الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهة الثانية فلما كان اعتبار كل منهما يفضي إلى إلغاء الأخرى كان اعتبارهما مفضيًا إلى إلغائهما وهذه حجة ملفقة لجواز أن يورد عليها أن اعتبار الثانية مع الأولى يزيدها قوة فلابد من تقرير الاستحالة بلزوم تحصيل الحاصل فيكون جواب الشارح إذن ملاقيًا للحجة تمام الملاقاة.
الفصل السادس في أنواع العلة
أنواعها هي التي يظهر فيها مفهومها الذي هو جنسها وجنسها هو الوصف المؤثر وهو يتحقق في أنواع اقتصر المصنف هنا على المختلف فيها وترك النوع المتفق عليه وهو الوصف الحقيقي الظاهر المنضبط كالإسكار والزنا (قوله غير أن الفرق بين المحل والعلة القاصرة إلخ) أي هما يشتركان في القصور لكن العلة القاصرة لها مناسبة في الجملة بخلاف المحل فلا مناسبة له لأنه جعل محل الحكم علة الحكم ولهذا فلا يلزم من تجويز العلة القاصرة تجوزير العليل بالمحل لأن المحل أضعف لعدم مناسبته فتأمل
قوله الثاني الوصف إن لم يكن منضبطًا جاز التعليل بالحكمة إلخ)
حق العبارة جاز التعليل به فأظهر في مقام الإضمار بذكر مرادف معاد الضمير لبيان أن الوصف غير المنضبط يسمى الحكمة والحكمة هي العلة في الحقيقة ألا ترى أن المصنف في تقريره سماها أصلاً وسمى العلة فرعًا غير أن الشريعة تارة عن التعليل بالحكمة إلى مساويها ومظهرها للانضباط دفعًا لاختلاف الناس بين إفراط وتفريط والمراد بغير المنضبط المقول عليه بالتشكيك (وإني لو جاز التعليل بالوصف إلخ) أي لو جاز التعليل بالحكمة للزم تخلف الحكم عن العلة فورد عليها النقض لأن الحكمة لما كانت غير منضبطة بل مشككة كانت غير مؤثرة في بعض المواضع وهي مواضع ضعفها ألا ترى أن اختلاط الأنساب الذي هو حكمة حد الزنا موجود بضعف في تفريق الأبناء في مواضع عن أمهاتهم حتى لا يعرفنهم وليس موجبًا للحد لرجاء التمييز ولندرة حدوث هذا التفريق لأن دونه موانع تمنع حصوله. وكذلك المشقة المعتبرة عليه للقصر والفطر في السفر يوجد شيء منها في مسير أميال قليلة خارج البلد فلذلك يعدل عن التفريق إلى الزنا في الأول وعن المشقة إلى سفر أربعة برد في الثاني فهذا وجه الفرق بذي أطال به المصنف رحمه الله (قوله فلوا كل جنين إلخ) صوابه طفل لأن الجنين الولد في الرحم خاصة وقد ألغى الشرع الاختلاط غير الغالب وغير المقصود الذي لا يعد
مشابهًا للنسب (قوله فإن عدم العلة علة عدم المعلول إلخ) بناء على عدم التعليل بعلتين كما هو ظاهر وأمثلة التعليل بالعدم كثيرة منها ما سيأتي في تعليل الوجودي بالعدمي (قوله والنسب والإضافات عدمية عندنا إلخ) أي عند الأشاعرة بناء على أنه لا واسطة بين الموجود والمعدوم وأما عند الفلاسفة فهي من الاعتباريات وهي واسطة فالأشاعرة نظروا لابتناء الآثار في الخارج والفلاسفة نظروا للذهن مع الخارج فماله أثر في الذهن ولا أثر له في الخارج فهو الاعتباري (قوله والجواب عن الأول ليس في ذلك قلب الحقائق إلخ) بيانه أن المعلول من جهة لا يمتنع كونه علة من جهة أخرى لاختلاف الاعتبار كحركة الإصبع معلولة لحركة اليد
وهي علة لحركة الخاتم فإن منعتم ذلك فهو مصادرة (قوله السادس يجوز التعليل بالأوصاف العرفية كالشرف والخسة بشرط اطرادها إلخ) المراد من العرفية المعتبرة في سائر أعراف البشر أو عند غالبهم ولا اعتداد به لنادر فإن الودع؟ ؟ ؟ عند الزونج وهو غير معتبر عند غيرهم؟ ؟ ؟ ذلك كتعليل طهارة المسك بطببه وناب الفيل بنفاسته، وقوله بشرط اطرادها أي بشرط أن لا يتخلف عنها الحكم في بعض المواضع وهذا احتراز من التعليل باستحالة العين مثلاً في العرف لأنه قد تعلل به طهارة المسك ولأكنه غير مطرد في رماد الميتة ولا في لبن المراءة السكيرة على الخلاف فلذا لا يمكن أن نعلل به طهارة الخمر عند القائل بنجاسة عينه حتى استقطرت روحه أو متى طبخ حتى تثلث وأما التمييز فشرط في كل علة لأن من شرطها الانضباط وهو أخص من التمييز وذلك كالشرف والخسة والنفاسة والقذارة للاحتراز عما لا ينضبط كالثمانة فإن الشيء الواحد قد
يكون ثمينًا في حال أو وقت أو رغبة دون غيرها مثل الأشياء الأثرية فإن لها؟ ؟ ؟ لاكنها غير منضبطة إذ لا يدريها إلا عرفاوها. (قوله الثامن يجوز التعليل بالعلة القاصرة إلخ) نقل المقري في قواعد باب البيوع عن القاضي أبي بكر بن العربي أن لا وجود للعلة القاصرة إلا في ربا النقدين للحجرية أو التمنية أو النفاسة والجميع قاصر لتخلف الحكم عنها في غير النقدين كالجواهر فإن قلنا العلة غلبة الثمنية وردت الفلوس والسبانج (قوله التاسع اتفقوا على أنه لا يجوز التعليل بالاسم إلخ) أي مجرد اللقب كتعليل تحريم الخمر بأنه مسمى بالخمر والذهب في الربابانة ذهب، واعلم أن الاسم ثلاثة أقسام الأول المشتق من اسم معنى ولا خلاف في التعليل به لأن المشتق منه صالح للعلية لكونه وصفًا حقيقيًا أو عرفيًا نحو السارق والمومن الثاني المشتق من وصف ذاتي مثل الأبيض والأسود وهذا يرجع إلى الشبه الصوري وهو ضعيف. الثالث مجرد اللقب نحو الذهب واللبن وهذا
هو المتفق على عدم التعليل به لأنه يؤول إلى معنى تعبدي (قوله الحادي عشر يجوز بتعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي ولا يتوقف على وجود المقتضى إلخ) مثل تعليل رفع الحد بالشبهة في النكاح الفاسد، وتعليل رفع القصاص بحصول الشبهة أيضًا وبملك القاتل للمقتول وهذه لمسألة مفروضة في أن المانع هل هو علة لعدم الحكم أو هو رافع لسببية السبب يقال الإمام المانع نفسه علة صالحة للتأثير وهي مؤثرة في عدم الحكم فإن كان مع وجود السبب فهو من تعارض علتين فيعمل بالمانع لأنه يتضمن المفسدة وإن كان مع عدم السبب فهو علة مستقلة فقوا المصنف لا يتوقف على وجود المقتضى أي لا يتوقف على اعتبار السبب بل هو مؤثر سواء وجد السبب أم لا وقال الجمهور المانع مبطل لسببية السبب وليس علة مستقلة فلذلك لا يعتبر إلا مع السبب ففي الحقيقة أن المانع لم يقتض العدم ولكنه لما أبطل السببية رجعت المسألة إلى البراءة الأصلية وهي منع الحكم والحق ما قاله الإمام لأننا نرى المانع في بعض الأحيان مقتضيًا للتحريم كالحيض للصلاة والصيام ولو كان مجرد إبطال السببية لكان قصارًا لرفع الوجوب أو الصحة مثل المرض أو مثل تقديم الزكاة على النصاب فهذا إذا وجدناه في موضع لم يقتض إلا رفع الحكم يدلنا على أنه هو المعلل لعدم الحكم فقط. وأما قول الإمام أنه ضد السبب فلا يتوقف عليه فلا يتوقف عليه فلا يتم كما قال المصنف في الشرح إذ ليس المراد من التوقف بتوقف الشيء على مكمل تأثيره بل توقف اعتبار الشيء على شيء آخر