الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فوائد التقوى]
فوائد التقوى الحمد الله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، أحمده سبحانه وأشكره على حلو نعمه ومر بلواه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله أفضل الأنبياء وأكرم الأتقياء صلى الله عليه وعلى كل من اتقى الله حق تقاته من صحب وآل وأتباع إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله فما خلقتم إلا للتقوى وما أسدى عليكم من نعم إلا لتستعينوا بها على تقواه. وحقيقة التقوى - رحمكم الله - هي أن تجعلوا أنفسكم دائمًا في وقاية من عذاب الله وعقابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فلا يراكم حيث نهاكم ولا يفقدكم حيث أمركم. يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد للرحيل.
أيها المسلمون: حقًّا إننا لمحتاجون للتقوى أشد من احتياجنا للماء والهواء ولو لم تكن إلا أنها تجلب محبة الله سبحانه ومن أحبه الله أحبه الناس: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4] وفي حديث أن الله إذا أحب عبدًا وضع القبول له في الأرض فاتقوا الله أيها الناس فبالتقوى أوصى الله ورسوله وجدير بالمسلم أن يعض بالنواجذ على وصية خالقه ومدبره ووصية رسوله {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131] وقال عليه الصلاة
والسلام: «اتق الله حيثما كنت» ، وبالتقوى ينجو الإنسان من الشدائد وتندك أمامه العقبات وتزول الشبهات ويجعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ويسر له الرزق من حيث لا يحتسب، يقول سبحانه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ - وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 2 - 4] بالتقوى ينضج عقل الإنسان ويتكون عنده ملكة قوية وبصيرة نيرة تضيء له الطريق المظلم ويفرق بها بين الحق والباطل وبين النافع والضار بل وتكفر سيئاته وتغفر ذنوبه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 29]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: 28] وبالتقوى يأمن الإنسان إذا خاف الناس ويسر إذا حزنوا ويستبشر إذا قنطوا ويئسوا {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 62 - 64] بالتقوى تزداد علاقات الإنسان بربه وينال الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35] بالتقوى يطمئن المسلم على ذريته من بعده ولا سيما ضعفاؤهم {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]
عباد الله: أنتم لا محالة مسافرون عن هذه الدار وكل مسافر يأخذ أهبته ويسعى في تأمين راحلته وسفركم إلى دار الآخرة لا يحتاج إلا إلى زاد واحد هو التقوى وأنعم به من زاد يكفل لك السعادة الأبدية والطمأنينة