الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفصل الثاني في أقسامه)
(قوله فإن قوله تعالى {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} منقطع على الأصح إلخ) لا يصح الحكم بانقطاعه ولا ملجأ للقائلين به ممل لزم أصل الاستثناء وهو لغوية هذا الاستدراك لأنه كما لا يصح أن تكون الموتة الأولى مستثناة من ذوق أهل الجنة للموت لا يصح أن تكون مستدركة منه لأن شرط الاستدراك سبق توهم عكس المستدرك ولا يتوهم أحد أنهم إن لم يذوقوا موتاً في الجنة لا يذوقونه في الدنيا فالظاهر أن في الآية إيجازاً بليغاً وهو إن الله تعالى أراد أن يطمع أهل النار بالموت الذي هو أمنيتهم فأخبر أن لا موت في الجنة وهذا يطمع أهل النار بالموت فجاء الاستثناء مؤذناً بمستثنى محذوف تقديره ولا موت لأحد إلا الموتة الأولى فجاءت خيبة آمالهم وهذا الحسن من جواب صاحب الكشاف إذ جعله من تأكيد الشيء بما يشبه ضده وقدره لا يذوقون فيها الموت البتة إلا الموتة الأولى إن جاز ذوق الموت في الجنة فلتكن الموتة الأولى أي وهو تعليق بالمحال (قوله وكذلك قوله تعالى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} إلخ) قد يجاب بان الباطل قد يطلق على ما ليس في مقابلة شيء من قولهم بطل بطلاً بضم الباء وسكون الطاء إذا ذهب خسارةَ وضياعاً فاستثنى ربح التاجر إن لم يكن في مقابلة سلعة وإن كان فاحشاً لأن المشتري طيبة نفسه بذلك (قوله إن تحكم على جنس ما حكمت عليه إلخ) أي على شيء من ذلك الجنس إذ ليس المستثنى عبن الجنس المحكوم عليه أو لا بل بعضه كما لا يخفى. (قوله في إدراك ما قام بالذائق إلخ)
وقعت قلاقة في العبارة وخفاء في المعنى وتحريف في كثير من النسخ في هذا المقام اقتضى مزيد بيان لكلامه هنا فقوله في إدراك ما قام بالذائق إي إدراك الأثر القائم من يصلح للذوق وهو العاقل وأراد بالإدراك هنا الإدراك النفساني الحاصل عند مرور المطعوم على اللسان لا أدرك الذهن بأنه سيذكره وجهاً مقابلاً والفرق بين الإدراكين أن الأول كيف والثاني انفعال وكلاهما إدراك حقيقة. وحاصل تقرير المجاز على الوجه الأول أن ماهية الذوق الحقيقي تتركب من جنس وهو الإدراك النفاسني وفصلين وهما كون المدرك (بالفتح) وصفاً قائماً بذات المدرك وكون المدرك به هو اللسان (وقوله ولنا أن نتجوز إلخ) هو وجه ثان لتقرير المجاز وحاصله: أن الذوق الحقيقي أريد به هنا إدراك الذهن للأمر المحذوف وهو إدراك ذهني طريقة أحد الحواس لموصلة للذهن علماً حسياً وهذا أحد إطلاقين حقيقيين للذوق كما تقدم فماهية الذوق الحقيقي بهذا المعنى عبارة عن إدراك مركب وهو إدراك الذهن المقيد لكون متعلقة طعماً وبكون آلته اللسان فأطلق اللفظ الموضوع لهذا المعنى وأريد به مطلق إدراك ذهني من حيث هو. وقوله لأن القيام أي المعهود من قوله سالفاً ما قام بالذائق يعين قيام وصف بذات المدرك. وقوله ففي وصف القيام خصوص أي باعتبار وصف القيام بذات المدرك خصوص زايد على مطلق الإدراك كيفما فسرت الإدراك فاشترك المعنى الحقيقي مع المعنى المجازي على الوجه الأول في ذلك الخصوص فكان الاشتراك بينهما في الجنس
وأحد فصلي الماهية والاختلاف في الفصل الآخر وهو طريق الإدراك ولم يشترك المعنى الحقيقي والمعنى المجازي على الوجه الثاني إلا فيما يتنزل منزلة الجنس من ماهية المعنى الحقيقي وهو مطلق الإدراك دون القيدين المنزلين منزلة الفصلين فلذلك كان الأول أقرب للحقيقية كما هو بين. وقوله والعلاقة في الاثنين أي في الوجهين. وقوله التعبير بالأخص عن الأعم أي التعبير بلفظ النوع عن الجنس أو التعبير بالمقيد عن المطلق وهو كالأعم (قوله فائدة قال الله تعالى {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} الآية إلخ) الآية صريحة في أن الموتتين أسندتا للذوات كما قال المص لأن ضمير المتكلم يعود على ذاته لأن المشار إليه بأنا الهيكل المخصوص وإنما صح وصفهم بالموت في حال خلق الجسم قبل الروح لقبولهم الحياة لأن وصفهم بالعدم لا يتوقف إلا على قبولهم للملكة لا على اتصافهم بها بالفعل وسمي فعل الله إماتة لأنه أنشأهم كذلك على حد قولك للصانع ضيق كم الجبة ووسع طوقها أي أنشأها كذلك وليس ثم تضييق واسع ولا توسيع ضيق كما في الكشاف وما قرره المص فيه بعد وسماجة والأولى في الجواب أن هذا حديث عن قول أهل النار فلا يعارضه الحديث عن أهل الجنة والمراد من الاثنتين مطلق التكرير على حد ما قيل في قوله ثم ارجع البصر كرتين أو أنهم قالوا ذلك بعد أن تكرر عليهم الموت والإحياء في النار مرتين فقالوا هل إلى خروج من سبيل للإشارة إلى شدة ما ذاقوا حتى ظنوا أن ذلك يكفر ذنوبهم.