الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاجة إلى شرع ذلك الحكم كل ذلك منزع من منازع الفقهاء في الاجتهاد والتفسير ولعل هذا هو الذي نزع إليه مالك رحمه الله في الاحتجاج بآية البقرة فأخذوا منه بالتخريج مذهباً في شرع من قبلها ولهذا يكثر في كتب الفقه للمالكية الاستدلال على مشروعية أشياء بآيات تقص أحاديث الأمم الماضية مثل الاحتجاج على مشروعية الوكالة بقوله {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} وعلى مشروعية الشركة بها أيضاً وعلى مشروعية الضمان بقوله وأنابه زعيم وقد سلك البخاري في صحيحه مسالم من هذا.
(الباب الرابع عشر في النسخ)
[الفصل الأول في حقيقته]
النسخ مأخوذ من الإزالة لأنه يزيل الحكم السابق قال تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ} وأطلقه الأصوليون على رفع الحكم الشرعي المعلوم دوامه بخطاب فخرج التشريع الآنف وإن كان يتضمن نسخ البراءة الأصلية إذا
البراءة الأصلية ليست حكماً شرعياً كما صرح به المص في الفصل الرابع من هذا الباب ولذلك سميت الأصلية ولم يتعارف ذلك فيها وزدت قولي المعلوم دوامة ليخرج رفع التكليف الثابت بالأوامر التي لا تفيد التكرار كما تقدم في الأمر وكذلك التكاليف المغياة وأما التعريف المنقول عن الغزالي ففيه خلل كما في الشرح وأما ما اختاره المص في قوله وقال الإمام فخر الدين الناسخ طريق ففيه تطويل وتعقيد فقوله الثابت هو بالنصب وصف لمثل وقد صرح أنه عبر بالمثل لأن الحكم الثابت قبل النسخ ليس هو الذي أعدمه النسخ لأن الذي ثبت لا يرتفع وهذا تعمق لا يفيد إلا تعقيداً لأنهم يريدون من الحكم المرفوع بالنسخ جنسه الصادق عليه أنه وجوب صدقة مناجاة أو إباحة شرب خمر في غير وقت الصلاة مثلاً وليس المرفوع هو أثر الحكم أي عمل المكلفين في جزئيات المسائل بما يقتضيه ذلك الجنس ولا مانع من ثبوت الحكم ثم رفعه لأنه أمر اعتباري وقوله «بطريق» أي آخر وهو دليل الحكم المنسوخ والضمير في قوله يوجد عائد للمثل والهاء المضاف إليها كلمة بعد عائدة على قوله «طريق شرعي» وقوله متراخياً حال من طريق شرعي بعد وصفه بقوله «يدل» والضمير المجرور بعن عائد على طريق المجرور بالباء والضمير الداخلة عليه لولا عائد على طريق الأول والضمير؟ ؟ ؟ ص 71 في كان عائد على مثل وهذا الحد على قلاقته وتعقيده اللفظي لا يزيد على ما اخترناه أولاً إلا بذكر شرط التراخي وليس ذلك بمهم لأنه شرط النسخ لا جزء من ماهيته ومفهومه على أن فيه خلافاً يأتي. هذا وفائدة النسخ من حيث هو اختلاف الأحكام لاختلاف المصالح كنسخ شريعة بشريعة وأما نسخ حكم بغيره في شريعة واحدة فقد يكون
لا يناس الأمة بالحكم الذي لم تكن تعودته مثل تحريم الخمر وإيجاب الصوم فأول ما نزل فيه {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} بناء على أحد قولين في أنها منسوخة أم لا وهذا النوع هو أكثر ما وقع في شرعنا وذلك مصلحة لسهولة الامتثال وقد يكون لاختلاف المصلحة كنسخ وقوف الواحد للعشرة لحاجة الدين إليه في وقت قلة عدد المسلمين وكنسخ وجوب صدقة المناجاة بالزكاة لكثرة عدد المسلمين وفقرائهم وقلة المناجاة بالنسبة واختصاصها بالمدينة دون آفاق الإسلام وبه يظهر أن النسخ هو إزالة بالنظر للحكم الأول وبيان بالنظر لمراد الله تعالى. وقد اعتاد الأصوليون أن يترجموا لهذا الباب بعنوان باب النسخ ليشمل حقيقته وأقسامه وأحكام الناسخ والمنسوخ كما عبر ابن مالك بالابتداء وابن عاصم بباب القضاء لأن المصدر سار في الجميع والمص تابعهم هنا ثم تابع الغزالي إذ جعل النسخ هو الخطاب وهو تسامح بإطلاق المصدر على اسم الفاعل وهو سهل وأما جواب المص بأن الناسخ في الحقيقة هو الله فهو لا يغني إذ النسخ أيضاً في الحقيقة هو فعل الله لا الخطاب فإذا قيل هو دليل الفعل أو أثره قلنا فليسم ناسخاً لأنه المعرف بأن الله تعالى نسخ (قوله فإن خلاف المعلوم في حقنا محال إلخ) أي نقيض المجزوم به لأن العلم بهذا المعنى صفة توجب تمييزاً لا يحتمل النقيض إذا العلم لا يكون إلا عن ضرورة أو برهان فلو احتمل خلافه لزم اجتماع الشيء ونقيضه.