الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فضل كلمة لا إله إلا الله]
فضل كلمة لا إله إلا الله الحمد لله الذي فتح أبواب المشاهدات على أرباب المجاهدات. بمفتاح لا إله إلا الله وأحيا نفوس العارفين وملأ كؤوس الذاكرين من أقداح لا إله إلا الله. أبدع المصنوعات وأوجد المخلوقات ووسمها بميسم لا إله إلا الله. خلق الجنين من ماء مهين ليعبده بلا إله إلا الله. أرسل الرسل لأجلها مبشرين وعن ضدها محذرين فدعوا الناس كلهم إلى العمل بلا إله إلا الله. فهي رأس الملة والدين، وهي حبل الله المتين، فما خاب من تعلق بحبل لا إله إلا الله. غوِيتْ أحلام الجاهلين وضلّت أفئدة المعاندين حيث جعلوا إلهين اثنين بعدما طلع بدر لا إله إلا الله. أحمده سبحانه وأشكره إذ جعلنا من أهل لا إله إلا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها إذ خاب أهل الشرك ونجا أهل لا إله إلا الله. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي جدد الله به ما درس من معالم لا إله إلا الله. ومع ذلك قال له:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] فصدع بها ونادى، ووالى عليها وعادى، وقال:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق لا إله إلا الله» فدعا إلى الله سرًا وجهارًا ليلًا ونهارًا حتى انكشف الغطاء عن وجه لا إله إلا الله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين حموا بمرهفاتهم حوزة لا إله إلا الله. وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، وجددوا إيمانكم في المساء والصباح بتأمل معنى لا إله إلا الله، فيا ذوي العقول الصحاح ويا ذوي البصائر والفلاح، نادوا بالفلاح فلا فلاح إلا لأهل لا إله
إلا الله. فكلمة الإسلام ومفتاح دار السلام لا إله إلا الله. فلا قامت السموات والأرض ولا صحت السنة والفرض ولا نجا أحد يوم العرض إلا بلا إله إلا الله. ولا جردت سيوف الجهاد وأرسلت الرسل إلى العباد إلا ليعلموهم العمل بلا إله إلا الله فانقسم الناس عند ذلك فريقين وسلكوا طريقين: فريق انقاد للعمل بلا إله إلا الله، والآخر حاد لعلمه أن دين آبائه يبطله لا إله إلا الله. فسبحان من فاوت بين عباده. بمقتضى حكمته ومراده وذلك من أدلة لا إله إلا الله. فطوبى لمن عرف معناها فارتضاها، وعمل باطنًا وظاهرًا بمقتضاها، فيكون قد حقق لا إله إلا الله. وويل من صاده الشيطان بالأشراك، فرماه في هوة الإشراك، فأبى واستكبر عن الانقياد للا إله إلا الله. ألم تسمعوا قول الله {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] حقيقة لا إله إلا الله. الذي هو إفراده بجميع العبادات. وتخصيصه بالقصد والإرادات. ونفيها عما سواه من جميع المعبودات. التي نفتها لا إله إلا الله. وذلك هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. الذي لا يبقي في القلب شيئًا لغير الله. ولا إرادة لما حرّم الله. ولا كراهة لما به أمر الله. هذا والله هو حقيقة لا إله إلا الله. وأما من قالها بلسانه ونقضها بفعاله فلا ينفعه قول لا إله إلا الله. فمن صرف لغير الله شيئًا من العبادات. وأشرك به أحدًا من المخلوقات. فهو كافر ولو نطق ألف مرة بلا إله إلا الله. قيل للحسن رحمه الله تعالى: إن أناسًا يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. فقال: من قالها وأدى حقها وفرضها أدخلته الجنة لا إله إلا الله. وقال ابن منبه لمن قال له: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله. قال: بلى
ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت. بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك. لأنك في الحقيقة لم تقل لا إله إلا الله. فيا ذوي الأسماء العتيدة، لا تظنوا أمور الشرك منكم بعيدة. فإن ها هنا مهاوي شديدة. تقدح في لا إله إلا الله. أين من وحّد الله بالحب والخوف والرجاء والعبادة؟ أين من خصه بالذل والخضوع والتعظيم والقصد وأفرده بالتوكل فجعل عليه اعتماده؟ كل هذا من معاني لا إله إلا الله. فسارعوا عباد الله إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين الذين قاموا بواجبات لا إله إلا الله ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين. وتمسكوا بعرى لا إله إلا الله فمن نفى ما نفته وأثبت ما أثبتته ووالى عليها وعادى رفعته إلى أعلى عليين منازل أهل لا إله إلا الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني وإياكم. بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم (1) .
(1) من خطب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، انظر الخطب المنبرية ص 36.