الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنسخه لا العكس.
(الباب الخامس عشر في الإجماع)
[الفصل الأول في حقيقته]
لقد يقع نظر المطلع على أصول لفقه ويقرع سمعه في دروسه من مسائل. الإجماع ما يتجرعه إن كان قنوعاً بالظواهر ولوعاً بتعداد المسائل وعقد الخناصر وإن لم يجد بينها ذمماً ولا أواصر. ولكنه إن كن ل يحتمل أن يتقبل شيئاً جزافاً. ولا يسع من المجملات تجهيلاً ولا اختلافاً. يكاد بعد إعمال نظره. وخصفه على هذا الباب من ورق شجرة. يمتلكه اليأس من تحرير باب الإجماع. وينقطع دون ذلك ما له من الأطماع. حتى إذا نسب تفاريعه من مصدرها. وآوى بشعبه إلى منشرها. رأى أنهم يطلقون كلمة الإجماع على ثلاثة أمور: الأول اتفاق المسلمين جيلً بعد جيل على إسناد قول أو فعل أو هيئة للنبي صلى الله عليه وسلم على أنها بيان مجمل. أو تشريع مؤصل. مثل صفة الصلاة وأوقاتها وكيفية الحج وألفاظ القرآن وسوره وهذا أصل عظيم في الدين به فسرت المجملات وأولت الظواهر وأسست أصول الشريعة وهو المعبر عنه بالمعلوم ضرورة وبالمتواتر من الدين وبالإجماع العام وهو الذي قالوا بكفر جاحده وهو الذي اقتصر عليه إمام الحرمين في البرهان كما نقل عنه المص هنا في الشرح عند ذكر طريقة احتجاجه للإجماع وهو لذي اعتبر فيه القاضي إجماع العوام أي غير المجتهدين واعتبر غيره عدد التواتر ولا شك أنه الذي عناه بن برهان والصيرفي وأبو زيد الدبوسي وشمس الأئمة فقالوا أنه مقدم على الأدلة كلها ولا أخال مسلماً ينكر هذا النوع إلا إذا كان يستر الحادة بكلمة
الإسلام: الثاني اتفاق مجتهدي عصر من عصور الإسلام على حكم لدليل عينوه واتفقوا على العمل بمقتضاه من نص أو قياس أو مصلحة وهذا هو الذي اختلف فيه الاختلاف لشهير فأنكره جماعة منهم الإمام أحمد بن حنبل وداوود. وقال جماعة هو حجة ظنية منهم الآمدي والإمام وهو لمفهوم من كلام إمام الحرمين والحقة جماعة بالقسم الأول إلا في تكفير مخالفه وهم لجمهور. الثالث سكوت العلماء في عصر على قول أو فعل جدد من مجتهد وهو المعبر عنه بالإجماع السكوتي وفي أصل الاحتجاج به خلاف شديد والمحققون على أنه لا يحتج به إلا إذا مرت عليه أزمنة كافية كما قال إمام الحرمين فيكون حجة ضعيفة وقد تخلص لي من تتبع متناثر كلام المحققين أن مراتب الإجماع الراجعة إلى هذه الأمور الثلاثة سبع الأولى إجماع المسلمين عن مشاهدة قول أو فعل من النبي صلى الله عليه وسلم وسماه المص الإجماع العام وهو المعلوم من الدين بالضرورة وهذا هو الذي يكفر جاحده ويجب العمل بمقتضاه ويقدم على سائر الأدلة: الثانية إجماع مجتهدي الصحابة على نقتضى النص حتى يتنزل منزلة القطع عندهم ولكنه لم يبلغ مبلغ المعلوم ضرورة لسبب الخلاف والمتوقف فيه كإجماع جميعهم على تحريم المتعة والحمر الأهلية وهذا حجة قطعية نظرية كم اقتضاه كلام إمام لحرمين المنقول في الشرح ولكنه لا يكفر جاحده لأنه غير ضروري بل يأثم فقط: الثالثة إجماعهم على فهم مراد من نص لأنهم أعلم السلمين بمراد الشريعة من خطابها مثل إجماعهم على أن قوله تعالى في الصفا والمروة {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} للوجوب لأن الأنصار تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة إذ كانوا في الجاهلية يهلون لمناه وهو
كالثانية إلا أنها أضعف لأنها في الأمور الاجتهادية وأقوى من الرابعة لأنهم فرضوا فيها خلافاً هل تضرهم مخالفة التابعي المجتهد أن لا وإن لصفة الصحبة ما لانقراض العصر كما سيأتي: الرابعة إجماع المجتهدين عن دليل من كتاب أو سنة وهو كثير والجمهور على أنه حجة تجب متابعتها على العالم كما اقتضاه كلام الآمدي والإمام والرهونيي وهو الذي أنكر أحمد إمكانه ولا يلزم جاحده شيء لأنه نظري ظني: الخامسة إجماعهم عن قياس أو استدلال أو عن فهم في نص محتمل مع تصريحهم بالإجماع وقد جعله القاضي عبد الجبار مثل قول واحد من المجتهدين وجوز لمن بعدهم مخلفتهم وهذا هو الذي يمكن تغييره نظراً لاختلاف المصلحة وكأنه مراد من جوز انعقاد إجماع وجعل الأول مشروطاً بأن ل يطرأ عليه إجماع آخر وقد رده المص في باب النسخ: السادسة إجماعهم من غير تصريح بقولهم أجمعنا أو نحوه بل تستقر أقوالهم؟ ؟ ؟ ص 94 متفقة: السابعة أن يقول أحد قولاً يسكت الباقون مثل الجمع في التراويح وهم متقاربتان وقد استضعف السابعة إمام الحرمين في البرهان وأنكر حجيتها ثم تنازل لقبولها إذا طلت السنون وكان الأمر مما شأنه أن يبلغ وبالثاني أيضاً قيده؟ ؟ ؟ ص 94 في الإشارة وأما الإمام الرازي فنكر حجية السكوتيي تبعاً للشافعي وكلها مراتب متفاوتة يجب تفاوت أحكامها وتفصيل ذلك يحتاج إلى سعة مجال (قوله إما في لقول أو في الفعل أو في الاعتقاد إلخ) مثال القول أن يقولوا بتوريث الجدة ولو لم تحدث الحادثة ومثال الفعل قضاؤهم بذلك وقت نزول الحادثة وإجماعهم على كيفية الصلاة والحج ومثال الثالث إجماعهم على عصمة الأنبياء من الكبائر (قوله وبأمر من الأمور والعقليات والشرعيات إلخ) لا شك أن يبين
التعميم في المجتهد فيه والتخصيص في المجتهد بالأحكام الشرعية تدافعاً واضحً لأن غير الشرعي أن آل إلى شعري فهو شرعي وأن لا فليس للمجتهد الشرعي رأي فيه وإن اجتهد فيه لا يقبل قوله وأما قضاؤهم بأقل الحمل وأكثره ونحو ذلك فهو مستنبط من ظواهر شرعية وأما اتفاق الأشاعرة على إثبات الجوهر الفرد مثلاً فليس هو من الاجتهاد الشرعي كما ل يخفى ولذ قال الغزالي في نظر نظائره مما لا يبنى عليه إيمان ولا كفر تخصيص لم عممه في قوله في أمر من الأمور وذكر بعده كلام عبد الوهاب للإشارة إلى أن المسألة خلافية لأن كلام إمام الحرمين يوهم عدم الاختلاف وذكر أثره كلام القاضي تحرير لمحل النزاع (قوله قال إمام الحرمين لا أثر للإجماع في العقليات إلخ) تخصيص للتعميم الذي في قوله في أمر من الأمور وذكر بعده كلام عبد الوهاب للإشارة إلى كون المسألة خلافية لأن كلام إمام الحرمين يوهم عدم الخلاف وذكر أثر ذلك كلام لقاضي لتحرير محل النزاع (قوله ما يخل الجهل به بصحة الإجماع إلخ) أي بحجيته والظاهر أن العبارة حرفت وذلك مثل دلالة المعجزة على صدق الرسول فإنها عقلية ولولا صدق الرسول ما علم كون الإجماع حجة وأما غير ذلك فظاهر وقوله «وقال إمام الحرمين اختلف في إجماع الأمم لسالفة إلخ» راجع لقوله في التعريف من هاته لأمة وفائدة هذه المسألة تظهر عند البناء على قول من رأى أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ لأن إجماعهم طريق لثبوت شرعهم فإن قلنا بحجيته كان كنقل كتابنا عنهم والتحقيق أن ننظر إلى طريق الاجتماع فإن كان تواتر يصلون