذهبه فأما الحنفية فأجاب الكرخي من متقدميهم بأن المعنى بالاستحسان عندهم هو العدول عما حكم به في نظار مسألة إلى خلافه لوجه أقوى منه ولم يرتض هذا منه المحققون كما أشار له المصنف وأجاب المتأخرون منهم بأن المراد من الاستحسان في كلام

ص: 228

الفقهاء هو كل دليل غير قياس جلي حتى الكتاب والسنة وهو اصطلاح غريب أجاب به في التلويح والاصطلاح وإن كان لا مشاحة فيه إلا أن مناسبة الاسم للمسمى مما يجدر بالمصطلحين اعتباره وأما الملكية فقد أجاب قدماؤهم مثل ابن خويز منداد والباجي بأنه الأخذ بأقوى الدليلين ونقل أبو الحسن في شرح التهذيب في باب بيع الخيار عن الأبياري في شرح البرهان أن الاستحسان هو تقديم المصلحة المرسلة على القياس ولعل هذا جزئية من تفسير الباجي وابن خويز متداد ورأيت لأبي الوليد الباجي في باب الوصية من المتقي على الموطأ عن أشهب رحمه الله من الاستحسان تخصيص العموم بالعرف. والذي استخلصته من مواضع من كتب فقهنا المالكي أن الاستحسان قد أطلقه فقهاؤنا على معنى ترجيح أحد الدليلين على الآخر بمرجح معتبر ليس في الشرع ما يخالفه وقد استقرأت لهم من هذا معاني خمسة وهي الأخذ بالعرف أو بالاحتياط أو ما استقر عليه عمل أهل العلم كالصحابة والتابعين أو ترجيح أحد الأثرين على الآخر أو عدول عن قياس وإن كان جليًا إلى آخر وإن كان أخفى منه لأن المعدول إليه أولى بالاعتبار لمعضدات. فمن الأول استحسان الشفعة في الثمار مع ضعف ضرر الشركة فيها رعيًا لعرف الناس في اجتنائها بطونًا وعدم رغبتهم في شراء ما يتجمع منها كل يوم. ومن الثاني جعل الشاهد الواحد مع القسامة موجبًا للقصاص مع أنه عدول عن بابه لأن القصاص ليس من الأموال لكن ذلك لدليل وهو الاحتياط في حفظ الدماء. ومن الثالث قول ملك رحمه الله استحسن في جنين الحرة غرة تقوم بخمسين دينارًا أو ستمائة درهم وتكون من البيض لا من السود. ومن الرابع قول ابن الحاجب وتقديم يديه في الهوى للسجود أحسن ومن هذا قول ملك رحمه الله في مواضع من الموطأ وهذا أحسن

ص: 229

ما سمعت. ومن الخامس قول أصبغ في اختلاف المتراهنين أن القول قول المشبه منهما مع يمينه قاسهما على المتبائعين مع قول أشهب القول قول المرتهن مطلقًا قاسه على المستعير والمودع لأنه أمين مثلهما فقياس شهب وإن كان أجلي إلا أن قول أصبغ أحسن لأنه معضود بضعف لاماات وبأن الراهن سلم للمرتهن الرهن بسبب أنه محتاج إلى تسليم الرهن إليه فليس كالمودع ولهذا قال ابن رشد في البيان قول أصبغ استحسان وقول أشهب إغراق في القياس يعني طردًا للقياس. والجواب الحاسم عن وقوع هذا اللفظ في كلام الحنفية والمالكية هو بعد عصر الإمامين رحمهما الله عن وقت حدوث الألفاظ الاصطلاحية وسبق تدوين الفقه وأدلته على تدوين علم الأصول فالظاهر أن أبا حنيفة رحمه الله ما أراد به الأمثل ما أراد مالك رحمه الله من معنى الترجيح وأما ما أجاب به التفتزاني في التلويح فلا أحسبه مرادًا لأبي حنيفة كيف وهو شيء لم يقله أحد من متقدمي الحنفية وأنت ترى كلام الكرخي ينافيه وعندي أنهم لو شرحوا مرادهم ولو بتأويل لما احوجوا الشافعي إلى ذلك القيل (قوله وأنكره العراقيون) أي من المالكية وعذرهم في ذلك عذر الشافعي رحمه الله (قوله الأخذ بالأخف إلخ) أي من الأقوال المأثورة التي تتنزل منزلة الأحاديث المرفوعة إذ لا قبل للراي بإثباتها ومرجع الأخذ بالأخف لكونه القدر المتفق عليه فترجح بكونه محل اتفاق (قوله وهو قولنا إلخ) لترجيح هذا الأثر وقضاء الخلفاء به (قوله العصمة وهي أن العلماء إلخ) أي العصمة من الخطأ في الاجتهاد أي بأن يجعل الله حكمه تابعًا لحكم نبي أو عالم

ص: 230

بأن يوحي إلى نبي إن ما حكمت به فهو حق أو يوحي إلى نبي بأن يخبر عالمًا بذلك إذ لا قبل للعالم بمعرفة مراد الله إلا من اللفظ المأثور عن النبي وهي مفرعة عن مسألة الحسن والقبح لأنها لا تجري على أصول المعتزلة إذ الحكم عندهم إن كان على وفق صفة الفعل فهو تحصيل حاصل وإن خالفه لزم عليه قلب الحقائق بأن يصير الفاسد مأمورًا به والعكس ويفضي ذلك إلى أمر الله بالفحشاء ولهاته المسألة علاقة بمذهب المصوبة (قوله فقطع بوقوع ذلك موسى ابن عمران إلخ) المختار أنه غير واقع وإن كان عندنا جائزًا وقد حمل تردد الشافعي على أنه تردد في وقوعه لكن المصنف حمله على أنه تردد في جوازه وليس منه تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ في بني قريضة إذ نزلوا على حكم سعد فأقره النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك تحكيم له في تعيين أحد أمور جائزة له صلى الله عليه وسلم وهي العفو أو الأسر أو الفداء أو القتل الذي كان جائزًا في صدر الإسلام وليس ذلك بتعيين حكم شرعي مجهول كما لا يخفى وأما قوله صلى الله عليه وسلم حيث حكم سعد بأن تقتل المقاتلة وتسمى الذرية «لقد حكمت بحكم الله» فذلك بيان لموافقة حكمه لا حب الأمور المباحة لله تعالى ولا مانع أن يكون بعض المباحات أحب إلى الله من بعض كما ورد (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) وأما قضية تحريم إسرائيل عليه السلام على نفسه وضرورة ذلك محرمًا على بنية فلعل المراد من ذلك الحرمة الجعلية الاصطلاحية التي توارثتها أبناؤه تاسيًا به ل حرمة شرعية يعاقب على فعلها تأمل (قوله لكثرة من وردها من الصحابة إلخ) شتان ما بين الإجماعين فإن المدينة بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم والباقون بها أكثر من غيرهم وأما الذين خرجوا مع علي رضي

ص: 231

الله عنه فقليل من كثير وقد أفنتهم الحروب وشغلتهم الحوادث عن بث الفقه (قوله والأصل والظاهر إلخ) شرط التعارض المساواة فكل مسألة ألغى فيها الأصل وقدم الظاهر لم يكن الأصل فيها ظاهر أو التي قدم فيها الأصل كان الأصل فيها أظهر وليس للأصل اعتداد به لذاته إلا عند عدم طريان شيء عليه وذلك المعبر عنه بالاستصحاب وقد يعبر عن الأصل بالغالب لغلبة اعتباره وهذا ملاك المسائل التي عدها المصنف وقد صرح في الفرق التاسع والثلاثين بعد المائتين بأن الوجه هو اعتبار الغالب وتقديمه على النادر وهو شأن الشريعة وقد يلغي الشارع الغالب تخفيفًا ورحمة ويقدم عليه النادر وهو حينئذ الأصل كالعفو عما يعسر من إزالة النجاسات وما يصنعه من لا يتقي النجاسة وقد يلغي الغالب والأصل معًا رحمة بالناس ويخلفهما نادر غير أصل كإلغاء القرء الواحد في الدلالة على براءة الرحم مع أنه الأصل والغالب نظر الانتظار المراجعة ربيان تفاوت بعضها على بعض ومراتبها في الاكتفاء بها أو افتقارها إلى معضد من وظائف المفتي العالم (قوله وأما أدلة وقوع الأحكام) قدمت الكلام على

ص: 232