الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز أن يكون وصفه بذلك لكثرة مائه ورونقه حتى كأن فيه سراجا؛ ومنه ما قيل: سرج الله أمرك؛ أى: حسنه، ونوره.
[والمخالفة]
(والمخالفة) أن تكون الكلمة على خلاف قانون مفردات الألفاظ الموضوعة؛ أعنى: على خلاف ما ثبت عن الواضع (نحو: ) الأجلل بفك الإدغام فى
…
===
على هذه النسخة حذف قوله ويجوز، إذ لا حاجة له. فكان الأولى أن يقول: منسوب للسراج، ووصفه بذلك أى: ونسبه لذلك. أى: السراج إلخ، ثم إنه على هذه النسخة الأخيرة نسبة السريجى للسراج غير قياسية، إذ حق النسبة للسراج أن يقال سراجى
(قوله: ويجوز أن يكون وصفه) أى: السريجى بمعنى الذات وقوله: بذلك أى بلفظ سريجى هذا على نسخة السريجى منسوب إلى سريج
(قوله: لكثرة مائه) أى: صفائه.
(قوله: على خلاف قانون) أى: خلاف الضابط المستنبط من تتبع المفردات الموضوعة، ولما كان هذا الكلام يقتضى أن مخالفة الكلمة للقانون التصريفى يخل بفصاحتها، ولو كانت موافقة لما ثبت عن الواضع، مع أنها إذا وافقت ما ثبت عن الواضع كانت فصيحة ولو خالف القانون المذكور، بيّن الشارح المراد من مخالفة القياس بقوله: أعنى على خلاف إلخ، فعلى هذا المراد بالقانون هنا: ما ثبت عن الواضع، سواء اقتضاه القانون التصريفى أو لا. لا خصوص القانون التصريفى، فالحاصل أن الموافقة للقياس أن تكون الكلمة على وفق ما ثبت عن الواضع، سواء كانت مواقعة للقانون التصريفى المستنبط من تتبع لغة العرب، كتمام بالإعلال، ومد بالادغام، أو مخالفة ما، ولكن ثبتت من الواضع كذلك كماء، فإن الهاء لا تقلب همزة فى القانون التصريفى، ولكن ثبتت عن الواضع كذلك، فصارت فى تقرر حكمها عن الواضع بالاستعمال الكثير، كالاستثناء من القانون المذكور، والمخالفة للقياس مخالفة ما ثبت عن الواضع، ولا يلزم منه مخالفة القانون التصريفي.
ألا ترى أن أبى يأبى بكسر الباء مخالف لما ثبت عن الواضع، وموافق للقانون التصريفى كما يأتى بيانه
(قوله: نحو الأجلل) أى: نحو مخالفة الأجلل، واعترض وصف الأجلل بعدم الفصاحة بأنه ليس كلمة، إذ هو غير موضوع، والموضوع الأجل بالإدغام،
قوله (1): (الحمد لله العلى الأجلل) والقياس: الأجل
…
===
وأجيب بأن تصريحهم بأن: أصل الأجل الأجلل، يقتضى أنه موضوع غاية الأمر أنه انتسخ استعماله، فيكون وضعا غير مستقر.
(قوله: الحمد لله العلى الأجلل) قائله الفضل بن قدامة بن عبيد الله العجلى المكنى بأبى النجم (2)، وقبل هذا الشطر:
أنت مليك الناس ربّا فاقبل
…
الحمد لله
…
إلخ
وبعده:
الواهب الفضل الوهوب المجزل
…
أعطى فلم يبخل ولم يبخّل
وربا: منادى مضاف لياء المتكلم المنقلبة ألفا، حذف منه حرف النداء، والأصل يا ربى على حد يا حسرتا، وجملة الحمد لله مفعول اقبل من القبول فهو بفتح الباء، كذا فى الأطول، وفى كلام غيره أن ربّا منون حال من الضمير فى مليك
(قوله: والقياس الأجل) أورد عليه أن عدم الإدغام لم لا يجوز أن يكون لضرورة الشعر، وحينئذ فلا تكون مخالفة القياس مخرجة له عن الفصاحة. قلت: إن غاية ما اقتضته الضرورة الشعرية الجواز، والجواز لا ينافى انتفاء الفصاحة؛ لأن انتفاء الفصاحة لازم لكون الكلمة غير كثيرة الدور على ألسنة العرب العرباء، لا لعدم جواز ما ارتكبه الشاعر، ألا ترى أن الجرشى جائز قطعا إلا أنه مخل بالفصاحة، فكذلك الأجلل جائز فى الشعر كما ذكره سيبويه، إلا أن العرب الخلص يتحاشون من استعماله كما يتحاشون
(1) الرجز لأبى النجم فى خزانة الأدب 2/ 390، ولسان العرب (جلل)، وتاج العروس (جزل)، (جلل)، (خول)، والإيضاح ص 13.
(2)
الفضل بن قدامة العجلى أبو النجم من بنى بكر بن وائل، من أكابر الرجّاز، ومن أحسن الناس إنشادا، نبغ فى العصر الأموي؛ وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان وولده هشام، توفى سنة (130 هـ).
[الأعلام: 5/ 151].