الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالفكر تسامح لأن النظر أخص إذ هو الفكر في تحصيل عام أو ظن فتخرج حركة الفكر في المخيلات (قوله لأنها تتبع أخس المقدمات إلخ) الخسة هنا ضعف الفائدة فالجزئية أضعف من الكلية إذ العلم بها لا يفيد كمالاً ولا يبلغ إلى غاية حكمية كما قال ابن سينا في النجاة والسلب أضعف من الإثبات فائدة لأن مقتضاه عدم الوقوع أو عدم الاطلاع وعندهم في الفلسفة أن الحكم السلبية قليلة الفائدة في تهذيب الأخلاق وتفصيل ذلك يطول وإطلاق الخسة على هذا منظور فيه للغة إذ الخسيس ما لايعبأ به ولا يرغب فيه.
(الفصل الثاني في حكمه)
(قوله وجوبه وإبطال التقليد إلخ) أي فلا يعمل أحد بشيء إلا بدليل لأن التقليد أخذ القول من غير معرفة دليله (قوله استثنى مالك أربع عشرة صورة إلخ) مع إمكان طلب الاجتهاد فيها بأن يتوقف عن العمل حتى يحصل طريق الاجتهاد فيها لكن لما كان في توقفه مشقة رخص التقليد للضرورة وقد ذكر المص في الفرق الأول من كتاب الفروق أن كثيرًا من الصور المذكورة هنا وهي الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والحادية عشرة
والثانية عشرة والرابعة عشرة أن ذلك من قبيل المتوسط بين الرواية والشهادة وعدها قسمًا ثالثًا وجعل ذلك سبب الخلاف في الاكتفاء بالواحد أو اشتراط التعدد وهذا يقتضي إبطال ما جزم به المص هنا حيث سلم به كلام ابن القصار لأنها إذا كانت رواية يكون العمل بها من باب الأخذ بالدليل لا من باب التقليد لأن قبول الواحد في الرواية دليل شرعي فالأخذ به عمل بدليل لا تقليد كما سيأتي في الصورة السابعة وقد نازعه ابن الشاط في أكثرها مثل القائف لظهور كونه شهادة فالحق ما قاله ابن القصار هنا ولعل المص غير مسلم له لأنه يخالف رأيه في الفروق فلذلك افتتح المسائل كلها بقوله «قال» تبريئًا من عهدته (قوله يجب على العوام تقليد المجتهدين إلخ) إذ لو كلفوا بالبحث عن الأدلة للزم إضاعة أوقاتهم في تعلم وسائل الاجتهاد وفي ذلك خراب للعالم بتعطيل المنافع على ما في ذلك من الاستحالة أيضًا لأنه يقتضي توقفه عند الاستفتاء عن الأقدام على شيء حتى يجتهد وهل يمكن أن يبقى غير فاعل لشيء من الأفعال التي كل منها هو مطلوب بالاجتهاد فيه (قوله كما يجب على المجتهدين الاجتهاد في أعيان الأدلة إلخ) فأذن يكون قول المجتهد بالنسبة للعامي كالدليل الشرعي للمجتهد وأقوالهم المتعارضة كتعارض الأدلة ومن هنا أخذ وجوب بحث العامي عن مذهب يعتقده أرجح أو مساويًا لغيره كما فصله الشاطبي وغيره نعم قد تتعذر
طرق الترجيح عليه كما سيأتي في الفصل الثامن (قوله وأن لا يتتبع الرخص إلخ) ذكر هذا الشرط أكثر العلماء ولم يخالف فيه إلا أبو إسحاق المروزي. ومعنى تتبع الرخص أن يأخذ العامي بالأسهل عليه والملائم من الأقوال متنقلاً من مذهب إلى غيره بعد التزامه وغلبة ظن رجحانه أو عند تعارض الفتاوى عنده بحيث لا يكون الطريق للترجيح عنده إلا ملاءمة ما يخف عليه أما لو كان رأيه في اتباع الأخف مبنيًا على اعتقاده أنه الأليق بحالته لأجل المشقة كاتباع كثير من الحنفية مذهب مالك في عدم نقض الوضوء بسيلان الدم فلا ضير في ذلك والحاصل أنه يتعذر إعطاء قاعدة مطردة في تتبع الأخف وقد بين الشاطبي أن تتبع الرخص للعامي بمنزلة أخذ المجتهد بما يهواه من الأدلة ولو علم ضعفه وفي ذلك من تحكيم الهوى ما فيه وذكر البرزلي في باب البيوع من فتاواه عن ابن العربي أنه لا يجوز للعامي تتبع ما يوافق غرضه من المذاهب وذلك لعب (ويحيى الزناتي) الظاهر ضبطه بفتح الزاي وتخفيف النون نسبة إلى زناة بوزن قطاة ناحية بسرقسطة من الأندلس وظني أنه يحيى بن محمد بن عجلان من تلامذة سحنون كان مشهورًا بالعلم والفضل (قوله تنبيه قال غيره إلخ) هو عز الدين ابن عبد السلام وحاصل هذا التنبيه أنه منع لما شرطه الزناتي من عدم تتبع الرخص والقاعدة
المذكورة بعده سند المنع ويرد عليه أنه لا مشابهة بين حكم الحاكم وبين الاجتهاد لأن الحكم إنما منع نقضه لأنه مظنة صرف الجهد لتوخي الصواب مع ما في نقضه من إدخال الفساد على الناس في آثار العقود وغيرها بخلاف تنقل المقلد من قول لقول (قوله فإن أراد بالرخص هذه الأربعة إلخ) لا يمكن أن يريدها إذ إطلاق الرخصة على هذه الأربعة لا وجود له في لغة ولا في اصطلاح (قوله مخالفًا لتقوى الله وليس كذلك إلخ) مصادرة واضحة (قوله قاعدة انعقد الإجماع إلخ) هذا سند المنع الذي تضمنه التنبيه واعلم أن دعوى الإجماع هنا لا تتم إذ لا دليل على علم أبي هريرة مثلاً بأن مستفتيه قد استفتى قبله أبا بكر وعلى تسليم علمه فلا يستلزم ذلك أنه أباح له العمل بأي القولين شاء في المسألة الواحدة بل لا معنى للإفتاء إلا تعيين العمل بما أفتاه به وقد ثبت من قضايا عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أفتوا فيها ثم بلغهم مخالفة غيرهم فراجعوه وأنكروا عليه أو رجعوا له ومنها كثير في صحيح البخاري رحمه الله ولو سلم فهو إجماع سكوتي وليس بحجة خصوصًا مع عدم تحقق بلوغ المخالفة على أن ذلك كله قبل تدوين مذاهب يجد فيها المستفتي المقلد كل ما يحتاج وبعد كونه كذلك فإن تتبع الرخص ضرب من ضروب التشهي وقد أبطلناه فيما تقدم مع تقييد وبين أبو إسحاق الشاطبي أنه من الهوى ولذا رجح الجمهور وجوب التزام مذهب معين لأن الترجيح صعب على العامة عند التعارض فلو انتقل تتبعًا للسهولة فهو لعب وتهاون بالدين لأنه يجب توخي حكم الله ومراده لا مراد المكلف. والتقليد ضرورة تقدر بقدرها فإذا فاته البحث عن حكم الله
بالنظر والاجتهاد فلا يفوته البحث عنه بانتخاب مذهب يرجح صوابه لعدالة وعلم إمامه ثم طرق ترجيحه سؤال العلماء ومطالعة التراجم ومعرفة أصول ذلك الإمام على حسب مرتبة هذا العامي في فهم المرجحات وسيأتي شيء من هذا.
في الفصل الثامن (قوله الثانية قال ابن القصار يقلدها القايف إلخ) القايف اسم فاعل من قافه يقوفه ويقال قفا، يقفو، إذا اتبع أثره فاهتدى إلى الشيء بأثره وكذا إذا عرف الشبه بين الناس فاهتدى به إلى أنسابهم وهو قوة ذهنية ترجع إلى الفراسة والتوسم قد استعدت لها نفوس خاصة بقوة فطرية فيها تحصل لها منها دربة بتجربة صحتها المرار العديدة فتحصل بذلك للنفس صور كلية أكثرها ذوقية لا يمكن التعبير عنها غالبًا وقد يعبر عن بعضها على وجه التمثيل وقد تعطى قواعد كما يذكر في علم الفراسة ثم يأخذ تلك القواعد بعض من يختص بمدونها أو يرث هذا الذوق بعض ذرية صاحبه في الخلقة فتنحصر بسبب ذلك هذه المغرفة في بيت أو قبيلة أو طائفة وتنتقل ويكتم كل واحد سرها عن غير أهله كما كانت الخصائص غالبًا في الزمن القديم. وقد اشتهر بالقيافة عند العرب بنومدلج بضم فسكون فكسر قبيلة من كنانة واشتهر منهم في وقت الإسلام مجزر بجيم وزاين معجمتين بن الأعور المدلجي الذي قال حين رأى زيد بن حارثة وابنه أسامة مضطجعين في المسج مسجيين بثوب وقد بدت أقدامهما «أن هذه لأقدام بعضها من بعض» كما في صحيح البخاري ومن هذا الحديث أخذ الحكم بالقافة كما في التبصرة عن ابن العربي قال المص في الفرق الثامن والثلاثين والمائتين إنما تخير مالك القضاء بالقافة في ولد أمه يطؤها رجلان في طهر واحد وتأتي بولد يشبه أن يكون منهما والمشهور عدم قبول قول القافة في ولد الزوجة وأجازها الشافعي فيهما ولما كانت القافة كالشهادة كان مشهور قول مالك وهو رواية ابن القاسم قبول القائف الواحد كما في التبصرة مع أنها شهادة لتعلقها بأمر جزءي فيه
الترافع فلذا سماها المص تقليدًا لأن ما يشترط فيه الشاهد إن استكمل شرطه فاتباعه بالدليل إذ الشهادة دليل شرعي على ثبوت ما تقتضيه فإن نقصت عن النصاب فاتباعها تقليد لقائلها لا عمل بالدليل لأنه أخذ القول من غير معرفة دليله ولأن القائف لا يذكر دليلاً يمكن أن نطلع عليه ونتعقبه أو نشاركه فيه فلذلك كان الأخذ بقوله مجرد تقليد هذا وأدلة الأخذ بقول القايف مبسوطة مع شروطها في الباب التاسع والستين من التبصرة لابن فرحون وفي الفرق المتقدم (قوله الثالثة قال يجوز تقليد التاجر في قيم المتلفات إلخ) مثله كل من هو من أهل المعرفة وهم محمولون على العدالة وهي العدالة العلمية لأن للعالم غيرة على حسن سمعته وتحاشيا من نقل الخطأ عنه وذلك وازع له من الأخبار عن غير ما يعتقد ويبلغ إليه علمه فتندرج الصور الرابعة والخامسة والسادسة والثامنة والثانية عشرة (قوله السادسة يجوز تقليد الخارص إلخ) أي في باب العرايا إذا أراد معريها أن يشتريها ممن وهبها إليه (قوله السابعة يقلد الراوي إلخ) مع العدالة لانتفاء التهمة إذ الرواية تكون في أمر كلي لا يتعلق به غرض خاص وفي عد هذا نظر لأن الكلام على مستثنيات التقليد في مواضع حقها الاجتهاد ورواية الواحد طريق من طرق الأدلة بخلاف مواضع الشهادة التي قبل فيها واحد وإذا كانت من طرق الأدلة بخلاف مواضع الشهادة التي قبل فيها واحد وإذا كانت رواية الواحد طريقًا شرعيًا لثبوت الحكم فأخذها من باب أخذ المجتهد للدليل لا من باب أخذ القول بدون دليل ومثل هذا يقال في الصورة التاسعة والصورة العاشرة (قوله التاسعة يقلد الملاح إلخ) هذا من قبيل الرواية والخبر في أمر عام فعده في التقليد الواقع في مواقع الاجتهاد نظر (قوله العاشرة إلخ) كذلك فيه نظر ولها نظائر منها قبول قول العامي أيضًا في خبر الأواني الطاهرة والمراد بالعامي هنا ما قابل العالم بعلم ما لا ما قابل