الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قوله غير أن ههنا أشكالا الخ) أي تقرير الإمام في كون الفرق لا يكون قادحا في القياس إلا عند من يمنع التعليل بعلنين وجواب الأشكال أن نقول إن مراد الإمام أن الفرق لا يكون قادحاً مطردا إلا عند هذا القائل إذ لا مندوحة حينئذ للمستدل من الانقطاع إذا عارضه المعارض أن الفرع مشتمل على وصف يمكن أن يكون فارقا في القياس. أما من يجوز التعليل بعلتين فلا يبطل مدعاة لأنه قد يجيب المعترض بأن الوصف الذي تزعمه فارقا هو نفسه علة لأنه قد يجيب المعترض بأن الوصف الذي تزعمه فارقا هو نفسه علة ثانية للحكم فما بطلت دعواي ويدل لهذا أنه قال في المتن وقدحه مبني على أن الحكم لا يعلل بعلتين لاحتمال أن يكون الفارق أحداهما أي إحدى علتين فإنه من الواضح أن احتمال كون الفارق إحدى علتين لا يمنع من القدح بالفرق دائماً بل يمنع من تمام الفرق عند ما يوجد هذا الاحتمال فقول الإمام القدح به مبني على أن الحكم لا يعلل بعلتين أراد منه أن القدح به دائماً لا يتم إلا عند من يرى ذلك لأنه ادعى أن الوصف الفارق هو علة انفحم المعترض وبذلك يؤذن جواب الشارح فتأمل.
الفصل الخامس في تعدد العلل
الجمهور على جواز التعليل بعلتين للحكم الشرعي وما مثل به المصنف هنا هو في التحقيق من قبيل تعدد محل العلة الواحدة فإن ناقض الوضوء الحدث وما يذكر من النواقض محل للحدث تحقيقاً وهي الإحداث أو ظنا وهي الأسباب والصواب أنه لا مانع من تعليل الحكم بعلتين على وجه الاستقلال أي باعتبار كل منهما موجبا للحكم ويعرف ذلك أما بالنص
الشامل للإيماء كما في قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} فهذان وصفان وكل منهما كاف في التحريم فلذلك نحكم بحرمة المرقدات والمخدرات لأن فيها الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبحرمة الاستهزاء بالناس لأن فيه إيقاع العداوة والبغضاء والمانعون للتعليل بعلتين جعلوا التعليل عقليا فأوردوا تلك الحج الواهية منها اجتماع مؤثرين على مؤثر قالوا وهو مستحيل والجواب إن ذلك مستحيل فيما تأثيره عقلي ذاتي والعلل الشرعية معرفات. أما العلة المستنبطة فمنع قوم التعليل بثنتين منها لأن اعتبار الوصفين علتين دون اعتبارهما جزءي علة تحكم كما أشار له في الشرح وهو مذهب الإمام وابن نورك وتبعهما المصنف ويجاب بأن شدة ما في كليهما من المصلحة أو المفسدة يدل على استقلاله بالتعليل. وما ادعاه من أن ورود علتين لعلول واحد خلاف الأصل يعارض بأن كون مجموع وصفين علة خلاف الأصل فالاعتماد إذن على المناسبة ومن التعليل بعلتين مستنبطتين الغرر والتقامر في بطلان البيع فتبطل بالمزابنة لإجلهما ويبطل المغرر إذا كان من جهة واحدة ويبطل القمار ولو بلا غرر مثل التقامر الذي يعبر عنه بالميسر أي الذي كان الربح فيه معينا للفقر (قوله وإلا لاستغنى بكل واحد منهما الخ) أي لو لم يكن محالا لا فضي إلى الاستغناء بكل عن الأخر لأن كليهما قدر علة فكل منهما يغني عن الأخر في حال كون لآخر أيضًا مغينا عنه وذلك واضح البطلان لأنه يؤل إلى إبطال عليتهما معاً لأن كل واحدة إذا اقتضت الحكم اقتضت أنه لأجلها لا لغيرها فإذا اقتضتاه الأخرى كانت الأولى غير مقتضية فيلزم إن ينعدم المعلول وهكذا من