الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان مستغرقاً نظر للبساط فإن عرف كونه هازلاً يعتبر فيما يغتفر فيه الهزل وإلا بطل ففي نحو أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً يقضي عليه بطلقة على كل تقدير ولهذا كان الخلاف الذي نقله ابن طلحة إنما هو في لزوم الثلاث لا في لزوم أصل الطلاق (قوله في هذه المسألة خمسة مذاهب إلخ) خامسها المذكور في قوله وحكى ابن طلحة وإنما أبعده طول تقرير المذهب الرابع (قوله لا يجوز إلا الكسر ويمتنع عقداً إلخ) ليس المراد بالكسر مصطلح الحسابيين ولا بالعقد مصطلح النحاة وأصل هذا القول أن المعتبر لا يغفل عنه حتى يستثنى (قوله والزيدي في شرح الجزولية إلخ * كذا في النسخ والصواب الأزدي وهو عمر بن محمد الشلوبين الأزدي الأشبيلي المتوفى سنة 645 خمس وأربعين وستمائة له شرح الجزولية ومعنى الشلوبين بلغة الأندلس الشعر الأبيض والجزولية مقدمة في النحو حسنة الصنع لعيسى ابن عب العزيز الجزولي البربري المراكشي المتوفى سنة 607 سبع وستمائة أخذ عنه الشلوبين وابن معطي كان إماماً في النحو لا يشق غباره وهي مقاربة لجمل الزجاجي.
(ترجمة ابن طلحة الأندلسي)
وابن طلحة الأندلسي هو عبد الله بن طلحة بن محمد بن عبد الله اليابدي الأشبيلي المالكي ولد بأشبيلية
ثم انتقل إلى مصر ثم استوطن مكة وكان حياً بها سنة 516 ست عشرة وخمسمائة وبها توفي كان إماماً في الفقه واللغة والأصول له معرفة تامة بكتاب سيبويه ارتحل له الزمخشري إلى مكة ليأخذ عنه الكتاب فقرأ عليه وناهيك بذلك، ألف
تفسيراً. وسيف الإسلام في الفقه. والمدخل في الفقه مقدمة لسيف الإسلام نقل عنه ابن عرفة في كتاب الطلاق من مختصره هاته المسألة واشتهر بها عند المتأخرين كما يؤخذ من أزهار الرياض للمقري (قوله وعن الثاني أنه ممنوع إلخ) أي دعوى الإجماع ممنوعة وسد المنع وجود الخلاف في المذهب الحنبلي فلذلك صار الاستدلال به استدلالاً بمحل النزاع (قوله وقالت الحنابلة في الخرقي إلخ) هكذا في النسخ وهو تحريف صوابه الحذقي بحاء مهملة فذال معجمة فقاف مختصر في فروع الحنابلة للشيخ أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الحربي الحنبلي المتوفى سنة 334 أربع وثلاثين وثلاثمائة كان ببغداد قال الخطيب في تاريخها خرج من مدينة السلام لما ظهر سب الصحابة وانتقل لدمشق فمات بها وكانت له مصنفات كثيرة غير المختصر إلا أنها احترقت بعد خروجه من بغداد عند من أودعها عنده بدرب سلمان وكتابه سماه صاحب كشف الظنون مختصر الحذقي قلت ويجوز أن يكون أصل التحريف الحربي بالحاء والراء والباء. وإنما قال ذلك الحنابلة لأن مذهبهم منه استثناء المساوي والأكثر وقال به عبد الملك ابن الماجشون وابن درستوية من النحاة كما نقله الفهري في شرح المعالم (قوله أحدها نقل ابن طلحة إلخ) مخالفته لما تقدم أنه
اقتضى وجود الخلاف فيخالف حكاية الإجماع وكون الخلاف في مذهب مالك فيخالف إطلاق النسبة لمذهب مالك بامتناع المستغرق (قوله وثانيها نقل صاحب الجوهر إلخ) مخالفته لما تقدم بتقييد إطلاقه. وهو أن الخلاف في صحة المستغرق لم يفصل هل المراد المستغرق لفظاً ومعنى أو ولو لفظاً فقط وما نقله صاحب الجواهر مبني على جواز ورود الاستثناء على الاستثناء وهو الصحيح وأنكره بعض الفقهاء وهو أبو علي الواسطي في مناظرة جرت بينه وبين أبي النحاة محمد لفرضي البصري ثم المصري من أيمة المالكية في قول المقر على عشرة إلا أربعة إلا واحداً فاحتج عليه أبو النجاة بقوله تعالى {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا امْرَأَتَهُ} قدرنا ذكرها عيض في ترجمته من المدارك (قوله لأن الثلاث الأولى كانت مثبتة إلخ) أي مرادة بالتقييد ثم أريد إخراجها وهو الثلاث الثانية ثم لم استثنى منها اثنان فقد اثبتا مرة أخرى فلم يبق منفياً إلا واحدة من الثلاث فلزمت الاثنتان وهذا كله مبني على الاعتداد بالمستغرق اللفظي والأولى في تقريره أن نقول ثلاث إلا اثنتين معناه واحدة كما تقدم عن القاضي أبي بكر فكأنه قال طالق ثلاثاً إلا واحدة كما تقدم عن القاضي أبي بكر فكأنه قال طالق ثلاثاً إلا واحدة وتتبقى اثنتان (قوله وثالثها نقل صحابنا إلخ) مخالفته لما تقدم كالثني بتقييد إطلاقه وهو أن الاستغراق لفظاً لا اعتداد به إذا كان المعنى غير مستغرق سواء كان نفي استغراق المعنى من جهة لفظ المستثنى وهو نقل الجواهر أم من لفظ المستثنى منه كما هنا (قوله لاسيما والنقد أن لا يتعينان عندنا إلخ) لا أثر له في تقرير المسألة بحال لأن البحث
عن عدم الاعتداد بالأسماء المعطوفة في مقام الجمع لا عن عدم الاعتداد بمسياتها. وصاحب الجواهر هو ابن شاس عبد الله بن محمد بن نجم بن شاس الجذامي المصري المتوفى سنة 610 عشر وستمائة أخذ عن الغزالي وكان عارفاً بقواعد المذهب وولي تدريس المدرسة المالكية المجاورة للمجاورة للجامع العتيق بمصر ألف كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وهو كتاب جليل (قوله ورابعها قال ابن أبي زيد في النوادر إلخ) لا يمكن تقرير هذا الفرع وتوجيهه إلا بأن لصورة الأولى مبينة على أن المستغرق باطل فيبقى لفظ طالق كأنه لم يوصف وهو مطلق كأن لم يقيد بصفة ومئال عدم التقييد مساو لمثال التقييد بالوحدة لكن من جهة أن المرة ضرورية للمطلق لا من جهة دلالة المطابقة فدلالته على الوحدة عند إبطال الاستثناء بطريق النصية لأن واحدة نص في الوحدة وأما على اعتبار الاستثناء فقد بطلت الوحدة فدلالته على الوحدة بطريق الظهور لأن لفظ طلق ظاهر في الواحدة. أما الصور الثانية وهي أن يزاد فيها استثناء على استثناء فإنه يلزم إرجاع الثاني إلى طالق ضرورة أن واحدة إلا واحدة بطل مدلولهما من جهة قاعدة بطلان المستغرق فيرجع الاستثناء الثاني لقوله طالق وقوله طالق صالح لإفادة الكثرة بالقرينة إذ ليس نصاً في الوحدة كما كان؟ ؟ ؟ ؟ ص 14 عند وصفه بالواحدة وإذا استثنى واحدة من مدلول طالق كان الاستثناء منه قرينة على أنه أراد من المطلق التعدد لأن الاستثناء معيار التعدد فيحمل على أقصى التعدد في الطلاق وهو الثلاث أخرجت منها واحدة فبقي اثنتان لأن أعمال الكلام خير من إهماله ما أمكن هذا غاية ما
يتكلف به. وفيه أن القيد الأخير يصرف إلى الذي قبله فيبطله كما أبطل هو ما قبله لأن كلا مستغرق للذي قبله. أما تقرير المص فغير ملائم لنص كلام الشيخ ابن أبي زيد لاقتضائه لزوم الاثنتين للصورة الأولى وكلامه ينافيه فتدبر فيه (قوله نحو الجلاب إلخ) أي مختصره وهو مختصر في الفقه المالكي اشتهر بلقب مؤلفه أبي القاسم عبد الله ابن الجلاب المالكي البصري المتوفى سنة 378 ثمان وسبعين وثلاثمائة سماه التفريع (قوله والاستثناء من الإثبات نفي إلخ) هكذا في جميع النسخ وهو سهو وإصلاحه بعكسه لأن الاستثناء من النفي هو المتفق عليه كما حكى قدماء الحنفية وغير واحد والآخر هو موضوع الخلاف وقد وقع مثل هذا السهو في مختصر ابن الحاجب وتعقبه سعد الدين. فما أورده المص عليهم إنما يرد على المتأخرين خاصةً لأن الأمثلة كلها من قبيل النفي وسيأتي توجيه انتفاء الخلاف في الأول (قوله ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما إلخ) وهو الظاهر إذ لا وجه للتفرقة لأنه لا تفرقة بين البابين في اختلاف العلماء في أن مدلول الخبر ما هو والظاهر أن الذي حدا المتقدمين للتفرقة هو أن القضية المنفية لما لم يحصل منها حكم معتبر تعين أن المقصود من الحكم هو المستثنى خصوصاً في المفرغ بخلاف المثبتة فلما كان الحكم قد حصل على المستثنى منه علمنا أن المستثنى قصد إخراجه من الحكم هذا غاية ما يعالج به كلامهم (قوله واختلفوا في أن زيداً هل هو مخرج من القيام إلخ) أي هو مبني على الخلاف في أن مدلول الخبر هل هو الحكم بالنسبة أعني هو ثبوت النسبة أي النسبة الخبرية والكلامية المعبر عنها أيضاً عند المناطقة
بالوقوع واللا وقوع وهي مراد المص من قوله «هل هو مخرج من القيام» لأن القيام وإن كان هو المحمول لا النسبة لكنه لكونه هو المقصود من النسبة الخبرية ومحلها جعله كناية عنها. فإذا وقع استثناء كان إخراجاً من الحكم على الأول فيثبت له النقيض أعني لا حكم ومن الوقوع على الثاني لا وقوع فيثبت له النقيض الآخر. والظاهر أن مدلول الخبر هو النسبة الكلامية وإلا لم يعرف كون الخبر كذباً لأن كل كاذب يقول هذا حكمي. إلا إذا فسر الصدق على رأي بأنه مطابقة الاعتقاد فيعرف بالقرينة أنه يعتقد ما في الخارج على حسب حكمه أو لا وهو المشار إليه في تقرير حجتهم بقول المص «ثم يستدل بظاهر حاله على أنه صادق في مقاله فيعتقد أن القوم قاموا في الخارج» لكن هذا التفسير للصدق أضعف المذاهب فيه. ولكان (1) تصدي المخبر للأخبار عبثاً لأن أغراض السامعين إنما تتعلق بتعرف أحوال الأشياء في الخارج لا باعتقادات المخبرين. ولكان كلام المجنون معتبراً لأنه على اعتقاده فلا يخرج إلا كلام الساهي. والظاهر أن القائلين بالأول يجعلون الكذب من لوازم القضية لا منها كما يجعلون المواضع التي يتعين فيها إثبات حكم للمستثنى مثل كلمة الشهادة والإقرار متعرفة من القرائن فيكون تركيب الاستثناء مستعملاً في غير ما وضع ليستعمل فيه بالقرية واللغة تشهد للمحققين. وقد حدثني جدي العلامة الوزير رحمه الله أن بعض علماء الحنفية جمعه وإياه مأتم فقرأ القارئ فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي فقال العالم الحنفي هذا يشهد لمذهبنا إذ لو كان الاستثناء يقتضي وصف استثنى بنقيض حكم المستثنى منه لما كانت فائدة في زيادة أبي لا غناء إلا
(1)() قوله ولكان معطوف على قوله وإلا لم يعرف.
عنها قال فقلت له: إن فائدة الزيادة هو تسجيل العضيان والكفر على إبليس لأن ترك السجود قد يكون لعذر من غيبة وسوء فهم فذكر أبي للتصريح بسوء قصده (قوله احتجوا بأن الألفاظ اللغوية إنما تفيد المعاني الذهنية إلخ) المقدمة الأولى في حيز المنع بل الألفاظ اللغوية إنما تفيد المعاني الخارجية لأن مدلول قام قيام في زمان ماض وهو شيء خارجي ومدلول قائم ذات اتصفت بالقيام وهو أيضاً خارجي وأما الوجود الذهني فتبع كاللفظي والكتابي وكذلك المعاني الذهنية التي يحدثها اللفظ في نفوس السامعين والمقدمة الثانية أيضاً باطلة وهي قولهم «وتفيد الأحكام الذهنية الأمور الخارجية» إذ لا علاقة بين الأمرين إلا أن يدعى أن النفس لا تستفيد معنى خارجياً إلا بعد ارتسامه في الحس المشترك وهذا تعسف لا يبحث عنه لأن حصول درجات العلم متعاقبة متقاربة والبحث في تدرجها لا يعني أهل اللغة. والظاهر أن هذا ما يشير له المص بقوله «ترجيح لخلاف المتبادر إلخ» (قوله فائدة قول العلماء الاستثناء إلخ) هذا جواب قوله ولربما احتجوا بحديث لا صلاة إلا بطهور وحاصله أنه قصر إضافي بالنسبة لشرط الطهارة خاصة وقد زاد المص في الفرق الثاني والسبعين عن المذهب أن كون الاستثناء من النفي إثباتاً مخصوص بغير الإيمان أما في الإيمان فمذهبنا أنه مسكوت فلو قال
لا لبست اليوم غير الكتان جلس عرياناً لم يحنث وعند الشافعي يحنث (قوله فائدة قلت لفضلاء الحنفية إلخ) هذا السؤال إلزام بتقييد الخلاف في الاستثناء من النفي بغير المفرع لأنه إذا ادعى كون المستثنى فيه مسكوتاً عنه لزم عرو الجملة عن الفائدة لأن مدلولها نفي والمنفي عنه غير مذكور إلا ما تفرع له العامل وهو المستثنى فإذا كان مسكوتاً عنه كان الكلام كالسكوت وجوابهم عنه بالقول بالموجب وكأنهم يجعلون المقصود من الفائدة في المفرغ هو الحكم على المستثنى منه المحذوف العام لقصد نفي الحكم عما عدا المستثنى وذلك قرينة على كون المراد الحكم عليه بالذي نفي عن غيره وهذا مرادهم من قولهم «إنما هو بقرائن الأحوال إلخ» وفيه إن هذا تكثير للمجاز وهو خلاف الأصل وقد أجمع أئمة العربية من المفسرين على أن إنما بمعنى ما والإفادة لم تكن ما وإلا موجبة إثبات نقيض الحكم لم يكن مثل قوله تعالى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} مفيداً شيئاً إذ تصير الأشياء المعدودة مسكوتاً عن الحكم عليها (قوله وإذا تعقب الاستثناء الجمل يرجع إلى جملتها عند مالك إلخ) أي ما لم تقم قرينة على عودة للأخيرة فقط ولهذا اتفقوا على عودة للأخيرة فقط في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} إلى قوله {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} إلى قوله {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} دون قوله {فَاجْلِدُوهُمْ} للأدلة القائمة على أن الحقوق البشرية لا تسقطها التوبة ولا صلاح الحال حتى يعفو لأصحابها وغنما تسقط التوبة الحقوق العامة التي العقاب عليها عقاب لزجر على خبث النفس فإذ زال بالتوبة سقط العقاب لأن المقصود منه حصل إما حقوق الناس فهي تعديات ثابتة والعقاب عليها أخذ بحق وانتصار لمظلوم لإرضائه فلا تأثر التوبة في
حصول المقصود من ذلك ولهذا حمل ملك رحمه الله قوله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} بأنه يوضع عنه بالتوبة كل حق لله ويؤخذ بحقوق الناس وفي دم أو مال فليس في قول مالك مخالفة لأصوله وإن ظنه من لا يرى الظاهر دون تحقيق (قوله ومشترك بين الأمرين عند الشريف إلخ) أي اشتراك الاستعمال كما يأتي التنبيه عليه في ثانية الفوائد من الشرح يعني أنه استعمل لهذا ولهذا وعلى حجته منع ظاهر لا مكان القرينة (قوله ولقائل أن يقول أن الشروط اللغوية أسباب إلخ) ملخصة إبداء الفارق بين الاستثناء والشرط حتى لا يلزم الحنفية قياس الاستثناء على الشرط المتفق على رجوعه لجميع الجمل وهو المشار إليه بإجمال في قول المص «إن الشرط إذا تعقب جملاً عاد إلى الكل فكذا الاستثناء إلخ» وحاصل التفرقة إن لشروط اللغوية وهي المراد هنا أسباب والسبب مظنة الحكمة أي المناسبة لما علق عليه احترازاً عن العبث فيناسب تعميمه بخلاف الاستثناء وهو كلام لا يقرر بأكثر من إعادته لأنه مجموع مغالطات دقيقة إذ لا ملازمة بين الحكمة وبين التعميم إذ لا مانع من كون المناسبة لمضمون بعض الجمل دون مضمون البعض الآخر فلا يتم التقريب ولعلنا إذا عممناها سحبناها على ما لا مناسبة بينه وبين فلابد حينئذ له من معرفة ما هي سبب له من غيره وهذا هو المبحوث
عنه هنا من إرجاعها إلى جميع أو إلى البعض فإذا ينحصر البحث المذكور فيها وفي الاستثناء من جهة واحدة أي من حيث أن الجميع قيود متعلقة بالكلام وهي من هذه الوجهة لا تفاوت بينها وعلى تسليم جميع ما ذكر فالاستثناء أيضاً إخراج وهو مظنة المانع من اتحاد الحكم والمانع مظنة الحكمة والمناسبة لانتفاء الحكم فناسب أيضاً تعميمه كالسبب فالتفرقة بينهما لا تخلو عن تحكم على كل تقدير ومع مل تسامح (قوله حجة أبي حنيفة من وجوه إحداها إلخ) جوابها أنه لا فرق بين الاستثناء وبين غيره من القيود إذ القصد من الجميع الإخراج فاندفع الوجه الأول وكذا الثاني والثالث لأنهما مشتركا الإلزام مع بقية القيود كما يظهر بالتأمل (قوله فائدة مثال عودة في كتاب اله عز وجل إلخ) أراد من هاته الفائدة تحرير محل الخلاف في عود الاستثناء المتعقب جملاً لجميعها بأنه في حيث
تصلح تلك الجمل لاستثناء المستثنى من مضمونها وفي حيث لا قرينة على تخصيص الاستثناء ببعضها فالآيتان آية آل عمران وآية المائدة تشتركان في عود الاستثناء فيهما إلى جمل متعددة بحيث لم يقصر على الأخيرة لكن تختص آية آل عمران بعود الاستثناء للجميع لصلوحيته لذلك أما آية المائدة فإنه عائد فيها إلى البعض الصالح لإخراج المستثنى من مضمونها لأن قوله {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} استثناء من عموم أحوال وكل من الميتة ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به لا يكون من أحواله كونه مذكى أم للمانع من ذلك عقلاً أو شرعاً كما هو واضح فتعين عودة لما يحتمل من أحواله كونه مذكى وهو المنخنقة وما عطف عليها فتكون في سائر أحواله إلا في حالة اتصال الزكاة بها زكاة تؤثر في موتها احترازاً مما إذا بلغت حد السياق بحيث تموت قبل اتصال الزكاة بها أو معها والآية الثانية مثال لما قامت القرينة على عودة لجملة واحدة وهي هنا قرينة لفظية وفي
الآية الرابعة قرينة معنوية فتدبر (قوله فها هنا المحكوم عليه واحد قطعاً إلخ) أي لأن الثلاثة من حروف لعطف لأحد الشيئين أو الأشياء فيتعين أن الاستثناء الوارد بعد جمل متعاطفة بها يرجع إلى واحد. وهذه شبهة لأن كون المحكوم عليه واحداً في المعطوف بهاته الأحرف إنما هو بالنظر للواقع لا للمفهوم كما هو ظاهر لأنه في الواقع لا يقع إلا واحداً والاستثناء إنما هو من مضمون الجملة وهو مفهومها والمفهوم متعدد بتعدد ما يدل عليه فلا شك أن قاعدة عود الاستثناء الوارد بعد جمل متعاطفة تتأتى هنا ويرجع إلى جميع الجمل على معنى أن أي مضمون جملة منها تحقق في الخارج كان مستثنى منه ما ذكر ولو أرجع الاستثناء إلى الأخيرة فقط للزم أنه لو تحقق مضمون غيرها لم يكن مستثنى منه شيء وهذا إبطال للقاعدة بدون داع (قوله وإذا عطف استثناء على استثناء إلخ) المراد بالعطف مطلق الذكر ولو بدون واو بدليل نحو إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته وبهذا يظهر وجه ذكر الفائدة المنقولة عن السيرافي في هذه المسألة (قوله وإلا عاد إلى الاستثناء الأول إلخ) المراد بالأول هنا
الأول الإضافي وهو ما بعده ثان له أي عاد إلى ما قبل لأنه إذا ذكر ثلاث استثناءات كما في صورة حكاية السيرافي عاد كل إلى ما قبله (قوله الأولى أن العرب لا تجمع بين إلا وحرف العطف إلخ) أي جمعاً بقصد اتحاد المعنى أما الجمع لفظاً فلا يمكن إنكاره المعنى أنهم لا يجمعون بينهما على أن أحدهما مؤكد للآخر (قوله فائدتان الأولى قد يكون الاستثناء عبارة عما لولاه لعلم دخوله إلخ) المراد بالعلم والقطع في القسمين الأول والرابع العلم المستند لمدلول اللفظ لا الموفق للواقع عن دليل لأنه لو كان كذلك لما جاز أن يكون الاستثناء مخالفاً لمقتضاه فالاستثناء في الأول دليل على أن اللفظ لم يرد به نصه وفي الرابع دليل على أن اللفظ أريدت منه لوازمه العرفية غير البينة المتوهمة بالعقل لا من جهة اللفظ فلا تغفل. وتفسير القسم الثلاث إنما هو على مذهب المص في أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة فلذلك لولا الاستثناء ما علم دخول ما ذكر بل جاز دخوله وجاز عدم دخوله أي إرادته من اللفظ
وعدمها لأن الاستثناء معيار العموم (قوله الثانية إطلاق العلماء أن الاستثناء إلخ) ترجع إلى ما تقدم من الجواب عن متمسك الحنفية في إبطال كون الاستثناء من الإثبات نفياً مع زيادة بيان لأنواع الاستثناء وأحواله وحاصل الجواب أن القرينة موجودة في الأسباب والشروط والموانع في بعض أحوالها (قوله والصفات إلخ) أي استثناء مما تتضمنه وهو المصدر نحو وما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وشرطه أن يكون المستثنى من الحدث الذي في الوصف أما قوله «قاتل ابن البتول إلا عليا» فمولد وهو استثناء من متعلق الصفة لأن البتول هنا فاطمة رضي الله عنها لقبت بالبتول على التشبيه لها بمريم عليها السلام في الفضيلة كما في الكشاف أو لانقطاعها لعبادة الله ولا معنى للاستثناء هنا إلا على الثاني فالمراد المنقطعة للعبادة عن كل شيء إلا عن زوجها لأن القيام بشئونه وحقوقه عبادة لله تعالى وتقدير الأزواج ليس مدحاً والظاهر أن هذا الشعر قيل في يزيد بن معاوية وذكر قوله إلا عليا للإشارة إلى أن المقتول رضي الله عنه ابنه