الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الدعاء لولاة الأمور]
الدعاء لولاة الأمور الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه، وأبان آياته ليعرفوه، وسهل لهم طريق الوصول إليه ليصلوه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وإمامنا وقدوتنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليكون للعالمين نذيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: أيها الناس اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبحوه بكره وأصيلًا، واعلموا رحمكم الله أن الذكر هو أحب الكلام إلى الله، ففي الحديث الذي يرويه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده» رواه مسلم، فذكر الله يحيي القلوب وينورها ويزكى النفوس ويسعدها.
فأكثروا من ذكر الله ومن دعائه والتضرع إليه " والدعاء هو العبادة " وليس شيء أكرم على الله من الدعاء، ولا يرد القضاء إلا الدعاء.
فاسألوا الله حوائجكم صغيرها وكبيرها عاجلها وآجلها، وانتظروا الفرج من الله. قال تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] ثم اعلموا أيها
الإخوة المؤمنون أن المرء يؤجر إذا دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10] وعن أبي الدرداء - عويمر بن زيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: آمين ولك بمثل» رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل» رواه مسلم.
وأثر عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يدعو لسبعين من أصحابه يسميهم بأسمائهم، وفي هذا العمل علامة على سلامة الصدر. وإذا كان هذا مما يؤجر عليه وهو الدعاء لأخيه المسلم، فلا شك أن الدعاء لمن ولاه الله أمر المسلمين، - وولايتهم بالاستقامة والرشد والصلاح - أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا، بل هو من النصيحة الواجبة على المسلم كما جاء في الحديث الذي يرويه تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الدين النصيحة " قلنا لمن؟ قال: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم.
والدعاء لهم أوجب إذا قاموا بتحكيم شرع الله والدعوة إلى سبيله
والتحذير من مخالفته، كما نرى ذلك في المملكة العربية السعودية من تطبيق لشرع الله والدعوة إلى سبيله فينبغي للعبد المؤمن أن يتقرب إلى الله بالدعاء لهم في كل وقت لأن صلاحهم صلاح للأمة وفسادهم فساد للأمة.
ولذا ينبغي التنبه لما قد يقع فيه بعض من لا علم له من الوقيعة والطعن على الأئمة ولعنهم ويجعل من ذلك مادة يقضي بها وقته وهو بذلك يقع في الإثم.
وفرق بين النصح الرشيد والتهجم والطعن والسب؛ لأن النصيحة لولاة الأمور والأئمة ضرورة، أما لعنهم وسبهم ففيه خطر التمزق وضياع الحقوق وهذا مما يفرح أعداء المسلمين ويثلج صدورهم. ثم اعلموا رحمكم الله أن صلاح الأئمة صلاح لشعوبهم وعن أبي أمامة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تسبوا الأئمة وادعوا لهم بالصلاح فإن صلاحهم لكم صلاح» (1) وفي هذا الحديث تأكيد لما ينبغي عليه المسلم أن ينصح وأن يدعو الله بالصلاح لمن ولاه الله أمر المسلمين.
وهو من اجتماع الكلمة التي حث أمته عليه صلى الله عليه وسلم. فعن أم الحصين الأحمسية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوه» قال عبد الله (يعني ابن أحمد بن حنبل رحمه الله وسمعت أبي
(1) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط والكبير عن شيخه ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
يقول: إني لأرى له السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره "، رواه مسلم وأحمد وابن ماجه وغيرهم.
وكان الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة والجماعة يقول: لو كانت لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان، وهذا من فقهه وسعة علمه رحمه الله فصلاح السلطان صلاح للبلاد والعباد وظهور الخيرات ونزول البركات وعلو أهل الصلاح وقمع أهل الفتنة والفساد.
بل إن هذا من التعاون على البر والتقوى، ومن اجتماع الكلمة، وسبب في تأليف القلوب وشفقة السلطان على رعيته.
فعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خيار أئمتكم من تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا لكم الصلاة ألا ومن ولي عليه أمير والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فلينكر ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدًا من طاعة» رواه أحمد وأخرجه مسلم بألفاظ متقاربة.
فعلينا عباد الله أن نتقي الله فيما نأتي وما نذر، وأن نجعل الله نصب أعيننا ونسأله صلاحنا وصلاح من ولاه الله أمرنا، وأن يجعل ولايتنا فيمن خافه واتقاه واتبع أمره ورضاه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71] بارك الله لي ولكم في القرآن العظِيم، ونفعني وإياكم. بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.