الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه عروض الإجمال من التركيب وذلك بوضع الكلمة التي تصير ما بعدها محتملاً معنيين كالإجمال العارض في نحو نهي عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير فإن هاته الأسماء لما تعلق بها النهي نشأت معان محتملة ومثل القول في أسباب الإجمال نقول في أسباب البيان لأنه إما بنفسه أو بالعقل أو بما يقارنه من لفظ أو فعل كما يأتي في الفصل الثالث (قوله كالمتواطئ إلخ) خصه دون المشكك لأن المشكك قد يقال فيه أنه يحمل على الأقوى من إفراده أو الأكمل فلا يكون احتمالاً متساوياً (قوله قيل له مبين إلخ) أي أيضاً كما يقال للأول فللمبين معنيان والأولى أن يسمى القسم الأول بالبين (قوله والمؤول إلخ) ذكر المؤول هنا تبعاً للغزالي ووجهه أن التأويل ضرب من ضروب البيان وإن كان الظهور المقابل له ليس من الإجمال.
(الفصل الثاني فيما ليس مجملاً)
ذكر فيه مسألتين الأولى إضافة التحليل والتحريم إلى الأعيان والمراد بالأعيان الذوات والمواهي التي لا تحقق لها إلا في الذوات تحقق الكلي
في جزئية وهي الكليات الطبيعية لا المواهي القائمة بالذوات قيام الحال بالمحل أو الصفة بالموصوف وهي المعبر عنها بالأحداث والمراد من الإضافة الإسناد والتعليق. وشمل التحليل الوجوب مثل قوله في الحديث وفي زكاة الغنم «في كل أربعين شاة شاة» عطفاً على قوله إن الله قد فرض عليهم زكاة أموالهم إلخ والإباحة نحو أحل لكم صيد البحر وما يرادفها نحو نهي كما في حديث البخاري نهى عن الدباء أي عن الانتباذ فيه ونهى عن الحمر الأهلية أي عن أكلها وحاصل الإجمال الموهوم في هاته المواضع ناشئ عن الاستعمال لا عن الموضع لأن إسناد نحو التحريم لشيء يحتمل جهات كثيرة هي مورد التحريم وهذا منشأ قول الكرخي وقد بينه المصنف (قوله ويقولون العرف عين المقصود إلخ) أي عرف الاستعمال العربي صيره من أول الأمر معروفاً معلوماً فكان من البين بنفسه وذلك أنه من التراكيب التي التزمت العرب فيه الحذف للإيجاز يقولون امرأته حرام عليه ولا يريدون كلامها وشأن الحذف المستمر أن يكون لما هو أسبق للذهن وحيث كان المحذوف في مثل هذا حالاً من الأحوال للشيء نوقن بأنه أسبقها إلى الذهن عند تصور ذلك الشيء إما لكونه لا يصلح إلا تقدير من بين سائر الأحوال وإما لكونه أولاها بالتقدير وإما لقرينة العرف ففي نحو حرمت عليكم الميتة لما كان المحكوم عليه حيواناً لا يصلح إلا للأكل أو استخدامه وتعطل استخدامه لكونه ميتة تعين أن المحرم هو أكلة ألا ترى أنه لا يجرم الانتفاع به بوجه آخر من أحواله النادرة ففي صحيح البخاري مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة فقال هلا انتفعتم بأهابها قالوا: أنها ميتة قال: إنما حرم أكلها وكذا القول في نحو حرمت عليكم
أمهاتكم فغن المكلف لما لم تكن له علاقة بالنساء إلا بتزوجهن كان مناط التحريم لا نحو الرضاع إ قد مضى وقته ولا نحو كلامهن لأنه لا يخطر بالبال في نحو هذا المقام ونحو الحمر الأهلية لظهور أنه كثر ركوبها وبيعها فلا يمكن تحريمه وقل أكلها فهو الأولى بالتحريم ونحو نهي عن الدباء بقرينة عرفهم يومئذ وهذا هو القانون الذي يتبعه المخاطب وبه يظهر أن هذا ليس حقيقة عرفية إذ ليس لفظ الميتة منقولاً للأكل ولا لفظ الأمهات منقولاً للتزوج ولو كان كذلك للزم عليه أن قوله أو بيوت أمهاتكم مجاز عرفي ولكان قوله إلا أن يكون ميتة أو دماً بمعنى ألا أن يكون أكلاً فليس ما ورد في مثل حرمت عليكم أمهاتكم من قبيل نقل المفردات ولا معنى للنقل في المركبات إذ المجاز في المركبات وهو التمثيل لا يكون إلا في استعمال الخبر في الإنشاء والعكس واستعمال أنواع كل في نظيره وأما الاعتماد على القرينة واللزوم ونحوه في الكلام فليس من إخراج اللفظ عما وضع له وقد توهم مثل توهم المصنف هنا من قال أن مفهوم الموافقة نقل اللفظ إليه عرفاً بل هذا إيجاز لا مجاز الذي هو أصل الحقيقة العرفية فلا يتم قول المصنف أنه مجاز لغوي إلا إذا أريد من المجاز أقل إطلاقاته وهو كلمة تغير حكم إعرابها (قوله وإذا دخل النفي على الفعل كان مجملاً إلخ) هذه المسألة الثانية أي عرض له الإجمال عرفاً لأن النفي موضوع للعدم والعرف استعمل هاته الصيغة في أمر موجود إما لقصد نفي الصحة أو لقصد نفي الكمال فهو مجاز بقرينة كون المنفي موجوداً أو احتمل معنيين مجازيين فكان مجملاً عند عدم القرينة المعينة لأحد معنييه المجازيين لأن المعنيين المجازيين كالمعنيين الحقيقيين في باب
المشترك (قوله لأن المشابهة إلخ) إشارة إلى أن النفي هنا مجاز لعلاقة المشابهة بين الفاسد والمعدوم إذ الفاسد لما لم يكن معتداً به فكأنه معدوم وبين الناقص والمعدوم لأن النقص عدم قليل وإذا كان كذلك فما كان أقوى مشابهة كان أحق بالتقديم عند الاشتباه والتعارض لقربه من الحقيقة ومن ترجيحات المجاز قربه ولأن المبني منه على المشابهة فرع للتشبيه ومن شروط التشبيه ظهور وجهه والأوجب التصريح بوجه الشبه كما هو مقرر في علم البيان (قوله ولأن النفي عام في الذات إلخ) ترجيح آخر من جهة الاحتياط على رأي القاضي في حمل المشترك كما قدمه المصنف في بابه (قوله وأما الفرق بين أن يكون المسمى شرعياً إلخ) أي لأنه إذا كان شرعياً أمكن نفيه بنفي أركانه أو شروطه المعتبرة لأن مداد نفيه على نفي اعتباره بخلاف الأمور غير الاصطلاحية فلا تنفى ما دامت موجودة (قوله فقوله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ إلخ) هذا حديث مشهور اللفظ عند الفقهاء وهو حديث حسن خرجه ابن ماجه من طريق ابن عباس لكن وقع كام في صحته ذكره ابن السبكي في الطبقات في ترجمة محمد بن نصر المروزي فذهب أحمد بن حنبل ومحمد بن نصر إلى عدم صحته وقال النووي هو حسن لكثرة طرقه قال أحمد ابن حنبل من زعم أن الخطأ مرفوع فقد خالف الكتاب فإن الله أوجل في قتل الخطأ الكفارة قال ابن السبكي لعلي معناه رفعه في خطاب التكليف لا في خطاب الوضع اهـ قلت معنى الحديث صحيح لقوله تعالى {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} والمراد رفع المؤاخذة الأخروية